حرب باردة بين الدول الكبرى على الآثار الكارثية للاحتباس الحراري

شبكة النبأ: يستمرالسجال بين الدول الصناعية الكبرى في موضوع العمل على خفض انبعاث الغازات المضرة بالبيئة وتاثيرها الكارثي على المناخ والانسان، والحاجة الملحة لخلق ادارة دولية للبيئة وسط امتناع قسم منها بالالتزام بالمقررات خوفاً على مصالحها الاقتصادية.

فقد اصبح انبعاث الغازات السامة تحدياً عالمياً يهدد مساحات شاسعة من الارض بالجفاف والتصحر ويهدد بأغراق جزراً باكملها ويعمل على ازدياد متواصل لدرجة حرارة الكوكب. مما دعا الاطراف الرئيسية في هذا الموضوع لتبني افكار صلبها اتباع تكنولوجيا اكثر أمناً والاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة حسب اتفاقات قمة كيوتو وتاسيس ادارة دولية للبيئة، لكن ذلك يصطدم منذ عدة اعوام بمصالح الدول الصناعية لأن تبنيه يجبر تلك الدول على تقليل الانتاج وقد يضر ذلك بالدخل القومي.

ودفعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بقضية الاحتباس الحراري الى مقدمة جدول أعمالها الدولي في رهان على أن تزايد الوعي العام وعلاقاتها الوطيدة مع واشنطن سيمكناها من احراز نتائج ثبت في السنوات الاخيرة صعوبة تحقيقها. حسب تقرير نقلته وكالة رويترز.

ووضعت ميركل هدف اتخاذ اجراءات مشددة للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري التي يقول علماء انها تتسبب في ارتفاع مستوى مياه البحار وتتسبب في موجات جفاف وفيضانات في محور رئاستها الدورية لكل من الاتحاد الاوروبي ومجموعة الثماني للدول الصناعية الكبرى.

ويقول محللون ان لها دافعا مزدوجا. فباعتبارها متخصصة في الفيزياء ووزيرة سابقة للبيئة تتعامل ميركل مع المشكلة بجدية كما أنها ملتزمة بالضغط على زعماء العالم الاخرين بشأن هذه القضية خلال اجتماع قمة الثماني الذي تستضيفه في يونيو حزيران.

وسيتجلى هذا الالتزام أيضا خلال قمة للاتحاد الاوروبي في بروكسل تعقد الاسبوع المقبل حيث ستطالب ميركل نظراءها الاوروبيين بالالتزام بتخفيضات طموحة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون وبأهداف ملزمة بخصوص استخدام الوقود الحيوي والطاقة المتجددة.

غير أن ميركل تدفع أيضا بقضية تغير المناخ على المسرح العالمي لانها ترى أن هناك فرصة لتلميع صورتها ولان تنأي بنفسها عن التناقضات بين سياسة الطاقة والبيئة التي وقع فيها الائتلاف الذي تقوده والحكومات السابقة.

ويحين الاختبار الكبير لها خلال قمة مجموعة الثماني في مدينة هيليجيندام المطلة على بحر البلطيق عندما تحاول رأب الصدع بين أوروبا والولايات المتحدة وبلدان مثل الصين والهند.

وقال الكسندر اوتشس خبير سياسة المناخ بالمعهد الالماني للشؤون الدولية والامنية "من الواضح أن ميركل ترى فرصة لابراز صورتها من خلال هذه القضية...انها تعتقد أن الوقت مناسب لمواصلة المحادثات التي بدأها (رئيس الوزراء البريطاني) توني بلير في جلينيجلز."

وقبل نحو عامين لم يفلح رئيس الوزراء البريطاني في حشد توافق دولي بشأن مكافحة الاحتباس الحراري خلال قمة مجموعة الثماني في جلينيجلز باسكتلندا في مواجهة معارضة من الرئيس الامريكي جورج بوش.

ورفض بوش أن يكافيء بلير على تأييده للحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق بمنحه في ذلك الوقت نصراً بخصوص تغير المناخ.  

وتراهن ميركل وهي تطرح القضية مرة أخرى على أن التغير في ادراك العامة لمخاطر التغير المناخي خاصة في الولايات المتحدة وعلاقاتها الشخصية مع بوش الذي ضعف موقفه في الداخل سيمكناها من تحقيق ما لم يفلح فيه بلير.

ويحرص المسؤولون الالمان على التقليل من حجم التوقعات بخصوص قمة مجموعة الثماني. وأوضحوا أنهم لا يتوقعون أن يسفر الاجتماع عن اتفاق يحل محل بروتوكول كيوتو الخاص بالتغير المناخي والذي تنتهي مدته الاولى في عام 2012.

غير أن هناك أملاً داخل معسكر ميركل بأمكانية وضع حجر الاساس لاتفاق ما بعد كيوتو والتوصل الى أرضية مشتركة بين النهج الامريكي في مكافحة الاحتباس الحراري والذي يركز على التكنولوجيا وبين استراتيجة أوروبا القائمة على وضع قيود وجداول زمنية طوعية مرتبطة بنظام للتجارة في انبعاثات الكربون.

