سماحة المرجع السيد الشيرازي: ضمان الازدهار والسعادة بتأصيل المعتقدات وتعميم الثقافة والتأسى بالنبي الاعظم(ص) ومكارم اخلاقه

شبكة النبأ: اكد سماحة المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في مجموعة محاضرات القاها على حشود من المؤمنين على التأسي بسيرة خاتم النبيين وسيد المرسلين(ص) وخصوصا بخلقه العظيم لضمان الازدهار والسعادة في الدنيا والاخرة، كما اشار سماحته الى بعض الخصائص الطيبة لحكومة النبي الاعظم(ص) ومن بعده ولاية الامام علي(ع)، واكد سماحته على ان الغضب والزهو بالغلبة هما من اهم اسباب وقوع العديد من المظالم والجرائم عبر التاريخ.

واعتبر سماحته في جانب اخر ان الاسلام المحمدي برئ من الجرائم التي تقترف حاليا بحق أتباع اهل البيت عليهم السلام في العديد من بلاد الاسلام تحت ذرائع وحجج واهية ما انزل الله بها من سلطان من قبل من يسمون انفسهم مسلمين، واوصى سماحته بالاهتمام بمشاكل الشباب ومتابعة اقامة المجالس الحسينية على طول السنة، وشدد على مطالعة التاريخ وخصوصا سيرة ائمة اهل البيت عليهم السلام والاقتداء بهم صلوات الله عليهم اجمعين.

كما شدد سماحته على تهيئة اجواء التربية الصحيحة للجيل الجديد والحذر من الافكار الهدامة والثقافات الغربية المحيطة بالاسلام من كل جانب.

وحضرت جموع غفيرة من المؤمنين المعزّين بذكرى استشهاد المصطفى محمد(ص) في بيت المرجع الديني السيد صادق الشيرازي دام ظله بمدينة قم المقدسة يوم الأحد الموافق للثامن والعشرين من شهر صفر 1428 للهجرة، فألقى سماحته فيهم كلمات قيمة بخصوص هذه الذكرى، ومما قاله(دام ظله) فيها:

إن مولانا رسول الله صلّى الله عليه وآله قد استشهد، وكذلك استشهدت بضعته الطاهرة مولاتنا فاطمة الزهراء، والأئمة الهداة الأطهار جميعاً استشهدوا، وسيستشهد أيضاً مولانا المفدّى الإمام المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه الشريف، كما صرّحت بذلك الروايات والأحاديث الشريفة.

وتلا سماحته قول الله تعالى: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً» وقال:

إن سيرة مولانا النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله كلها قدوة وأسوة للناس جميعاً على اختلاف مستوياتهم وطبقاتهم. فيجب علينا جميعاً أن نتأسّى به وخصوصاً بخُلُقه العظيم صلّى الله عليه وآله. فمع أنه هو الذي جاء بالصلاة والصيام وسائر التشريعات والعقائد، لكنه صلى الله عليه وآله لم يقل إنما بعثت لتعليم الصلاة أو الصيام أو غيرهما بل قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». فنحن إن كنا لا نستطيع أن نغيّر الدنيا ولكن يستطيع كل واحد أن يضمن السعادة في الدارين وذلك بالتأسي بالرسول صلّى الله عليه وآله قدر طاقته وإمكانه.

وأشار سماحته إلى ذكر بعض خصائص دولة الرسول صلّى الله عليه وآله وحكومة الإمام علي سلام الله عليه وقال: لم يذكر التاريخ أن في زمن دولة رسول الله صلّى الله عليه وآله وحكومة الإمام أمير المؤمنين سلام الله عليه أن واحداً من الناس مات من الجوع او انتحر. وهذا ما يدل على ازدهار الجانب الاقتصادي في حكومتيهما صلوات الله عليهما.

أما في فترة حكم غيرهما فقد ذكر التاريخ أن الصحابي الجليل أباذر الغفاري رضوان الله تعالى عليه مات من الجوع في فترة حكم عثمان بن عفان. وفي عالم اليوم يموت العشرات من الناس جوعاً في الدول التي تدّعي التقدّم والتطور والتحضر والمدنية.

واعتبر سماحته الغضب والزهو بالغلبة من أهم الأسباب التي أدّت إلى وقوع الكثير من المظالم والجرائم عبر التاريخ وقال:

لو تأملنا في التاريخ المشرق لمولانا رسول الله صلّى الله عليه وآله نجد أنه سواءً في حال الغضب ـ وكان غضبه لله فقط ـ أو بعد انتصاره على الاعداء لم يتعدَّ حدود الله تعالى، فكان يتعامل بالحسنى مع المنهزمين وبالأخص مع نسائهم وأطفالهم. ومن عظيم تعامله مع أهل مكّة، أهل الشرك والجحود والظلم والقسوة الذين قتلوا أصحابه وأنصاره وأقربائه وأخرجوه من مسقط رأسه الشريف ومارسوا معه أنواع المظالم والفضاضة وتآمروا على قتله عدّة مرّات، أنه صلّى الله عليه وآله عفا عنهم بقوله صلّى الله عليه وآله: «اذهبوا فأنتم الطلقاء».

كما كان صلّى الله عليه وآله يوصي أصحابه بالاهتمام بأسرى الحرب ورعايتهم بأحسن نحو.

وفي جانب آخر من كلمته قال سماحته: إن الإسلام بريء من كل الجرائم التي تقترف اليوم بحق أتباع أهل البيت سلام الله عليهم في العراق وأفغانستان وباكستان من قبل من يسمّون أنفسهم بالمسلمين، بل إن المقترفين لهذه الجرائم غرباء عن سيرة رسول الله صلّى الله عليه وآله وهم أتباع لآل أبي سفيان.

