التعديلات الدستورية: توقعات بتزوير الاستفتاء وانخفاض الإقبال عليه

شبكة النبأ: توقع قاض مصري بارز يوم الخميس ان يشوب التزوير الاستفتاء العام المقرر في الاسبوع القادم على التعديلات الدستورية وقال ان الاقبال سيكون محدودا.

وكان القاضي محمود مكي قد اصبح رمزا لنضال النظام القضائي من اجل الاستقلال عن السلطة التنفيذية في مصر بعد ان احيل الى مجلس تأديبي لإطلاقه مزاعم علنية عن تجاوزات في انتخابات عام 2005.

وتقول حكومة الرئيس حسني مبارك التي دعت الى الاستفتاء يوم الاثنين القادم ان التعديلات هي اصلاحات لكن معارضين يقولون انها تعزز من قبضة الحزب الحاكم على السلطة.

وقال مكي رئيس لجنة متابعة الانتخابات في نادي القضاة ونائب رئيس محكمة النقض "انا متوقع تزوير. ومتوقع خصوصا ان المواطنين سيكون عددهم قليل جدا الذين سيذهبوا الى صناديق الاستفتاء ليدلوا بأصواتهم. يعني اتوقع عددا اقل كثيرا من الاستفتاء الماضي. نسبة الحضور بالاستفتاء القادم لن تتجاوز بأي حال من الاحوال خمسة في المئة." حسب رويترز.

وقالت الحكومة ان نسبة الاقبال في استفتاء مماثل في مايو ايار عام 2005 كانت حوالي 54 في المئة. وقال المراقبون والمعارضة انها كانت اقرب الى 10 في المئة.

وتشمل التعديلات فقرة لمكافحة الارهاب تمنح سلطات كاسحة للشرطة في المراقبة والاحتجاز.

كما انها ستمنح الرئيس سلطة حل البرلمان منفردا وتضعف الاشراف القضائي على الانتخابات.

وقال مكي "انها تمنع السلطة القضائية من الرقابة على السلطة التنفيذية بالنسبة لحقوق المواطنين وحريتهم." وتقول الحكومة ان كل الانتخابات نزيهة.

وتعتزم جماعات المعارضة وبينها جماعة الاخوان المسلمين مقاطعة الاستفتاء.

ومن المرجح ان يكون الاخوان المسلمون الاكثر تضررا من التعديلات التي ستمنع أي نشاط سياسي على اساس ديني وبالتالي يمكن ان تقضي على املهم في الحصول على اعتراف كحزب سياسي شرعي.

وقال مكي "انا اطالب برقابة دولية ورقابة من منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني." واضاف انه ومجموعة من القضاة شكلوا لجنة تطوعية لمراقبة اية شكاوى من تجاوزات.

وذكرت وكالة انباء الشرق الاوسط المصرية ان مجلس القضاء الاعلى الذي يشرف على النظام القضائي فوض بنشر قضاة للاشراف على التصويت في الاستفتاء. لكن مكي قال ان عدة مئات فقط سيشاركون وان مشاركتهم في اللجان الانتخابية رمزية.

وقال "لا يوجد اشراف قضائي حقيقي."

وبرأت لجنة تأديبية قضائية مكي في النهاية في العام الماضي من اي مخالفة لتحدثه بصراحة عن انتخابات عام 2005 بينما اوقف ترقية قاض اخر وتحذيره من الفصل اذا ارتكب اية مخالفة في المستقبل.

بدورها قالت حركة كفاية المعارضة للحكومة المصرية يوم الاربعاء ان الاستفتاء المزمع اجراؤه على التعديلات الدستورية كان مرتبا سلفا وحثت المصريين على مقاطعته.

كما دعا عدد متزايد من الجماعات بما في ذلك جماعة الاخوان المسلمين القوية الى مقاطعة الاستفتاء المزمع يوم الاثنين.

