سلسلة افكار (1): التعددية في فكر الامام الشيرازي

اعداد: مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

((يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسآءلونَ بِهِ وَالأَرْحامَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً))[1]

 يعتبر التنوع والاختلاف والتعددية في مظاهر الكون من الموضوعات التي يكاد يلمسها الجميع، الصغير والكبير، الرجل والمرأة، فهي من الأمور البادية للعيان والملموسة لمس اليد، بل ان الانسان بحد ذاته يعد واحد من اهم مصاديق التنوع.

 وبالإمكان إدراك معنى التنوع تكوينيا وتشريعيا، تكوينيا عبر ما أبدعته يد الله العليم في هذا الكون، وتشريعيا من بين ثنايا آيات القران الكريم وسنة الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم  واهل بيته (ع).

التعددية في القرآن والسنة

ان من يقرا القرآن يجد ان هنالك آيات كثيرة تؤكد فكرة  وحدانية الباري عز وجل فهو الحق القائل جل وعلا:(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ، اللهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)،[2] وقوله تعالى: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً)[3], وقوله تعالى: (أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ)) [4]، وقوله تعالى:(لا اله الا الله الحي القيوم لا تاخذه سنة ولا نوم......).[5]هذه وغيرها من الايات الكريمة التي تدل على وحدانية الباري عز وجل.

هذا وبالمقابل نجد ان هناك مجموعة من الايات التي أشارت الى التعددية والثنائية للكثير مما اختص به الباري عز وجل وتفرد في خلقه من انسان وحيوان وجماد وباقي الامور ويتضح هذا جلياً في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)[6] , وقوله تعالى: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)[7].

ونرى بان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم  قد قرر الأحزاب بهذا اللفظ كما ورد في أحكام السبق والرماية من كتاب (الجواهر)، و(المسالك) حيث قال صلى الله عليه وسلم: (أنا مع الحزب الذي فيه ابن الأدرع).[8]

وكون المسلمين كلهم حزب الله كما في قوله تعالى: (أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[9] لا ينافي ذلك، كما أن الكفر كله ملة واحدة، وهذا لا ينافي أن يكون هناك أهل كتاب وغير أهل كتاب.

    وهذا ايضا ما كان الرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم يحث المسلمين عليه  في بداية الدعوة الاسلامية عندما كان عدد المسلمين قليلا في بادئ الامر ولكنهم وبسبب ما كانوا يحملون من هدف في حياتهم، استطاعوا وخلال فترة وجيزة من توحيد المجتمعات المتواجدة في الجزيرة، وجعلها في مجتمع واحد ومن ثم الانطلاق نحو باقي المجتمعات المجاورة في شرق الأرض وغربها, فالرسول كان يؤكد على التعددية التي لا توجب التفرقة بين صفوف المسلمين.

التنظيم  جوهر التعددية في الاسلام

ونحن عندما ندرس التعددية لا ندرسها باعتبارها فكرة طارئة جديدة دخلت علينا منذ عصور قربية او انها مبدأ عارض اوجده الانسان كيما يكيف به نفسه التواقة الى مثل هذا المبدأ بل هو مبدأ أخبرنا القرآن انه... إلهي وسنة أزلية- أبدية قد فطر الله عليها جميع المخلوقات.. فلم ولن يكون الناس نمطا واحدا أو قالبا فردا وإنما كانوا ولا يزالون مختلفين.[10]

   والمسلم الرسالي يعيش في هذه الحياة، وهو يحمل هدفاً وأملاً طوال حياته، ألا وهو تطبيق الرسالة الإسلامية وتحكيم الشرع الحنيف في كافة مجالات الحياة، لأنها إنما جاءت لتعالج مشاكل الحياة وتخرج الإنسان من الظلمات إلى النور، وتحقق له كرامته وإنسانيته أولاً، ثم كيانه كإنسان في داخل المجتمع ثانياً.

اما التنظيم فانه ركن أساسي في المجتمع الإسلامي، وقد أكد الإسلام على أطر التنظيم، وحث عليه، ولم يترك الأمر هكذا بلا تنظيم، حيث يسدر المجتمع في فوضى لا أول له ولا آخر، ونظرة سريعة الى مجتمع المدينة المنورة في عهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم نجده مكون من قسمين او من حزبين او فرقتين هما (الأنصار والمهاجرين) لا عن اختلاف في عقيدة أو قول أو فعل، بل كان الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم يعتمد عليهما ضمن إطار التعددية الإيجابية وقد آخى بينهما.

