القاعدة لاند من جديد ولكن في باكستان

 يبدو ان القاعدة تبني لها بؤرة جديدة، ولكن هذه المرة "ملاذ القاعدة" سيكون في المنطقة الجبلية من باكستان، الدولة التي يبدو انها تمارس نفس دور دول الجوار العراقي في تغذية اعمال العنف وتدهور الامن حسب مصالحها.

 ويظهر ان تنظيم القاعدة يسعى من خلال مرونة الكسب للمتطرفين في انحاء العالم الى تكوين ملاذ جديد ينطلق من خلاله عبر تقنيات الاتصال الحديثة التي تتيح له مراقبة ما يجري في انحاء العالم وتحديد اولوياته الارهابية على شبكات عملائه المنتشرة في انحاء اوربا والشرق الاوسط وافريقيا. مستغلا انشغال الولايات المتحدة بتعثر سياستها في العراق والخلافات الداخلية بين الحزبين الحاكمين فيها، وكذلك تقاعس الغرب عن مكافحة الارهاب بجدية وخارج الحدود خوفا من التورط في نزاع دموي طويل الامد كما يحدث الان مع الامريكان في العراق وافغانستان.

وأكدت مصادر استخباراتية أمريكية، أن المناطق القبلية الباكستانية المتاخمة لأفغانستان، أصبحت ملاذا آمنا مقبولا لتنظيم القاعدة ولأشخاص مثل أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري.

وقال المسؤول لشبكة CNN إن تصريحه لا يستند إلى تقييم رسمي، إلا أنه رأي يتنامى داخل المؤسسة الاستخباراتية الأمريكية، منذ أن توصلت الحكومة الباكستانية في أوائل سبتمبر/أيلول 2006 إلى اتفاق سلام مع زعماء القبائل في شمال وزيرستان، تلتزم بموجبه القبائل بعدم  إيواء مسلحين أجانب على أن تبقى متمتعة بحكمها الذاتي خارج سلطة الحكومة الباكستانية.

وأضاف المسؤول أن "معسكرات التدريب ممتلئة" في المنطقة، مشيرا إلى وجود نشاط للقاعدة.

وأكد "أنها ملاذ آمن للانطلاق منه. إنني لا أتحدث عن طالبان، إنني أتحدث عن القيادة المركزية للقاعدة.."

وكان تقرير لمحطة ABC في سبتمبر الماضي، نقل عن ريتشارد كلارك، المسؤول السابق في البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب، قوله إن اتفاق السلام الذي وقعته باكستان مع مؤيدين لحركة طالبان في البلاد، يعني أن "قيادة طالبان والقاعدة نالتا ملاذا داخل باكستان بالاتفاق الرسمي مع الحكومة هناك.

وأكد المسؤول الاستخباراتي أنه قبل الاتفاق المذكور، كانت السلطات الباكستانية قادرة على إعاقة قدرات القاعدة بالتجمع في المنطقة، أما الآن فأصبح بإمكان القاعدة العمل بسهولة، وفق كلام المسؤول.

ومنذ أشهر عدة يتهم المسؤولون العسكريون الأمريكيون بأن هذه المنطقة أصبحت ملاذا لطالبان لأن الاتفاق لا يتضمن أي عقوبات ملزمة، في ظل تشكيك بأن العديد من الهجمات في أفغانستان المجاورة نظمتها عناصر طالبان من داخل أفغانستان.

وُذكر أن قوات حلف شمالي الأطلسي قتلت الاثنين عن طريق الخطأ جنديا باكستانيا وجرحت اثنين آخرين.

وقال متحدث باسم الجيش الباكستاني لـCNN إن الناتو قصف نقطة للجيش الاثنين قرب "شاوال" شمال وزيرستان الحدودية، وهو القصف الذي اعتبر الناتو أن أسباب وقوع الخطأ "غير واضحة."

وكان الظواهري سخر في آخر تسجيل له من الإدارة الأمريكية، نافيا أن تكون القوات الأمريكية قد حرمت القاعدة من ملاذ في أفغانستان، واصفا المزاعم بالأكاذيب.

