
شبكة النبأ: لا يزال الشد والجذب
مستمرا بين امريكا وروسيا بشان اقامة درع صاروخي في اوربا الشرقية
تشارك فيه جمهوريات سابقة من الاتحاد السوفيتي.
وقال محللون لشبكة النبأ، ان روسيا تعد ذلك انتهاكاً لحدودها
القومية وتقييدا كبيرا لامكانيتها الصاروخية من شأنه ان يوجد اختلال في
ميزان القوى النووية للقارة الاوربية ويفتح ابواباً جديدة قد تفضي الى
سباق تسلح جديد رغم ان المختصون لا يجدون في روسيا القدرة على ممارسة
حرباً باردة جديدة مع امريكا والغرب في ظل الامكانيات الروسية
المتواضعة حاليا. واضاف المحللون ان الولايات المتحدة تتعرض لبعض
الضغوطات من قبيل فرض شروط مسبقة لدول الاتحاد الاوربي على اقامة الدرع
الصاروخي وكذلك تحرشات من روسيا وفنزويلا لغرض رفع اسعار النفط وهو ما
يعد عرقلة للسياسة الامريكية المتبعة حاليا.
ودعت المانيا يوم إلى إجراء محادثات تتعلق باقامة درع دفاعي صاروخي
لأوروبا تحت مظلة حلف شمال الاطلسي وذلك بعد يوم واحد من تعهد الولايات
المتحدة بالمضي قدماً باقامته دون موافقة الدول اعضاء الحلف حسب تقرير
لرويترز.
وقال رئيس وكالة الدفاع الصاروخي التابعة لوزارة الدفاع الامريكية
(البنتاجون) يوم الخميس إن واشنطن تريد ضمان فهم الدول الاعضاء بالحلف
وعددها 25 لخططها الرامية الى انشاء درع صاروخي في شرق اوروبا لكنها لا
تسعى للحصول على موافقتها.
ويشعر حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا بالقلق من أن تؤدي هذه
الخطوة الى توتر علاقتهم مع موسكو وتزعمت المانيا نداءات باجراء
مشاورات أوسع نطاقا بشأن المشروع. وشكت اوكرانيا أيضا من ان واشنطن لم
تتشاور معها.
وقالت ثلاث دول من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في القوقاز هي
جورجيا واذربيجان وارمينيا يوم الجمعة إن واشنطن لم تطلب منها حتى الان
استضافة الدرع المضاد للصواريخ.
وقال هنري اوبيرنج اللفتنانت جنرال بالقوات الجوية الامريكية إن
اقامة رادار في القوقاز جنوبي روسيا مباشرة سيكون مفيدا ولكن ليس
ضروريا. ولم يحدد دولة بعينها.
وقال فرانتس يوزيف يونج وزير الدفاع الالماني للصحفيين على هامش
اجتماع لوزراء دفاع دول الاتحاد الاوروبي في مدينة فيسبادن الالمانية
"ينبغي لنا أن نناقش تطوير مثل هذا الاجراء الدفاعي في اطار حلف شمال
الاطلسي."
وأضاف أن مخاوف روسيا بشأن هذا الدرع يمكن تهدئتها من خلال إجراء
محادثات داخل مجلس حلف الاطلسي وروسيا وهو منتدى لمناقشة القضايا
الاستراتيجية والدفاعية بين خصوم الحرب الباردة السابقين.
وقال "اعتقد ان هذا هو الطريق الصحيح لاحراز تقدم."
وتريد الولايات المتحدة نشر شبكة رادار في جمهورية التشيك وبطارية
صواريخ في بولندا في اطار درع سيواجه الصواريخ التي قد تطلقها من تصفها
واشنطن ب"دول مارقة" مثل ايران وكوريا الشمالية.
ولم يقل يونج ما إذا كانت المانيا مستعدة للمشاركة في التكلفة
الضخمة لمثل هذا الدرع لكن المتحدث باسمه قال إن برلين تعترف بان من
الضروري القيام باتخاذ اجراء لمعالجة التهديد من هجمات.
وقال توماس رابي المتحدث باسم وزارة الدفاع "قضية التهديد من
الصواريخ طويلة المدى قائمة وهذا التهديد يجب معالجته من خلال اتخاذ
اجراءات ملموسة." مضيفا أن اي منظومة دفاعية صاروخية يجب ان تكون تحت
مظلة حلف الاطلسي في نهاية الامر.
وترى موسكو ان هذا النظام ينتهك نطاق نفوذها السابق ومحاولة لتغيير
توازن القوى خلال فترة ما بعد الحرب الباردة ولكن نسب الى جنرال روسي
كبير قوله يوم الجمعة إن روسيا لديها درعها الصاروخي الخاص وليس هناك
ما يدعوها للقلق.
