قانون العمل في الامارات: انتهاكات لحقوق العمال وتشجيع جائر للاستثمار

شبكة النبأ: مثل جميع دول الخليج تعتمد دولة الامارات بشدّة على العمال الاجانب من العمالة الرخيصة وغالبيتها من الاسيويين الذين يشكلون ما يزيد على 85 في المئة من السكان في الامارات دون مراعاة لحقوق العمالة او اتباع للقوانين الدولية المهتمة بهذا الشان.

وقال محللون  ان تحول الامارات الى مركز تجاري واستثماري عالمي بفترة قصيرة دون موازين ومعايير دولية حديثة تتبنى توازي خطوط التطور بالتكامل قد افرز نواحي سلبية كبيرة التاثير خلف كواليس الاعمار والازدهار الهائل الذي تشهده هذه الدولة، ومن افرازات التطور المنقوص نجد هيمنة الشركات الكبرى على مقدرات العمال وحقوقهم القانونية والانسانية دون مسائلة عن عدم اتباع هذه المؤسسات لمعايير الحقوق العمالية الدولية مع انها"الشركات" تعمل ضمن اعلى صنوف التطور المالي والتكنولوجي في العالم.

وانتقدت منظمة هيومان رايتس وواتش، المعنية بحقوق الانسان بشدة، مسودة قانون العمل الجديد الذي وضعته دولة الامارات، معتبرة إياه دون المعايير الدولية الخاصة بحقوق العمال، منددة في الوقت عينه بالانتهاكات التي تتعرض لها العمالة الأجنبية في الإمارات التي تصل نسبتها إلى 95 في المائة من مجموع اليد العاملة.

وطالبت المنظمة بصون حقوق هؤلاء العمال، الذين يفوق عددهم 1.3 مليون شخص، مما يتعرضون له من ممارسات تخالف الانظمة الدولية، مثل حجز جوازات سفرهم ومرتباتهم، التي غالباً ما تتآكل تحت وطأة انعدام وجود حد أدنى للأجور، وذلك بالتزامن مع تحركات احتجاجية أقامها عمال أجانب في المناطق الصناعية بدبي.

وفي حديث لموقع CNN بالعربية ناشدت سارة ليا ويتسن مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة بأن يكون واضعي القوانين في البلاد هم من غير المستثمرين وأصحاب المشاريع التجارية واصفة ذلك بأنه "تضارب مصالح."

وحول تأثير هذا القانون على امكانية توقيع اتفاق التجارة الحرة قالت ويتسن: "من المستحيل أن يوافق الكونغرس الأمريكي على أي اتفاقية تجارية لا تحمي حقوق العمال... انهم (في الامارات) تواقون إلى توقيع هذه الاتفاقية لكن مشكلة قانون العمل تبقى عثرة كبيرة أمامهم."

ونفت ويتسن عزم المنظمة اجراء أي تحركات احتجاجية تجاه استثمارات الشركات الاماراتية حول العالم، قائلة ان التركيز حالياً ينصب على "العمل مع حكومة الامارات."

كذلك نفت ويتسن أي استهداف للامارات في تقارير المنظمة، مؤكدة ان تقارير مماثلة تصدر حول سائر الدول العربية بما فيها دول الخليج التي "لا تعيش وضعاً أفضل" على حد قولها.

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد عقدت مؤتمراً صحفياً في دبي، خصصته للتعليق على مسودة قانون العمل الذي طرحته الامارات، حيث تحدثت ويتسن، واصفة القانون بأنه "مقصّر كثيراً عن المعايير الدولية الخاصة بحقوق العمال" خاصة لجهة استثناءه لشريحة كبيرة تشمل حوالي 600 ألف من خدم المنازل من الخضوع لإحكامه.

ولفتت ويتسن الى أن عدد عمال البناء في الامارات يبلغ 700 ألف عامل يتعرض معظمهم لممارسات غير قانونية، مثل احتجاز جواز السفر أو الراتب، مؤكدة ان العمال الآسيويين يقعون أيضاً ضحية شركات التوظيف التي بات لها شركاء في بلدان العمال الاصلية، يتم استخدامهم كواجهة للاعمال غير القانونية.

ووصفت ويتسن القانون الجديد بأنه "مخيب للآمال خاصة وان وزارة العمل قدمت وعوداً كبيرة لنا وللمجتمع الدولي" منتقدة بشدة ما قالت انه "تقصير الامارات في فرض القانون في بيئة العمل."

وكشفت ان الأرقام التي قدمتها الدوائر الرسمية لوفيات حوادث العمل لم تتجاوز 50 حالة، فيما ان الأرقام التي تمتلكها السفارات تؤكد وجود 800 وفاة عام 2006 سجلت بمعظمها على انها "أزمات قلبية."

كما اشارت ويتسن الى خلو القانون من اي إشارة لحق العمال بتنظيم انفسهم داخل نقابات أو اتحادات، مشيرة بالمقابل الى ان حق الاضراب الذي يفترض، على حد تعبيرها، أن يكون مصاناً بحكم الاتفاقيات الدولية محظور بموجب القانون الجديد الذي يصل الى حد السماح لرب العمل بطرد عامله المضرب.

وحول قضايا "خدم المنازل" قالت ويتسن ان أزمتهم مزدوجة الطابع، باعتبار أن الغالبية الساحقة بينهم من النساء، الامر الذي يفتح الباب على موضوع استغلال المرأة في العمل الى جانب ان طبيعة وظيفتهن تحظر عليهن ايصال شكاويهن لعجزهن عن مغادرة أماكن عملهن.