وتتضمن التعديلات فقرة خاصة بمكافحة الارهاب تمهد على ما يبدو لمنح الشرطة سلطات كاسحة في مجال المراقبة والاعتقال. وتصف الحكومة التعديلات بأنها اصلاحات لكن معارضين يقولون انها محاولة لتشديد قبضة الحزب الحاكم على السلطة.

وقال عبد الوهاب المسيري زعيم حركة كفاية لرويترز "سنطلب من المواطنين عدم المشاركة لان الحكومة ستمررها وهذه نتيجة معروفة سلفا."

وتساءل "سيزورون النتيجة .. فلماذا نعطيهم شرعية."

وتقول الحكومة ان جميع الاستفتاءات نزيهة.

وكانت منظمة العفو الدولية قد وصفت التعديلات بأنها "أكبر تقليص لحقوق الانسان" منذ فرض قوانين الطوارئ عام 1981 بعد اغتيال الرئيس أنور السادات.

وقال المسيري (68 عاما) أستاذ الادب الانجليزي السابق بجامعة القاهرة والذي كان عضوا بالاخوان ان التعديلات ستضفي صفة الديمومة على الاجراءات التي اتخذت عقب مقتل السادات وهو الامر الذي يعرقل الى حد كبير التوجه نحو الاصلاحات الديمقراطية في مصر.

وقال "هذه التعديلات أفسدت كل شيء.. لقد أضفت شرعية على قوانين الطوارئ وجعلتها جزءا من الدستور."

"هذا يعني الغاء الدستور في حقيقة الامر."

كانت حركة كفاية قد برزت عام 2005 عندما عارضت فترة ولاية خامسة مدتها ست سنوات للرئيس حسني مبارك وأي خطوة لتوريث ابنه جمال. لكن اعادة انتخاب مبارك وتراجع الاهتمام الامريكي بالاصلاح السياسي في مصر أضعف الحركة كما خفتت مظاهراتها.

وكان من المتوقع على نطاق واسع في بداية الامر أن يجرى الاستفتاء في الرابع من أبريل نيسان المقبل لكن تم تقديم موعده الى 26 مارس اذار الجاري أي بعد أسبوع واحد فقط من اقرار التعديلات في البرلمان وانتقد المسيري الحكومة لمحاولتها تمرير التعديلات سريعا.

وقال "التلاعب بالمواعيد.. جعل الامر برمته كما لو كان مهزلة وهو ما كنا نعلمه بالفعل."

وأضاف أن الحكومة قد تشن حملة اعتقالات في أعقاب ذلك وبخاصة اذا استمرت المظاهرات. وقال "نتوقع ذلك ... اذا عادت المظاهرات فسيثير هذا غضبهم بالفعل."

وأعلن الإخوان المسلمون وهم أكبر جماعة معارضة في مصر يوم الأربعاء أنهم سيقاطعون الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي يقولون إنها تهدف لمنعهم من الترشيح للانتخابات العامة وتقويض الحريات.

وقالت الجماعة إنها لا تريد إعطاء شرعية للاستفتاء الذي تقول إن نتيجته ستحددها الحكومة وتلك الاتهامات رددتها أيضا جماعات يسارية وعلمانية قالت إنها قررت مقاطعة الاستفتاء.

وقالت الجماعة في بيان وقعه مرشدها العام محمد مهدي عاكف "تحقيقا للصالح العام ولعدم وجود أي ضمانات لنزاهة الاستفتاء وتوافقا مع ما أعلنته معظم القوى السياسية والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني... نعلن عن مقاطعتنا لهذا الاستفتاء."

وأضاف "ندعو كل القوى الحية في مصر إلى الاجتماع على كلمة سواء لمواجهة مرحلة ما بعد التعديلات من آثار وتداعيات."

وتوافق قرار الإخوان بمقاطعة الاستفتاء مع موقف حركة كفاية التي قالت أيضا اليوم إنها ستقاطع الاستفتاء وحثت المصريين على البقاء بعيدا عن لجان الاقتراع.

