اجتماع عباس وهنية في مكة.. لقاء الفرصة الاخيرة

 من المقرران يجتمع يوم الاربعاء في قصر الصفاء بمكة المكرمة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزرائه اسماعيل هنية للاتفاق على حكومة وحدة وطنية، وتدارك المنحى الذي اتخذه الخلاف الداخلي الفلسطيني في الاسابيع الماضية من اعمال عنف حيث سقط العشرات من القتلى والجرحى وعمليات الاختطاف بين صفوف حركتي حماس وفتح، ويتم الاجتماع بناءا على دعوة تلقاها الطرفين من الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز قبل عدة ايام.

ونقلت الـ(CNN) تصريح الملك عبد الله ان «الوفاق بين القادة الفلسطينيين طريقه مُيسّر بإذن الله، متى ما خلصت النوايا وصدقت الكلمة»، مشيراً إلى ان فلسطين قضية تقع في وجدان كل العرب وكل المسلمين، وان الأمة بأسرها تترقب ان يجد الإخوة الفلسطينيون الطريق إلى وحدة صفهم وكلمتهم، معرباً عن أمله في أن يحقق لقاء قادة الشعب الفلسطيني في مكة المكرمة آمال وتطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق وجميع الشعوب الإسلامية والعربية.

وكان الملك عبدالله استقبل امس وفد السلطة الفلسطينية و «فتح» برئاسة الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثم استقبل ليل أمس رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل، ورئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية والوفد المرافق لهما، واشار إلى أن «استمرار الخلاف بين الأشقاء الفلسطينيين، لا سمح الله، سيستنزف كل الطاقات، ويقضي على كل المنجزات النضالية الفلسطينية».

وأكدت تصريحات مسؤولين في الوفدين الفلسطينيين أن الخلاف بين الحركتين يتعلق بالبرنامج السياسي المطلوب لحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

وقال عزام الأحمد رئيس كتلة «فتح» في المجلس التشريعي عضو وفدها في تصريح إلى «الحياة» «إن النقطة السياسية هي الأساس في الخلاف القائم مع «حماس» وهي تتعلق بمسألة الالتزام ببرامج منظمة التحرير الفلسطينية التي قامت على أساسها السلطة الوطنية علماً ان وثيقة الوفاق الوطني أكدت أن منظمة التحرير الفلسطينية اكدت في بندها السابع أن العمل السياسي والمفاوضات لتحقيق السلام من صلاحية منظمة التحرير والسلطة الوطنية وليس من عمل الحكومة».

وأشار عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عضو وفدها محمد نزال إلى «أن هناك قضية خلاف ثانية تتعلق بمسألة ترشيح وزير الداخلية في الحكومة الفلسطينية اذ تطالب حماس بأن تسمي هي المرشح المستقل لهذا المنصب».

ولكن عزام الأحمد خفف من الخلاف حول هذه النقطة قائلاً: «عندما نتجاوز نقطة الخلاف السياسي أعتقد أن مسألة الحقائب الوزارية يمكن حلها بسهولة».

وقال محرر شؤون الشرق الاوسط في بي بي سي جيرمي بوين ان الفلسطينيين يأملون ان يسهم تشكيل حكومة وحدة وطنية في انهاء الاشتباكات بين الطرفين.

كما يأملون ان تتخذ هذه الحكومة موقفا موحدا حيال اسرائيل، وان تشجع القوى الكبرى على انهاء العقوبات الاقتصادية المفروضة حاليا.

وثمة أمل بأن يشكل وجود الطرفين في مكة، اقدس بقاع الاسلام، اضافة الى نفوذ الملك عبد الله عاملين في توصل فتح وحماس الى اتفاق.

وقال بوين ان العقبات الاساسية ما زالت متمثلة في كيفية توزيع الحقائب الوزارية الاساسية اضافة الى الاعتراف باسرائيل.

وما زالت حماس ترفض الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف والتقيد بالاتفاقات السابقة وهي كلها شروط مسبقة لانهاء المقاطعة الاقتصادية التي فرضها الغرب على الحكومة الفلسطينية بقيادة حماس.

وادلى الطرفان بتصريحات ايجابية عشية محادثات مكة، وقال نبيل شعث مستشار عباس ان "نقاط الخلاف" تقلصت بين الجانبين.

واضاف "حماس ستأتي الى الاجتماع بأفكار جديدة قد تكون مقبولة وتقوم على الالتزام بالاتفاقات العربية والدولية اضافة الى قضية منصب وزير الداخلية".

لكن الامر الذي يزيد من صعوبة جهود الوساطة السعودية هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل ترفضان موافقة عباس على حكومة وحدة وطنية لا تصل إلى حد الاعتراف بالدولة اليهودية ونبذ العنف والالتزام بالاتفاقات المبرمة، بحسب وكالة رويترز للانباء.

وكان المسؤولون الفلسطينيون وصلوا إلى مدينة جدة حيث التقى الملك عبد الله مع الرئيس الفلسطيني ثم استقبل كلا من خالد مشعل واسماعيل هنية قبل أن تبدأ المباحثات الرامية الى انهاء الاقتتال الذي راح ضحيته مئة فلسطيني تقريبا منذ ديسمبر/ كانون الاول الماضي فقط.

وقد عقد لقاء ليل الثلاثاء ـ الاربعاء في قصر المؤتمرات بجدة بين الرئيس الفلسطيني وكل من مشعل وهنية تحضيرا للقاء مكة.

وكانت الجهود السابقة الرامية لوقف سفك الدماء بين الجانبين وإيجاد أرضية سياسية مشتركة تتمخض عن اتفاقات لوقف إطلاق النار ما تلبث أن تتهاوى سريعا مع تدهور الاوضاع على الارض.

