الفساد والاستبداد في السعودية يؤديان الى هجرة الاموال وقمع الحريات

 قدر اقتصاديون وقانونيون سعوديون الخسائر التي تتكبدها المملكة نتيجة الفساد بنحو 3 تريليونات ريال.

وقال هؤلاء الاقتصاديون والقانونيون ان انتشار بعض صور الفساد الاداري في السعودية جعلها في مراتب متراجعة حددتها منظمة الشفافية العالمية قبل أكثر من شهر، حيث أتت المملكة في المرتبة 78 من أصل 160 دولة في العالم، مشيرين الى أن الخسائر تعادل الأموال السعودية المهاجرة التي تقدر بنحو 3 تريليونات ريال.

ورحب السعوديون بانشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية ورصد نتائجها وتقويمها ومراقبتها ووضع برامج وآليات تطبيقها رغم اقراره الذي أتى متأخرا.

وأكدوا في تصريحات لـ «الوطن السعودية» أمس أن للفساد الاداري صوراً عديدة لا يمكن حصرها في قالب واحد، الا أن أبرزها الواسطة، والرشاوى، وسرقة المال العام من ميزانية القطاع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وتساءل أستاذ الاقتصاد في معهد الدراسات الدبلوماسية في وزارة الخارجية الدكتور محمد القحطاني عن النشاطات الحكومية الممولة من الدولة والمتراجعة كالصحة والتعليم وانتشار ظاهرة الفقر، موضحا أن كل هذه القضايا تدل على أن كل الأموال التي تصرفها الدولة لا تذهب في الوجه الصحيح من المسؤولين في ادارة الجهات الحكومية.

وأوضح أنه لا بد من مساءلة المسؤولين بغض النظر عن مناصبهم، موضحا أن انتشار قضية الفساد الاداري تحاط بالسرية التامة.

هذا  وأقرت المملكة العربية السعودية خطة لمكافحة الفساد والتي قالت صحف في أعداد يوم الثلاثاء انها ستستهدف مسؤولين حكوميين بصرف النظر عن مناصبهم.

وقالت وكالة الانباء السعودية ان مجلس الوزراء السعودي أقر "الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد" في اجتماع رأسه الملك عبد الله بن عبد العزيز في وقت متأخر مساء الاثنين.

وذكرت صحيفتا الشرق الاوسط وآراب نيوز ان الخطة قد تجعل مسؤولين حكوميين عرضة للتحقيق.

وقالت الصحيفتان اللتان كثيرا ما تعبران عن أراء قريبة من اراء الحكومة ان الخطة تدعو الى "تقليص الاجراءات وتسهيلها والعمل بمبدأ المساءلة لكل مسؤول مهما كان موقعه."

ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من المسؤولين السعوديين.

وهذه هي الخطوة الاولى لمكافحة الفساد منذ أن تعهد الملك عبد الله بمحاربة الكسب غير المشروع العام الماضي.

وقال دبلوماسي غربي "سيساعد ذلك البلاد على تحسين صورتها في منطقة الخليج خاصة بين المستشمرين الاجانب... ولكن نجاحها يعتمد على اطار تشريعي فعال يطبق حقا مبدأ المساءلة بين أفراد الاسرة الحاكمة."

ويشغل أفراد من الاسرة الحاكمة مناصب رئيسية في الحكومة.

ويقول بعض المحللين ان الفساد يثني بعض الشركات الاجنبية عن الاستثمار في المملكة.

من جهة اخرى قال إصلاحي يوم الإثنين إن نشطاء إصلاحيين سعوديين دعوا إلى انتخابات حرة في عريضة منشورة بأحد مواقع الانترنت لكن ثلاثة من كتاب الوثيقة كانوا ضمن مجموعة اعتقلت الشهر الجاري بدعوى "تمويل الارهاب".

ولم تردع الاعتقالات التي نفت وزارة الداخلية السعودية ارتباطها بالعريضة نشطاء آخرين يعتزمون تقديم الوثيقة الى الملك.

وأبلغ أحد الموقعين ويدعى خالد العمير رويترز أنهم سيقدمون العريضة إلى الملك بعد شهر من الآن.

وحتى الآن وقع 114 شخصا الوثيقة التي تحمل تاريخ الثاني من فبراير شباط التي أصبحت متاحة علي الموقع الالكتروني www.dostor-islami.com للمواطنين منذ الأسبوع الماضي لاضافة أسمائهم إليها حتى 20 مارس آذار.

وتتهم الوثيقة الحكومة بمنع الإصلاحيين من السفر إلى الخارج وإغلاق بعض مواقع الانترنت وحظر المظاهرات العامة وتهديد موظفي الحكومة بالفصل إذا عبروا عن آراء تخالف سياسة الحكومة.

وبالمملكة السعودية مجلس شبه برلماني غير منتخب يقدم المشورة فيما يتعلق بالتشريعات. وأجريت انتخابات عام 2005 على نصف مقاعد المجالس البلدية لكن الآمال بأن المزيد سيأتي لاحقا لم يتحقق منها شيء حتى الآن.