وقال المنسق العام للحركة عبد الوهاب المسيري لرويترز "سنطلب من الشعب ألا يشارك لأنه معروف سلفا أن الحكومة ستمرر التعديلات."

وقال عصام العريان وهو عضو قيادي بارز في الجماعة لرويترز "الاستفتاءات كلها مزورة وهذه التعديلات لم يتم فيها أي احترام للقوى السياسية والقوى الوطنية وأحزاب المعارضة."

وأضاف "هي تعتبر إملاءات من حزب واحد." وكان يشير إلى الحزب الوطني الديمقراطي الذي يرأسه الرئيس حسني مبارك.

وتقول الحكومة إن جميع الاستفتاءات نزيهة.

ويصف المسؤولون التعديلات بأنها إصلاحات بينما تراها المعارضة محاولة لتشديد قبضة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم على السلطة.

وأقر مجلس الشعب التعديلات أمس الاثنين لكنها لن تسري إلا بموافقة أغلبية الناخبين في استفتاء عام.

وتتضمن التعديلات إضافة نص إلى الدستور يمهد على ما يبدو لمنح أجهزة الأمن سلطات كاسحة في مجال احتجاز الأشخاص وتفتيش المساكن والتنصت على الاتصالات الهاتفية في إطار قانون سيصدر لاحقا لمكافحة الإرهاب ويحل محل حالة الطواريء السارية منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981 برصاص إسلاميين متشددين.

وسار أكثر من ألف من الطلاب الموالين لجماعة الإخوان بجامعة القاهرة في جنازة رمزية لمصر يوم الاربعاء.

وحمل أربعة طلاب نعشا رمزيا ملفوفا بعلم البلاد كتبت عليه كلمة "مصر". وسار أمام النعش طلاب يحملون لافتة سوداء كبيرة كتبت عليها عبارة "التعديلات الدستورية = وفاة مصر لذلك نرفض".

ووقف عشرات من قوات مكافحة الشغب خارج الحرم الجامعي.

وتمضي الاستعدادات لإجراء الاستفتاء قدما. وذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية يوم الأربعاء أن مجلس القضاء الأعلى الذي يشرف على القضاء وافق على ندب القضاة للإشراف على الاستفتاء.

ويقول محللون إن قصر الفترة بين إقرار التعديلات الدستورية في مجلس الشعب وإجراء الاستفتاء يبين أن السلطات تريد منع المعارضة من حشد قواها ضد التعديلات.

وقال ضياء رشوان وهو خبير في شؤون الجماعات الإسلامية "هذا انقلاب دستوري وواحد من خصائص الانقلاب الدستوري هو أنه يتم بسرعة. لا يوجد انقلاب تم ببطء."

ومن المحتمل أن تصيب التعديلات جماعة الإخوان وهي أقدم جماعات المعارضة بضرر شديد لنصها على حظر النشاط السياسي على أساس ديني كما يبدو أنها تقضي على أمل الجماعة القديم في أن تصبح حزبا سياسيا معترفا به.

ويقول محللون إن مصر تريد أن توقف جماعة الإخوان التي شغل أعضاء فيها 88 مقعدا في مجلس الشعب في الانتخابات التي أجريت عام 2005 والتي خاضوها كمستقلين قبل أن تحقق مكاسب انتخابية أخرى يمكن أن تجعلها ترقى في النهاية لمستوى تهديد خطير لحكم مبارك.

ويقول معارضون وحقوقيون إن التعديلات ستحد من الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة وبالتالي ستقلل من فرص الإخوان الذين يرشحون أنفسهم كمستقلين في شغل أعداد كبيرة من مقاعد المجالس التشريعية في وقت تحدث فيه عادة مخالفات كبيرة في الإدلاء بالأصوات وفرز النتائج.

وفي انتخابات عام 2005 قال قضاة إن انتهاكات واسعة حدثت في عمليات الاقتراع وفرز الأصوات لمصلحة مرشحي الحزب الوطني.

