بعد 200 عام على الغاء الرق: العالم يتاجر بمئات الاف البشر سنويا

 شبكة النبأ: تعتبر العبودية من اشد الاساءات التي يمكن ان تحصل للانسانية حيث يجبر الشخص على الاستعباد ويصبح هو مع ما يملكه من موارد وقدرة ملك لانسان اخر يتحكم فيه كيف يشاء، ولا تزال هناك العشرات من عصابات المافيا في ارجاء العالم تعمل سنويا على بيع وشراء الاف الاطفال والنساء ونقلهم من بلد الى اخر عبر عمليات تهريب منظمة.

وتنشط هذه الاعمال الغير شرعية بصورة لافتة في قارة افريقيا نظرا لضعف القوانين او التهاون في تنفيذها واستشراء ظواهر التخلف والعنف القبلي في هذه الدول.

وافادت منظمات غير حكومية في النيجر ان وتيرة تهريب الاطفال بين النيجر وليبيا المجاورة ارتفعت في الاعوام الاخيرة بدليل عدد شبكات التهريب التي تم ضبطها في 2006.

وصرح موتاري مامان المسؤول عن المنظمة غير الحكومية "العمل للقضاء على عمالة الاطفال في النيجر" التي تتخذ من اغاديز في الشمال مقرا لها لوكالة فرانس برس "بين حزيران/يونيو وكانون الاول/ديسمبر 2006 استقبلنا نحو خمسين طفلا اوقفتهم الشرطة المحلية على الحدود الليبية كما اوقفت عشرة مهربي اطفال على الاقل".

واضاف "بحسب المنظمات غير الحكومية لم يسبق ان قامت الشرطة في النيجر بمثل هذه التوقيفات" موضحا ان "تجارة الاطفال شائعة جدا في النيجر مع جيرانها في بوركينا فاسو وبنين ونيجيريا".

وبحسب منظمة "تيميدريا" غير الحكومية المحلية المتخصصة في مكافحة العبودية فان "تاجر اطفال اخر تم توقيفه نهاية 2006 في ديركو في شمال النيجر بينما كان يستعد لتهريب 24 طفلة الى ليبيا في مجموعات صغيرة".

ويقول ايغيلاس ويلا رئيس منظمة "تيميدريا" انها "مشكلة شائكة في منطقة الطوارق الفقيرة هذه والظاهرة تصيب مع الاسف الاطفال الصغار".

وانشأت منظمة "العمل للقضاء على عمالة الاطفال في النيجر" التي تتعاون بشكل خاص مع اليونيسف في حزيران/يونيو 2006 مركزا لها في اغاديز بعدما جرى اخطارها بتزايد الاتجار بالاطفال مع ليبيا الغنية

وتؤكد تقارير دولية أنه يتم سنويا الاتجار بنحو 700 ألف من النساء والرجال والفتيات والصبية عبر الحدود، بعيدا عن بلدانهم وأسرهم حسب الـ(CNN).

ويؤكد تقرير الامم المتحدة، صدر بمناسبة إحياء ذكرى مرور 200 سنة على القضاء على تجارة الرقيق عبر الأطلسي، حيث اوضح ان نحو5.7 مليون طفل في العالم هم من ضحايا العمل القسري والاسترقاق.

كما جاء في التقرير ان 300 ألف طفل يتم استغلالهم كمجندين في أكثر من منطقة من مناطق الصراع بالعالم، بينما تجبر الفتيات المختطفات على ممارسة الجنس قهرا، وذلك حسب ما نقلته وكالة الأنباء البحرينية.

وأضاف التقرير أن نحو 191 مليون طفل، تتراوح أعمارهم ما بين 5 إلى 14 عاما بمختلف مناطق العالم، يقومون بأعمال حقيقية باعتبارهم عناصر اقتصادية فعالة، وينخرط 40 في المائة منهم في أعمال خطيرة.

واعتبر التقرير ان الرق وتجارة الرقيق، تعد أسوأ انتهاكات لحقوق الإنسان في تاريخ البشرية.

وفي إطار إحياء الذكرى المائتين لالغاء تجارة الرق عبر الاطلسي التقت بي بي سي بعدد من السودانيين الذين يقولون إنهم تعرضوا لتجربة مشابهة للعبودية في بلادهم.

وطالما رفضت الحكومة السودانية المزاعم بوجود أشخاص يعيشون في قيد الرق، غير أنها أقرت بأن الآلاف تعرضوا للاختطاف خلال الحرب بين الشمال والجنوب، وتصر على أن هذا تقليد قديم بين الجماعات العرقية المتناحرة.

يقول المواطن السوداني ماركو أكوت دينج أكوت، في عام 1987 جاءت الميليشيات العربية إلى قريتنا وأخذتني، كما اختطفت ابنة أخي ولم أرها منذ ذلك الحين.