من جهتها نفت باكستان المزاعم الأمريكية إن أراضيها توفر الملاذ الآمن لقيادات الإرهاب وطالبت أجهزة الاستخبارات الأمريكية بالكشف عن أماكن اختباء زعيم تنظيم القاعدة أسامه بن لادن وقيادات الحركة.

ودحضت الخارجية الباكستانية تقرير مدير الاستخبارات القومية الأمريكية جون نغروبونتي إن باكستان ملاذ آمن لقيادات القاعدة وحركة طالبان، ووصفته بـ"غير صحيح."

وأشارت, وعلى لسان الناطقة باسمها تسنيم أسلم "باكستان قامت أكثر من أي دولة أخرى بقصم ظهر القاعدة.. والطريقة المثلى لفعل ذلك هو إشراكنا في المعلومات الاستخباراتية."

وأقرت أسلم بإمكانية تواجد عناصر من القاعدة في بلادها إلا أنها أشارت إلى ذلك الوجود مثله "كما في الشرق  الأوسط أو أي دول العالم الأخرى."

وكان نغروبونتي قد أشار، أنه بالرغم من الدور المحوري الذي تلعبه باكستان في الحرب على الإرهاب، إلا أن قيادات القاعدة وطالبان تجد المأوى في مناطق المواجهة النائية الخارجة عن نطاق سيطرة القوات الباكستانية أو الأمريكية.

وأوضح نغروبونتي خلال شهادتها أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ إن تحجيم الملاذ الآمن الذي تجده طالبان والعناصر المتشددة الأخرى في مناطق القبائل الباكستانية ليس كافياً لإنهاء التمرد في أفغانستان، بل ضرورة."

ويقول حلف شمال الأطلسي "ناتو" والحكومة الأفغانية أن مليشيات الحركتين تهاجما قواتهما في أفغانستان عقب التسلل من باكستان.

وتصاعدت حدة العنف الدموي في أفغانستان خلال العام الفائت حيث قتل نحو 4 آلاف شخص، فيما يعد أكثر السنوات فتكاً منذ إطاحة الجيش الأمريكي بنظام طالبان المتشدد في أواخر العام 2001.

وتأتي تصريحات نغروبونتي في تتابع لتصريحات أمريكية مماثلة أشارت إلى إختباء زعيم تنظيم القاعدة وكبار قيادات الحركة في مناطق القبائل النائية، وهي اتهامات نفتها باكستان مراراً.

وقال وزير الداخلية الباكستاني أفتاب أحمد خان شيرباو إن أجهزة الاستخبارات الأمريكية لم تشرك باكستان في أي معلومات استخباراتية محددة بشأن أماكن القاعدة أو طالبان."

وأشار قائلاً "نتحرك سريعاً حال إطلاعنا على أي معلومات استخباراتية.. لا يوجد ملاذ آمن للقاعدة في باكستان."

وفي مؤشر يؤكد عمليات  التسلل الحدودي، أعيدت جثث  25 مسلحاً قضوا خلال مواجهات عنيفة مع الناتو في أفغانستان لدفنها في موطنها في مناطق القبائل الباكستانية.

وأعلن الناتو الخميس الماضي مقتل وإصابة 130 من عناصر طالبان، تسللوا من باكستان إلى شمالي أفغانستان لشن هجمات، في الوقت الذي أعلن الجيش الباكستاني مهاجمة قافلة تموين للمليشيات المسلحة في منطقة شمال وزيرستان المتوترة.

وأشاد مساعد وزيرة الخارجية الأمريكي ريتشارد بوشر بجهود الحكومة الباكستانية في مواجهة الإرهاب إلا أنه شدد على ضرورة بذل الجانبين الباكستاني والأفغاني المزيد من الجهود في هذا الصدد.

وتحدث عقب لقائه بالرئيس الباكستاني برفيز مشرف "أنا لأقول بعدم نجاح باكستان بعد، ولكننا أنفسنا لم ننجح في أفغانستان بعد.. هناك المزيد من الجهود على جميع الأطراف بذلها."

