|
شبكة النبأ: تعيش الجمهورية الاسلامية
الموريتانية هذه الايام تجربتها الديمقراطية للمرة الاولى في انتخابات
مباشرة لاختيار رئيس للبلاد ضمن دوائر انتخابية اشرف على اعدادها
خبراء الامم المتحدة ومراقبين دوليين لضمان النزاهة والشفافية، على امل
السير في نهج ديمقراطي يضمن الحقوق والواجبات في هذه الدولة الصحراوية
المترامية الاطراف على المحيط الاطلسي، والابتعاد عن شبح تغيير السلطة
الذي تشهده البلاد باستمرار عبر الانقلابات العسكرية.
وأدلى الموريتانيون باصواتهم لاختيار رئيس للبلاد وإعادة الحكم
المدني بعد 19 شهراً تحت قيادة مجلس عسكري حاكم، وافاد مراسل وكالة
فرانس برس ان عمليات التصويت بدأت حوالى الساعة السابعة بالتوقيت
المحلي وتوقيت غرينيتش في الانتخابات الرئاسية الموريتانية، المحطة
الاخيرة من عملية تسليم السلطة للمدنيين بعد الانقلاب العسكري في اغسطس
2005.
وذكر مراسل فرانس برس ان صفوف انتظار بدأت تتشكل امام المراكز في حي
ايـشمال والمدينةـ3 في نواكشوط.
وسجل اقبال كثيف للناخبين الى مركز التصويت في مدرسة شاسي في حي
ايـشمال وقد تشكل امامه صفي انتظار لكل من الرجال والنساء.
وقال المراسل ان الناخبين يدلون باصواتهم تحت اشراف عدد من
العسكريين المنتشرين خارج المكاتب وداخلها.
ثقة بالفوز
وعبر المرشح سيدي ولد الشيخ عبدالله احد ابرز المرشحين والمدعوم من
الائتلاف الذي يشكل غالبية في البرلمان، بعد الادلاء بصوته في هذه
المدرسة عن ثقته التامة بالفوز لان قسما كبيرا من الشعب الموريتاني يرى
نفسه ضمن مشروعي.
وقال متوجها الى الصحافيين امام مكتب التصويت ان الديموقراطية عملية
طويلة جدا وآمل ان تكون (هذه الانتخابات) محطة لا رجوع عنها.
ويجري التصويت على اساس نظام البطاقة الواحدة في محاولة لتجنب
عمليات التزوير التي سجلت في كل الانتخابات قبل انقلاب 2 اغسطس 2005.
وسيختار حوالى 1.1 مليون ناخب رئيسهم من بين 19 مرشحا، وهو رقم
قياسي لخلافة رئيس المجلس العسكري العقيد اعل ولد محمد فال الذي لم
يترشح في هذه الانتخابات بموجب التعهدات التي قطعها سابقا من اجل ضمان
حياد عملية الانتقال الديموقراطي.
واذا لم يحصل اي من المرشحين على الغالبية المطلقة فسيتم تنظيم دورة
ثانية في 25 مارس الحالي.
ويتوقع ان تعرف النتائج الكاملة المؤقتة للانتخابات خلال نهار
الاثنين.
ويتولى حوالى 300 مراقب دولي الاشراف على هذه الانتخابات الحاسمة
وبينهم بعثة كبرى من الاتحاد الاوروبي تضم 81 مراقبا.
وقالت ماري ان ايلر بيجوين رئيس بعثة المراقبة التابعة للاتحاد
الاوروبي يمكن ان تكون الانتخابات نموذجا للديموقراطية يحتذى به في
أفريقيا والعالم العربي.
ومنذ الاستقلال عن فرنسا عام 1960، كان يجري تغيير السلطة على
الدوام بالقوة عبر انقلابات، وليس في اطار انتخابات في هذا البلد
الفقير الذي شهد عام 2006 نموا اقتصاديا بنسبة تفوق %13 بفضل صادرات
النفط.
