عيد ميلاد كئيب في فلسطين وسط محنة اقتصادية واقتتال داخلي وحصار الاحتلال

تجمع مئات الحجاج في بيت لحم يوم الاحد لحضور قداس عيد الميلاد مع ان فرحة العيد شابتها الكآبة بعد اسابيع من العنف الفلسطيني الداخلي والقيود الاسرائيلية المعتادة على التنقل والسفر.

ودقت اجراس الكنائس في أنحاء البلدة التي يعتقد المسيحيون ان المسيح ولد فيها ودلفت الشخصيات الدينية الكبيرة اليها ومرت عدة مواكب في ساحة المهد التي تم تزيينها بالاضواء الملونة وأشجار عيد الميلاد.

لكن كثيرين من السكان ظلوا في حالة كآبة في أعقاب اسابيع من العنف في الاراضي الفلسطينية بين الفصيلين المتنافسين فتح المؤيد للرئيس محمود عباس وحماس الحركة النشطة التي فازت في الانتخابات البرلمانية في يناير كانون الثاني.

وقال محافظ بيت لحم صلاح التعمري لرويترز انه مزيج من الفرحة يوم الاحد لحلول عيد الميلاد ولمسة من الحزن بسبب الحصار الاسرائيلي والوضع السياسي والتدهور الاقتصادي.

وقال ان هذه القضايا معلقة في الهواء بجانب زينات عيد الميلاد.

واصبحت الحياة اليومية في بيت لحم اكثر سوءا نتيجة ان السكان يجدون صعوبة في الوصول الى اماكن العمل في القدس ومدن الضفة الغربية مثل الخليل وسط نقاط التفتيش الاسرائيلية والحاجز الاسرائيلي الذي يقتطع من اراضي الضفة الغربية التي يريد الفلسطينيون ان يقيموا دولتهم عليها.

وتقول اسرائيل ان الحاجز المصنوع من خليط من اسلاك شائكة وحوائط خرسانية يهدف لابعاد الانتحاريين.

وضربت العقوبات الغربية المفروضة على السلطة الفلسطينية التي تقودها حماس الموظفين الحكوميين الذين لم يحصل الكثير منهم على رواتبهم منذ شهور.

ومع تزايد نسبة البطالة الى حوالي 65 في المئة يجلس الكثير من سكان بيت لحم عاطلين. وتزين ملصقات الانتحاريين الفلسطينيين الذين نفذوا هجمات ضد اسرائيل كثير من الجدران.

وانخفضت السياحة التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد بيت لحم منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية في عام 2000. وهبط المعدل الشهري للزوار الى ما يصل الى 20 الف شخص من حوالي 100 الف قبل الانتفاضة.

لكن وزير السياحة الفلسطيني جودة جورج مرقص ان ما بين ثمانية الاف و 10 الاف زائر من المتوقع ان يصلوا خلال فترة العطلة مقابل الفين فقط في العام الماضي.

وقالت هنرييت اوسيمس (56 عاما) القادمة من هولندا "كنت خائفة من الحضور لكني سعيدة لانني هنا. يمكنك ان تشعر بالقدسية هنا."

وقال كريم اليتيم (54 عاما) البواب في احد فنادق بيت لحم ان لديه حجوزات للمرة الاولى منذ اربعة اشهر بسبب العيد حيث كان المطعم المكسيكي للفندق هو مصدر دخله الرئيسي للعديد من الشهور.

وقال ان كل شيء يؤثر في عمل الفندق الحاجز في الضفة الغربية والصراع الداخلي بين الفلسطينيين وان الحياة صعبة هنا وانهم في كل عام ياملون ان يكون الوضع افضل في العام المقبل فالامل هو كل ما يملكون.

وفي غزة ألغي الاستعراض السنوي وقداس منتصف الليل لعيد الميلاد.. وللمرة الاولى لم تزخرف زينة الميلاد شجرة الصنوبر الضخمة في الميدان الرئيسي..

شاب أسوأ اقتتال داخلي وأسوأ ظروف اقتصادية منذ عشر سنوات أول عيد ميلاد في ظل رئاسة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) للحكومة الفلسطينية.

وتقول ام طارق الارثوذكسية "لا نشعر ببهجة عيد الميلاد."

وتساءل مانويل مسلم وهو قس كاثوليكي "المناخ العام في غزة محزن. اعتدنا أن نرى الاطفال الفلسطينيين يقتلون بالطلقات الاسرائيلية. الان يقتلون بطلقات فلسطينية. كيف يمكن أن نحتفل بعيد الميلاد في ظل هذه الظروف .."

ويعيش مسيحيو غزة وعددهم نحو ثلاثة الاف في سلام بين 1.4 مليون مسلم.

ولكن معظم مظاهر الاحتفالات بعيد الميلاد في غزة قلصت للاحتجاج على الاقتتال بين حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس والقوات الموالية لحركة حماس الحاكمة.

ويشارك عادة عدة مئات في الاستعراض السنوي بغزة. وشارك رجال دين مسلمون وممثلون للحكومة في الاعوام السابقة. وتزين الشجرة بأضواء متعددة الالوان.

ويتركز معظم مسيحيي غزة في مدينة غزة حيث يملكون متاجر ومؤسسات تجارية ويحضرون قداس الاحد في كنيستين. وبعض اشهر الاطباء والمحامين وتجار المصوغات والقضاة من المسيحيين. والاغلبية العظمى منهم من الارثوذكس.

ونادرا ما يتناول مسيحيو غزة مشروبات كحولية ويميلون لارتداء الملابس المحتشمة وقال كاثوليكي "نحظى باحترام وحماية ونحسن التصرف."

ولا يرتبط مسيحيو غزة بحماس غير أن بعضهم تابع لفتح وجماعات ماركسية. ولم ينخرطوا فيما يبدو في العنف الداخلي حتى الان.

ويقول مسيحيون انهم يتمتعون بحرية دينية في ظل قيادة حماس بنفس قدر الحرية التي كانوا يتمتعون بها حين كانت فتح مسيطرة على السلطة الفلسطينية.

وتصاعدت وتيرة التوتر في غزة منذ دعا عباس الى اجراء انتخابات فلسطينية مبكرة وهي خطوة وصفتها حماس بأنها "انقلاب".

وقتل عشرة فلسطينيين على الاقل منذ اعلان عباس. وأثارت معارك متفرقة في الايام الاخيرة شكوكا حول هدنة اتفقت عليها الفصائل المتناحرة.

وفقد ابناء ام طارق ثلاثة من زملائهم في المدرسة قتلهم مسلحون بالرصاص لان والدهم ضابط بارز بالمخابرات موال لعباس.

وأضافت أن عيد الميلاد أفسد عليهم ومضت قائلة "ما زال اولادي في صدمة مما يحدث على الارض بين الفلسطينيين. لم يكن الوضع على هذا النحو قط." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 26/كانون الأول  /2006 - 4 /ذي الحجة /1427