يجب على أن أعتني بالماشية والماعز والخراف. ولا يسمح لي إلا أن أتناول بقايا الطعام، وأحيانا لا يعطى لي طعام على الإطلاق. وفي أحد الأيام فقدت إحدى الأبقار وضربت ضربا مبرحا حتى شلت ذراعي اليمنى وساقي.

ويقول ابوك أتوك دينج اختطفت مع أثنين من إخوتي، وهما جارانج وبول. ولكننا اختطفنا من قبل عدة أشخاص ولم أر شقيقيي منذ اختطافنا، جارانج توأمي وأشعر أن جزءا مني قد فقد بعد اختطاف أخي.

وتقول أشول دور نجور، كان خاطفي, ويدعى خليل, يعاملني معاملة جيدة. ولم يكن علي سوى جلب الماء.

كانت له ابنة وكان يعاملنا نفس المعاملة، وإذا اشترى لها شيئا كان يشتري لي مثله.

عندما جاءت الشرطة أردت أن أبقى معه، ولكنهم أرغموني على العودة ولكني سعيدة أيضا الآن لأني مع أسرتي.

ويقول أدوت مانيول كان عمري سبع سنوات عندما اختطفت، لقد روعت وظللت أبكي طوال اليوم، قالوا لي أنني الآن مسلمة وأسموني اسماً إسلامي وهو (أكوما).

كان علي جمع خشب الوقود، وأراد أحد الرجال أن يتزوجني ولم أكن أرغب في ذلك لكن لم يكن لدي خيار. لقد نسيت لغة أهلي الدينكا كما نسيت أسمي الحقيقي، لكن أحد أبناء عمومتي تعرف علي عندما أعدت إلى موطني.

عندما كنت في معسكر الاحتجاز، عاد ذلك الرجل وسرق ابني الأكبر حسين.

ويقول مرور كول في يوم قلت للشخص الذي اختطفني ويدعى عبد الرحمن أنني أريد العودة لبيتي، فغضب مني وحاول أن يذبحني، ورغم أنني استطعت الإفلات منه، إلا أن السكين قطعت حاجبي.

طلب مني أن أناديه (أبي) وأسماني (حسن عبد الرحمن)، وقال أنني مسلم لكنني لم استجب له.

لقد كان هناك العديد من أطفال الدينكا في المعسكر الذين كانوا يضربون، توفي أحدهم وكان يدعى دوت ماويش.

المواطن أكيش أرول دنج يعتقد أن زوجته وابنه مازالا من العبيد، ولم ير أكيش أرول دنج زوجته وابنه منذ اختطفتهم رجال الميليشيات من دارهم في جنوب السودان قبل 19 عاما.

لقد كان ابنه، دنج، في الثالثة من عمره آنذاك غير أن أرول متأكد أنهما مازالا على قيد الحياة، بعد أن استغلا كعبيد في الشمال.

ويقول أرول لبي بي سي وهو يعرب عن حزنه العميق في داره في قرية مالوالباي التي تبعد بضعة ساعات على متن الجياد من نهر بحر العرب الذي يقسم السودان بين شمال مسلم وجنوب مسيحي ويدين بديانات تقليدية "أفتقدهما كثيرا جدا. آمل يوما أن يرجعا".

ويعتقد أن نحو ثمانية آلاف شخص يعيشون تحت نير العبودية في السودان، بعد 200 عام من حظر بريطانيا لتجارة الرقيق عبر الأطلسي وبعد 153 عاما من محاولتها إلغاء العبودية في السودان.

ولكن الخلافات على المال تعني أن أحدا لن يحرك ساكنا لتحرير المستعبدين.

وفي نفس العام الذي اختطفت فيه أسرة أرول، اختطفت آريك آنييل دنج، وهي في العاشرة، من بيتها، على مسافة ليست ببعيدة عن مالوالباي.

فقد امتطت ميليشيات عربية صهوة الجياد وأغارت على قريتها، وأطلقوا النيران. وحينما فر الكبار، تم تجميع الصغار والماشية حيث أجبروا على المشي شمالا لخمسة أيام قبل أن تقسم الغنائم والأسلاب بين المغيرين.

وتقول آنييل "قال لي مختطفي إنني عبدة له وعلي أن أفعل كل ما يأمرني به - أحضر له الماء والحطب، وأرعى ماشيته وأزرع أرضه".

وتابعت قائلة "حينما بلغت الثانية عشرة، قال إنه يريد أن ينام معي. ولم استطع أن أرفض لأنني كنت عبدة، كان علي أن أفعل كما أمرت، وإلا قتلني".

لقد كانت مثل تلك الغارات بين الأشياء الشائعة خلال حرب الشمال والجنوب والتي استمرت 21 عاما، وانتهت عام 2005.

