مصطلحات اجتماعية: الفردية

 الفردية

Individualism

شبكة النبأ: الفردية هي اصطلاح حديث استعمله لأول مرة العالم تايكوفيلي في كتابه (الديمقراطية في أمريكا) الذي نشر في عام 1840. إلا أن فكرة الفردية هي فكرة قديمة تطغى عليها العواطف السلبية إذ كانت تثير سخط الناس وغضبهم قبل فترة الإصلاح الديني.

يخبرنا دور كهايم بأن فكرة الفردية كانت مفقودة عن المجتمعات البدائية البسيطة التي تميزت بوجود أدوار قليلة لا تعتمد على نظام تقسيم العمل والتخصص فيه، فكانت تتكون من أشخاص متشابهين في شخصياتهم وأفكارهم وميولهم واتجاهاتهم. والفرد يجب أن يعمل لمصلحة المجموع والمصلحة العامة، أما الفرد الذي كان يعمل لمصلحته الخاصة أي تتغلب عليه النزعة الفردية التي تتميز بالأنانية وحب الذات فكان يعاقب عقاباً اجتماعياً ودينياً من قبل مجتمعه.

وقد هاجم أفلاطون فكرة الفردية واتهمها بالأنانية وحب الذات وقال بأنها مضادة للمثالية الطوبائية التي انتهجها في كتابه الجمهورية، فهي مرض يجب القضاء عليه بغرس روح المثالية الجماعية في نفسية المواطن. كما أن جميع الأديان السماوية تتناقض مع الأفكار الفردية التي تقف موقفاً معاكساً للروح الجماعية وتدعو إلى ضرورة التزام الأفراد بالمبادئ الدينية التي تدافع عن أهداف ومصالح المجموع.

بيد أن حركة الإصلاح الديني سببت رواجاً وارتفاعاً كبيراً في قيمة وأهمية الأفكار الدينية، وظهور الاقتصاد السياسي الكلاسيكي خلال القرن الثامن عشر زاد من قيمة وشأن هذه الأفكار وذلك للاعتبارات التالية:

1- اعتقاده بأن المجتمع ليس هو حقيقة تعلو على الأفراد وتقيد حرياتهم وتقع خارج نطاقهم المحسوس.

2- توضيحه النتائج المفيدة المتمخضة عن نظام المنافسة الاقتصادية الذي يزاوله الأفراد بحرية اقتصادية كاملة.

3- عرضه المتطور لنظام تقسيم العمل وما يترتب عليه من وجود أدوار اجتماعية مختلفة تعتبر الأساس في اختلاف الأفراد واحدهم عن الآخر.

يقول دور كهايم بأن نظام تقسيم العمل الذي يعتمده المجتمع هو أساس تمييزه بالطابع الفردي. وهذا الطابع لا يلبث أن يتطور ويدخل في نفسية الفرد بحيث يزيد حرياته ويحفظ حقوقه وهنا يظهر القانون الفردي الذي يدافع عن الحريات الفردية ويحميها، وهذا كله يؤدي إلى وجود مجتمع يعتقد بغايات تتعلق بكرامة الفرد واستقلاله وحمايته. وقد هدفت الحركة الدارونية التي ظهرت في القرن التاسع عشر إلى خلق علم جديد يدافع عن الايديولوجية الفردية.

 غير أن الفردية تعرضت إلى هجوم عنيف من أوساط كثيرة أهمها المثالية الفلسفية، الوجودية الاجتماعية والنظريات الجمعية للمجتمع والدولة، ولا يزال الصراع مستمراً بين الفردية من جهة والأفكار المعادية لها من جهة أخرى.

.............................................

متعلقات

علم نفس الاختلافات الفردية(1)

يهتم هذا العلم بدراسة الفروق الفردية في السمات النفسية كالذكاء أو في الشخصبة و الاستعدادات و القدرات الخاصة كما يهتم بتفسير أسباب و عوامل إيجاد هذه الفروق استنادا إال الحقائق علم النفس العام أي ان يوضح لنا علم النفس العام أوجة الاتفاق بين البشر بينما يوضح علم نفس الاختلافات الفردية أوجه الاختلاف و الاسباب وراء الفروق الفردية.

ظاهرة الصراع في الفكر الغربي بين الفردية والجماعية(2)

يقصد بالفردية : اهتمام المرء بنفسه، ومحافظته على ذاتيته، واستقلاله وكيانه.

