اللاجئون العراقيون: أحوال سيئة وتجاهل دولي وابواب مغلقة

 تستمر المعاناة للعراقيين اللاجئين سواء بالتهجير القسري للانتقال داخل البلد او الهجرة الى الخارج طلبا للامان المفقود تماما في العراق منذ عدة سنوات وفي كلتا الهجرتين، تعاني العوائل من نقص شديد في سبل العيش فضلا عن فقدانها لابسط الخدمات الانسانية، والتعطيل الوظيفي والتربوي مما يؤثر سلبيا حتى على مستقبل الاطفال ومصدر العيش بالنسبة للكبار.

ودعا المفوض الأعلى للامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيوغوتيريس المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته لمعالجة الوضع الانسانى لللاجئين العراقيين موضحا أنه سيتم عقد مؤتمر دولى في أبريل القادم لمعالجة مشكلتهم تشارك فيه مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين والدول المجاورة للعراق وأعرب عن امله فى أن يضع المؤتمر آليات لدعم اللاجئين العراقيين داخل العراق وخارجه.

وقال غوتيريس فى موءتمر صحفى ان المفوضية تسعى لايجاد حل سياسى لمشكلة اللاجئين العراقيين ودعم البلدان التى تستضيفهم .. ولفت الى أن سورية أظهرت مرونة كبيرة فى تعاملها مع مشكلة اللاجئين العراقيين.

ويبلغ عدد اللاجئين العراقيين الذين تستضيفهم سورية على أراضيها أكثر من مليون لاجئ .. وتقول الإحصاءات إن أكثر من أربعين ألف لاجئ يدخلون الأراضي السورية شهرياً.
وعزا غوتيريس بطء تحرك المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لمعالجة مشكلة اللاجئين العراقيين الى عدم انتباه المجتمع الدولى لهذه المشكلة نظرا لأن الدول التى استضافتهم لم تعتبرهم لاجئين بل ضيوف .. مشيرا الى انه حان الوقت للتصدى بشكل جدى لمسالة نزوح العراقيين من بلدهم والتى تعتبر اكبر عملية نزوح منذ تهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم عام /1948/.

وأوضح أن الحل الامثل لمشكلة جميع اللاجئين عودتهم الى بلدانهم غير ان ذلك يرتبط بشروط السلامة والحفاظ على كرامتهم.. معربا عن امله فى ان يتمكن المجتمع الدولى والعراقيون من اختصار مدة عودة اللاجئين العراقيين الى بلادهم.
ولفت غوتيريس الى ضرورة حشد كل الجهود لتقديم الدعم للدول التى تستضيف اللاجئين العراقيين مشيرا الى ان المفوضية منفتحة على التعاون مع الجميع فى سبيل ذلك وانه سيقوم بزيارة الى اليابان والولايات المتحدة للتعريف بابعاد مشكلة اللاجئين العراقيين وتأمين الدعم اللازم لهم.

وهناك تقارير دولية تؤكد أن أكثر من ثلاثة ملايين عراقي ممن أجبروا إلى الخروج من بلادهم جراء الحرب قد يواجهون "مستقبلا مظلما للغاية،" خصوصا بعد خفض الميزانية المخصصة لبرامج المساعدات في الشرق الأوسط إلى النصف خلال العام الحالي..

فقد قررت الوكالة الدولية لإغاثة اللاجئين خفض حجم الميزانية الممنوحة للبرامج الخاصة بالعراقيين خلال عام 2007، وذلك بسبب "عدم التزام الدول المانحة بدفع مستحقاته النقدية،" وفق ما أعلنته الشبكة الاتحادية للأنباء IRIN.

ونقلت الـ(CNN) عن أندرو هاربر، المنسق العام لوحدة العراق في الوكالة الدولية بجنيف، انه علق على الوضع بالقول: "لقد شهد العراق مؤخرا أكبر عملية تشريد للعراقيين الذين تزداد احتياجاتهم يوما بعد يوم، بينما تنقص المساعدات الدولية المقدمة لهم في نفس الوقت."

وأضاف "لقد أدى هذا الأمر إلى التراجع عن تنفيذ عدد من المشاريع المهمة للاجئين العراقيين، ومنها إغاثة الآلاف من هؤلاء الذين اتجهوا إلى سوريا والأردن، وخصوصا الأمهات، والمرضى، وكبار السن منهم."