وقالت العريضة "لا يمكن ضمان تحري المصالح العامة للشعب في أي دولة من دون وجود مجلس نواب منتخب .. يشترك في انتخابه جميع الراشدين رجالا ونساء."

وتشبه الوثيقة عريضة أخرى صدرت في مارس آذار عام 2004 وأدت إلى محاكمة ثلاثة من كتابها واتهامات من وزارة الداخلية لنشطاء الحملة بأنهم يستغلون الضغوط الغربية من أجل الاصلاح.

وحكم على النشطاء الثلاثة بالسجن لكنهم تلقوا عفوا ملكيا في وقت لاحق عندما اعتلى الملك عبد الله عرش البلا 3635355649 عام 2005 فيما اعتبره بعض المراقبين علامة على وجود انقسامات داخل الأسرة الحاكمة حول الاصلاح السياسي.

وتستخدم العريضة الجديدة على ما يبدو لهجة أقوى وتهاجم وزارة الداخلية لاستخدامها "سلطتها المطلقة" لبسط نفوذها والتدخل في وظائف الحكومة بما يتعدى اختصاصها.

وجاء في العريضة أن "وزارة الداخلية حملتها سلطتها الواسعة المطلقة .. على مزيد من التدخل في شؤون الوزارات الأخرى وأتاحت لها ظروف الحرب على العنف مزيدا من الحدة والشدة والأخذ بالظن فوسعت مفهوم الحل البوليسي فانجرت إلى مزيد من مصادرة الحقوق والتضييق على الحريات الأساسية للمواطنين."

وكان ثلاثة من كتاب العريضة وهم سليمان الرشودي وموسى القرني وفهد القرشي من بين 10 رجال اعتقلوا في الثاني من فبراير شباط فيما قالت وزارة الداخلية إنها عملية في اطار حملة أمنية ضد تمويل الميليشيات.

وقال العمير إن العريضة كانت من أسباب الاعتقالات مشيرا إلى أن الرجال الثلاثة أرادوا تشجيع الناس على التوقيع على العريضة. ويقول دبلوماسي أجنبي إن "من المحتمل جدا" أن تكون الاعتقالات مرتبطة بالعريضة.

لكن مصدرا مطلعا على القضية قال إن ثلاثة من المعتقلين ضالعون في جمع أموال لاشخاص يقومون بتجنيد متطوعين للقتال في العراق منذ عام 2003. ولم يتضح سبب اعتقالهم الآن.

وقال منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية إنه ليس هناك صلة بين العريضة والاعتقالات. وأضاف أن لدى الوزارة قضية تستند إلى دليل على ضلوع المعتقلين في "تمويل الارهاب" مشيرا إلى أنه ليست لديه فكرة عما إذا كانوا ضالعين في أي شيء آخر.

وطلبت منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش من السلطات توضيح الاتهامات. وقالت لجنة الحقوقيين الدولية وهي جماعة مستقلة من القضاة والمحامين تتخذ من سويسرا مقرا لها وتراقب قضايا حقوق الانسان يوم الإثنين إن هناك "أدلة كافية" للقول إنهم اعتقلوا بسبب أنشطتهم الاصلاحية.

هذا وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش قد اصدرت تقريرا حول حقوق الانسان في المملكة العربية السعودية، عبرت فيه عن قلقها بشأن "محاكمات غير عادلة واعتقال القاصرين والحد من حريات المرأة والاعتداء على حقوق العمال الاجانب."

وتقول هيومن رايتس ووتش ان فريقها المكون من 13 عضوا قام بمهامه في السعودية لمدة شهر لكن تحت حراسة مشددة، وانه منع عدة مرات من زيارة سجون وحضور محاكمات.

لكنها تقول كذلك ان المسؤولين السعوديين اظهروا "انفتاحا جديدا" حول حقوق الانسان وسمحوا للفريق بمقابلة مسؤولين في قوات الامن وضمن السلطة القضائية، وهو "امر غير مسبوق".

وقالت سارة ليا ويتسون مديرة المنظمة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا ان السعودية "بحدها من حريتنا في دخول السجون وحضور جلسات المحاكم اعطتنا انطباعا بان لديها ما تخفيه."

وقال التقرير ان "سجناء اشتكوا من التعرض الى التعذيب والمكوث في السجن حتى بعد انقضاء محكومياتهم ، وذلك من دون أي تبرير، خاصة العمال الاجانب."

وتتهم المنظمة الرياض باحتجاز آلاف الاشخاص دون توجيه تهم رسمية اليهم او محاكمتهم.

كما تقول ان مقابلات مع حوالي 100 سيدة من مختلف اطياف المجتمع اظهرت انهن تعانين من الحق الذي يتمتع به الرجال في حرمانهن من العمل والتعليم والخدمات الصحية وحرية التنقل.

ويضيف التقرير: "في كثير من الحالات، تشترط السلطات موافقة المحارم للسماح للنساء بممارسة الكثير من النشاطات اليومية."

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 23 شباط/2007 -5/صفر/1428