ونقلت وكالات الانباء الروسية عن الجنرال فلاديمير ميخائيلوف قائد
القوات الجوية الروسية قوله "لدينا كل ما نحتاجه للرد بشكل مناسب على
كل هذه الانتشارات."
واضاف "لديهم الكثير من الاموال فلندعهم ينفقونها."
وتحجم معظم الدول الاوروبية عن الافصاح عما اذا كانت تعتقد أن
أوروبا في حاجة لمثل هذا الدرع الصاروخي.
وقال منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الاوروبي خافيير سولانا يوم
الخميس إن مستوى التهديد للاراضي الاوروبية "موضع شك" وإن الأمر يعود
الى كل دولة في تحديد ما تريد أن تفعله.
وخلصت دراسة لحلف الاطلسي الى أن اقامة نظام دفاعي صاروخي لأوروبا
أمر ممكن من الناحية الفنية والمالية لكنها لم تقرر بعد كيفية تنفيذه.
واظهر استطلاع للرأي يوم الجمعة أن ما يقرب من ثلثي التشيك يعارضون
استضافة نظام الرادار. ومن المقرر أن ترد الحكومة التشيكية بحلول نهاية
الشهر على طلب امريكي لاجراء محادثات بشأن النظام. وعبرت الحكومة عن
تأييدها لكنها قد تواجه مشكلات في الحصول على موافقة البرلمان على اي
اقتراح.
وتعمل موسكو وواشنطن على تهدئة المخاوف من إحياء الحرب الباردة بين
القطبين إثر اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين االولايات المتحدة
بالسعي إلى إشعال سباق تسلح دولي جديد حسب تقرير نقلته CNN.
إلا أن الخلاف بشأن منظومة الصواريخ الدفاعية الأمريكية بدا واضحاً
في التجاذب بين وزيري خارجية البلدين: الأمريكية كوندليزا رايس والروسي
سيرغي لافروف الذي كتب في "واشنطن بوست" الأمريكية قائلاً إن تصريحات
بوتين الأخيرة استقطعت من سياقها، نقلاً عن الأسوشيتد برس.
وقال لافروف "من ردة فعل بعض السياسيين والصحفيين الغربيين يخيل
للبعض أن الرئيس الروسي تمنى تأجيج مواجهات خطابية مناوئة للأمريكيين
لإشعال حرب باردة آخري."
ومن جانبها، استبعدت رايس أن يعود التجاذب الخطابي بالدولتين إلى
حقبة الحرب الباردة "روسيا ليست الاتحاد السوفيتي وعلينا إدراك ذلك..
نتعاون مع الروس على عدد من الجبهات: على صعيدي كوريا الشمالية وإيران
- نسعى لمنع إرهاب نووي."
واتهم الرئيس الروسي في كلمة بألمانيا هذا الشهر الولايات المتحدة
"بتخطي حدودها القومية بشتى السبل والترويج لسباق تسلح دولي."
وعكست انتقاداته، بجانب تصريحات مسؤولين روس آخرين، قلق الكرملين من
نشر المنظومة الصاروخية الأمريكية في بعض دول الاتحاد السوفيتي سابقاً:
بولندا وجمهورية التشيك.
وأوضح وزير الخارجية الروسي أن كلمة بوتين تعكس معارضة روسية لتوسيع
الولايات المتحدة قواها دون مشاورة الدول الأخرى.
وكتب في مقالته "دعا إلى عالم بعدة أقطاب مؤثرة تعمل فيها المصالح
المختلفة معاً، بصورة مشتركة، لتشكيل هيمنة عامة على القضايا الدولية.."
وأردف قائلاً "ماذا ستعتقد روسيا عندما تسعى الولايات المتحدة لنشر
أنظمة مضادة للصواريخ في شرقي أوروبا."
وردت رايس بالإشارة إلى أن المخاوف الروسية غير مبررة ."
واستطردت بالقول "كل من له خبرة في هذا المجال يعلم بأنه لا يمكن أن
تمثل 10 صواريخ اعتراضية تهديداً لروسيا أو أنها ستقلل من شأن الآلاف
من الرؤوس الحربية في الترسانة الروسية الرادعة."
وكان وزير الخارجية الروسي قد أشار الى أن الكرملين يرى في نشر
الولايات المتحدة لصواريخ دفاعية في إطار المنظومة الصاروخية في أوروبا
مؤشراً على سعيها للتفوق نووياً على روسيا.
وقلل لافروف من شأن المزاعم الأمريكية بأن نشر عشرة صواريخ
اعتراضية، في كل من بولندا وجمهورية التشيك، يأتي في معرض التصدي لأي
تهديدات صاروخية من إيران.
