العالم يقترب من يوم القيامة ونهاية الحضارة البشرية

قدم العلماء العاكفون على وضع ساعة ليوم القيامة المنتظر الذي تندثر فيه البشرية عقاربها دقيقتين مساء الاربعاء وأضافوا للمخاطر التي تحيق بالعالم لاول مرة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الارض.

ووضع العلماء ساعة القيامة عام 1947 ليحذروا العالم من مخاطر الاسلحة النووية. وفي النشرة قدم علماء الذرة عقرب الدقائق في الساعة دقيقتين ليبقى على منتصف الليل الذي يرمز الى يوم القيامة خمس دقائق فقط في أول تعديل من نوعه منذ عام 2002 .

وقالت لجنة مدراء النشرة في بيان "نقف على شفا عصر نووي اخر."

وأشاروا الى التجربة النووية الاولى التي أجرتها كوريا الشمالية والى طموحات ايران النووية والى استحسان الولايات المتحدة لفكرة القنابل النووية "المخترقة للمخابيء" والى استمرار وجود 26000 سلاح نووي أمريكي وروسي والى عدم فرض اجراءات أمنية مناسبة على المواد النووية.

وقال العلماء أيضا ان تدمير بيئة الانسان نتيجة لتغير المناخ الذي تسببت فيه الانشطة البشرية يشكل خطرا متعاظما.

وأضافوا "ارتفاع درجة حرارة العالم يشكل خطرا كبيرا على الحضارة البشرية لا يفوقه الا الخطر الذي تشكله الاسلحة النووية".

وأعلن عن هذا التعديل الميقاتي خلال مؤتمر صحفي عقد في كل من العاصمة البريطانية لندن والعاصمة الامريكية واشنطن.

وقال ستيفن هوكينج استاذ الفيزياء النظرية في جامعة كيمبردج وعضو اللجنة المشرفة على النشرة للصحفيين في لندن "نتوقع خطرا عظيما اذا لم تتحرك الحكومات والمجتمعات الان لتجعل الاسلحة النووية شيئا من الماضي وتمنع حدوث المزيد من التغير المناخي."

وأضاف مارتن ريس استاذ الفيزياء الفلكية بجامعة كيمبردج انه على الرغم من انتهاء المواجهة التي استمرت طوال سنوات الحرب الباردة بين القوتين النوويتين العظميين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق اقترب العالم أكثر من أي وقت مضى من امكانية استخدام القنابل النووية في حرب محلية او ان يستخدمها ارهابيون في قلب المدن.

وقال ريس "العالم الذي تحول الى قرية سيكون فيه أيضا معتوه القرية."

ويتوقع كثير من العلماء عواقب رهيبة من ارتفاع درجة حرارة الارض او ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري منها ارتفاع مستوى البحر الذي قد يغرق مع الوقت مناطق ساحلية شاسعة وحدوث المزيد من العواصف العنيفة وحرائق الغابات. ويلقون بمسؤولية مشكلة ارتفاع درجة حرارة الارض على عاتق الانشطة التي يقوم بها الانسان ومنها حرق الوقود الاحفوري.

وكانت نشرة العلماء قد قدمت ساعة القيامة دقيقتين عام 2002 ليقف عقرب الدقائق عند سبع دقائق قبل حلول منتصف الليل في أعقاب الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة يوم 11 سبتمبر ايلول عام 2001 .

واستحدث هذه النشرة علماء جامعة شيكاجو عام 1945 الذين طوروا أول قنبلة نووية ويشرف عليها الان مجموعة من أبرز علماء العالم.

ووضع العلماء ساعة القيامة عام 1947 بعد عامين من افتتاح الولايات المتحدة العصر النووي باسقاط قنابل نووية على مدينتين يابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية وذلك في محاولة من جانبهم الى ابراز المخاطر النووية الملحة التي تواجه العالم.

ويقف عقرب دقائق ساعة القيامة الان عند أقرب نقطة من منتصف الليل منذ عام 1984 حين كان العقرب على بعد ثلاث دقائق فقط من منتصف الليل الذي يرمز الى ساعة القيامة في خضم حرب باردة متفاقمة.

وتشير الساعة الرمزية التي تقيس الزمن المتبقي لنهاية العالم والتي صنعتها مجلة بوليتين أوف ذي أتوميك ساينتيستس "نشرة علماء الذرة" الأمريكية الآن إلي منتصف الليل إلا خمس دقائق.

وقد ظهرت الساعة لأول مرة في المجلة قبل ستين عاما، مباشرة بعد تفجير الولايات المتحدة قنبلة ذرية على اليابان.

وهذه المرة الأولى التي يشعر فيه العلماء المشرفين على المجلة التي تهتم بالقضايا الأمنية العالمية بالحاجة لتقريب الساعة.