ومأساة العراقيين ليست فقط في الخارج، إذ يقّدر عدد العراقيين المشردين داخل العراق بأكثر من 1.5 مليون عراقي.

أما أولئك الذين غادروا العراق، فقد زاد عددهم عن 1.6 مليون عراقي، يعيش معظمهم في كل من الأردن وسوريا.

وبالنسبة للدول المانحة، وهي الولايات المتحدة، ودول الاتحاد الأوروبي، واليابان، وأستراليا، فقد قامت مؤخرا بخفض حجم تبرعاتها لتمويل برنامج الوكالة الدولية للاجئين العراقيين، رغم زيادة عددهم بعد بدء الحرب بالعراق في 2003.

فبعد أن وصلت قيمة التبرعات إلى 150 مليون دولار أمريكي عام 2003، انخفضت في 2006 لتصل إلى 29 مليون دولار، حيث يتم إنفاق ربع هذا المبلغ فقط على برنامج اللاجئين العراقيين في سوريا، والأردن، وتركيا، ولبنان.

وقال تقرير صادر عن منظمة اليونيسيف والبرنامج العالمي للغذاء إن حوالي 450 ألف عراقي في سوريا يواجهون صعوبات متعددة ذات علاقة بشرعية وجودهم في البلاد، بالإضافة إلى محدودية الدخل.

الحاج العراقي، جميل، 62 عاما، قال: "لا يمكننا الحصول على أي وظيفة، وذلك بسبب وجود آلاف العراقيين على الأراضي السورية، ومن دون الحصول على أي مساعدة من الدول الغنية، سينتهي بنا الأمر متسولين في شوارع دمشق."

ويعيش معظم اللاجئين العراقيين في أحوال اقتصادية سيئة للغاية في الأحياء الفقيرة والبعيدة عن دمشق. ويذكر أن الوكالة الدولية لإغاثة اللاجئين تسعى من أجل مناشدة الدول المانحة زيادة قيمة المعونات للبرنامج العراقي، لتقارب 25 مليون دولار في 2007.

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنها بحاجة  إلى 60 مليون دولار لمساعدة نحو 3.7 مليون نازح عراقي شردهم العنف الطائفي الذي يعرك البلاد حالياً.

وقدرت المنظمة أن قرابة 50 ألف عراقي ينزحون من مناطقهم شهرياً.

وتقول المنظمة الأممية في بيانها إن المشكلة تتعدى أزمة نزوح حيث تجُبر النساء على  ممارسة الرذيلة وسط تقارير تشير إلى تصاعد عمالة الأطفال.

وأشار التقرير إلى أن نحو 30 في المائة من الأطفال العراقيين النازحين في سوريا، حيث يقيم مئات الآلاف من العراقيين، لا يتلقون التحصيل العلمي وأن 10 في المائة من العائلات العراقية هناك  تقوم عليها امرأة.

ونشر الموقع الإلكتروني الرسمي للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين إن هناك أعداداً من النازحين العراقيين قبيل الغزو الأمريكي عام 2003 "إلا أن الأرقام الآن في تصاعد نظراً لعمليات الفرار هرباً من تصاعد العنف الطائفي والعرقي وكافة أشكال العنف عموماً."

وتستضيف سوريا ما بين نصف مليون إلى مليون لاجئ عراقي، والأردن قرابة 700 ألف، وحوالي 80 ألف في مصر فضلاً عن نحو 40 ألف في لبنان، بجانب عدد غير معروف في تركيا،  نقلاً عن الأمم المتحدة.

وشهد العام 2006 فرار نحو نصف مليون عراقي إلى مناطق أخرى داخل البلاد، فضلاً عن 300 ألف لاجئي نزحوا في داخل العراق وخارجه منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وأن قرابة ألفين عراقي يصلون يومياً إلى سوريا فيما يصل الأردن بصورة يومية نحو ألف عراقي.

وتقول المنظمة في موقعها الإلكتروني " إن في دولة ذات 26 مليون نسمة.. يعد النزوح الجماعي الحالي أكبر حركة نزوح بشرية على المدى الطويل في الشرق الأوسط منذ تهجير الفلسطينيين مع قيام دولة إسرائيل في 1948."

وحذرت من الانعكاسات السلبية للظاهرة "مع استمرار هذا النزاع طويلاً تزداد الأمور تعقيداً لمئات الآلاف من النازحين والمجتمعات التي تحاول مساعدتهم -  في داخل وخارج العراق."

