
شبكة النبأ: كثيرة هي المفاجآت التي
يطلقها الرئيس القذافي وخاصة عندما ينتهي من خلوته الدورية في الصحراء
حيث يلهمه قرين السوء بالافكار الغريبة والازياء الأغرب، وآخر ما توصل
اليه الزعيم الليبي هو الدعوة الى اقامة دولة فاطمية (شيعية) ثانية في
المغرب العربي لتكون مثالاً للتعايش السلمي بين طوائف المسلمين. وهو
الذي يحارب الشيعة وينكل بهم وهو الذي غيب السيد موسى الصدر، وهو الذي
قام بنصب تمثال للطاغية المعدوم صدام.
ويحاول القذافي من خلال تصريحات انسانية وقومية اضفاء صفة الشرعية
والايجابية على حكمه الشمولي (الديكتاتوري) في ليبيا منذ اكثر من ربع
قرن، حيث يمنع التعددية الحزبية ولا يقر بالديمقراطية المتمثلة في حق
الشعب بانتخابات حرة نزيهة يحدد من خلالها من يحكمه ويدير شؤونه.
واعلن الزعيم الليبي القذافي بمدينة اغاديس شمال النيجر ان ما يجري
من تقسيم للدين الاسلامي بين سنة وشيعة يصب في مصلحة الاستعمار.
وقال في احتفال اقيم بمناسبة المولد النبوي الشريف حضره حشد كبير من
الطوائف الاسلامية والعربية والافريقية نقلته وكالة فرانس برس "ما يجري
من تقسيم الدين الاسلامي بين شيعة وسنة يصب في مصلحة الاستعمار".
واضاف "انهم اعداء الاسلام والعرب، ها هو الرئيس الاميركي (جورج
بوش) يتحدث عن الشيعة والسنة وهو لا يجيد حتى نطقها ولا عمقها
التاريخي" مضيفا أن "الحكام العرب يطبّلون لهذا الامر ضد ايران لصالح
الاستعمار".
واتهم القذافي الوهابيين (في المملكة العربية السعودية) "بطمس قبر
الرسول والصحابة تحت ذريعة حماية الدين الاسلامي من الشعوذة".
وقال ان "المسجد الموجود حاليا الذي زرته لا يوجد ما يؤكد ان به قبر
الرسول".
ومن جهة اخرى استغرب القذافي الضجة البريطانية حول اعتقال البحارة
البريطانيين في الخليج العربي وتساءل "هل المياه الاقليمية العراقية
اصبحت مياها انكليزية" متسائلا "الى هذا الحد وصلت الامور بالعرب؟"
وقال ان "دولة عربية تحتل ويعين لها حاكم اميركي ولو استمر بريمر
هذا لشارك في القمة العربية ولم يعترض احد من الحكام العرب" في اشارة
الى الحاكم المدني الاميركي السابق في العراق بول بريمر بين ايار/مايو
2003 وحزيران/يونيو 2004.
واتهم القذافي الغربيين بانهم "يدرّسون اولادهم منهج الكراهية
للاسلام ثم يتهموننا بالارهاب وبأننا لا نقبل الاخر".
واضاف "نحن نقبل الآخر ونؤمن بكل الانبياء عيسى وموسى وهم يتطاولون
على النبي محمد الذي هو نبيهم لأن عيسى لم يأت للاوروبيين ولا للافارقة
ولكنه جاء لبني اسرائيل فقط ومحمد جاء لكل البشرية".
وقال ايضا ان "وجودنا هنا (اغاديس) مع الطوائف الاسلامية هو تحد لما
يحدث ضد الاسلام" داعيا الى "اقامة دولة فاطمية شيعية ثانية في شمال
افريقيا اي متبعة لمنهج أهل البيت وفيها جميع البربر والعرب والامازيغ
تحت هوية واحدة لإنقاذ الامة من الانحطاط".
وعن افريقيا قال الزعيم الليبي "نحن لا نسعى لاقامة دولة صحراوية في
افريقيا ولكن نريد ان نوحّد سكان الصحراء الافريقية للاستفادة من
ثرواتهم ويجب ان لا نحمل السلاح الا ضد الاستعمار" مضيفا "نريد ان
يتحرك سكان الصحراء بحرية وبدون حدود".
