
قال محللون عرب يوم الخميس ان خطة الرئيس الامريكي جورج بوش لإرسال
21500 جندي اضافي ستفشل في احلال السلام في العراق وربما تفاقم الصراع
الذي راح ضحيته بالفعل عشرات الالوف.
واضاف المحللون ان بوش الذي يحصل على المشورة بصفة اساسية من مجموعة
ضيقة من المستشارين أساء فهم طبيعة الصراع وأن من الخطأ الاعتقاد بأن
الحل العسكري ممكن.
وقال عدد صغير من المحللين في الخليج حيث لم يلق الغزو الامريكي
للعراق في عام 2003 القدر نفسه من الانتقاد الذي لقيه في بقية أنحاء
العالم العربي ان ارسال مزيد من القوات قد يساعد لكن ربما فات الاوان.
وخطة بوش التي اعلنت في وقت مبكر من يوم الخميس بتوقيت دول الشرق
الاوسط تتجاهل أو ترفض خيارات السياسة التي قال محللون انها أساسية مثل
اجراء حوار مع ايران وسوريا والقيام بجهد امريكي حاسم لمعالجة الصراع
الاسرائيلي الفلسطيني.
وقال عبد الخالق عبد الله وهو باحث سياسي في الامارات العربية
المتحدة "امريكا لم تعد في مقعد القيادة. خسرت العراق وارسال بضعة الاف
من الجنود لن يساعد لان الموقف لا يمكن اصلاحه."
وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "خطة بوش
تعتمد على عدة افتراضات خاطئة مثل الاعتقاد بأن الحل العسكري ممكن.
انني أعتقد انه مستحيل."
واضاف أن بوش "تخلى عن الاسلوب العملي الامريكي الكلاسيكي. وهو
يعتبر ان لديه رؤية لكنه منفصل تماما عن الواقع على الارض."
وقال هلال خاشان استاذ العلوم السياسية بالجامعة الامريكية في بيروت
ان ارسال قوات اضافية لن يحدث فرقا وان السلطات العراقية لا يمكنها فرض
النظام مثلما تتصور خطة بوش.
واضاف "الجيش العراقي كان منطقة تجنيد لميليشيات وفرق اعدام. لا
يمكنني ان أرى الجيش العراقي يساعد في استعادة القانون والنظام. انه
ميليشيا موسعة وطرف في الصراع."
وارسال 21500 جندي اضافى يرفع عدد الجنود الامريكيين في العراق الى
نحو 150 ألف جندي وهو مستوى سبق أن حققته الولايات المتحدة بالفعل ويقل
عن المستوى الذي أوصى به بعض الخبراء العسكريين وقت الغزو.
وقالت صحيفة لو كوتيديان دوران الجزائرية ان واشنطن لن تكون لديها
الوسائل أو الموارد السياسية لنزع سلاح الميليشيات ووقف الاقتتال
الطائفي الداخلي أو هجمات المسلحين ضد القوات الامريكية.
وفي بيروت قال المعلق رامي خوري انها مجرد امنية ان تعتقد ان ارسال
مزيد من القوات أو الاموال أو الاسلحة يمكن ان يحدث تحولا في الموقف بل
قد يجعل الامور أسوأ.
وقال "لا أرى كيف يمكن ان يؤدي عمل نفس الاشياء التي عملتها في
السابق على نحو أو اخر لكن في جرعات صغيرة ومركزة الى تحقيق نتائج."
وقال معظم المحللين مثل غالبية نظرائهم في الولايات المتحدة واوروبا
ان مفتاح السلام في العراق يجب ان يكون التوصل الى حل وسط بين الممثلين
السياسيين للجماعات الطائفية والايديولوجية المتنافسة مقترنا بحل وسط
بين جيران العراق المتنافسين.
وقالوا ان اسلوب بوش المماثل لاسلوبه في التعامل مع تنظيم القاعدة
والصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو اعطاء اولوية كبرى للقوة مع تركيز أقل
على التوصل الى حل وسط أو على السياسة.
وقال حميد رضا جلائي بور الاستاذ بجامعة طهران "استراتيجية بوش ...
كانت التفكير في الشرق الاوسط والعراق وأي مكان اخر من منظور القوة
العسكرية ... لهجة ومحتوى (كلمته) هو نفسه كما كان في السابق."
واضاف فواز جرجس الاستاذ الزائر بالجامعة الامريكية في القاهرة "ما
يحدث في العراق لا يتعلق بنقص القوات على الارض. وانما يتعلق بموقف
سياسي يخرج عن نطاق السيطرة."