وأشارت قائلة "العبء على المجتمعات المضيفة والحكومات هائل."

هذا وكان قد تجمع في ساعة مبكرة من الاحد آلاف العراقيين أمام مبنى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة لتسجيل أسمائهم للحصول على حماية من المفوضية ضد ترحيلهم من سورية بالرغم من تطمينات دمشق الاخيرة بأنها لن ترحل أي عراقي ضد رغبته.

ولا يزال الخوف يعتري العراقيين، الذين قدموا الى سورية هربا من دوامة العنف التي اجتاحت بلادهم بعد سقوط نظام الحكم السابق، من أن تقوم الحكومة السورية بترحيلهم بعد انتهاء اقامتهم حيث يلجأون للمفوضية لتسجيل أسمائهم.

ويطالب هؤلاء اللاجئون المفوضية بالتوسط لدى حكومة دمشق لالغاء الاجراءات الجديدة التي اتخذتها بصددهم ومن بينها تحديد مدة الاقامة المنوحة لهم بثلاثة أشهر قابلة للتمديد لمرة واحدة فقط وخروجهم لمدة شهر من البلاد بعد انتهاء فترة الاقامة هذه قبل العودة مجددا لسورية.كما يطالبون بالعمل على اعادة توطينهم في أي دولة أخرى ريثما تنتهي أعمال العنف الحالية في العراق.

وكانت الحكومة السورية قد أكدت للمفوض الاعلى لشؤون اللاجئين أنطونيو جوتيرس أنها لن تقوم بترحيل أي عراقي رغما عنه وأنها تعتبر العراقيين في سورية ضيوفا وليسوا لاجئين.وتقول الحكومة ان الاجراءات الاخيرة تهدف لضبط أعداد العراقيين لدواع أمنية واقتصادية علما بأن العراقي كان يحتاج في السابق الى ختم على جواز سفره فقط للدخول الى سورية وكان يمكنه مغادرتها والعودة اليها في نفس اليوم أما الان فيجب أن يفصل شهر على الاقل بين الخروج والعودة.

وقال رون ريدموند المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في افادة صحفية في جنيف "سنواصل محاولة حشد دعم المجتمع الدولي بأسره للتصدي لتلك لكارثة. وأحد اسباب وجوده في الولايات المتحدة حاليا هو مناقشة الحصول على مساعدات انسانية اضافية لا من اجل برامج المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فحسب لكن ايضا من اجل سوريا والاردن وللعراقيين انفسهم."

وقال جوتيريس يوم الجمعة إن سوريا اكدت لمفوضية اللاجئين انها ستواصل استضافة مليون لاجيء عراقي على الرغم من القواعد الجديدة التي تقتضي منهم التقدم سريعا بطلب اقامة.

وقال ريدموند انه برغم التأكيدات "فما زال كثير من العراقيين خائفين من ترحيلهم بموجب قواعد الهجرة السورية التي تم تشديدها اخيرا."

وقال ريدموند ردا على سؤال بشأن ما اذا كان جوتيريس سيحث الولايات المتحدة على استقبال مزيد من اللاجئين "مسألة اعادة التوطين ستثار بدون شك في محادثاته مع الولايات المتحدة. كما اننا نسعى الى فرص اعادة التوطين في مناطق اخرى."

وقال إن الولايات المتحدة ابلغت مفوضية اللاجئين بوجود 70 الف مكان متاح لاعادة التوطين لديها على وجه الاجمال عام 2007. واضاف "كما اشاروا الى انهم يبحثون امكانية زيادة العدد من العراق الذي سيكون جزءا من عدد السبعين الفا هذا."

واللاجئون الذين يمنحون الاولوية "لاعلادة التوطين في دولة ثالثة" هم في العادة من غير القادرين على البقاء في المنطقة ويحتاجون الى رعاية طبية مكثفة او انهم من ضحايا التعذيب او النساء المعيلات.

وقالت مفوضية اللاجئين التابعة للامم المتحدة انها تعتزم اعادة توطين حوالي 20 الف عراقي العام الحالي في عدة دول خارج المنطقة.

يذكر أن العديد من العراقيين المغادرين يعيشون حاليا في فقر مدقع ولا تتوفر لهم الرعاية الصحية ولا أماكن لأطفالهم في المدارس.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 15 شباط/2007 -27/محرم/1428