التقسيم بين الشيعة والسنة يصب في
مصلحة الاستعمار
من جهة اخرى وفي تقرير لـ(أ ش أ) حذر الرئيس المصري مبارك من الزج
بالخلافات المذهبية في القضايا السياسية والاقليمية ومصائر الاوطان
والشعوب.
وقال في كلمته خلال الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف
«أتحسّب من تحول هذه الخلافات لصراع سياسي .. ينال من وحدة المسلمين
ويشق صفوفهم ويضعف أمتهم».
كما حذر مبارك من مغبة خلط الدين بالسياسة، وقال «اننا في مصر نعي
المنزلقات الخطرة لخلط الدين بالسياسة..على أرضنا وفي منطقتنا على
اتساع العالم الاسلامي»..
وشدد قائلا «نسعى لوأد فتنة طائفية تلوح في الافق ونرفض تقسيم
المسلمين في العراق أو لبنان أو غيرهما على اساس طائفي ومذهبي».
وأضاف «لا مصلحة لأحد اليوم في ان تتحول دعاوي صدام الحضارات
والاديان..الى مواجهة بين مذاهب الدين الاسلامي الواحد».
وقال ان الاسلام دين واحد وعلينا أن ننتبه لمخاطر جديدة تبعث على
القلق تستهدف زرع الفتنة بين دوله وشعوبه والوقيعة بين سنته وشيعته.
وأكد أن الدفاع عن قضايا الامة مسؤولية مشتركة بين دولها..وسيأتي
حكم التاريخ والشعوب قاسيا..على من ينزلق بعالمنا الاسلامي لما يضعف
وحدته..أو ينال من استقراره وأمنه ومسيرته.
وتابع «ونحن في مصر ندرك أبعاد الظرف الدولي الراهن بتشابكه
وتعقيداته..ونثق في قدرتنا على التعامل معه..دفاعا عن هويتنا ومقدساتنا
..وقضايا مصر وأمتها».
وقال «نبذل أقصى الجهد لتعزيز تضامن العالم الاسلامي..كي نتحدث بصوت
واحد.. يواجه محاولات الاساءة والتطاول والتجاوزات..يتصدى لمحاولات ربط
الارهاب بالعروبة والاسلام..يفند المغالطات والافتراءات..ويعبر عن
الوجه الحقيقي لديننا..وجوهر تعاليمه وسماحته وصحيح عقائده».
يذكر ان تقرير الحريات الدينية السنوي قد اشار الى ان الاقلية
الشيعية في مصر تعاني من التمايز المذهبي والانتهاكات في الحقوق
والحريات الدينية والسياسية من قبل النظام المصري، ومع ان الشيعة في
مصر مذهب معترف به من الازهر. اكبر مرجعية في مصر، لكن السلطات هناك
تمنعهم من اقامة مساجد خاصة بهم، كما تحظر الدولة المصرية التعليم
الديني الشيعي، وتمنع التجمعات او اقامة المنظمات والهيئات الدينية
الشيعية.
ويبدو ان تصريح الرئيس المصري حسني مبارك، خلال المقابلة التي
أجرتها معه قناة "العربية" الفضائية في 8 إبريل/نيسان 2006، الذي اتهم
فيه أغلب الشيعة العرب بأن "ولاءهم لإيران وليس لدولهم"، يختزل نظرة
النظام المصري المتشككة نحو شيعة مصر.
لذا فان المراقبون يرون دعوات الرئيس مبارك لوأد الفتنة الطائفية لا
تتعدى كونها كلمات حق دعائية لن ينفّذ حرف واحد سوى زيادة التضييق على
الحريات المدنية في مصر، وانها تصريحات لا تمت الى حقيقة النهج السياسي
العنصري ضد الشيعة الذي يتبعه مبارك المتربع على عرش مصر في حكم فردي
شمولي منذ اكثر من عشرين سنة. |