وفي الخليج حيث ينظر الى الولايات المتحدة على انها ثقل معادل
للنفوذ الايراني في العراق عبر عدة محللين عن تعاطفهم مع التعديلات
التكتيكية التي اعلنها بوش.
وقال عبد الله بشارة رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية
ومقره الكويت ان ارسال مزيد من القوات الامريكية كان يجب ان يحدث منذ
فترة طويلة لكن اتخاذ هذا الاجراء ولو متأخرا أفضل من عدم القيام به
على الاطلاق.
وقال "هذا (الاجراء) سيزيد فاعلية اجراءات الامن ويضعف المقاومة ومن
جرأة الارهابيين والمعارضة للحكومة الشرعية."
وكتبت صحيفة "الراية" القطرية "ان هذه الاستراتيجية غير مقنعة
للجميع حتى للاميركيين حيث وصفها الديموقراطيون بانها كارثة وخطأ
ماساوي فيما شكك العديد من الدول الغربية في جدواها ووصفتها وسائل
الاعلام الغربية بانها مغامرة خاطئة".
واضافت "ان الاستراتيجية التي اعلنها بوش افتقرت الى الافكار
الجديدة والجادة للتعامل مع تطورات الوضع المتأزم لان العراق ليس في
حاجة الى قوات اضافية (...) انما الى انقاذ الوضع الناجم عن الوجود
الاميركي الذي حول حياة العراقيين الى كابوس".
وبدت صحيفة "الشرق" القطرية اكثر وضوحا بقولها "كان على
الاستراتيجية الاميركية الجديدة ان تشمل بنودا بخصوص الدفع نحو التفاهم
مع المقاومة العراقية التي تزداد اتساعا وكذلك تحديد جدول زمني
للانسحاب من العراق كون الاحتلال يمثل مشكلة بحد ذاته".
وخلصت الصحيفة الى القول "بما ان الاستراتيجية الجديدة للرئيس بوش
قائمة على الحل العسكري وذلك بزيادة عدد القوات الاميركية يمكن التكهن
بفشل هذه الاستراتيجية (...) واذا ارادت الحكومة الاميركية ان تخرج
العراق من دوامة العنف عليها ان تقوم بجهد اكبر واكثر من مجرد زيادة
عدد الجنود الاميركيين المتوجسين الذين يتحصنون في قواعدهم. وهذا لن
يسبب الا مزيدا من العنف والقتل والنهب لثروات العراق".
اما صحيفة "الوطن" السعودية فقالت من جهتها "الادارة الاميركية لم
تدخل في حوار جاد مع المقاومة العراقية الوطنية بل حاولت فرض شروطها -
شروط المنتصر - مقابل مكاسب هزيلة لا ترقى الى ما تطالب به المقاومة من
استقلال وسيادة العراق".
واضافت "ان الشعب العراقي لا يزال يؤمن بوحدة العراق لكن المجموعات
الطائفية التي ساعد الاحتلال الاميركي على نموها وازدهارها هي التي
تحاول فرض امر واقع على العراق يجعل من تقسيمه افضل الحلول السيئة في
النهاية".
وكتبت صحيفة الجزيرة" السعودية "كان حريا بالرئيس الاميركي ان يتطرق
الى الخطأ الجسيم والاثر السلبي للغزو الذي تمثل في تسليم البلاد الى
ايران وتحويلها الى مجال جوي واستراتيجي لطهران".
واضافت "ان التحليل السياسي السليم والعقلاني ياخذ على الخطاب
الاميركي وحليفه الرسمي العراقي التعميم وتجاهل وجود مقاومة عراقية
وطنية اكتسبت شرعيتها في الاساس من وجود آلة الاحتلال الاميركية" داعية
الاميركيين الى "فتح قنوات اتصال مع جميع اطياف الشعب العراقي لتحقيق
مصالحة وطنية شاملة وخلق مناخ سياسي جامع".
اما صحيفة "الخليج" الاماراتية فقالت "يستعمل الرئيس الاميركي منطقا
مقلوبا لترويج استراتيجيته الجديدة" معربة عن الاسف ازاء تفضيل
الولايات المتحدة الخيار العسكري على الخيار السياسي.
وكتبت "الخليج" "ان ما قرره الرئيس بوش من استراتيجية جديدة ليس له
من النجاح حتى بعض ما كان يؤمله من خططه السابقة فهو الان بلا صدقية
داخل بلاده وخارجها وقواته تفقد في المواجهات بريقها المخيف ولم يبق
احد داخل العراق او في جواره غير غاضب من سياساته ولا يشك في نواياه". |