 كذلك كان دأب علماءنا الأعلام ومراجعنا الكرام، لا يرون بأساً في العمل المنظم للإسلام بشروطه المقررة، وقد أفتوا بجواز ذلك وربما باستحبابه أو وجوبه، ومنهم سماحة الإمام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (أعلى الله مقامه)، والذي يرى بأنه لابد من قيام منظمة إسلامية عالمية، تضم المسلمين تحت لوائها في جميع أرجاء المعمورة، للعمل من أجل إعادة الإسلام من جديد إلى الحياة، والعمل على تحكيم شرع الله في الأرض وهم بذلك انما يكونون ذلك الخط المتواصل الذي ينهل من فيض منهل الرسالة العذب[11].

  وفعلاً هذا ما كان يؤكد عليه الامام الراحل رضوان الله عليه وهو انشاء المؤسسات والهيئات الحسينية وضرورة لم الشمل وعدم بعثرة الجهود من اجل غاية واحدة وهي خدمة الاسلام والمسلمين.

لذا يلزم على الدعاة العاملين، الاهتمام بمسألة التنظيم وتعدد الأحزاب، وأن يأخذوا بمبدأ التنافس في الأعمال، كي يحصلوا على نتيجة أفضل وسرعة في الوصول إلى الهدف.

أقسام التعددية

إن للتعددية اقسام كثيرة يمكننا ان نجمل اهمها في الاتي:

1- التعددية الدينية:

وهي التعددية التي تختص بالتعدد في الدين والعقائد والشرائع والمناهج المتصلة به، ومفهومها يعني الاعتراف بوجود تنوع في الانتماء الديني في مجتمع واحد أو دولة تضم مجتمعاً أو أكثر مع احترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من اختلاف أو خلاف في العقائد، وإيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك في إطار مناسب وبالحسنى بشكل يحول دون نشوب صراع ديني يهدد سلامة المجتمع [12].

مفهوم التعددية الدينية هذا يتضمن الإقرار بمبدأ أن أحداً لا يستطيع نفي أحد، وبمبدأ المساواة في ظل سيادة القانون، وهو يلتزم بمبدأ حرية التفكير والتنظيم واعتماد الحوار واجتناب الإكراه.

     ففي ظل الإسلام لا تُلغى الديانات الأخرى، ولا يحظر وجود سائر المبادئ والملل، بل يخاطبهم القرآن الحكيم معترفاً بوجودهم، وتاركاً لهم حرية اختيارهم يقول الله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)[13]

     وهذا هو ما فعله الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم فإنه لما ظفر بأصحاب بدر، وكانوا مشركين لم يقتلهم بل أخذ منهم الفداء وتركهم على شركهم فلم يجبرهم على الإسلام، وكذلك فعل بأهل مكة فإنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء فلم يقتلهم ولم يجبرهم على الإسلام، وكذلك صنع بأهل حنين.. إلى غير ذلك مما لا يخفى على من له أقل إلمام بتاريخ الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم..

وهذا هو المقطوع به من سيرة رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم بل وسيرة المسلمين طول التاريخ الإسلامي، فإنه لم يعهد من أي مقاتل من المسلمين أن يقتل جميع الكفار الذين لم يكونوا أهل كتاب ولم يسلموا، بل مختلف أنواع الكفار كانوا يعيشون في كنف الحكومات الإسلامية السنية والشيعية بسلام، كما لا يخفى ذلك على من راجع التاريخ.[14]

وحينما يقبل الإسلام بوجود سائر الأديان والاتجاهات ضمن مجتمعه وفي ظل دولته، فإنه يمنحهم الحرية الكاملة في ممارسة شعائر أديانهم والقيام بطقوس عباداتهم، وتنفيذ تعاليمها وأحكامها دون أن يفرض عليهم شعائره وأحكامه أو يتدخل في شؤون أديانهم.