يرى أصحاب المذهب الفردي أن الإنسان فردي النزعة،وأن المجتمع مفروض عليه من خارج نفسه،متحكم فيه بغير إرادته،ومن ثمَّ فهو مكروه،وتفتيته وتفكيكه حلال.

يقوم المذهب الفردي على إبراز كيان الفرد حتى يجعله مقدساً، يحرم على المجتمع المساس بحريته، وليس له أن يحرِّج عليه، وليس له أن يقول له : هذا خطأ وهذا صواب.

وقد نتج المذهب الفردي في الغرب لعدة أسباب أبرزها:

1-ردة فعل للطغيان الكنسي، وفرضه سلطاناً مذلاً على كاهل الناس.

2-ردة فعل لاستبداد الإقطاعيين بالأفراد، وسلبهم حقوقهم وحرياتهم.

3-الانقلاب الصناعي الذي حدث في عصر النهضة الأوروبية، والذي أحدث تغيراً كاملاً في صورة المجتمع، وقدم العمال فرادى من الريف، كل منهم يسعى لتحقيق ذاته، ونفع نفسه.

4-تشجيع الرأس مالية للمذهب الفردي، لقيامه على أساسه، ومدافعته عنه دفاعاً عنيفاً، وكان شعارهم الذي رفعوه : " دعه يعمل. دعه يمر "، أي : دع الفرد يعمل ما يشاء بلا حواجز، دعه يمر بلا عوائق. فكانت دعوة للانطلاق من القيود.

أبرز روَّاد المذهب الفردي :

يعتبر، كارل روجرز، عالم النفس الأمريكي، رائد هذا المذهب، والذي وجهه إلى ميدان علم النفس والتربية. وهو ينادي بوجوب إتاحة الفرصة للأفراد للعيش في عالم متحرر من ضغوط المجتمع، وليختاروا القيم التي تنبع من داخلهم. فهو يود تحرير الأفراد من القيود المدمِّرة – كما يسميها – التي يفرضها المجتمع عليهم.

1-ويعتبر المذهب الفردي امتداداً لآراء فرويد وآراء مدرسة التحليل النفسي، والذين يزعمون بأن الفرد هو الضحية الدائمة للمجتمع، وأن المجتمع شيء مفروض على الإنسان من خارج كيانه، وضاغط عليه، وكابت لرغباته، ومعوِّق لنموه الأصيل.

2-وتعتبر الرأسمالية في الغرب قائمة على أساس فردية الإنسان، فتوسع له في حدود فرديته، وتترك له حرية التصرف في كثير من الأمر حتى يصل إلى حد إيذاء نفسه وإيذاء الآخرين، تحت ستار الحرية الشخصية.

3-وكذلك يتبنى هذا المذهب علماء النفس الفرديون، والذين ينظرون إلى المجتمع من وجهة نظر الفرد، فيبالغون في تقديره كشخصية مستقلة، لها كيانها المنفصل عن الآخرين، كما يبالغون في الحجر على حق المجتمع في تأديب الفرد الخارج على طاعته.

4-وكذلك ينادي بهذا المذهب:الوجوديون وغيرهم من المنحلين،الذين يقولون بأن المجتمع لا يضره شيء في أن يستمتع الفرد بحريته في شئونه الشخصية،لأنه الفرد هو الأصل،وهو الذي ينبغي أن يتحقق له وجوده الكامل،رضي الآخرون أو غضبوا.

فلسفة التربية الحديثة في المذهب الفردي.

يرى أصحاب المذهب الفردي أن التربية يجب أن تنطلق من الفرد وتنتهي بالمجتمع، وعليها أن تساعد الأفراد للتحرر من القيود التي فرضها عليهم المجتمع.

إنهم يرون أن الأفراد يتسترون خلف قناعات زائفة تخفي حقيقتهم الأساسية، هذه القناعات الزائفة هي القيم التي يفرضها المجتمع عليهم، وهم في الواقع يؤمنون بأشياء أخرى غيرها، فلابد إذن أن تساعدهم التربية على إخراج القيم النابعة من داخلهم، وتحطيم القيود المفروضة عليهم من خارجهم، وبذلك يتعامل الأفراد مع بعضهم طبقاً لرغباتهم الفطرية المتحررة من القيود التي نسجتها اتجاهات المجتمع وقيوده.