ووجهت واشنطن وهي حليف لمصر انتقادات لينة للتعديلات التي هاجمتها منظمات حقوق الإنسان الدولية بشدة.

وتريد الولايات المتحدة الحصول على مساعدة مصر في تقدم عملية السلام في الشرق الأوسط وإنهاء العنف في العراق.

ويقول مصريون كثيرون إنهم لن يقترعوا لأنهم يعتقدون أن الحكومة ستزور النتائج بغض النظر عن رأيهم.

ويقول محللون إن المصاعب الاقتصادية وعشرات السنين من الحكم الاستبدادي جعلت كثيرا من المصريين لا يبالون بالسياسة الوطنية.

وقال النشط السياسي جمال عيد "الحكومة لديها خبرة واسعة في التزوير. والمعارضة الإيجابية بالتصويت بلا لن تغير في الأمر شيئا لذلك المقاطعة في هذا السياق هي الأفضل."

وفيما كانت الولايات المتحدة تنتقد حتى الان بشدة عدم احترام نظام الرئيس حسني مبارك لحقوق الانسان فان الاعلان عن تنظيم استفتاء على عجل الاسبوع المقبل حول التعديلات الدستورية التي نددت بها المعارضة باعتبارها مخالفة للديمقراطية في نظرها اثار بشكل مثير للاستغراب رد فعل معتدل من قبل المتحدث باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك.

ففي معرض رده على سؤال حول الاستفتاء اثناء مؤتمر صحافي قال ماكورماك "يجب وضع هذا الامر في اطار الاصلاحات السياسية والاقتصادية في مصر".

واضاف "في ما يتعلق بهذا الاستفتاء وهذه التعديلات الدستورية لا اريد اليوم اعطاء توضيحات مفصلة جدا لوجهة نظرنا" في وقت تتوجه فيه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اواخر الاسبوع الى مصر في اطار جولة جديدة في الشرق الاوسط.

وعندما سئل عن الجدول الزمني لهذا الاستفتاء في 26 اذار/مارس الذي دعي اليه بعد نحو اسبوع من تبني مجلس الشعب (البرلمان) التعديلات الدستورية التي تشمل 34 مادة امتنع المتحدث الاميركي عن التعليق.

واكتفى بالقول "لن ادلي بتعليق معين حول المدة" الممنوحة للناخبين مضيفا "في العالم المعاصر اليوم من المؤكد انه امر ممكن نظريا الحصول على كم كبير من المعلومات وتحليلها في مدة قصيرة".

فضلا عن ذلك فان بعض التعديلات كما قال "تثير التساؤل لمعرفة ما اذا كانت الحكومة المصرية تحترم المعايير (الديمقراطية) التي حددتها لنفسها".

وتتناول التعديلات الاكثر اثارة للجدل مواد حول مكافحة الارهاب تعطي صلاحيات اوسع للشرطة وحول الاشراف على الانتخابات تقلص من دور القضاة.

واضاف ماكورماك "بصراحة لا اريد ان اضع الولايات المتحدة وسط ما ينبغي اعتباره حدثا سياسيا داخليا في مصر".

وهذه التصريحات تثير الاستغراب بعد اقل من سنتين على الخطاب الذي القته رايس في حزيران/يونيو 2005 في الجامعة الاميركية بالقاهرة وقالت فيه للقادة العرب ان "تخوفهم من الخيارات الحرة لا يمكن بعد الان ان يبرر رفضهم للحرية".

وكانت وزيرة الخارجية الاميركية ترى في نشر الديمقراطية في الشرق الاوسط افضل حصن ضد الارهاب وقد دعت ايضا انذاك الى اجراء انتخابات رئاسية حرة في مصر والتقت المعارض ايمن نور الذي ترشح ضد الرئيس حسني مبارك.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 25 آذار/2007 -5/ربيع الاول/1428