وفي ثالث انتقاد لباكستان خلال هذا الأسبوع، اتهم الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الأربعاء إسلام أباد بمحاولة استعباد الشعب الأفغاني.

وفي كلمة استغرقت ساعة ونصف الساعة، قال كرزاي أمام حشد من الطلاب في مدينة قندهار "باكستان تأمل في استعبادنا ولكننا لن نستسلم."

وبدأ الرئيس الأفغاني سلسلة انتقاداته لباكستان بكلمة مؤثرة الأحد قال فيها إن الإرهابيين من باكستان يقتلون أطفال بلاده، واحتدت نبرة الانتقاد واتهم حكومة باكستان مباشرة بدعم طالبان.

وانتقد المسؤولون الأفغان والغربيون مراراً تقاعس باكستان عن وقف الإرهابيين من التدريب في أراضيها والتسلل إلى أفغانستان لشن هجمات. وقدم العديد من الذين اعتقلوا مؤخراً بشبهة الإعداد لشن هجمات إرهابية من باكستان.

وبدورها ردت إسلام أباد وعلى لسان الناطقة باسم الخارجية الباكستانية، تسنيم أسلم، قائلة إن حركة طالبان تنشط داخل أفغانستان ومؤكدة تصدي بلادها للمشكلة.

وأضافت أسلم قائلة "باكستان تبذل أقصى الجهود المطلوبة لمواجهة التشدد والإرهاب ولعدم السامح باستخدام أراضيها لأنشطة المليشيات في أفغانستان، نشرنا 80 ألف جندي، ونفذنا عمليات عسكرية."

وطالبت المسؤولة الباكستانية قوات "إيساف" الدولية في أفغانستان بالقيام بالمزيد قائلة "أعيدوا اللاجئين الأفغان في باكستان إلى بلادهم وهذا سيزيح الوجود الأفغاني من قرب الحدود.. وهو مصدر المزاعم التي تروج لها كابول."

وانتقد وزير الخارجية الباكستاني خورشيد قصوري الرئيس الأفغاني قائلاً إنه يبحث عن "كبش فداء" وأضاف "أنها ردة فعل بشرية شائعة.. عندما تواجه المشاكل عليك إيجاد شخص لتنحي عليه باللائمة.. أنا لا أتحدث عن الرئيس كرزاي."

وواصل انتقاده قائلاً "الأشخاص حسنوا الاطلاع يدركون جيداً ما تقوم به باكستان ويعلمون الثمن الذي تدفعه."

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز امس نقلا عن مصادر في الاستخبارات الامريكية أن تنظيم القاعدة نجح في بناء شبكة جديدة مقرها باكستان.

ونسبت الصحيفة الى مسؤولي المخابرات الذين اشترطوا عدم ذكر أسمائهم قولهم ان القاعدة بزعامة أسامة بن لادن أسست منظمة جديدة عقب طردها قبل أكثر من خمس سنوات من ملاذها الآمن في أفغانستان في عهد حركة طالبان.

وأشارت نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أمريكيين في مجال مكافحة الارهاب الى أن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري يبدو أنه ينسق العمليات من اقليم شمال وزيرستان القبلي ذي الطبيعة الجبلية، وهي منطقة تكاد لا تخضع لسيطرة الحكومة الباكستانية.                                         

وقال مسؤولون أميركيون إن أدلة متزايدة تؤكد أن أسامة بن لادن ونائبه أيمن الظواهري عملا بثبات على بناء مركز عمليات في منطقة القبائل الجبلية في شمال وزيرستان وحتى وقت قريب، اعتبرت إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش أن بن لادن والظواهري فقدا السيطرة على العمليات في «القاعدة».

كما رصدت الولايات المتحدة معسكرات جديدة لـ «القاعدة» في شمال وزيرستان، أحدها يرجح المسؤولون أنه للتدريب على شن اعتداءات ضد أهداف أبعد من أفغانستان.

