فراغ توجيهي اسلامي في هولندا يؤدي الى انتشار التطرف بين الشباب وغياب الاعتدال

 قال زعيم اسلامي في مقابلة نشرت الاسبوع الماضي ان ائمة مسلمين يغادرون هولندا لانهم لم يعودوا يشعرون بأنهم موضع ترحيب مما يزيد من مخاطر أن يملا المتشددون الفراغ الناتج.

ونقلت صحيفة دي تلجراف عن محمد أوصلاح نائب رئيس جمعية الائمة في هولندا القول ان 180 من 450 مسجدا في هولندا لم يعد بها أئمة لان الائمة الاجانب يغادرون البلاد.

وألقى أوصلاح بالمسؤولية عن حدوث هذه الظاهرة على أجواء التعصب ضد المسلمين منذ هجمات 11 سبتمبر أيلول في الولايات المتحدة وعلى تشديد الحكومة الهولندية لاجراءات الهجرة.

وحذر من أن الافتقار للتوجيه من أئمة معتدلين في المساجد التي رحل أئمتها يزيد من خطورة أن يحل محلهم المتطرفون من أصحاب البرامج الراديكالية لملء الفراغ.

وقال أوصلاح "الوضع حرج. في أمستردام ولاهاي وأوترخت غادر عشرات الائمة. وهذا النهج مستمر في مناطق أخرى."

وكثفت الحكومة الحملة ضد الهجرة وهددت بترحيل من يفشلون في الحصول على حق اللجوء وطالبت المهاجرين الجدد بتعلم اللغة الهولندية واكمال برنامج الزامي للاندماج في المجتمع.

ونسب الى أوصلاح القول انه "منذ هجمات 11 سبتمبر 2001 ربط بين الائمة والمتطرفين والارهابيين. انهم يواجهون مشكلة ضخمة فيما يتعلق بصورتهم."

وأضاف "الحكومة أيضا مذنبة لانها لا تفعل شيئا حيال هذه المشكلة. والاسوأ من ذلك أن السياسيين يطالبون بطرد الائمة."

وعلى مر التاريخ كانت هولندا التي يبلغ عدد المسلمين فيها مليون نسمة من بين عدد السكان البالغ 16 مليونا تعد دولة متسامحة لكن التوترات العرقية بدأت تظهر في السنوات الاخيرة.

وقتل المخرج ثيو فان جوخ بيد مسلم هولندي متطرف في عام 2004 بسبب فيلم صوره مع السياسية الصومالية الاصل ايان هيرسي علي المعروفة بانتقادها للاسلام.

وفي مقابلة مع رويترز الشهر الماضي قال المنسق الوطني الهولندي لمكافحة الارهاب ان أعدادا متزايدة من الشبان الهولنديين يتبنون نمطا متطرفا من الاسلام.

وقال أوصلاح ان بعض الائمة عادوا الى وطنهم المغرب فيما سافر اخرون الى دول أوروبية أخرى مثل بلجيكا وأسبانيا حيث يواجهون قيودا أقل.

وقال تجيبي جوسترا المنسق الوطني لمكافحة الارهاب في هولندا إن أعدادا متزايدة من الشبان الهولنديين يتبنون الاسلام الاصولي بل واحيانا تتطور لديهم اراء متشددة في غضون أشهر.

وأضاف أنه بالرغم من أن قوانين مكافحة الارهاب يجب أن تصبح رادعا بعد أن ساعدت هذا الشهر في ادانة أربعة شبان مسلمين خططوا لمهاجمة ساسة هولنديين الا أن المواقع المتشددة على الانترنت في هولندا في تزايد وتهدد بتلقين المراهقين هذه الافكار.

وقال لرويترز "هنا في هولندا نشهد زيادة في اتجاه الشبان للاصولية وفي سرعة اعتناق الشبان لها.. وهو ما يجري في المدارس ايضا."

وأضاف "احيانا يمكن أن تكون عملية التحول الى الاصولية سريعة جدا."

ويساور مسؤولين أمنيين في أنحاء اوروبا القلق بشأن نطاق وسرعة تجنيد المتشددين بين الشبان الساخطين بعد أن هزتهم التفجيرات المميتة التي نفذت في مدريد عام 2004 وفي لندن في العام التالي ونسبت لمتشددين اسلاميين.

ومضى يقول "نرى عددا ليس بقليل من الشابات بين الاصوليين. يكونون عادة من أصل هولندي واعتنقوا الاسلام وقد أصبحوا قوة دفع كبيرة في بعض الشبكات."

وأنشئت الهيئة التي يرأسها جوسترا قبل بضعة اشهر بعد أن قتل محمد بويري وهو هولندي مغربي مسلم المخرج ثيو فان خوخ في نوفمبر تشرين الثاني عام 2004. وقد قادت جهود البلاد لمكافحة الارهاب خلال فترة من الاضطرابات والمخاوف الجماهيرية لم يسبق لها مثيل في هولندا البالغ عدد سكانها 16 مليون نسمة ويعيش بها مليون مسلم.