وبين المرشحين هناك ثلاثة يعتبرون الاوفر حظا في الفوز وهم سيدي ولد
الشيخ عبد الله واحمد ولد داداه المعارض الذي يدعو الى التغيير والذي
فشل مرتين في الانتخابات الرئاسية وزين ولد زيدان، وهو اصغر المرشحين
سنا (41 سنة) الحاكم السابق للبنك المركزي الموريتاني.
تطلعات الناخبين
لكن بعض الناخبين قالوا انهم لا يعلمون لمن يدلون بأصواتهم وقال زين
ابوسي التي كانت تجلس مع ابنائها في كوخها حيث يعيش معظم السكان مثل
البدو: كلهم يتقدمون بتعهدات ولا يفعلون شيئاً. لا أعلم أثق في من
الأسود أم الأبيض لا يعلم سوى الله.
وقال ناخبون كثيرون انهم يريدون ان يضمن الرئيس الجديد توزيع ثروة
البلاد من الموارد الطبيعية بشكل أكثر عدالة وانهاء عدم المساواة بين
سكان موريتانيا البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة وهم خليط من
الموريتانيين البيض والسود والافارقة السود.
وقال ديا طاهر مامادو (47 عاما) وهو سائق عاطل يقيم في بلدة كيوب
بنواكشوط وأغلب سكانها من الموراتينيين السود »لدينا كل شيء في بلادنا
من مصايد ونفط وتعدين. ما نريده هو حكومة جيدة.
وتابع معربا عن مشاعر الموريتانيين السود الذين يقولون انهم عانوا
من التمييز والرق بمقتضى نظام طبقي أبقى على الصفوة الموريين البيض في
السلطة لا نريد المزيد من العنصرية.
وحظر الرق عام 1981 ولكن جماعات حقوق الانسان تقول انه ما زال قائما
في بعض المناطق.
ويقول مراقبون دوليون ان الانتخابات التي جرت قد تكون أكثر
الانتخابات الموريتانية حرية وأكثرها انفتاحا في موريتانيا على عكس
الماضي عندما كان زعيم واحد وحزب واحد فقط يشددان قبضتهما على السلطة.
وقالت ماري ان ايلر بيجوين رئيسة بعثة المراقبة التابعة للاتحاد
الاوروبي يمكن أن تكون (الانتخابات) نموذجا للديمقراطية يحتذى به في
افريقيا والعالم العربي.
وحظرت موريتانيا الرق او (العبودية) منذ 1981 غير انه بعد ربع قرن
من هذا التاريخ يؤكد البعض انه لا تزال هناك اشكال من الرق ويطالب
"الحراطون" وهم عبيد سابقون او ذريتهم بالانصاف وببرامج تنموية خاصة.
وسجل هذا الملف الحساس حضوره في الحملة الانتخابية الرئاسية.
ويشارك في هذه الانتخابات التي بدأت للمرة الثانية على التوالي مرشح
يتحدر من "الحراطين" في الوقت الذي يؤكد فيه المرشحون ال 19 لهذه
الانتخابات التزامهم بمحاربة اي شكل من اشكال هذه الممارسة وبمساعدة
ضحاياها.
وقال عاشور ولد سمبي مدير حملة مسعود ولد بلخير مرشح التحالف الشعبي
التقدمي (معارضة سابقة) في نواكشوط لوكالة فرانس برس "ان الرق لا يزال
موجودا".
يشار الى ان مسعود ولد بلخير هو المرشح الوحيد المتحدر من الحراطين
او الارقاء السابقين.
واضاف ولد سمبي "نحن نطالب بتجريم سلوكيات الاستعباد ونريد ان يضمن
ذلك في الدستور والقانون الجنائي مع استخدام لفظ الرق" مشيرا الى انه
ينبغي ان تحظى هذه الفئة من السكان ببرامج مساعدة خاصة.