ويعتقد على نطاق واسع أن حكومة الشمال سلحت الميليشيات العربية حتى تروع السكان الجنوبيين وتشتت انتباه المتمردين الجنوبيين بعيدا عن مهاجمة الأهداف الحكومية.

وبحسب دراسة نفذها معهد الوادي المتصدع الذي يتخذ من كينيا مقرا له، فقد اختطف نحو 11 ألف صبي وفتاة ونقلوا عبر الحدود الداخلية للسودان - حيث نقل العديدون إلى ولايات جنوب دارفور وغرب كردفان.

وعادة ما كان الأولاد يؤمرون برعاية الماشية، بينما توكل للفتيات المهام المنزلية قبل أن يتم "تزويجهن"، عادة في سن الثانية عشرة.

وطالما رفضت حكومة السودان المزاعم بوجود أشخاص يعيشون تحت نير الرق، غير أنها اعترفت بأن الآلاف تعرضوا للاختطاف خلال الحرب. وتقول الحكومة السودانية إن هذا تقليد قديم يتمثل في أخذ رهائن بين الجماعات العرقية المتناحرة.

ونفى مسؤول حكومي بارز بشدة وجود أي رق في السودان، ولكن كان من الغرابة أنه أعترف بالقول "لم يختلف الأمر عن نقل الناس من غرب أفريقيا إلى أمريكا".

وتعرف الأمم المتحدة العبودية بأنها "وضع أو ظروف يتعرض لها شخص يتم بمقتضاه ممارسة حقوق الملكية له كليا أو جزئيا".

ولا شك في أن المواطنة السودانية آنيل والعديد غيرها ممن تحدثنا إليهم يبدو أنهم يعيشون في ظروف عبودية - حيث اختطفوا، وتعرضوا للعمل القسري، وكثيرا ما ضربوا.

ولكي يمكن العمل مع برنامج الإعادة الذي أقرته الحكومة السودانية عام 1999 تحت ضغوط دولية شديدة، فقد وافقت الجهات المانحة على استخدام التعبير التجميلي "مختطف"، بدلا من كلمة عبد.

وقد تم إعادة نحو ثلاثة آلاف شخص إلى ديارهم قبل أن ينفذ ما كان لدى البرنامج من أموال عام 2005.

وانسحب المانحون، إذ قالوا إن بعض من شملهم البرنامج لم يكونوا عبيدا حقيقيين، والبعض تم إرجاعه رغما عنه وتركوا لا حول لهم في أماكن مقفرة متخلفة اقتصاديا في الجنوب.

ثم قامت الحكومة السودانية بتمويل عمليات الإعادة لبعض الوقت ولكن، للغرابة، يبدو أن نهاية الحرب بين الشمال والجنوب جعلت أهمية المشروع تتراجع.

ويبدو أن الحكومتين، سواء في الشمال، أو الجنوب المتمتع الآن بوضع حكم ذاتي، أكثر اهتماما بإنفاق الثروة التي اكتشفت مؤخرا من النفط.

ويقول مسؤولو الحكومة السودانية، ومسؤولو إدارة الجنوب إنهم مازالوا يعملون على التوصل إلى سياستهم الجديدة بشأن "ملف المختطفين".

ويقول أحمد مفتي من اللجنة الحكومية للقضاء على خطف النساء والأطفال، إن زعماء القبائل العربية أكثر من مستعدين الآن لإطلاق سراح "مخطوفيهم" غير أن مجموعته ليس لديها ثلاثة ملايين دولار وهو المبلغ الذي يقدر أنه سيكون مطلوبا لترتيب عمليات النقل ودفع المال للمسؤولين لتنظيم العملية.

وبمواجهة عدم حدوث جديد، بدأ اليأس يدخل جيمس أجور بشكل متزايد، وهو رجل في طليعة الحملة لتحرير العبيد في السودان، وذلك بعد أن أمضى نحو 20 عاما يخاطر بحياته من أجل هذه القضية.

ويقول أجور بمرارة "مع حلول السلام، اعتقدت إنهم سيحررون الآن".

ويضيف أن لديه أسماء وأماكن لثمانية آلاف شخص، يمكن بسهولة تحريرهم من مخيمات الماشية التي يملكها زعماء قبائل عربية، ما إن تتوافر الإرادة السياسية لذلك.

ويقول إن الرقم الحقيقي لمن يجبرون على العمل رغما عنهم ودون تلقي أجر عن العمل القسري في السودان يتجاوز 200 ألف شخص، وإن كانت غالبية الجهات المانحة تعتقد أن في ذلك مبالغة.

وتشعر آنييل بالسعادة وهي تجلس على الأرض خارج الكوخ الطيني القديم الذي تعيش فيه الآن هي وأولادها الخمسة، إذ انها استعادت أخيرا حريتها وأصبحت قادرة على أن تقرر مصيرها.

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 27 آذار/2007 -7/ربيع الاول/1428