ويتسن لفتت لأمور اخرى تتعلق بـ "انتهاك" حقوق المرأة في القانون، منها وضعها ضمن خانة واحدة مع "عمالة الأطفال" في المسودة المقدمة، الى جانب منعها من ممارسة بعض الاعمال، منها الاعمال الشاقة أو الاعمال الليلية.

وسخرت الناشطة في مجال حقوق الانسان من  نظام العقوبات الموجود في القانون، والذي لا يتجاوز الحد الأعلى للغرامة فيه 12 ألف درهماً قائلة: "هل يمكن ألا يتجاوز الحد الأعلى للغرامة في الامارات ثلاثة آلاف دولار لشركات تمتلك ميزانيات بمليارات الدولارات؟"

وأبدت رئيسة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة الدولية شكوكها من امكانية أن تطال تلك العقوبات أرباب العمل على ارض الواقع.

يذكر ان وزير العمل الإماراتي علي بن عبدالله الكعبي أكد في تصريح له عزم وزارته اطلاق حملة لحل المشاكل التي تواجهها القوى العاملة بالامارات حاليا معدداً منها "الصحة والسلامة والاوضاع السكنية والرواتب" كاشفاً ان وزارته تدرس مقترحات خاصة لوضع نظام "الحد الادنى" من الرواتب.

ويشار ان وزارة العمل الاماراتية كانت قد وضعت مسودة لقانون العمل الجديد الذي تعتزم اصداره على موقعها على الانترنت مطلع الشهر الجاري طالبة من جميع المهتمين التعليق عليه.

وقد شهدت الفترة الماضية فتح ملف العمالة الاجنبية في الامارات على مصراعيه خاصة اثر الانتقادات التي وجهتها العديد من الجمعيات الدولية حول وضع تلك العمالة وما تردد عن شروط وضعتها الولايات المتحدة لمعالجة تلك الأوضاع كبند إلزامي يسبق أي تفاوض لإدخال الإمارات في اتفاقية التجارة الحرة.

وبالتزامن مع المؤتمر الصحفي لمنظمة هيومان رايتس وواتش كان عدد من العمال الآسيويين يقومون بتجمعات احتجاجية في منطقة القوز الصناعية بدبي وذلك بسبب تردي اوضاعهم.

وقد حاول موقع CNN الاستعلام عن الموضوع من عدة مصادر داخل لجنة العمال في دائرة الجنسية والاقامة بالبلاد غير أن المعنيين رفضوا التعليق على الاحداث لكونهم غير مخولين بذلك.

وقد أفاد احد كبار الضباط الذي رفض الكشف عن اسمه ان الاحداث عبارة عن "استيضاحات" كان العمال يريدون من كفيلهم تزويدهم بها غير أن بعضهم "عبّر عن نفسه بطرق غير صحيحة عبر التجمع والاحتشاد" عازياً السبب الى "المستويات التعليمية والعقلية لهؤلاء العمال" على حد تعبيره.

وقالت ممثلة المنظمة العالمية لحقوق الانسان في بيان نقلته وكالة رويترز،"في العام الماضي قمعت السلطات محاولات اضراب باستخدام العنف بدلاً من معالجة ظروف العمل السيئة التي تسبب الاضطرابات العمالية."

واضافت، ان استثناء عمال معينين من قانون العمل يعرضهم للاستغلال في حين ان العقوبات المقترحة على الشركات التي لا تحترم القانون ضعيفة للغاية.

ومثل كثير من الدول العربية الخليجية تعتمد الامارات العربية المتحدة بشدة على العمال الاجانب من العمالة الرخيصة وغالبيتها من الاسيويين الى المديرين التنفيذيين ذوي الدخول المرتفعة. ويشكل هؤلاء العمال ما يزيد على 85 في المئة من السكان.

واصدرت هيومان رايتس ووتش تقريرا في نوفمبر تشرين الثاني يحث الامارات على اتخاذ اجراءات صارمة لكبح انتهاكات حقوق العمال.

وقالت المنظمة ان هناك 700 ألف عامل بناء في الامارات العربية المتحدة غالبيتهم من دول جنوب اسيا مثل باكستان وبنجلادش والهند.

وينظم عمال البناء الذين يعيشون في الغالب في مساكن ضيقة اضرابات بشكل منتظم احتجاجا على الشركات التي يعملون لديها متهمين اياها بعدم دفع الاجور المتفق عليها.

وعدلت الحكومة قانون العمل في الشهور الاخيرة ليتضمن قيام الشركات بدفع مقابل تنقلات العمال المهاجرين وتصاريح العمل والفحوص الطبية والرعاية الصحية.

وقال علي بن عبد الله الكعبي وزير العمل ان الامارات لديها سجل في الدفاع عن حقوق العمال لكنها ترحب بالتعليقات.

ونقلت وكالة الانباء الامارتية عنه قوله "اننا نقدر ملاحظات منظمة هيومان ووتش حول مشروع قانون العمل الجديد وسنأخذها بعين الاعتبار".

وقالت الامارات في نوفمبر تشرين الثاني انها أمرت باغلاق ما يزيد عن 100 من المساكن غير الملائمة لسكن العمال ضمن حملتها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 30 آذار/2007 -10/ربيع الاول/1428