شيشاني ستيني يتوجه للحج على متن دراجة هوائية والسلطات السعودية تمنعه من الدخول

انطلق محمد علي بهاء الدين، البالغ من العمر 62 عاماً، من قرية "ادروس مارتان" الواقعة إلى الجنوب من العاصمة الشيشانية غروزني، منذ ثلاثة شهور قاطعاً مسافة 11 ألف كيلومتر مستقلاً دراجة هوائية إلى العاصمة عمان مروراً بأذربيجان وجورجيا وإيران وأرمينيا وتركيا بهدف أداء فريضة الحج.

غير أن رحلته تلك تعثرت لدى وصوله الحدود الأردنية - السعودية حين فوجئ بحاجته للحصول على تأشيرة دخول إلى الأراضي السعودية، الأمر الذي أجبره على البقاء داخل الأراضي الأردنية في انتظار الحصول عليها آملاً من الجهات المعنية مساعدته لبلوغ مراده.

وجاءت رحلته هذه كما يشير بعد "حلم" رأى فيه والدته المتوفاة والتي تمنت عليه أن يقصد بيت الله الحرام ولو بواسطة "الدراجة"، بعد أن شكا لها "ضيق حاله" فحقق لها حلمها الذي طالما راوده أيضاً، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الأردنية.

وفي الطريق الطويلة الوعرة والشاقة واجه بهاء الدين مصاعب جمة، إذ بقي لمدة ثلاثة أيام دون طعام مكتفيا بالماء رغم قيام كل الأشخاص الذين قابلهم في رحلته بمساعدته، "ولكن رحمة الله واسعة حيث منّ عليه بحبة جوز سقطت من فم طائر" وجدها "ألذ وجبة في حياته وأكثرها إشباعا على الإطلاق في حين رفض أي مساعدة مالية من أحد طلبا لمرضاة الله عز وجل" بحسب قوله.

بيد أن تعرضه لهجوم من ذئبين في أحد الجبال التركية كان أكبر المصاعب التي تغلب عليها بإرادته القوية وبصبره وبدعواه إلى الله أن يحقق أمنيته بتأدية فريضة الحج وفقا لقوله.

وكان إذا غلبه النعاس، كما يضيف، افترش الأرض متوجها إلى القبلة حتى إذا ما جاءته المنية "مات على نيته."

ورغم اصطحابه لسجادة الصلاة إلا أنه كان يصلي في أي مكان معتبراً أن الأرض طاهرة.

ويقول بهاء الدين إن زاد وجود القران الكريم مع بهاء، الدين الذي يجيد قراءته بالعربية كونه مدرسا متقاعداً للشريعة الإسلامية في قريته، من عزيمته.

ومن طريف ما صادفه، كما يروي، أن أحد المسؤولين الشيشان علم برحلته فأعطاه صورة لوالده ليتركها هناك حيث كان والده يتمنى أداء فريضة الحج وتوفي دون أن يحقق أمنيته.

ويقول أمين سر جمعية أصدقاء جمهورية الشيشان، رشاد بينو - وهي الجمعية التي احتضنت بهاء الدين - إن تجربة بهاء الدين تعد فريدة من نوعها قياسا لعمره، مضيفاً أن سعيه للوصول إلى الحج بهذه الوسيلة تنم عن صبر وإرادة وتحد عزّ مثيله متمنيا على الجهات المعنية تسهيل وصوله إلى مراده خاصة في ظل ضيق الوقت.

 

هذا وادى مئات الآلاف من الحجاج بخشوع وسكينة صلاتي المغرب والعشاء الخميس في المسجد النبوي في المدينة المنورة (شمال غرب السعودية) قبل التوجه الى مكة لاداء فريضة الحج.

وامتلأ المسجد في ثاني الحرمين الشريفين بدوريه الارضي والاول وسطحه بالمصلين وفاضوا على ساحاته الفسيحة المحيطة التي لم يكد يبقى فيها مكان لموطأ قدم.

وقال مصدر اعلامي سعودي في المدينة ان "عدد الحجاج في المسجد النبوي حوالى نصف مليون". وتلاصق الحجاج داخل المسجد بين اعمدته الرخامية التي تكللها تيجان ذهبية اللون وهم يرددون الادعية ويقرأون القرآن بخشوع.

