هل نعيش عصر الصحوة الاسلامية؟

رفعت الواسطي

  في وسائل الاعلام كثر الادعاء ان العالم الاسلامي يعيش اليوم صحوة اسلامية!. وهذا الادعاء ياتي على لسان كثير من القادة والعلماء من المذهبين السني والشيعي. نحتاج في هذا المقام ان نعرض الى مفهوم الصحوة ومتطلباتها وواجباتها.

سعت حركة الانبياء والمرسلين في بداياتها ان تخلق حالة من الصحوة الانسانية لاقوامهم ،لم يأتوا بالوحدانية ويفرضوها على الناس دفعة واحدة انما حاولوا اثارة أسئلة واقعية من منطق العقل ولدينا امثلة كثيرة منها محاورة ابراهيم الخليل لقومه بعد ان أثارقضية اللآله المصطنعة كالشمس ثم القمر كماهو مدلول الآية القرآنية المباركة} فلما جنَّ عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون * { ومن قبل ابراهيم نقرأ عن نوح (ع) الذي أثار قضايا انسانية لمن دعاهم مما أوجد حالة من الصحوة لديهم فتبعه من تبع وحاربه من حارب} فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا(10)يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا(11)وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا(12)مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا(13)وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا(14)أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا(15)وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا(16)وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا(17)ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا(18)وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا(19)لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجًا(20)}.

  كذلك الحال في دعوة الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، آمن برسالته من اهتدى الى الايمان وتميزت الحالة الايمانية لديهم بين صحابي وآخر، منهم من دخل الشك الى قلبه في المواقف الصعبة}إذْ جَاؤُوْكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا} كما في واقعة الختدق ، ومنهم من فر من المعركة حتى قالوا له بعد ان انتهت الواقعة ( لقد اخذت بها عريضا).

  بل نجد القرآن يصرح بوجود المنافقين في المدينة أي من بين الصحابة }  إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ{    وهذا تأريخنا الاسلامي فيه من الامثلة الكثير.

القاسم المشترك بين الدعاة الى الله تبارك وتعالى في حركتهم الصحوية ان صح التعبير هي السيرة الطيبة لهؤلاء ،لان من يغير الانسان من حالة سلبية الى ايجابية لذي حظ عظيم ولابد له من مواصفات تعينه على تحمل ماهو أسوء من ردود الافعال من قبل أولئك الذين يحاربونهم. فلم نجد ان نبيا أخطأ أو كذب أو نسي أو أساء التصرف مع أعداءه قبل أتباعه. كذلك بعد النظر وحسن التدبر والتشخيص الدقيق للاشياء وقوة الايمان والعقيدة والاختيار في عصمة النفس من الوقوع فيما يسيء الى عدالته بين قومه.

والحركة هذه يأتي من بعد الانبياء والمرسلين أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا حيث لم يعرف عنهم الخطا او النسيان أو الكذب وكانت الامة بحاجة اليهم، وموضعهم موضع المجيب عن كل سؤال ومسألة تعرض عليهم أو ازمة تتعرض لها الامة. حتى ان كل الاحداث التأريخية من حياة الامة منذ زمن الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والى غيبة الامام الحجة المنتظر عجل الله ظهوره الشريف كان التخبط فيها واضحا والالتباس على أبناء الامة مستمرا وتعاظم الفتن عليهم لانهم استغنوا عن الدور القيادي للقادة الشرعيين.

ولذلك ياتي مفهوم الحاجة في زمن الفتن الى دور الامام المهدي ،حتى ان الامة تبدأ تدرك المطلب فتنادي اظهر يامهدي الامة الذي يهديها الى الطريق الصحيح طريق النبي المصطفى الذي انحرفت عنه.

الان ونحن نعيش الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمعنى نعيش الازمة الاخلاقية في العالم أجمع وليس الاسلامي فقط ، نسأل من هو القادر على خلق الصحوة الاسلامية الحقيقية ؟ . نحن عشنا مايسمى بالمقاومة الاسلامية في لبنان  كواقع من خلال وسائل الاعلام والمعطيات على الارض. نجد ان هؤلاء وفقوا في بلادهم وفشلوا في بلاد المسلمين  وخصوصا العراق حيث كان التشخيص لمايجري في العراق يدل انهم ينظرون الى الفتنة في العراق بعين واحدة ونفس الشيء مع ايران التي هي اليوم في وضع لاتحسد عليه من حيث فقدها لمصداقيتها بالوقوف الى جانب المستضعفين فهل هناك شعب مستضعف بعد العراق كي تضحي ايران وتسترخص دماء العراقيين من اجل مصلحتها القومية؟. هذا هو العمى السياسي لها في العراق بل العمى الاخلاقي. مرة أخرى نسأل من يخلق الصحوة هل منظمة حماس؟ يعيشون محنتهم في فلسطين ويقفوا الى جانب طاغية العالم صدام المقبور ويعتبرونه شهيد الامة.

 هنا يأتي حديث النبي الاكرم ( اني تارك فيكم الثقلين ) حديث سيأتي اليوم الذي يعترف به الجميع سواء ممن حرفوه بعد ان تخسر كل مراهناتهم أو ممن يحسبون على شيعة أهل البيت بعد أن تلفظهم الفتن عندها ستكون الصحوة الحقيقية لثلة من المؤمنين الذين فهموا وعاشوا الهم الحسيني بكل جوانبه واشراقاته الاسلامية والانسانية.

سلام عليكم أهل البيت و هذا قول الامام أمير المؤمنين يتردد صداه في الآفاق( فأين تذهبون وأنى تؤفكون والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة فأين يتاه بكم وكيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم وهم أزفة الحق وأعلام الدين وألسنة الصدق فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن).

خلاصة الحديث للصحوة الاسلامية عدة معطيات مهمة نوجزها بمايلي:

1-    الجانب العقائدي لمن يشمل بالصحوة: حيث يفترض ان يكون هناك تهذيب في العقيدة وتنقية من الموروث الخاطيء واهمها الاقرار بالامامة ومايترتب عليه من واجبات بعد الاحاطة والتسليم بالتوحيد والنبوة.

2-    التوحد في انسانية المجتمع والاحساس بالرحمة تجاه الآخرين في العمل الفعلي: لابد لنا من التأخي والتناصر ومد كل اشكال العون والرحمة للآخرين وصلة الرحم وبر الوالدين وقضاء الحوائج.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 6 شباط/2007 - 18 /محرم/1428