وفي موريتانيا البلد الصحراوي الذي تبلغ مساحته ضعفي مساحة فرنسا
ولكن لا يقطنه الا ثلاثة ملايين نسمة كان الرق تقليدا ضاربا في القدم
ومارسته جميع الاعراق من عرب وزنوج افارقة.
غير ان الظاهرة اوضح بين العرب حيث كان اغلب العبيد لديهم من السود.
ولا توجد اي تقديرات رسمية لعدد العبيد السابقين غير ان بعض المنظمات
غير الحكومية قدرت انهم يشكلون ما بين 20 و25 المئة من سكان البلاد.
ولا يقدم بلخير نفسه على انه مرشح فئة العبيد السابقين وتعكس تركيبة
فريق حملته التنوع العرقي في موريتانيا.
وقال المتحدث باسمه "ان مرشحنا يتوجه الى كافة الموريتانيين وهو لن
يكون مرشح طبقة او قبيلة او منطقة".
من جانبها تؤكد جمعية "نجدة العبيد" التي انشئت في 1995 ان الرق لا
يزال يمارس حتى اليوم.
وقال مؤسس الجمعية بوبكر مسعود وهو من ابناء عبيد سابقين لوكالة
فرانس برس "لقد اشتكى قرابة مئة شخص لدينا" في غضون عشر سنوات مضيفا
"ان الشكاوي قليلة لكن الحالات ليست قليلة".
واشار الى ان "هناك غيابا للعقاب في حالات العبودية التي كانت موضع
شكوى. ولم يحصل ان سجلت ادانة بتهمة ممارسة الرق".
لكن محمد ولد السالك نائب رئيس جمعية التنمية البشرية في موريتانيا
اعتبر انه "لم يعد ممكنا الحديث عن الرق في تعريفه التقليدي". واضاف
"غير ان قسما من السكان لا يزال يعاني من آثار الرق" موضحا ان الامية
والفقر تطال بشكل خاص العبيد السابقين خاصة في الوسط الريفي حيث لا
يزال للتقاليد حضورها.
غير ان ولد السالك سليل العبيد الذي اصبح استاذا جامعيا وعضوا في
اللجنة الحكومية لمكافحة آثار الرق يؤكد ان "شباب الحراطين يريدون
اليوم تجاوز ظروف الفقر التي يعيشون فيها اكثر من وضعهم كعبيد سابقين".
وفي حي الميناء وهو حي فقير جدا في نواكشوط تقطنه اغلبية من ابناء
العبيد السابقين قلة هم الذين يعرفون عن انفسهم بانهم ابناء عبيد.
وتقول سيدة شابة تعيش في كوخ مصنوع من صفيح وخشب "لم نكن ابدا عبيدا
وحتى لو كنا كذلك فلن نعلنه ابدا لان الرق لم يعد موجودا. الجميع نسي
هذا الامر".
معلومات عامة عن موريتانيا
تشكل الانتخابات الرئاسية التي بدأت الاحد في موريتانيا اخر مرحلة
في العملية الانتقالية بعد انقلاب قام به المجلس العسكري في آب/اغسطس
2005. وكان ترتيب الاحداث زمنيا كالاتي:
- 03 اب/اغسطس: اللجنة العسكرية للعدالة والديموقراطية برئاسة
العقيد اعل ولد محمد فال تقوم بانقلاب يطيح بالرئيس معاوية ولد الطايع
خلال زيارته الى السعودية.
- 04 اب/اغسطس: الاتحاد الافريقي يعلن اقصاء موريتانيا حتى عودة
"النظام الدستوري".
- 06 اب/اغسطس: المجلس العسكري يعلن انتخابات عامة بعد استفتاء حول
الدستور ويتبنى ميثاقا دستوريا للفترة الانتقالية.