و أوصى سماحته الحاضرين بوصايا هي:

1. الاهتمام بمشاكل الشباب وحلّها وبالخصوص الزواج، فهذه المشاكل هي من نتاج عدم الاهتمام بسيرة الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله.

2. الاهتمام بإقامة المجالس الحسينية على طول السنة وخصوصاً في البيوت، وعدم الاقتصار على ذلك في شهري محرم وصفر وحسب. فالمجالس الحسينية تهذّب الإنسان وتجلب له بركات كثيرة. والبيت الذي يتثقف بالثقافة والشعائر الحسينية يضمن الصلاح لأفراده ويكون مصوناً من مشاكل عديدة ومنها الأمراض النفسية، والإنتحار، والطلاق.

3. مطالعة تاريخ وسيرة المعصومين الأربعة عشر سلام الله عليهم فإنها مقدمة للتأسي والاقتداء بهم صلوات الله عليهم أجمعين.

4. تهيئة الأجواء الصالحة والسليمة لتربية الشباب. فالأجواء الموجودة في عصرنا الحالي مسمومة كلّها وهدّامة وضالة ومفسدة.

وتحدث المرجع الديني السيد صادق الحسيني الشيرازي دام ظله في كلمة اخرى له بجمع من الشباب النشطاء في المجال الديني والثقافي من محافظة الأهواز، قائلاًً:

 ورد في الحديث الشريف عن مولانا الإمام الرضا سلام الله عليه أنه قال: رحم الله من أحيا أمرنا.

قيل: كيف يحيي أمركم؟

قال: يتعلّم علومنا، ويعلّمها الناس.

وعقّب سماحته قائلاً: لقد خرّج التاريخ نتيجة العمل بهذا الحديث الشريف العشرات والمئات من أعظم الشخصيات ممن كانوا في الظلمات ثم انتقلوا إلى النور، وأحدهم علي بن مهزيار الأهوازي، وعلي بن إبراهيم بن مهزيار (عمّ وابن أخيه).

فقد عاش علي بن مهزيار بالأهواز قبل زهاء ألف سنة، ونشأ في عائلة مسيحية، وكان أتباع أهل البيت سلام الله عليهم ذلك الحين في إيران قلة قليلة، وكانت هداية الناس في تلك الأيام صعبة وخطرة جداً، فقد كان ثمن النطق بكلمة واحدة حول منزلة أهل البيت سلام الله عليه هو الذبح!!

ولكن بفضل نشاط وتضحية بعض شباب الشيعة تشيّع ابن مهزيار وصار من الخيرة. فقد ذكروا في أحواله أنه وُعد بلقاء مولانا المفدّى الإمام بقية الله الأعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف في الحجّ. فشد رحاله إلى مكّة، لكنه لم يوفّق. فذهب في السنة الثانية، والثالثة، والرابعة، وهكذا استمر في الذهاب إلى الحج كل عام متحمّلاً عناء السفر في ذلك الزمان ومشقته ومخاطره، إلى أن وُفّق في المرة العشرين.

وشدّد سماحته قائلاً: إن تعاليم أهل البيت سلام الله عليهم لو عرفها الناس لاهتدى الملايين منهم. وهذا يستدعي منّا جميعاً العمل لنشر ذلك بين الناس كافّة. وهي مسؤولية الكل وبالخصوص الشباب لأنهم ينعمون بطاقات وإمكانات، جسدية وعقلية، نشطة وأكثر فعالية.

إذن يجدر بالمؤمنين جميعاً أن يجدّوا ويجتهدوا في تعلّم علوم أهل البيت، ويسعوا في تعريفها للبشرية جمعاء، فربما يهتدي بنورهم سلام الله عليهم ممن يصبح بعد ذلك كعلي بن مهزيار أو سليمان بن خالد أو زرارة وغيره. وكل من يسعى في هذا الطريق ينل التوفيق من الله تعالى، والرعاية من أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين، فضلاً عن ما يُعدّ له من الثواب العظيم، والأجر الجزيل، والمراتب الرفيعة في الآخرة.

وبخصوص تاصيل المعتقدات الدينية وتعميم الثقافة الاسلامية قال المرجع السيد الشيرازي:

إن المؤمن لا يستوحش أبداً لأنه يؤمن بأن الله تعالى معه أينما حلّ وارتحل. فعامة الناس يدركون ما يلمسونه بحواسهم الخمس، أما المؤمنون فإنهم يؤمنون أيضاً بما وراء الطبيعة، ويؤمنون بوجود الله وإن كان سبحانه وتعالى لا يدرَك بالحواس الظاهرة.

ووصف سماحته الإيمان بالله سبحانه بأنه جُنّة من المعاصي والظلم وقال: كل من يعتقد بأن الله تعالى ناظر إليه دائماً لا يتطاول على حقوق الآخرين، ولا يلوّث نفسه بالمعصية أو الذنب حتى في الخلوة. وهكذا إنسان يأمنه أهله وعائلته، ويحظى بمقام الاحترام والإكرام بين الناس، بل وسيكون عزيزاً عندهم.

وفي ختام حديثه أكّد دام ظله دور الإيمان والاعتقاد بالله سبحانه على الإنسان وقال: إن تأصيل المعتقدات الدينية وتعميم الثقافة الإسلامية بين الناس وبالأخص الشباب من أفضل الأساليب في الحد من الجرائم الفردية والاجتماعية.

فالشاب الذي ينشأ على الاعتقاد بأن الله ناظر إليه وأنه جلّ شأنه يعلم بما يخفيه المرء وما يعلنه لا يزلّ أبداً، ويكون مصوناً من الذنب والظلم، وسيأمنه الناس على أعراضهم وأموالهم.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 23 آذار/2007 -3/ربيع الاول/1428