2- التعددية المذهبية:

 هي التعدد المذهبي في إطار الدين الواحد، ومفهومها يعني بوجود تنوع في الانتماء المذهبي في مجتمع واحد أو دولة تضم مجتمعاً أو أكثر و احترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من اختلاف أو خلاف في الفروع أو غيرها بالاضافة الى إيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك في إطار مناسب وبشكل يحول دون نشوب صراعات مذهبية تهدد سلامة المجتمع.

     ومفهوم التعددية المذهبية يتضمن الإقرار بأن (أحداً لا يحق له نفي أحد) و (ضمان حرية التفكير والتعبير المذهبي للجميع) و(المساواة في ظل سيادة القانون).[15]

     ويجب التأكيد هنا على أن تعدد الفرق والمذاهب داخل الدين الإسلامي يشكل ظاهرة طبيعية بل هي سمة ثابتة في جميع الأديان السماوية والوضعية.

لقد بدأت المذاهب الإسلامية في التكون منذ بداية القرن الأول الهجري، ويحكي لنا التاريخ عن نشوء الكثير من المذاهب والفرق والمدارس الفقهية، ولكن بعضها لم ينتشر ولم يكثر أتباعها، مما أدى إلى انقراضها، أما الذين تأصلت مذاهبهم وبقيت إلى يومنا هذا السنّة بمذاهبها الأربعة: الحنفي، الشافعي، المالكي، الحنبلي،والشيعة بطوائفها الثلاث الإمامية الاثني عشرية، الزيدية، الإسماعيلية،الخوارج والمعروف منهم حالياً الأباضية.

   نستنتج من كل ما تقدم.. أن ظاهرة (التعددية المذهبية) ظاهرة طبيعية، لازمة في جميع الأديان والعقائد، ومن الطبيعي جداً أن يكون هناك تعدد في المذاهب يكون هناك تعدد في الفكر والتصورات والرؤى.

3- التعددية السياسية:

 التعددية السياسية هي مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش وفي التعبير عن نفسها وفي المشاركة في التأثير على القرار سياسياً في مجتمعها، وهي بذلك تعني الاعتراف بوجود تنوع في مجتمع ما بفعل وجود عدة دوائر انتماء فيه ضمن هويته الواحدة، واحترام هذا التنوع وقبول ما يترتب عليه من خلاف أو اختلاف في العقائد والألسنة والمصالح وأنماط الحياة والاهتمامات، ومن ثم الأولويات،هذا بالاضافة الى إيجاد صيغ ملائمة للتعبير عن ذلك كله بحرية في إطار مناسب وبالحسنى، بشكل يحول دون نشوب صراع يهدد سلامة المجتمع، وإن اشتراك جميع فئات المجتمع في هذا الإطار بآرائهم هو ما يصطلح على تسميته بالمشاركة السياسية.[16]

     ومفهوم التعددية السياسية يشير إلى حق (المعارضة) في ممارسة أنشطتها، وقد كفل الإسلام للمعارضة السياسية السلمية كافة الحقوق المشروعة، كما أن في التجربة الإسلامية الأولى دلائل وشواهد تؤكد شرعية المعارضة والتعددية في الإسلام.

 وقد أرسى الإمام علي (ع) حق (الرأي الآخر) والتعبير عن ذلك الرأي بأي وسيلة مشروعة، فلم يسجن أحداً لمخالفته له في الرأي، ولم يمنع أحداً من العطاء لأنه لا يتفق معه في موقف أو في رؤية، ولم يبطش بأحد خالفه في الفكر أو المعتقد.. بل سمح لكل الآراء أن تعبر عن ذاتها، ولو كان ذلك التعبير على شكل مظاهرة سلمية، أو إضراب مدني.

ويحدثنا التاريخ: أن الإمام (ع) لم يكن يمنع المظاهرات والإضرابات، حيث (إنه اتفق في زمانه أن أغلق أهل الكوفة الدكاكين، حيث حكم بحكم لم يرضوا به.. وفي مرة أخرى حيث عزل قاض لم يرضَ بعض أهل الكوفة بعزله، خرجوا في تظاهرة، والإمام لم يتعرّض لهم بسوء، وإنما تركهم وشأنهم بعد أن نصحهم. [17]

     ولم يكتف الإمام (ع) بالعدل مع الخوارج، ومنحهم حقوقهم كاملة إبان المعارضة، بل أوصى بهم خيراً بعد وفاته، فقال قولته الشهيرة: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فإنه ليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه).

