لاتحاسبوا الفضيلة فقط حاسبوا قبلها أنفسكم!!!

مهند حبيب السماوي

لم يخطى ابدأ من أعطى للسياسة تعريفاً  جعلها بموجبه ( فن الممكن) والتي تعني من بين اهم ماتعنيه الانفتاح على كافة الامكانيات المتنوعة والاحتمالات المختلفة والمساحات الواسعة لحدث ما, حيث نلاحظ ان للسياسة كفعل موجه نحو تحقيق اهداف معينة وغايات ما اكثر من وجه واحد او بمعنى ادق اكثر من قناع واحد يمكن ان ترتديه اليوم بعد ان رفضته بالامس او   قد تخلعه اليوم بعد ان ارتديته بالامس القريب.

ولاريب في ان هنالك الكثير من السياسيين والاحزاب العراقية ممن يمكن لهم ان يمارسوا لعبة ارتداء ونزع الاقنعة السياسية بحسب ماتقتضيه المصلحة الخاصة تارة والوطنية تارة اخرى والوطنية والخاصة تارة ثالثة ,طبقا لنظرية تعدد العوامل التي تحرك سلوك الانسان في بعض افعاله التي يقوم بها.

ولايخفى على احد ان الوضع في العراق معقد جداً سواء كان في صعيده السياسي العمودي او السوسيولوجي الافقي فالعراقيون شعبا وقيادة نواجه تحديات خطيرة تتطلب منا ان ان نقف بحزم امامها من جهة اولى وذكاء ودهاء من جهة ثانية من اجل حل عقدتها وفك رموزها وفضح الاعيبها وكشف مخباتها.

وقد احدثت عملية انسحاب حزب الفضيلة من الائتلاف العراقي الشيعي ضجة كبيرة على كافة الاصعدة, ماأراها في الحقيقة الا فارغة ومفتعلة وغريبة....

فارغة..لأن الامر يُناقش بدون مضمون حقيقي وبدون لمس جوانبه الجوانية التي لايضع البعض يده عليها خوفا مما لايحمد عقباه

مفتعلة..لأن البعض قد استخدمها بصورة سيئة خصوصا الدوائر المعادية للأئتلاف التي تشفت به واعتبرته قصم ظهر لهم!!

غريبة..لان مروجي الضجة لايعرفون انها السياسة وكل شيء فيها ممكن.

 فالذي يعمل في السياسة ومن ينخرط في سجالاتها عليه ان يتوقع كل شيء , بل عليه ان يتوقع اللامتوقع او كما يسميها الانكليز (expect unexpectable ) والامثلة على ذلك اكثر من كثيرة!!!

فها هو الدكتور قاسم داوود الذي حارب مع حكومة الدكتور اياد علاوي التيار الصدري يتحول  الى قائمة الائتلاف العراقي ويجلس جنباً الى جنب التيار الصدري!!!

وها هو السيد حميد موسى الشيوعي الاشتراكي يتحالف مع الدكتور اياد علاوي الليبرالي الراسمالي مع وجود بون شاسع وهوة سحيقة بين المبادئ الايديولوجية لكلا الطرفين المتحالفين  !!!

وهاهي التوافق السنية  تتحالف مع علاوي قبل تقسيم المناصب في الحكومة الحالية, الا انها وحينما وصلت للمناصب قالت علاوي ليس شيعي ولاسني على حد تعبير عدنان الدليمي ولهذا ليس له منصب لان المناصب موزعة طائفيا!!!

اذن لاغرابة في عالم السياسة بصورة عامة وفي السياسة العراقية بصورة خاصة, والذين انتقدوا الفضيلة وخونوه وجعلوا كمن فعل كارثة طائفية للمذهب الجعفري مخطؤون جداً وبعيدون عن الصواب, لعدة أسباب :

الاول :ان هذا الفعل الذي قام به الفضيلة هو  حركة سياسية وبالتالي خاضع كما قلنا لفعل الامكان الذي يقبل كافة الاوجه والاحتمالات الممكنة.

الثاني: ان الفضيلة قد اراد الانفصال عن الائتلاف منذ البداية ويدخل في قائمة لوحده الا ان (الخجل السياسي واعتبارات اخرى حالت دون ذلك).

الثالث: الفضيلة يحس انه مهمش حيث لم يعط الوزارات التي كان يريدها فضلا عن عدم وجود حصة له في التعديل الوزاري الجديد.

الرابع: اختلاف المرجعية الروحية, حيث يجهل الكثير من منتقدي الفضيلة ان مرجعيته الروحية المتمثلة بالشيخ اليعقوبي هي غير مرجعية الائتلاف المتمثلة بالسيد السيستاني! 

الخامس: اختلاف الأفكار التي يحملها الفضيلة عن المناخ العام السائد في الائتلاف وخصوصا في مسالة الفدرالية الى جانب الكثير من الأفكار التي كان يعترض عليها ولايجد  لها اذان صاغية.

السادس: احساس الفضيلة ان_ بالرغم من تهميشه _  له دور محوري في السياسة العراقية من باب اقتصادها ! حيث يسيطر الفضيلة على الحكم المحلي في البصرة كنز العراق الاول ومنفذه الوحيد تجاه  الخليج , لهذا وجد ان بقاء دوره الثانوي تحت مظلة المجلس الاعلى والدعوة هو أمر دون مايتطلع اليه ومايصبو تحقيقه من أمور.

السابع: ان الشيخ اليعقوبي وهو المرجع الروحي للفضيلة قد طالب قبل عدة اشهر بتفكيك الائتلافات القائمة على اسس طائفية , ولذا من الطبيعي ان يقوم من يمثلوه بهذا الفعل استجابة لهذا الطرح والفكرة الصحيحة التي قال بها الشيخ اليعقوبي.

الثامن: امور اخرى تحدث في الخفاء لايعرفها كاتب المقال !!!!!

ومن الامور التي ارغب ان اختم بها المقالة مايلي

·    ان الائتلاف العراقي ليس موحد فالاحزاب التي شكلت بنيته ليست متشايه الافكار والاطروحات والروئ بل تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا ومن المرجح ان تتفك لتعيد تشكيل نفسها وفقاً لأطارت جديدة وان ضمت بعضها البعض. بل لعل الاحداث السياسية سوف ترينا الكثير في الفترة القادمة خصوصا فيما يتعلق بالتيار الصدري الذي يتعرض لضغوط من قبل القوات الامريكية دفعت قادته الى الاختفاء عن الانظار, حيث من المرجع ان ينسحب من الائتلاف والبرلمان اذا ما تعرض السيد مقتدى الصدر للأعتقال او الأغتيال .  

·   بدلا من انتقاد الفضيلة وتخوينه لابد ان يمارس الائتلافيون مع الكتاب الذي يدافعون عنهم  نقدا ذاتيا لهم, لابد ن يراجعوا انفسهم ويروا ماذا حققوا للعراق في الفترة السابقة ,وماهي المنجزات التي قدموها للشيعة الذي انتخبوهم, لابد ان يسألوا انفسهم لماذا لم يحتفظوا بالفضيلة بدلا من وصول الامر الى هذا الخطأ , على الكتاب ومناصري الائتلاف ان لايصفقوا لهم فقط بل لابد ان يقولوا لهم انهم اخطأوا هنا واصابوا هنا ولم يوفقوا في هذه القضية واجادوا التصرف في قضية اخرى , وليتذكر الائتلاف العراقي الموحد دوماً مقولة الامام جعفر الصادق الشهيرة التي تقول حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا!!!

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 12 آذار/2007 -22/صفر/1428