نقد المذهب الفردي

1-أول نقد يوجه للمذهب الفردي أنه اهتم بجانب من الإنسان – بغض النظر عن كيفية الاهتمام – وأهمل جانباً آخر، وبالتالي فلن يتوازن الإنسان، ويكتمل نموه، فهو قد أهمل الجانب الجماعي في الإنسان، وهو حاجة ورغبة ملحة فيه.ففي الإنسان هذه الطبيعة المزدوجة : الميل إلى الفردية، والميل إلى الجماعية،وكلاهما أصيل فيه،فلابد من العناية بهما معاً،وإلا حصل الاضطراب في باطن النفس،وفي واقع الحياة.

2-لقد وسعوا في دائرة الفردية حتى خرجوا بالإنسان إلى الأنانية المرذولة، وساهموا في تفكيك المجتمع، وتشتيت طاقات.

3-اعتبارهم المجتمع مفروض على الفرد خطأ، لأن المجتمع ناشئ من داخل كيان الفرد، ناشئ من رغبته في الاجتماع بالآخرين، ونقصد بالمجتمع : المجتمع الطبيعي الذي ينشأ من تلاقي الأفراد، لا نقصد به المجتمع المنحرف، وهم كذلك لا يقصدونه، وإنما يقصدون أي مجتمع هو مفروض على الفرد، معوِّق لنموه، والصحيح بأنه ما هو إلا تكملة طبيعية للفرد، وامتداد طبيعي يجد فيه الفرد وجوده المتكامل السليم.

4-إن خروج الأفراد على تقاليد المجتمع الصحيحة دون رادع،وتنازل المجتمع عن تقاليده تلك نتيجة الحتمية:انهيار المجتمع بكارثة تصيبه من الداخل أو الخارج،وتؤدي في النهاية إلى حرمان أولئك الأفراد أنفسهم مما كانوا غارقين فيه من المتاع المباح.

5-إن المذهب الفردي ينفي عن الإنسان كل هدف أبعد من هدف المصلحة المباشرة القريبة، وينفي عن الإنسان عنصر التطلع إلى ما هو أبعد من الذات.

الحرية الشخصية أولا(3)

في خضم مرحلة الإصلاح نتحدث في مجتمعاتنا العربية، وبالذات في السعودية، عن الحقوق العامة السياسية (الديموقراطية) والفكرية وحرية التعبير العلنية، لكن قبل ذلك (ومعه أيضا) يجدر بنا تحرير الحقوق الشخصية والحرية الفردية. بعبارة أخرى لا يمكن إصلاح وتطوير الحقوق والحريات العامة بلا إصلاح وتطوير الحقوق والحريات الخاصة. لن أستطيع ككاتب أن أمارس حقي العام بحرية الكتابة العلنية إذا كانت حريتي الشخصية مسلوبة من أهلي أو من أقربائي أو من جيراني أو من جهة رسمية أو من جهة عملي. لن تتمكن المرأة المتعلمة من أداء دورها في المشاركة في الحياة العامة إذا كانت أبسط حقوقها الشخصية محجوبة عنها رسمياً أو غير رسمي.. كيف يمكن للمرأة أن تبدع وهي في أغلب الإجراءات الحياتية تُعامَل كملف وليس كإنسان؟، فهي تابعة لولي أمرها الذي يمكنه مثلاً منعها من حق التعليم ومن حق العمل بل ومن الحق الصحي فهو يستطيع أن يمنع عنها الإسعاف أو الذهاب إلى المستشفى لو كانت في حالة صحية طارئة.

تدهور الحريات الشخصية في مجتمعاتنا ليست فقط في منعك من أداء عمل أو من التمتع بأحد حقوقك الشخصية، بل يصل إلى حد مطالبتك قسراً بأداء عمل لا تحبه. كيف، إذن، تستطيع أن تبدع في تخصصك إذا كنت لا تحبه؟ كيف تحب الأشياء التي تجبر عليها؟ كم نسبة الشباب الذين لا حرية لهم في اختيار: تخصصاتهم الجامعية، هواياتهم، طريقة عيشهم، زوجة المستقبل، ملبسهم، مأكلهم..إلخ، وكم من الشابات اللواتي لا حق لهن أصلاً في هذه الاختيارات؟ فالشابة لدينا لا تخير حتى في أبسط البسيط من معاملات الحياة. كم من زوج وقع على وثيقة خاصة بزوجته دون مشورتها مفترضاً أنه قراره لا قرارها؟ لماذا يصر الوالدان و"الجماعة" أنهم معنيون باختيار زوجة الشاب الذي ينتمي إليهم أكثر منه؟ لماذا يقرر أحد الوالدين أو كلاهما على تحديد مستقبل ابنهما المهني أو الدراسي باعتباره مستقبلهما لا مستقبله هو؟ من منح المعلم حق الاستبداد الأبوي في مصادرة كثير من هوايات الطلبة، أو إجبار الطلاب على تبني وجهة نظره الفكرية أو السياسية الخاصة به؟

