أي احتلال نخشى..!!

عبدالامير علي الهماشي

  وأنا جالس أتامل الوضع العراقي ووجود القوات المتعددة الجنسية التي تحولت الى قوة محتلة بفعل قرارات الامم المتحدة وتكريسه في العراق تذكرت حوارا جرى بيني وبين بنت اُختي في الثمانينيات من القرن الماضي وكانت لتوها قد تجاوزت المرحلة الابتدائية ووصلت الى الدراسة المتوسطة حيث كنا نُناقش الوضع العراقي  والتآمر الامريكي على العراق  واحتمال احتلال العرق !!!

 وجاء الجواب عفويا منها فليحتلوا العراق وسنخرجهم بالمظاهرات بعد ذلك !!والمهم هو الخلاص من صدام الذي يحبط كل محاولات الانقلاب بقدرة لايمكن حل لغزاها  أنذاك إلا الولايات المتحدة!!، وكانت موجة المسلسلات المصرية التي تؤرخ لبطولة الشعب المصري أبان الاحتلال البريطاني لمصر،والمظاهرات التي كانت تهتف لمصر والتي أدت الى خروج المحتل وانتصار الشعب المصري تغزو الشاشة الصغيرة في ظل تسيدها على الانتاج التمثيل قياسا لبقية الدول العربية على عكس ما نشاهده الان، ونستمع الى أناشيد بلادي..بلادي لك

حبي وفؤادي.

 وربما تأثرت البنت أنذاك بهذه المسلسلات وأتى جوابها بهذه الصورة..ولكني تسمّرت لهذه الرؤية وهي ذات الرؤية التي أراد الامريكان ترسخيها في أذهان العراقيين بأن الطاغية لا يمكن أن يُنحى إلا بقرار أمريكي وإذا بأمريكا تعمق الرؤية وتقول أنا البديل لصدام  وعليكم القبول وعلى غرار المثل العراقي ( اللي يشوف الموت يرض بالسخونة!!!)

 وعلى غرار ذكر المسلسلات وأرشفة التاريخ على الشاشة الصغيرة والكبيرة لم نر للحكومات العراقية وخصوصا حكومة الطاغية أي نشاط إعلامي لذلك سوى فيلما سينمائيا يتحدث عن ثورة العشرين  باشراك ممثليين بريطانيين تم فيه تزوير الحقائق واسناد قيادة الثورة لقاطع طريق،وتحدث شرارة الثورة باطلاق الرصاص على الجندي البريطاني من الخلف، وكأن الثورة كانت غدرا !!! فضلا عن المفارقات التي حدثت في مشاهد التصوير بين الممثلين العراقيين ونظرائهم من البريطانيين في فيلم ( المسألة الكبرى) الذي أرخ الثورة على الشاشة الفضية وليته لم يؤرخها!!

  والعنوان الذي وضعته لايعني أنني اُفضل احتلالا على آخر أو اُروج لنوع ما من الاحتلال في خطوة تحذيرية عن الاحتلال الذي يجد صداه في نفوسنا من حيث نشعر أو لانشعر  ونفضل الاحتلال على المنهج الوطني الذي سوف تتكالب عليه القوى مما يؤدي الى الجزع والملل والابتعاد عن روح التحدي خصوصا إذا ما تأخر النصر والامان  وربما نصل الى حالة خطاب بني اسرائيل لنبيهم موسى (ع) (اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا...)الاعراف 129

 واليوم نعيش الاحتلال الثالث بعد الاحتلال البريطاني الذي كان السبب في تهميشنا وإفقارنا والاحتلال الصدامي الذي أراد محو شخصيتنا والاحتلال الثالث يريدنا وقودا لمواجهاته مع أعدائه ويشعرنا بالاحباط وعدم جدوى ما نحاول البدأ به.

وبما أن الاحتلاليين الاوليين قد زالا وله الحمد على ذلك، فما زال أمامنا احتلال من نوع جديد،احتلال لايرضى بأن تسميه احتلالا ويدعي أنه جاء لاقامة الديمقراطية والحرية واذا ماتحركنا في الطريق السليم يحاول عرقلة كل جهودنا بكل ما اوتي من قوة.

وهو احتلال يسعى لتكريس الهزيمة النفسية واليأس الى حد مقت كل مشروع وطني يحاول التحرك على الارض.

 بل ويسعى الى تلويث كل الوطنيين وقطع حبل الوصال بين الجماهير والسياسين أصحاب المشاريع الوطنية..

 وهذا ما نخشاه في هذا الاحتلال الذي لايعترف بأنه قوة محتلة ولايسعى الى إزالة الاثار من تواجده العسكري والاستخباراتي والسياسي في كل مفاصل البلد ويدعي أنه قوة محررة!!!!

  والمشكلة ان التصاريح الاعلامية للادارة الامريكية تعلن ليلا ونهارا أنها تدعم الحكومة بكل جهودها ولكننا نرى في المقابل اجراءات تعرقل عمل الحكومة،بل وتحاول الاساءة بشكل أو بآخر الى رموز الدولة العراقية وإلا بماذ نفسر عدم السماح لنائب رئيس الجمهورية بالهبوط في أرض المطار !!!! وغيرها من الممارسات اليومية دون الرجوع الى  الحكومة.

 بل وتمنع الجيش العراقي من التسلح للدفاع عن نفسه حتى وصل الامر بان تكون تجهيزات الارهابيين أفضل من تجهيزات القوات العراقية!!

ولاتعني الخشية هنا قوة الاحتلال بل إن الخشية التي اُريد تبيانها التي تدعوني الى ان أقوم بفعل جراء الخشية من الافعال التي يمارسها الاحتلال واتخاذ الموقف السليم في كل تحرك..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 6 آذار/2007 -16/صفر/1428