وأشار قائلاً في هذا السياق "إذا كانوا يتحدثون عن تهديدات محتملة
من قبل إيران أو كوريا الشمالية، فكان يجب نصب الصواريخ الدفاعية في
مواقع مختلفة."
وأضاف "لا يسعنا إلا أن نقول إن تلك التسهيلات قادرة على اعتراض
صواريخ مصدرها روسيا."
وقال وزير الخارجية الروسي إن اكتساب أمريكا قدرة على اعتراض
الصواريخ الروسية قد تتيح لها النظر في إمكانية تسديد ضربة نووية على
روسيا دون تخوف من رد فعل انتقامي."
وأشار إلى معاهدة الحد من الصواريخ الباليسيتية ABM الموقعة عام
1972 والتي انسحبت منها واشنطن لإنشاء المنظومة الدفاعية الصاروخية
قائلاً إنها تحظر الأنظمة الدفاعية الصاروخية على فرضية المخاوف من
الضربات الانتقامية وهو ما يحول دون مبادرة دولة إلى تسديد الضربة
الأولى.
يذكر أن روسيا تعارض الخطط الأمريكية لإقامة نظام دفاعي صاروخي
وإلغاء معاهدة الحد من الصواريخ الباليستية، التي تعتبرها موسكو حجر
الزاوية لاستتباب الأمن في العالم.
وعلق لافروف في هذا السياق "طالما هناك ضمانات بالحماية من ضربة
أولي، كما هو اعتقاد الإستراتيجيين الأمريكيين.. يأتي إغراء آخر، وهو
أن تكون البادئ بالضربة وأنت مدرك أنه لن تكون هناك عواقب."
ومع قرب انتهاء معاهدة خفض الأسلحة النووية الموقعة إبان حقبة
الاتحاد السوفيتي في عام 2009، تحدث عن ضرورة إجراء مفاوضات أمريكية
روسية للتوصل لاتفاق جديد بشأن السيطرة على التسلح لتعزيز الثقة
المتبادلة بين الجانبين.
ويطالب المسؤولون الروس بمفاوضات جديدة لاستبدال معاهدة "ستارت
واحد" START1 الموقعة بين الاتحاد السوفيتي سابقاً والولايات المتحدة
عام 1991، والتي تنص على خفض الدولتين لترسانتيهما من الرؤوس الحربية
والأسلحة.
وشدد لافروف في ختام المقابلة على ضرورة عقد الجانبين حوار للسيطرة
على التسلح "على أسس الثقة المتبادلة وتوازن القوى والمصالح."
وعلى صعيد متصل بالشد والجذب في المصالح بينهما، نشب خلاف أمريكي
روسي جديد، بعد أن أعلنت السلطات المصرفية الأمريكية أن روسيا وفنزويلا
تعملان على رفع أسعار النفط في الأسواق العالمية بإخضاع صناعة النفط
فيهما للمزيد من الرقابة الحكومية وتقييد دخول المستثمرين الأجانب إلى
قطاع النفط حسب تقرير نقلته مؤخرا CNN.
وأثارت هذه المزاعم رد فعل غاضب من جانب الخبراء الروس، فهم يرون أن
الولايات المتحدة ذاتها تساهم في المحافظة على أسعار النفط المرتفعة من
خلال كبح استخراج النفط في ولاية ألاسكا، نقلاً عن وكالة نوفوستي
الروسية للأنباء.
وقال الخبراء الروس إن تقرير السلطات النقدية الأمريكية "تضمن
تجنياً على الحقيقة"، ذلك أن أسعار النفط لم تكن ترتفع في الفترة
الأخيرة بل سجلت انخفاضا كبيرا في نهاية العام الماضي على سبيل المثال.
وحول الاستثمارات الأجنبية في قطاع النفط الروسي، قال الخبراء إن
ذلك يدخل في صميم اختصاصات الدول المعنية.
ويشير الخبراء إلى أن الدول الأخرى تبدو حريصة على دورها في قطاعات
الاقتصاد الإستراتيجية كقطاع النفط والغاز، موضحين أن الحكومة
الجزائرية مثلاً أعادت النظر في القوانين الخاصة باستثمار الثروة
النفطية والتي كانت تجيز للشركات الأجنبية استثمار حقول النفط والغاز
الجزائرية بشرط ألا تقل حصة شركة "سوناطراك" الجزائرية عن 30 في
المائة.
وتابع الخبراء موضحين أن النسبة الآن "لا يجوز أن تقل عن 51 في
المائة."
واعتبر محللون غربيون أن الحكومة الجزائرية أقدمت على مراجعة
القوانين متأثرة مثلا، بشركة "غاز بروم" التي تسيطر على قطاع الغاز في
روسيا.
ويذكر أن أسعار النفط حالياً تتراوح بين 55 دولاراً و60 دولاراً
للبرميل الواحد. |