مصطلحات اجتماعية: داينميكية الجماعة

 داينميكية الجماعة

(Group Dynamics)

إن دراسة دانيميكية الجماعة هي الدراسة التي تتعلق بطبيعة التغيرات التي تطرأ على الجماعات الصغيرة نتيجة حدوث تغيرات دانيميكية في بعض أجزاء الجماعات الكبيرة التي تتكون فيها الجماعات الصغيرة.

بيد أن الاصطلاح على وجه العموم يشير إلى دراسة الجماعات الاجتماعية الصغيرة دراسة دانيميكية أي دراسة التحولات الاجتماعية المستمرة التي تطرأ عليها.

أصبحت دراسات الجماعات الصغيرة متطورة وناضجة خلال الحرب العالمية الثانية، لكن جارلس كولي وجورج زيمل هما اللذان وضعا أسس هذه الدراسة ومنهجها العلمي في مطلع هذا القرن العشرين. فقد وضح جارلس كولي الفروق الأساسية بين الجماعات الأولية والجماعات الثانوية. فقال عن الجماعة الأولية بأنها جماعة صغيرة الحجم تتميز بعواطف وعلاقات اجتماعية متماسكة، وهي الجماعة التي تزرع المقاييس الأخلاقية والقيمية الأساسية عند أعضائها وتلعب دوراً كبيراً في صب سلوكهم وأخلاقهم واديولوجيتهم في قالب معين.

كما أنها تساعد على إرساء قواعد الاستقرار والطمأنينة في المجتمع من خلال سيطرتها على وسائل الضبط الاجتماعي التي تدفع الأفراد على الالتزام بالقواعد السلوكية التي يقرها ويلتزم بها المجتمع. والعائلة حسب آراء كولي هي من الجماعات الأولية الأساسية التي ينتمي إليها الأفراد تلقائياً وكذلك النادي أو المجتمعات الخيرية أو الجماعات غير الرسمية التي يكونها الأفراد لسد حاجاتهم وإشباع رغباتهم. أما الجماعات الثانوية فهي الجماعات الكبيرة التي يطلق عليها اسم المنظمات الاجتماعية كالجيش والقوات المسلحة، الجامعة والمصنع الكبير.... الخ.

 والجماعات الثانوية حسب اعتقاد كولي هي أصناف من الناس يتقيدون بنظام أخلاقي معين أو مقاييس سلوكية وأخلاقية تحدد طبيعة تفاعلهم وعلاقاتهم الواحد بالآخر. لكن العلاقات الاجتماعية في الجماعة الثانوية هي علاقات رسمية تعتمد على التعاقد أكثر مما تعتمد على العواطف والانفعالات السيكولوجية. والجماعة الثانوية تتمثل بنقابة العمل، المصنع، الكلية، الجامع أو الكنيسة... الخ.

 اهتمت البحوث والدراسات الاجتماعية اهتماماً متزايداً بدراسة الجماعات الأولية، فقد قام البروفسور ادورد شلز بتأليف كتابه الموسوم دراسة الجماعة الأولية، وسبقه جورج زيمل في الكتابة والبحث عن نواحي العلاقات المجتمعية إذ وضح طبيعة العلاقة بين الرئيس وتابعه في نطاق العمل ودرس مزايا الجمعيات السرية وبقية الظواهر الاجتماعية التي تأخذ محلها على مستوى المكروسسيولوجي.

وارتفعت أهمية دراسة الجماعات الصغيرة خلال الحرب العالمية الأخيرة بعدما أدركت المنظمات العسكرية للحلفاء أهمية الجماعة الصغيرة في رفع الحالة المعنوية للجندي وبالتالي زيادة كفاءته العسكرية والقتالية. وأول من قام بهذا النوع من الدراسة العالم اس. ستوفر في الولايات المتحدة الأمريكية وقد نشرت نتائج دراسته هذه في مجلة الجندي الأمريكي.

ثم دخل علماء الاجتماع والنفس البريطانيون في مجال هذه الدراسة بعدما عينوا في وزارة الدفاع البريطانية للقيام بدراسة الأحوال الاجتماعية والنفسية للجماعات الرسمية وغير الرسمية التي يتكون منها الجيش البريطاني بغية رفع المعنوية القتالية للجنود بعد تقوية أواصر العلاقات الاجتماعية التي تربطهم مع الضباط.

هذا وتميزت دراسات الجماعات الصغيرة بالعمل التجريبي والمختبري، وكان تأثير كيرت لون الذي اشتغل مع لبت ووايت في هذا المجال قوياً جداً إذ أجرى تجاربه على جماعات من الأطفال لها أنواع مختلفة من القيادات، ودراسته هذه كشفت له معلومات مفصلة عن أثر القيادة في نوعية وكمية العمل الذي تنجزه الجماعة.

 وبعد هذه التجربة حدثت تجارب أخرى لا تقل أهمية عن التجربة الأولى أهمها التجربة التي قام بها ليفت (Levitte) ورفقاؤه عام 1950 والتي كانت حول دراسة العلاقة بين إنجاز العمل وهيكل العلاقات الاجتماعية في الجماعات الصغيرة. وقد وضحت هذه التجربة بأن لطبيعة العمل وهيكل العلاقات تأثيراً كبيراً على القدرة والكفاءة الإنتاجية التي يتمتع بها العامل. وفي نفس الوقت أجرى جي. هيس واي. ميلر تجارب معملية أخرى على الجماعات الصغيرة كان الهدف منها تحسين المناهج والطرق النظرية لدراسة الجماعات الصغيرة دراسة تجريبية مختبرية.

 وتطورت البحوث النظرية حول دانيميكية الجماعات على يد جورج هومنز عندما ألف كتابه (الجماعة البشرية) في عام 1950 والذي فيه وضح فائدة الفكر الوظيفي في دراسة الجماعات الصغيرة دراسة مقارنة. ولعب ار. اف بيلز دوراً مهما في تطوير دراسات الجماعات الصغيرة من خلال اكتشافه نظاماً وطريقة لمشاهدة وتحليل فعاليات الجماعة الصغيرة وألف بهذا الخصوص كتاباً يدعى (تحليل عملية التفاعل) في عام 1951.

أن أهم مواضيع الجماعات الصغيرة التي يهتم بها علماء الاجتماع وعلماء النفس الاجتماعي هي تماسك أعضاء الجماعة والعلاقات الاجتماعية التي تربطهم وتأثير الجماعة على إدراك وشعور ومقاييس أعضائها والحالة المعنوية والقيادية للجماعة.

وقد استطاع علم الاجتماع في الآونة الأخيرة إنجاز بحوث موضوعية كثيرة حول هذه المواضيع ساعدت العلماء والمختصين على فهم الجماعات الاجتماعية الصغيرة. كما قطع علم الاجتماع أشواطاً كبيرة في دراسة ميدان المكروسسيولوجي، غير أن المشكلة التي يجابهها علم الاجتماع في الوقت الحاضر هي مدى قدرته على تطبيق التعميمات السسيولوجية المشتقة من الجماعات الصغيرة على المنظمات الاجتماعية الكبيرة.

 وفي الوقت الحاضر نستطيع تطبيق الحقائق والمعلومات المشتقة من نظرية الجماعة الصغيرة على الجماعات العمالية، صفوف المدارس، والجماعات التي تعالج عقلياً في مستشفيات الأمراض العقلية وفي نطاق العمل الاجتماعي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الجمعة 16 شباط/2007 -28/محرم/1428