- 02 ايلول/سبتمبر: صدر عفو شامل على الموريتانيين المدانين
بالجرائم والجنح السياسية بما فيهم محمد خونا ولد هيدالة وعسكريين
سابقين محكومين لتورطهم في انقلابات سابقة في 2003 و2004.
- 13 ايلول/سبتمبر: عاد معارضو النظام السابق من المنفى بما فيهم
القائد العسكري لفرسان التغيير.
- 20 ايلول/سبتمبر: انشئت مفوضية عامة للدولة للسهر على تسيير اموال
الدولة.
- 05 كانون الثاني/يناير: الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الانسان يعلن
نهاية خلاف مع موريتانيا دام عشر سنوات.
- 24 شباط/فبراير: بدأ انتاج النفط في حقل شنقيطي عرض البحر قبالة
نواكشوط.
- 20 نيسان/ابريل: رئيس الدولة يعلن "الحرب" على الفساد.
- 17 ايار/مايو: تشكيل لجنة وطنية لحقوق الانسان الاولى من نوعها في
البلد.
- 27 ايار/مايو: قائد المجلس العسكري يتعهد بالغاء العبودية "بكل
اشكالها". ولا تزال ممارسات العبودية قائمة رغم الغائها عام 1980.
- 29 ايار/مايو: الاتحاد الاوروبي يستانف تعاونه بعد تجميده جزئيا
اثر الانقلاب.
- 25 حزيران/يونيو: استفتاء يؤدي الى تبني دستور يمنح رئيس الدولة
صلاحيات كبيرة لكنه يمنح البرلمان الحق في التصويت على حسم الثقة
ومراقبة الحكومة. وتم خفض الولاية الرئاسية الى خمس سنوات قابلة
للتجديد مرة واحدة فقط.
- 02 اب/اغسطس: اعل ولد محمد فال يعلن انه سينسحب من السياسة والجيش
بعد انتخابات 2007 الرئاسية.
- 27 ايلول/سبتمبر: قائد المجلس العسكري يعلن عدم الترخيص لاي حزب
اسلامي.
- 15 تشرين الاول/اكتوبر: اقرار قانون ينص على "تحرير كامل" لوسائل
الاعلام.
- 03 كانون الاول/ديسمبر: انتخابات تشريعية يفوز بها تحالف قوى
التغيير الديمقراطي ومرشحون مستقلون منبثقون عن الحزب الحاكم سابقا.
- 27 كانون الثاني/يناير: ولد فال يجدد التاكيد على حياد المجلس
العسكري في العملية الديمقراطية.
- 04 شباط/فبراير: في انتخابات مجلس الشيوخ كتلة "الميثاق" لاحزاب
التيار الرئاسي السابق تفوز ب36 مقعدا مقابل 15 لتحالف قوى التغيير
الديموقراطي.
- 24 شباط/فبراير: بداية الحملة الانتخابية الرئاسية.
وتبلغ مساحة موريتانيا مليون و30 الف كيلومتر مربع تشكل الصحراء
ثلثيها. وهي تقع على المحيط الاطلسي وتحدها السنغال ومالي والجزائر
والصحراء الغربية.
وكانت موريتانيا مستعمرة فرنسية قبل ان تحصل على استقلالها في 1960
في عهد الرئيس مختار ولد داده الذي اطاحه في 1978 انقلاب بقيادة محمد
ولد السالك.
وفي 1984 اطاح العقيد معاوية ولد الطايع نظام ولد هيداله الذي كان
يحكم منذ 1980. انتخب ولد الطايع رئيسا في 1992 ثم اعيد انتخابه في
1997 و2003.
واصبحت موريتانيا في شباط/فبراير 2006 دولة منتجة للنفط مع بدء
استثمار حقل شنقيط قبالة سواحل نواكشوط.
وتشكل المناجم (الحديد والنحاس والفوسفات) قطاعا مهما للاقتصاد. اما
القطاعات الاساسية الاخرى فهي صيد السمك (40% من عائدات التصدير)
والزراعة. |