وقال محللون أميركيون إن معلومات استخباراتية حديثة أظهرت أن المعسكرات الصغيرة تعمل في مناطق تفتقر إلى الأمن ولا تخضع لسيطرة الحكومة الباكستانية، وتديرها مجموعات من المسلحين العرب والباكستانيين والأفغان المتحالفين مع «القاعدة». وأضافوا أن المجموعات هذه تتلقى التوجيهات من الظواهري. أما بن لادن الذي طالما كان دوره أصغر في العمليات، فيبدو أقل تدخلاً في التدريبات.

ويشير المسؤولون إلى أن معسكرات التدريب لم تبلغ بعد درجة التعقيد التي عرفتها مخيمات «القاعدة» التي نشطت في أفغانستان في عهد «طالبان».

لكن مجموعات تضم 10 إلى 20 رجلاً تخضع للتدريب فيها، والبنية التحتية لـ «القاعدة» في المنطقة تشهد نمواً تدريجياً.

وتختلف التحذيرات الأخيرة عن سابقتها التي أطلقها مسؤولون استخباراتيون وخبراء في مجال الإرهاب تحدثوا عن نمو قدرات عناصر «طالبان» والمقاتلين الباكستانيين لشن اعتداءات ضد أفغانستان.

ويقول مسؤولون أميركيون إن المعلومات الاستخباراتية الأخيرة تركز على «القاعدة» وترى أن الشبكة الإرهابية أخذت تستجمع قوتها على رغم أن الحملة الأميركية المستمرة منذ خمس سنوات لإضعافها.

وبحسب المصادر، كان القلق من انبعاث «القاعدة» موضوع نقاشات مكثفة على مستويات رفيعة في الإدارة الأميركية، كما أنه أجج السجال حول كيفية التعاطي مع دور باكستان كملجأ للمقاتلين من دون التقليل من شأن حكومة الرئيس الباكستاني برويز مشرف.

وبحسب مسؤول أميركي، زار باكستان الأسبوع الماضي فرانسيس فراغوس تاونسند مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، في إطار جولة شرق أوسطية التقى خلالها مسؤولين أمنيين لمناقشة المخاوف المتزايدة من نهوض مقاتلي «القاعدة» في أفغانستان وباكستان.

وقدم مسؤولون يمثلون الأجهزة الاستخباراتية الأميركية رؤية واحدة تصف التطور الحاصل بأنه تراجع كبير للجهود الأميركية في مواجهة «القاعدة».

وقد أقر "جون نيجروبونتي" الشهر الماضي حين كان مدير الاستخبارات القومية بأن النواة الصلبة في القاعدة مرنة", وأن التنظيم "يبني لنفسه علاقات عملياتية قوية تمتد من مخابئ قادته في باكستان إلى أتباع التنظيم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا", عبر شبكات اتصالات يقول المسؤولون الأمريكيون إنها تعتمد البريد العادي والإنترنت.

وأشارت التحقيقات في خطة تفجير الطائرات البريطانية الصيف الماضي إلى وجود "صلات واضحة" بين المتهمين ونشطاء من النواة الصلبة للقاعدة في باكستان, حيث تدرب بريطانيون من أصل باكستاني دخلوا الأراضي الباكستانية بجوازات سفر بريطانية.

ويقول المحللون الأمريكيون إن المعسكرات تخضع لسلسلة قيادة مرنة ويديرها عرب وباكستانيون وأفغان متحالفون مع القاعدة يتلقون أوامرهم من الظواهري, لكن يبدو أن ابن لادن لا يتدخل بشكل مباشر فيها, كما أنها بعيدة في تعقيدها عن تلك التي أقامها تنظيم القاعدة في أفغانستان أثناء حكم طالبان، وأججت هذه المعسكرات النقاش داخل الإدارة الأميركية حول سبل منع تحول باكستان لملاذ آمن للقاعدة دون تقويض حكم الرئيس برويز مشرف, وسط خلاف داخل البنتاجون حول سبل القضاء عليها بين مؤيد للضربات الجوية ومعارض لها خوفاً من سقوط ضحايا مدنيين.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 21 شباط/2007 -3/صفر/1428