مصطلحات في علم الاجتماع: التوازن والتوازن الاجتماعي

التوازن، التوازن الاجتماعي

(Equilibrium, Social Equilibrium)

التوازن هو حالة الموازنة التي تقع في النظام الاجتماعي أي الموازنة بين أجزائه ومركباته المتناسقة خصوصاً الموازنة بين النظام والبيئة التي يوجد فيها. انتقل اصطلاح التوازن من علم الميكانيك إلى العلوم الاجتماعية واستعمله علماء الاجتماع مع المصطلحات الأخرى التي أشتقوها من العلوم الطبيعية كالتكيف والانسجام والتوافق.

وتنعكس فكرة التوازن في كتابات كارل ماركس التي تنص على أن المجتمعات الرأسمالية تحمل بذور عدم الاستقرار والتناقض بين أجزائها ومركباتها أي ينقصها التوازن بين القطاع التكنولوجي والقطاع الاقتصادي المتعلق بالملكية ووسائل الإنتاج.

 بينما يعتقد علماء آخرون بأن المجتمعات الرأسمالية هي في حالة توازن غير مستقر وهذه الحالة سوف تقودها إلى التغير الذي يجعلها تتكون من أنظمة خالية من التناقض أي تكون في حالة توازن مستقر.

واستعمل علماء الاقتصاد أمثال الاقتصادي الإنكليزي الفريد مارشال اصطلاح التوازن كما استعمله علماء الاجتماع خصوصاً هربرت سبنسر خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر.

واستعمال هذا الاصطلاح في أواخر القرن التاسع عشر كان متأتياً من رغبة بعض العلماء في تحويل العلوم الاجتماعية إلى مواضيع نظامية قادرة على بناء النماذج النظرية التي تستعملها في تفسير الظواهر الاجتماعية.

 والدافع الآخر لاستعمال هذا الاصطلاح يكمن في رغبة العلماء ببناء نظام مثالي لدراسة العلاقة بين الأشياء والمتغيرات التي تؤثر عليها.

غير أن عالم الاجتماع الإيطالي باريتو استعمل هذا الاصطلاح استعمالاً علمياً موضوعياً في كتابه (العقل والمجتمع). فباريتو الذي كان عالماً اجتماعياً واقتصادياً كتب أطروحة عن توازن الأشياء الطبيعية والاجتماعية والتي ذكر فيها بأن النظام الاجتماعي يكون في حالة توازن عندما تعمل التغيرات والتحولات التي تطرأ عليه على المحافظة على شكليته الحقيقية وحالته الاعتيادية.

وأستطاع التقدم الذي أحرزه علم الاجتماع الأمريكي خلال الثلاثينيات والأربعينيات من هذا القرن التأثير في استعمال اصطلاح التوازن الاجتماعي. ففي علم الانثروبولوجيا تركز اهتمام العلماء على التحليل التاريخي للعلاقات المستقرة في البنيات الاجتماعية للمجتمعات البدائية، في حين اهتم علماء الاجتماع الأمريكان خصوصاً في جامعة هارفرد الأمريكية بتطوير أفكار باريتو حول موضوع التوازن الاجتماعي. واعتمد علماء آخرون على علمي البايولوجي والفيزيولوجي في اشتقاق العناصر الضرورية المساعدة على التنظيم والتوازن الذاتي للأنظمة البايولوجية والاجتماعية.

كما استعمل اصطلاح التوازن الاجتماعي أصحاب النظرية البارسونية واستعمله بارسن ذاته في كتابه (Toward A General Theory of Action). استعمل بارسن فكرة التوازن الاجتماعي واعتبرها فكرة مركزية في نظريته الاجتماعية عندما حاول وضع نظام نظري لدراسة العلاقة السببية بين المتغيرات الاجتماعية، وبالرغم من تأكيده على عدم استطاعة النظام الاجتماعي من تحقيق التوازن فإنه يذكر بأن الأنظمة الاجتماعية جميعها تهدف إلى الوصول إلى حالة تقريبية من التوازن الاجتماعي.

غير أنه من فترة الهجوم القاسي الذي شنه العالم سوروكن ضد فكرة التوازن والاستقرار الاجتماعي في كتابه الدانيميكية الاجتماعية والحضارية الذي نشر في عام 1941 بدا قسم من علماء الاجتماع يشك في إمكانية تطبيق اصطلاح التوازن على المجتمع البشري تطبيقاً ناجحاً، فالمجتمعات البشرية تتكون من أفراد يتمتعون بدرجة عالية من الوعي الاجتماعي والشعور النفساني المعقد الذي يميزهم عن الكائنات غير الحية ذات الردود الفعلية الميكانيكية. في هذا الصدد ينبغي التمييز بين نوعين من التوازن الاجتماعي النوع المستقر والنوع غير المستقر، فالتوازن الساكن أو الثابت يعني الحالة التي يكون فيها النظام الاجتماعي ثابتاً كما هي علاقة النظام ببيئته.

غير أن هناك نشاطاً وحركة مستمرة في النظام الاجتماعي وفي حالة التوازن الساكن لا يستطيع النشاط الاجتماعي تغيير العلاقة بين المتغيرات الأساسية للنظام.

 بينما التوازن المتغير أو الداينميكي يتطرق إلى النشاطات والتغيرات التي تطرأ على أجزاء النظام الاجتماعي أو تطرأ على طبيعة العلاقة التي تربط النظام بالبيئة والايكولوجية التي يوجد فيها. فمثلاً في وقت معين ليس هناك تغير شامل في البنية الاجتماعية للمجتمع بالرغم من وجود تغيرات محسوسة وفعالة في المجالات الاقتصادية والسياسية بعد اعتماد هذه المجالات نظام تقسيم العمل والتخصص فيه.

 وبالتوازن غير المستقر نعني الحالة التي يحدث فيها اضطراب جزئي في أحد قطاعات المجتمع ومثل هذا الاضطراب سرعان ما يولد اضطرابات خطيرة في القطاعات الاجتماعية الأخرى دون وجود أجهزة تنظيمية فعالة تستطيع وضع حد لهذه الاضطرابات أو تمنع حدوثها. ومثل هذه الاضطرابات قد تسبب تحطيم النظام الاجتماعي برمته أو تعمل على إعادة بنائه بحيث يكون مختلفاً عن النظام السابق.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 23 شباط/2007 -5/صفر/1428