ويقول خبراء يقدمون المشورة للحكومة الألمانية وللشركات في قضايا البيئة إنهم يتوقعون من ميركل أن تطالب بوش والبلدان الأخرى بالاتفاق على أهداف تكنولوجية والتعاون في مجال الأبحاث والتنمية وزيادة كفاءة الطاقة بجانب أهداف أخرى بخصوص مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وقال هيرمان اوت من معهد فوبرتال في برلين "السؤال هو ما إذا كان بامكانهم التوصل إلى نهج يركز على التكنولوجيا يسير بشكل متواز مع بروتوكول كيوتو ويدعمه أيضا."

وبتوجيه الدعوة لدول ليست أعضاء بمجموعة الثماني هي البرازيل والصين والهند والمكسيك وجنوب افريقيا لحضور قمة هيليجيندام تضمن ألمانيا أن البلدان المسؤولة عما يقارب من 90 في المئة من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري في العالم ستكون مشاركة.

وحصلت حملة ميركل الدبلوماسية على زخم كبير بتقرير هام للخبير الاقتصادي بالحكومة البريطانية نيكولاس ستيرن عن تكاليف تغير المناخ وبفيلم وثائقي حائز على جائزة اوسكار للنائب السابق للرئيس الأمريكي ال جور.

غير أن محللين يقولون إنه إذا أرادت ميركل ان تنجح في جعل قضية البيئة السمة المميزة لها فسيتعين عليها الرد على المنتقدين الذين يشككون في سجل ألمانيا نفسه بخصوص الاحتباس الحراري وتاريخها في الدفاع عن شركاتها الكبرى ضد القواعد المناهضة لتغير المناخ.

واحتجت ميركل أوائل الشهر الماضي عندما اقترحت المفوضية الأوروبية قيودا جديدة على السيارات من شأنها أن تؤثر على شركات صناعة السيارات الألمانية الفارهة مثل دايملركرايسلر وبي إم دبليو وبورش.

كما عارضت الحكومة الالمانية في البداية مساعي المفوضية لفرض حد أقصى على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الألمانية الذي يبلغ 453.1 مليون طن سنوياً قبل أن تذعن لمطالب بروكسل فيما بعد.

ولا يزال الائتلاف الذي تقوده ميركل والمشكل من المحافظين والحزب الديمقراطي الاشتراكي منقسما بخصوص قضايا هامة مثل الطاقة النووية وفصل أنشطة الانتاج عن أنشطة التوزيع والتي ستستهدف شركات الطاقة الألمانية الكبرى مثل إي. أون وآر.دبليو.إي.

وقال ستيف سويار مستشار سياسة المناخ والطاقة بمنظمة السلام الأخضر (جرين بيس) "نعلق كثيرا من الآمال في حدوث تقدم بخصوص تغير المناخ على ألمانيا.. لكن لديهم تلك التناقضات."

وأضاف "أي ألمانيا تلك التي نتعامل معها عندما يبدأ الكفاح.. هذا ما سنكتشفه خلال الشهور القليلة القادمة."

وفي سياق متصل تعهد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ببذل مزيد من الجهود من أجل حث دول العالم المختلفة على مواجهة التحديات التي تشكلها ظاهرة الاحتباس الحراري على سكان الكرة الأرضية حسب نقل الـ (بي بي سي).

وقال مون، في كلمة وجهها خلال مؤتمر حول ظاهرة الاحتباس الحراري، عقد الخميس بقاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن "العالم قد بلغ مرحلة هامة في جهوده للقيام  بإشراف بيئي مسؤول."

وأوضح قائلاً: "إننا نشعر بتأثيرات تغير المناخ في أرجاء  العالم"، مشيراً إلى النتائج التي وردت بآخر تقييم أعدته اللجنة الحكومية المشتركة حول تغير المناخ، مضيفاً قوله إن هذه اللجنة "أرست ارتباطاً قوياً بين  النشاط البشرى وتغيرات المناخ."

وحسبما نقل موقع راديو الأمم المتحدة، أكد مون أن قضية التغيرات المناخية ستكون أحد أهم أولوياته، كأمين عام للمنظمة الدولية، ووعد بأن الأمم المتحدة سوف تواصل مساعدة المجتمع الدولي في تحقيق "تحول تجاه ممارسات مستدامة."

وقال أمين عام المنظمة الدولية "إننا نعد لاتفاق إطاري أممي، حول تغير المناخ  في بالي بإندونيسيا، في ديسمبر/ كانون الأول القادم، كما أن المجتمع الدولي يقوم حالياً بتنشيط كافة جهوده، لمواجهة التحديات العديدة التي تشكلها ظاهرة الاحتباس الحراري."

كما دعا مون حكومات مختلف دول العالم، ومجتمعات الأعمال، والمجتمع المدني، إلى الإسهام في الجهود العالمية المختلفة، التي تستهدف مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، مؤكداً أنه سيبحث قضية تغير المناخ مع  قادة مجموعة الثماني الكبرى، خلال قمة المجموعة المقرر عقدها في يونيو/ حزيران القادم.

وأضاف قوله"إن العالم بحاجة إلى نظام أشد تماسكاً في الإدارة الدولية للبيئة"، مؤكداً الحاجة إلى استثمار المزيد في التكنولوجيات الخضراء، والسياسات الأكثر ذكاءً، وقال: "إننا بحاجة إلى القيام بما هو أكبر بكثير للتكيف مع  ظاهرة الاحتباس الحراري وتأثيراتها."

وأكد مون على وجود فرص متنامية للشركات الابتكارية، لدفع التقدم والابتكار من خلال المنتجات، "التي تدفعنا جميعاً على طرق أكثر استدامة."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 5 آذار/2007 -15/صفر/1428