وصنفت الهيئة خطر الارهاب في هولندا على أنه "كبير" بعد تفجيرات لندن عام 2005 وهي ثاني اعلى مرتبة في نظام تحذيري من أربع مراحل. ومنذ ذلك الحين وهو على نفس المستوى.

وقال جوسترا "هذا يعني أن هناك هجوما محتملا لكننا لا نملك أدلة دامغة على التخطيط لشيء."

وأضاف "من الصعب جدا تحديد عدد الجماعات العاملة في هولندا. هناك مشكلات في تعريف المجموعة ثم بالطبع نحن لا ندري قدر ما يجري دون علمنا. لكننا نعتقد أن هناك ما بين عشرة وعشرين شبكة نشيطة."

ومضى جوسترا يقول ان بعض الجماعات قد تركز على ارسال أشخاص للجهاد في الخارج بدلا من شن هجمات داخل البلاد.

وتعتزم المنظمة اطلاق حملات في العام القادم تستهدف طلبة المدارس على وجه الخصوص وتحذرهم من مخاطر الاسلام الاصولي ومواقع المتشددين على الانترنت. كما حاولت السلطات الهولندية فصل المدانين بجرائم ارهاب عن السجناء الاخرين لمنع انتشار الاسلام الاصولي في السجون.

وقال جوسترا انه لا شك أن اهم اثنين من المتشددين في هولندا وهما بويري الذي يقضي حاليا عقوبة بالسجن المؤبد وسمير عزوز (20 عاما) الذي حكم عليه هذا الشهر بالسجن ثماني سنوات لتخطيطه لهجمات أثرا على الاخرين.

وأضاف أن على هولندا بذل المزيد من الجهد لمكافحة التمييز ونقص الفرص التي تشعر الشبان المسلمين بأنه لا مكان لهم في المجتمع الغربي وتعرضهم لخطر الاتجاه الى الاصولية. وقال ان الجاليتين المغربية والتركية في البلاد تبذلان الكثير من الجهد بالفعل.

من جهة اخرى قالت وزارة الخارجية الهولندية يوم الجمعة إن تصريحات وزير الخارجية الهولندي برنارد بوت التي قال فيها ان التعصب يوجد في جينات عدد قليل من المتشددين الاسلاميين قد أسيء تفسيرها وانتزعت من سياقها.

وتحدث بوت خلال زيارة للبرازيل مطلع هذا الاسبوع عن دمج المهاجرين في هولندا خلال مقابلة مع صحيفة كوريرو برازيلينس البرازيلية.

ونقلت الصحيفة عن بوت قوله عن المهاجرين المسلمين "ربما أصبحوا مواطنين هولنديين لكن لديهم جينات مختلفة. انهم أقل تسامحا."

واعتبرت هولندا البالغ عدد سكانها 16 ميلون نسمة مجتمعا متسامحا على مر التاريخ غير أن التوترات العراقية والعنصرية تصاعدت خلال السنوات الاخيرة وتفاقمت بسبب عمليتي قتل سياسيتين.

ونقلت الصحيفة البرازيلية عن بوت قوله أيضا "يتعين أن نعمل بشكل أكثر جدية حتى يصبح مليون مسلم يعيشون في هولندا مواطنين هولنديين حقيقيين."

وقال الصحفي البرازيلي سامي ادجيرني انه متمسك بالقصة وبالاقتباسات التي نقلها عن الوزير خلال المقابلة التي أجريت باللغة الانجليزية.

وردا على الغضب المتصاعد ازاء المقابلة قال هيرمان فان جيلديرين المتحدث باسم بوت "هذا تشويه كامل وينطوي على سوء تفسير لما أراد الوزير أن يقوله."

وأضاف فان جيلديرين أنه رغم أن بوت ذكر كلمة "جينات" الا أنه قالها وهو يرفع يديه ويحدث ايماءة للاشارة الى علامتي اقتباس للتدليل على أنه لا يقصد ذلك حرفيا.

وكان بوت قال أيضا ان دمج الاغلبية الساحقة من المهاجرين في هولندا يسير على ما يرام قبل أن يتحدث عن مجموعة صغيرة من المتطرفين الذين قال انه يبدو أن التعصب يوجد في جيناتهم.

ونشرت صحيفة ديلي نيوز التركية التي تصدر باللغة الانجليزية خبرا رئيسيا يوم الجمعة عن المقابلة.

وتولى بوت العضو بالحزب الديمقراطي المسيحي الذي يتزعمه رئيس الوزراء يان بيتر بالكننده وزارة الخارجية في ديسمبر كانون الاول من عام 2003 بعدما قضى فترة خدمة في العمل الدبلوماسي شملت العمل كسفير لدى تركيا.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين 22 كانون الثاني/2007 - 2 /محرم/1428