واتى قرار تحريك الساعة في أعقاب تشاور بين القائمين على المجلة وعلماء آخرين يتعاملون معهم لإعادة تقييم فكرة قيام نهاية العالم، وما يشكل أخطر تهديد على الحضارة الإنسانية.

وتوصل العلماء إلى أن احتدام عدم الاستقرار الأمني النووي قد حذا بالبشرية إلى حافة "عصر نووي ثاني"، وأن التهديد الذي يشكله التغيير ألمناخي هو الثاني بعد تهديد الأسلحة النووية.

وأقيمت ساعة القيامة الرمزية في 1945 وهناك في مقر المجلة المبتكرة للساعة في شيكاغو تمثيلا رمزيا للساعة.

وكانت أول إشارة زمنية على الساعة مثبتة على منتصف الليل إلى سبع دقائق، وخضعت إلى ثمانية عشرة تغييرا منذ حينه.

وقالت كينات بنيديكت، المديرة التنفيذية للمجلة العلمية إنه "عندما نفكر فيما ستخلفه الوسائل التكنولوجية عدا الأسلحة النووية، أول شيء يخطر على بالنا هي تقنيات انبعاث غاز ثاني الكربون".

وقد أعلن عن تحريك الساعة في حدثين متتاليين أقامتهما المجلة في لندن وواشنطن تضمنا ملاحظات ألقاها عالم الفلك الإنجليزي، السير مارتن ريس، وعالم الفيزياء ستيفن هوكينغز.

وقال السير مارتن: " إن التأثيرات المشتركة للإنسان على المحيط الحيوي من الأرض والمناخ والمحيطات لم يسبق له مثلا".

وأضاف: " ينبغي ان تولى هذه التهديدات التي تحدق بالمحيط - "تهديدات دون أعداء"- أهمية كبيرة على الساحة السياسية كما كان شأن الانقسام السياسي شرق / غرب إبان الحرب الباردة".

وهناك عدد من التيارات النووية المخيفة آلت إلى استصدار المجلة العلمية هذا التصريح بأن " العالم لم يسبق له أن واجه مثل هذه الخيارات الخطرة" منذ سقوط القنبلة الذرية على مدينتي هيروشيما وناجاساكي.

يذكر أن مؤسسو المجلة قاموا بحملات لمنع انتشار الأسلحة النووية منذ 1947.

وتراجع هيئة العلماء دوريا قضايا الأمن العالمي وتحدياتها على البشرية والتي تشمل التكنولوجيا النووية والتقنيات الجديدة الأخرى.

وسوف تجلب حرب نووية تغييرات مناخية وهذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها هيئة المجلة عن التغيير ألمناخي كتهديد علني لمستقبل الحضارة الإنسانية.

وقال مايكل أوبينهيمر، مختص في العلوم الجيولوجية في جامعة برينستون الأمريكية " "كون التهديد بنفس الحجم أو أقل أو أعظم ليس هو القضية، لكن المهم هو أن هذه المنظمة، التي قضت الستين سنة الماضية في مراقبة الخطر وتحذيرنا من تهديد نووي، تعترف الآن بأن التغيير المناخي خطر يستحق نفس العناية".

هذا وذكر تقرير مجلة "نشرة علماء الذرة" أن كلا من الخطر النووي وآثار التغييرات المناخية هما نتيجة تكنولوجيا خرجت عن سيطرة الإنسان، لكنه بوسعنا دائما إنقاذ الموقف".

وقال الدكتور بينيديكت: " إننا لم ندرك بعد كيف نقوم بذلك، لكن الإمكانيات متاحة ضمن مؤسساتنا وخيالنا".

ويشاطر الدكتور أوبينهايمر رأي الدكتور بينيديكت أنه لا ينبغي اليأس، لأنه في نهاية المطاف، حسب قوله، العالم تعامل مع الخطر النووي بجدية ونجح في خفض عدد الأسلحة.

وقال:" إنني متفائل بأننا نستطيع استدراك التغيير المناخي، فقد تعاملنا مع مشاكل مماثلة في السابق وسنتعامل معها في المستقبل".

يشار إلى أنه على مدى الستين سنة الماضية، تحركت ساعة القيامة إلى الأمام ثم إلى الخلف ثمانية عشرة مرة. وقد صارت الآن دقيقتان قبل منتصف الليل - أقرب موعد للكارثة سجلتها عام 1953، عندما فجرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق قنابل هيدروجينية.

وكان آخر تحريك لها قبل اليوم عام 2002 عندما انسحبت الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ، وسط مخاوف من حصول الإرهابيين على أسلحة ومواد نووية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 19 كانون الثاني/2007 - 29 /ذي الحجة /1427