تصفية الحسابات إشكالية لن تحتملها الساحة العراقية

عدنان آل ردام العبيدي*

جميع المكونات السياسية الاقليمية القائمة في المنطقة تأثرت بشكل او بآخر بالمتغير العراقي الذي حصل بعد التاسع من نيسان عام 2003.

هذا التأثير مرة تأتي قراءته من الاسفل الى الاعلى وتارة يفرض قراءة مغايرة او متعاكسة قد تنطلق من اعلى باتجاه الاسفل.

تباين القراءات يرتبط بشكل مباشر بتباين طبيعة الانظمة السياسية الاقليمية المحيطة بالعراق.. فمرة يأتي هذا التباين لجهة القرار السياسي واتجاهاته وطبيعة صياغته ومديات نفوذه وتأثيراته واخرى لجهة الايديولوجيا الفكرية والدينية والسياسية التي تتبعها هذه الدولة او تلك.

ازدادت تلك التباينات غموضاً وخطورة ونقاطاً في تقاطعاتها عند انتهاء العراق الى دولة بدون سلطة صدام وبوجود عسكري امريكي ومتعدد الجنسيات والى تجربة ديمقراطية قائمة على اسس ومرتكزات تعددية، كانت قد استمدت تعدديتها من الواقع البشري والاجتماعي والعرقي والطائفي والفكري والسياسي الذي يطبع الحياة العامة في العراق.

هذه التعددية التي كانت السبب الاساس والمباشر في الشطب على حقبة سياسية عراقية تمتد لما يقرب من القرن قد يرى فيها الآخر - ان لم يكن بالفعل يراها كذلك- بأنها ربما ستكون المحرك القادم لعمليات تغييرية تتشابه باتجاهاتها ونتائجها مع ما حصل بالعراق، خصوصاً وان معظم الدوائر الاقليمية لا تختلف تركيبتها الاجتماعية والسياسية والفكرية عن الدائرة العراقية بالاضافة الى ان العامل الخارجي الذي دخل كعنصر اساسي في هكذا متغيرات يتواجد على بعد عشرات الكيلومترات من معظم هذه الدوائر.

نعتقد ان هذه نظرة غير دقيقة لمجمل تقويم المشهد او قراءته من قبل الإقليمية، فما كان في العراق لا يتشابه بالضرورة مع ما هو قائم في هذه الدولة او تلك، كذلك هذه الرؤية تنطبق على العامل الخارجي او الاجنبي نفسه، اذ ان على هذا العامل ان يفهم ان ليست كل الانظمة السياسية القائمة في المنطقة هي مستنسخة من نظام صدام.

من هنا نرى ضرورة واهمية وحتمية ان تتفهم الدوائر الاقليمية والدولية خطورة القراءات الخاطئة وكارثية نتائجها فيما اذا وقعت وفق المنطق الخطأ.

كذلك فان هذه الدوائر مطلوب منها ان تعي حجم الازمة السياسية والامنية وطبيعة الطرف غير العراقي الذي يمثل الذراع الثاني في الازمة العراقية ونعني به القوى التكفيرية وتنظيم القاعدة، وهذا ما يدفعنا بقوة لمطالبة كل الاطراف ان تعي حجم مسؤوليتها في هذه المرحلة التي لا تحتمل غير التهدئة والحوار وتتفهم هواجس كل طرف وبشكل يبعد المنطقة والعراق حصراً من اية منزلقات تغييرية تصب نتائجها في صالح قوى هي عدوة الجميع وليس العراق فقط.

*رئيس اتحاد الصحفيين العراقيين

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 28 شباط/2007 -11/صفر/1428