من أعطى كل هؤلاء حق التسلط على الأفراد؟ وأي جبروت أخضع الأفراد؟ إنه إرث المجتمع القبلي.. إنها القبيلة، لا أقصد القبيلة كتنظيم اجتماعي وكيان عشائري بل كمنظومة أخلاقية وما تبقى من عادات وتقاليد القبيلة وفكر وقناعات وأنماط سلوك.. فإذا كانت تقاليد وأعراف القبيلة ضرورية لتوحيدها في الماضي، مما يتطلب سحق المبادرات الفردية والاختلافات للحفاظ على الجماعة في صراعها على البقاء في أزمنة القحط البيئي والتشتت السياسي، فإنها الآن في ظل وطن موحد سياسياً ومستقر اقتصادياً، ليس إلا بقايا قيم فيها الإيجابي والسلبي، وينبغي أن تحل محلها قيم مدنية حديثة.

الإشكالية ليست سياسية، بل اجتماعية يتداخل فيها الثقافي مع الاقتصادي مع السياسي.. فنحن مسكونون في مجتمعاتنا العربية بفكرة النمط الواحد.. الجماعة الواحدة، التقليد الواحد، القيمة الواحدة، الفكر الواحد.. إنه إرث القبيلة! هنا، تغيب المبادرة الفردية والحرية الشخصية وخصوصية الفرد وحقه في الاختلاف الشخصي مع الآخرين. وبغياب الاستقلالية الفردية نفتقد إحدى البنى الأساسية للإبداع والابتكار، إضافة لخنق روح المواطنة في الفرد وقدرته على المشاركة في اتخاذ القرار.

ومن وسائل الإصلاح رسمياً، يتم رفع روح المواطنة لدى الفرد بإشراكه في اتخاذ القرار وتوفير جزء مهم من حقوقه الشخصية والمدنية، وهذه التعديلات الرسمية والأنظمة الإجرائية والتشريعات القضائية قد توفر في كثير من الحالات ملاذاً للفرد من غلواء التدخل في خصوصياته من قبل الآخرين. إلا أن تفسير كثير من الأنظمة والضوابط الاجتماعية يخضع لسقف التصور النمطي الضحل ليصل إلى حدٍّ من الضيق لم تقصده تلك الأنظمة، ويمارس هذا التفسير كثير من المتشددين من أصحاب الشأن (آباء، معلمين، مسؤولين، حسبة، محققين، قضاة..)

تحاصرنا على المستوى الفكري العام نمطية ذهنية وثوابت فكرية وهمية ومحظورات لا تحصى.. فهنا الأصل في الاختلاف المنع، حيث تكون الاستنتاجات غير النمطية في دراسة الأفكار الفلانية ممنوعة قطعياً شكلاً ومضمونا؛ وتناول المواضيع الثقافية والاجتماعية الحساسة يمنع الاقتراب منه. وفي الحوارات الفكرية التي تتم والاجتماعات المهمة، غالباً نسمع أنه لا خلاف بين المتحاورين وأن كل شيء على ما يرام. بينما الحوارات تتم عادة للتثاقف بين مختلفين أو متخاصمين وإلا كانت مجرد محاضرات تلقى للتعليم ولا تبحث في تناحرات أو إشكاليات واقعية.. فالاختلاف مسألة طبيعية صحية، والاعتراف بها وتشريعها يعمل على تفعيل وتنشيط الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بها ينال الأفراد والجماعات حقهم في الاختيار وعدم الإقصاء وتلافي الاحتقان الداخلي، ويتوفر للوطن الاستقرار الاجتماعي وفرص التنوع المبدع وانتقاء الأفضل من الخيارات المتعددة.