  يقول الإمام السيد الشيرازي (قدس سره): لقد سمح النبي (ص) والإمام علي (ع) للمعارضة سواء كانوا أفراداً أو جماعات أن يقوموا بدورهم تعليماً للأمة في السماح للمعارضة، وإن كانا هما معصومين، وقد ورد في القرآن الكريم في النبي (ص): {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}. وقال (ص) في الإمام علي (ع): علي مع الحق والحق مع علي، وعليه فلا يحق للحاكم مهما كان أن يكبت المعارضة، فإن ذلك بالإضافة إلى كونه خلاف السيرة خلاف العقل والمنطق، ويوجب كراهة الناس للحاكم مما ينتهي إلى سقوطه.[18]

اركان التعددية

1- الشورى:

وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم  يطبق مبدأ الشورى فيما أمره الله عزوجل ـ في غير الأحكام الشرعية وموضوع الإمامة، التي هي بنص من الله عزوجل ـ فإذا كانت أكثرية الآراء مخالفة، ترك الأمر حسب رأي الأكثرية كما جاء ذلك في قصص متعددة.[19]

2- حسن الخلق:

حيث انه يلزم الجماعة التي تريد الانظام تحت لواء التعددية أن يتصف أفرادها بحسن الخلق، وأن يكونوا هينين لينين، يألفون ويُؤلفون، قال الله سبحانه مخاطباً الرسول صلى الله عليه وعلى اله وسلم: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيم))[20]

   وفي حديث عن النبي صلى الله علية وعلى اله وسلم أنه قال: (إن أكمل المؤمنين إيماناً: أحسنهم خلقاً وخياركم خياركم لنسائه). [21]

3- الرفق ونبذ العنف:

من أهم مقومات جمع الكلمة: الرفق واجتناب الخُرق وقد تظمنت السنة النبوية الشريف وما ورد عن الائمة المعصومين عليهم السلام العديد من النصوص الواردة في هذا المجال نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قول للرسول محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام  قال رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم في حديث: ((والرفق نصف العيش)).[22]

  وعنه صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال: ((إن الله ليبغض المؤمن الضعيف الذي لارفق له)).[23]

وعن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام  أنه قال لولده الحسين: ((يا بني رأس العلم الرفق وآفته الخرق)).[24]

4- التواضع:

 فجمع الكلمة يحتاج الى التواضع فإذا كان الإنسان متواضعاً في مجلسه ومأكله ومشربه وزيارته ورده للزيارة وداره ودابته وغير ذلك، التف الناس حوله، وإلا فالناس لا يلتفون حول المتكبرين.

5-التنافس:

من المهم جداً أن يأخذ الناهضون الذين يريدون توحيد صف المسلمين ولم شملهم، بمبدأ التنافس في الأعمال، لأن التنافس يخلق في الإنسان روحاً غريبةً تطلب التقدم، فقد جعل الله سبحانه وتعالى الجنات هدفاً للتنافس، حيث قال سبحانه: ((وفي ذلك فليتنافس المتنافسون))، وفي حالة تعدد الأحزاب يتجلى التنافس كما هو واضح.

وهذا ليس خاصاً بتعدد الأحزاب، بل حتى في الحزب الواحد يلزم أن يحث الأعضاء على مبدأ التنافس والتسابق المستمرين قال سبحانه:))فاستبقوا الخيرات))[25] ومن الواضح أن الاستباق نوع من التنافس.

وقد وضع السيد الامام المرجع الشيرازي اعلى الله مقامه مجموعة من الشروط واجب على المسلمين التحلي بها كيما يتقدموا بلاضافة الى العلم والمعرفة والثقافة والتقوى والاخلاق والتسامح والتعاون منها:

1- فتح الالاف  من المكتبات في كل مكان.

2-إخراج  وإصدار الجرائد والمجلات.

3- طبع ونشر الكتب.

4- تنظيم أنفسهم , وهذا التنظيم يعني بصوره المختلفة في مؤسسات وهيئات وخلافه.

5- فتح الصناديق الخيرية (البنوك الإسلامية).