وخلال الأيام الماضية سقط من أنصار الحركتين 23 قتيلا على الاقل وأصيب العشرات في الاشتباكات التي جرت في غزة وهو ما كاد أن ينزلق بالشارع الفلسطيني إلى شفا حرب أهلية.

ويقول مراسل (بي بي سي) في غزة ألان جونستون إن ثمة إشارات من جهتي الخلاف على أن احتمالات التوصل إلى اتفاق يؤدي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية ليست ضئيلة وسط أجواء إيجابية.

وعلى الأرض، يبدو أن وقف إطلاق النار الهش بين الجانبين لا يزال قائما منذ يوم السبت بعد اندلاع موجة عنف جديدة يوم الخميس الماضي.

إلا أن الأنباء اشارت الى مقتل أحد قادة كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس عندما فتح مسلحون مجهولون النار على سيارته في مدينة غزة.

كما اصيب ثلاثة آخرون في الهجوم بينما لم تتوفر تفاصيل عن شخصية عنصر حماس القتيل.

وفي سياق متصل أكدت مصادر أمريكية وإسرائيلية الثلاثاء، أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس ستجتمع مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في وقت لاحق من هذا الشهر في القدس.

وأشارت مصادر رئاسة الحكومة الإسرائيلية، إلى أن رايس ستجتمع مع كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس في التاسع عشر من الشهر الجاري في مدينة القدس.

من جهتها أوضحت الخارجية الأمريكية أن رايس ستقوم في هذه الأثناء بجولات مكوكية إلى القدس ورام الله استباقا للقاء الثلاثي.

بموازاة ذلك، استبق نبيل شعث، وزير الشؤون الخارجية السابق للسلطة الوطنية الفلسطينية، وعضو المجلس التشريعي، اجتماع مكة، بالإعلان أن عباس سوف يعرض على قادة حماس تشكيل الحكومة الفلسطينية، دون مشاركة من حركة فتح، مقابل التزام حماس بالقرارات الدولية.

وتمنى شعث، في مقابلة  خاصة لموقع CNN بالعربية، أن يكون للقاء مكة أبعاد "روحية"، تضفي عليه طابع "الالتزام الأخلاقي والديني"، مطالباً بإنهاء الصراع الداخلي الذي عزاه إلى "الممارسات الإسرائيلية"، التي خططت من خلال الحصار إلى "تفجير" الداخل الفلسطيني، على حد تعبيره.

من جهته قال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ان اجتماعا ثلاثيا له مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس سيعقد يوم 19 فبراير شباط مما يضيف عاملا جديدا على ضرورة انهاء الفصائل الفلسطينية لخلافاتها المريرة.

وتخوض حركة المقاومة الاسلامية (حماس) الحاكمة منذ فوزها في انتخابات العام الماضي وحركة فتح التي يتزعمها عباس والتي هيمنت على الساحة الفلسطينية طويلا صراعا على السلطة تحول الى أعمال عنف سقط خلالها نحو 80 قتيلا منذ ديسمبر كانون الاول.

وتمخضت محاولات سابقة لوقف الاقتتال بين حماس وفتح والتوصل الى أرضية مشتركة بين الجانبين عن اتفاقات هدنة لم تستمر طويلا وهدد عباس بالدعوة لاجراء انتخابات مبكرة وهو ما وصفته حماس بأنه سيكون انقلابا على الحكومة الفلسطينية المنتخبة.

وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس ان الفرق الآن هو أن الجانبين لديهما الرغبة ويحضران الى مكة دون شروط مسبقة ولا مهل زمنية.

وقال جمال الشوبكي السفير الفلسطيني في السعودية إن التوصل لاتفاق مسألة حيوية وإن الزعماء الفلسطينيين لن يغادروا مكة المكرمة دون التوصل الى اتفاق لان الوضع مأسوي على الارض والعالم كله سيدير ظهره للفلسطينيين اذا استمروا على هذا الحال.

وفي وقت سابق عقد عباس وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس الذي يتخذ من العاصمة السورية دمشق مقرا له واسماعيل هنية رئيس الحكومة التي تقودها حماس اجتماعا مع الملك عبد الله عاهل السعودية في مدينة جدة المطلة على البحر الاحمر.

وقالت وسائل الاعلام السعودية ان الملك عبد الله الذي دعا لمحادثات مصالحة أصدر بيانا يدعو القادة الفلسطينيين للاستجابة لصوت العقل وتجنب حرب أهلية تهدد المكاسب التي تحققت على مدى عقود من الزمان خلال النضال ضد اسرائيل.

وتسعى السعودية الى وقف الاقتتال بين الفلسطينيين خشية أن يؤدي الى تصاعد التشدد في المنطقة وهو ما يعطي ايران الشيعية فرصة أكبر لزيادة نفوذها.

وتدعم ايران الحكومة التي تقودها حماس بينما حجبت الدول الغربية الدعم لحين اعتراف حماس باسرائيل وبالاتفاقات التي أبرمتها مع منظمة التحرير.

وقال أولمرت الذي أعلن عن اجتماعه مع عباس ورايس انه يأمل الا يقوم عباس المقرر ان يجتمع مع زعماء حماس في السعودية يوم الاربعاء بتشكيل حكومة وحدة وطنية مع حماس التي لم تف بمطالب الغرب بالاعتراف باسرائيل ونبذ العنف.

ويقول دبلوماسيون غربيون في الرياض إن السعودية وجهت اشارات الى حماس في الشهور الاخيرة بأن السعودية تريدها ان تصل الى تسوية.

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس 8 شباط/2007 -20/محرم/1428