وتفريعا من المستوى الفكري العام، نجد من يخرج عن سرب النمطية الأدبية (تقليدية كانت أو حداثية)، يواجه هجوم الكتاب النمطيين بقسوة، مما أدى إلى التراجع الكبير على المستوى الثقافي لحركة الإبداع والأدب والفن والتفاعل مع حضارات الآخرين وتجدد الأجيال. وفي الجانب السياسي فإن من يطرح تصوراً سياسياً مخالفاً في قضايانا القومية تلصق به التهم. فأغلب المثقفين العرب لا يناقش معك القضايا السياسية إلا من باب التأييد المتبادل، ففيما يخص القضية الفلسطينية، إذا انتقدت عسكرة الانتفاضة أو انتقدت مقاطعة التيارات المعتدلة في صفوف الخصم أو انتقدت مسيرة الكفاح المسلح مطالباً بالمقاومة السلمية..إلخ، فأنت متهم أو ربما مدان سلفاً!! لا وجود للحرية الفكرية للفرد وحق الاختلاف والنقاش حوله، بل نمط واحد يتم تأكيده بغض النظر عن فشله الذريع أو نجاحه الرائع أو ما بينهما...مجتمعات لا تحترم الحق في الاختلاف ولا التجديد.. وغالباً ما يكون البطش من الأصدقاء المثقفين وارتيابهم العصابي قبل الجهة الرسمية وجهازها البيروقراطي.

إن منح المجال لفكرة جديدة أو لمنهج مخالف لا يعني كرماً إنسانياً أو مثالياً من الطرف المسيطر بقدر ما يعني ضرورة إتاحة الفرصة للجميع لبناء المجتمع وتسييره في الاتجاه المناسب.. إنها المشاركة في تسويغ فكرة أو منهج ما يتحمله الجميع أو الغالبية، ومن ثم فإن مسؤولية الخطأ تقع على هذه الغالبية.. وهي في ذات الوقت إفساح المجال لفكرة أو منهج آخر قد ينجح حين يفشل الطرف المسيطر.. فتنوع الآراء هو إثراء لأصحاب القرار كي يختاروا الفكرة الأنفع ؛ وهو في ذات الوقت إفساح المجال لتبني فكرة أخرى حال فشل الفكرة المستخدمة.. مما يعني فتح المجال لنظريات إبداعية قد تسعف وقت الحاجة. فتنوع الآراء ليس ترفاً بقدر ما هو تنويع للخيارت المصيرية!!

لا اعتراض ولا خلاف أن يكون لأي مجتمع أو جماعة نمطها وعاداتها وتقاليدها من مأكل وملبس ومسكن وقناعات وأفكار، بل هذا هو المألوف، إنما الاعتراض على حرمان الفرد من حقه في الاختلاف الشخصي في زمن المدن وثورة الاتصالات وانفجار المعلومات. استبداد النمطية ومصادرة الحرية الشخصية وسلب المبادرة الفردية هي من مظاهر القمع في أساس البنية التحتية للمجتمعات العربية، التي نرى انعكاساتها المباشرة وغير المباشرة على كافة المستويات من تربوية وثقافية وسياسية وإدارية..

دائماً أتذكر ذلك الصديق العزيز الذي هددني عن حبٍّ بأنه سيقطع علاقته معي إذا أنا لم أذهب لطبيب يثق في براعته بدلاً من الطبيب الذي أتعالج عنده، عندما كنت أعاني من دسك في ظهري! إنه التدخل في شؤون الآخرين وخصوصياتهم عن حب استبدادي أو تسلط أبوي. ومع التفرقة بين النصيحة والتدخل، أسأل، كم من القرارات المنوطة بنا يتدخل بها الآخرون، والعكس كم من قرارات الآخرين التي نتدخل بها؟ كم من حقوقنا الفردية التي تسلب عبر ادعاء الحرص على الدين والثقافة والعادات والتقاليد و"سلوم" القبائل؟ في كل الأحوال لا حريات عامة ولا إصلاح بلا ضمان الحريات الشخصية والحقوق الخاصة للأفراد..   .............................................

1- ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

2- أبو زيد بن محمد مكي، شبكة القلم الفكرية

3- عبد الرحمن الحبيب، جريدة "الوطن" السعودية

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 23 آذار/2007 -3/ربيع الاول/1428