6- وحدة الكلمة بالمؤتمرات.

كلمة اخيرة

قال السيد الشيرازي (اعلى الله مقامه) في كتابه الوصول الى حكومة وحدة اسلامية:

(ينبغي للمسلمين وربما وجب عليهم،في حياتهم وخاصة السياسية،اتخاذ اسلوب التعددية السياسية والحزبية المتنافسة على البناء والتقدم،لا المتناحرة فيما بينها كما تعارف عند بعض المسلمين في هذا اليوم حيث تشكلت فيهم احزاب وجماعات تعمل بدل التنافس في الخير والتقدم،على ضرب بعضهم البعض) [26].

ومعلوم: ان التسابق والتسارع لا يكون الا بين جماعتين او حزبين او ما اشبه ذلك،مضافا الى انه قد ثبت في علم النفس: ان من اهم تقدم الانسان والمجتمع هو التنافس والتسابق فيما بينهم،وليس الانغلاق على الذات والحكر على النفس،فان الانغلاق والحكر على النفس فرديا او اجتماعيا يؤدي الى الجمود والتقهقر،وبالتالي الى التاخر في كل شيء.

قال تعالى: (سابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض الفضل للمتقين) [27]، فمسالة التنظيم والتعددية من اهم المسائل التي كانت تاخذ وطرا من حياة الامام الراحل والتي ظل ينادي ما انفك عنها في ايام حياته فتخلدت عبر الازمان لان (ما كان لله ينمو) والصلاة والسلام على خير خلق الله اجمعين محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين وبه نستعين.

*مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث

www.shrsc.com


(1)     سورة النساء: 1. 

(2)  سورة التوحيد. 

(3) سورة طه/98.

(4)   سورة الأعراف/185.

(5)  البقرة سورة الكرسي.

(6) سورة الحجرات /13.

(7)  سورة ق/ الاية 6-7.

(8)   جواهر الكلام: ج28 ص239 كتاب السبق والرماية، في أحكام النضال المسألة السابعة، وجامع المقاصد: 364 الرمي، جواز عقد النضال بين حزبين.

(9)  سورة المجادلة: 22.  

(10)    د. علاء الجوادي، الإسلاميون والديمقراطية في مصر فصلية المعهد (لندن، معهد الدراسات العربية والإسلامية، السنة 1، العدد2، 1420هـ/2000م) ص147. 

(11) جمع الكلمة وتعدد الاحزاب للامام الشيرازي ص9- مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشربيروت لبنان. 

(12) مفهوم التعددية في فكر الإمام الشيرازي - الشيخ عبدالله أحمد اليوسف – ندوة حوارية عن فكر الامام الشيرازي 0(اعلى الله مقامه)

(13) سورة الكافرون، آية 6. 

(14) الفقه – كتاب الجهاد- السيد محمد الشيرازي – ط2 1409هـ - دار العلوم بيروت – ج48، ص29.  

(15) نفس المصدر. 

(16) وحدة التنوع وحضارة عربية إسلامية في عالم مترابط ص95. 

(17) السبيل إلى إنهاض المسلمين، السيد محمد الشيرازي، ط الثالثة 1413هـ - 1993م، دار المنهل، بيروت، ص466.

(18) الحرية في الإسلام، السيد الشيرازي، بيروت: دار الفردوس، ص61. 

(19) جمع الكلمة وتعدد الاحزاب للامام الشيرازي ص25 - مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشربيروت لبنان.

(20) سورة القلم -4.

(21) وسائل الشيعة: ج12 ص156-157 ب104 ح15938

(22) مستدرك الوسائل: ج11 ص292 ب27 ح13061. 

(23)  الجعفريات: ص150 باب التقوى وحسن الخلق. 

(24) بحار الأنوار: ج74 ص239 ب9 ح1. 

(25) راجع تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن: ج2 ص390 سورة آل عمران. وتفسير تقريب القرآن إلى الأذهان: ج4 ص39 ط1. 

(26)  الوصول الى حكومة وحدة اسلامية/ السيد الامام(قدس)/ ص125/ ط1/ 1416/ 995/ دار الصادق. 

(27) سورة ال عمران: 133.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 28 آذار/2007 -8/ربيع الاول/1428