وبدا التأثر كبيرا على كل من تمكن بعد عناء من الوصول الى الروضة النبوية التي تقع بين قبر الرسول ومنبره. واجهش الكثير منهم بالبكاء حين وقف امام قبر الرسول.

ووقف عدد من الوعاظ والموجهين الوهابيين ليحرصوا على عدم لمس او تمسح الحجاج بقبر النبي او المنبر باعتباره "بدعة".

وتتلالأ الانوار داخل المسجد من مئات المصابيح (النجفات) في حين اضاءت قباب المسجد النبوي وصومعاته العديدة سماء المدينة المنورة.

وعمد الكثير من الحجاج بعد انتهاء الصلاة والدعاء الى التقاط صور تذكارية لهم في الفضاء الخارجي للمسجد بكاميراتهم وهواتفهم النقالة. وتصلي النساء في مكان مخصص لهن داخل المسجد. اما خارجه فقد تم تخصيص مساحة لهن عزلت بشريط من البلاستيك.

وقال نهاد (50 عاما) وهو بريطاني من اصل تركي لوكالة فرانس برس "انا سعيد جدا بوجودي هنا واشعر بالفخر لكوني مسلما". واشار الى انه قدم من بريطانيا للحج مع 18 من اقاربه وعدد من الاصدقاء. واضاف ان "كل المسلمين حيثما وجدوا يجب ان يأتوا لرؤية هذا الامر. لا يمكن معرفة اهمية ما يجري هنا (الحج) الا بعيشه".

من جانبه قال حسن (32 عاما) وهو مغربي يعمل في اسبانيا انه قطع مع اسرته مسافة كبيرة ليصل الى المدينة الامر الذي ارهقهم. لكنه اضاف "نسينا التعب حال وصولنا الى المسجد النبوي".

واوضح ان الرحلة استمرت 36 ساعة منذ انطلاقهم صباح الثلاثاء من المغرب مرورا بروما فالقاهرة فصنعاء فجدة ثم المدينة مساء الاربعاء. وردا على سؤال عن سبب ذلك قال انه تعذر عليه بسبب شدة الاقبال ان يحصل على تذاكر في رحلة بتوقف واحد و"التأشيرة تأخرت" ايضا.

وشوهد عدد كبير من الحجاج الايرانيين الذين يربو عددهم على مئة الف يدلفون بعد الصلاة الى فندق "ماريوت المدينة" الفاخر الذي خصص باكمله تقريبا لهم.

وخصص مطعم لاعداد اطباقهم وضعت عند مدخله صورة لآية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الاسلامية سنة 1979. وفي ساحة المسجد النبوي تقدم شيخ وقور معمم مجموعة من الحجاج العراقيين بدوا كانهم من اتباعه.

وردا على سؤال عن احوال الحجاج قال "كلش زين". غير انه حين عرف ان مخاطبه صحافي اسرع الخطى قائلا "لا لا نحن لا نتحدث الى الصحافة".

وكان علماء دين في ايران والعراق انتقدوا تعرض حجاج البلدين لمضايقات من السلطات السعودية الامر الذي نفته هذه السلطات بشدة.

غير ان مجموعة من 38 من العلماء السعوديين بينهم الشيخ سفر الحوالي والشيخ ناصر العمر كانوا دعوا في بيان الى دعم سنة العراق في مواجهة "الرافضة (الشيعة) المعتدين (الذين) غدت سيوف الاميركان معهم واموال العراق بايديهم وايران من ورائهم".

وجاءت تلك الانتقادات المتبادلة مع تنامي النعرات الطائفية والمذهبية في العالم العربي الاسلامي وخصوصا الاقتتال الداخلي في العراق والازمة اللبنانية.

وتقع المدينة المنورة غرب السعودية على بعد 450 كلم شمال مكة المكرمة و400 كلم عن جدة.

وهي تضم المسجد النبوي والعديد من المعالم الاسلامية منها مسجد قباء اول مسجد اقيمت به صلاة الجمعة ومسجد القبلتين (القدس والكعبة) ومقبرة البقيع التي يرقد فيها آلاف الصحابة والتابعين وجبل احد وقبر حمزة بن عبد المطلب.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 24/كانون الأول  /2006 - 2 /ذي الحجة /1427