ازمة المصداقية تكشف عن ديمقراطية غير حقيقية في المغرب

يناضل المغرب لاتخاذ قرار بشأن شكل الديمقراطية التي يجب ان تطبق بعد سنوات من الاصلاح الحذر الذي ساعد المملكة الواقعة في شمال افريقيا على تجاوز ماض قمعي.

وستتعمق المعضلة مع العد التنازلي للانتخابات التي ستجري العام المقبل التي تواجه فيها الرسالة التي تبنتها النخبة الاقتصادية عن حداثة علمانية تحديا من الاسلاميين الذين استعادوا نشاطهم من جديد.

وستحظى نتائج الانتخابات المغربية بمتابعة وثيقة في انحاء افريقيا والشرق الاوسط حيث تتعرض المنطقتين لضغط لممارسة ديمقراطية كاملة بعد ان جعلت السياسة الخارجية الامريكية هذا الهدف من أولوياتها.

وربما تحدد النتائج سرعة التغيير الذي يسانده العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي يحظي بشعبية وتشمل صلاحياته الواسعة تعيين رئيس الوزراء وحق الاعتراض على اي تشريع.

ويقول منتقدون ان هناك تحسنا حدث في قضايا مثل حقوق الانسان وحرية التعبير ولكن عندما يأتي الامر للسياسة لم تقم السلطات بأكثر من لمسات شكلية.

يقول جمال بوراوي المعلق السياسي ورئيس تحرير صحيفة الناس التي تصدر بالعربية "نواجه كارثة حقيقية هنا" بسبب فجوة المصداقية بين الحديث عن التغيير والانتقال الديمقراطي الحقيقي.

وتجاهل الملك محمد السادس نتيجة الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2002 واختار رجل الاعمال ادريس جطو رئيسا للوزراء وليس لجطو اي انتماء سياسي معروف.

وقال الاستاذ الجامعي اليساري محمد ساسي لحشد من النشطاء السياسيين انه من الامور المحيرة انه بعد سنوات من الاصلاحات ما زال المغاربة ينتظرون تشكيل أول حكومة تمثلهم من خلال صناديق الاقتراع.

وفي بلد يمتلك فيه عشرة في المئة من تعداد السكان البالغ نحو 32 مليون نسمة 90 بالمئة من الثروة يواجه النشطاء الذين يسعون الى ان يكون لرجل الشارع كلمة أكبر في شؤون البلاد اختلالا في ميزان القوى بين نظام ملكي قوي وحكومة ضعيفة ولامبالاة وفساد مستشريين.

واثار الفقر المدقع وتنامي المشاعر المؤيدة للاسلاميين مخاوف من عدم الاستقرار خاصة بعد الهجمات الانتحارية التي قتلت 45 شخصا في الدار البيضاء العاصمة التجارية عام 2003 .

وذكر تقرير ناقشه سياسيون ومعلقون صحفيون على نطاق واسع ان المغرب هو الدولة الوحيدة التي تنافس لبنان على لقب "أكثر الدول العربية انفتاحا" لكنه يقول ان احراز مزيد من التقدم لا يمكن اعتباره مضمونا.

وقالت مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في التقرير "المناخ في المغرب موات نسبيا للتغيير وليس للديمقراطية. الديمقراطية الحقيقية لا يمكن ان توجد بدون قيود رسمية على صلاحيات الملك."

ويقول العاهل المغربي الذي يترفع عن الجدل السياسي الحزبي انه يريد مزيدا من الديمقراطية لكنه لم يذكر كيف يمكن ان يحدث هذا. وبوصفه أميرا للمؤمنين يمثل الزعامة الدينية التي تضيف الى صلاحياته الكلية.

ويعتبر الكثيرون من المغاربة الملك محمد السادس أكثر الشخصيات السياسية شعبية لعمله الدؤوب ويشيرون الى أنه قطع 90 الف كيلومتر بطول البلاد وعرضها هذا العام لتدشين مشروعات تنمية لمكافحة الفقر.

وقال الناشط اليميني محمد مجيد ان الملك محمد السادس حول المغرب الى موقع بناء ضخم واستعاد الثقة وحسن صورة البلاد.

اما الحل الذي يفضله ساسي ونشطاء اخرون فهو ديمقراطية برلمانية تحول الملك من سلطة تنفيذية الى ملك دستوري له دور رمزي بصورة أكبر.

لكن هل يقبل العاهل المغربي بتقليص سلطاته وهو يعلم ان الذين يسعون لملكية اكثر رمزية هم انفسهم يحتاجون مساعدته في مجابهة النفوذ الاسلامي.

ويقول توفيق بوعشرين المحلل السياسي البارز انه اذا ما تحمل الملك مسؤولية التصدي "للخطر الاسلامي" فسيحتفظ بمعظم صلاحياته في مقابل اقدامه على هذه المخاطرة.

وفي الانتخابات تواجه الاحزاب العلمانية معارضة اسلامية قوية. تناضل الاحزاب غير الاسلامية لحشد التأييد وسط حالة متفشية من اللامبالاة السياسية بين الشبان.

ويقول عبد الهادي خيرت من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المناويء للاسلاميين ان الفساد يستشري على كافة المستويات في البلاد لكن الكارثة الاكبر هي اعراض الناس عن النشاط السياسي.

ويقول حزب العدالة والتنمية الاسلامي المعتدل والمتوقع على نطاق واسع ان يبلى بلاء حسنا في الانتخابات انه يريد مكافحة الفساد والفقر لا طرح برنامج أصولي ديني.

ويتهم الاشتراكيون الحزب بالرغبة في تقليص الحقوق الفردية ومن بينها الحريات الممنوحة للمرأة والحريات الاجتماعية.

وتتسامح الحكومة المغربية مع حركة العدل والاحسان كبرى الحركات الاسلامية الا انها محظورة بسبب عدائها الصريح للملكية. وتقول الحركة انها تريد ان تحدث تغييرا في المغرب من خلال العمل الاجتماعي والسياسي دون اللجوء الى العنف.

وفي وقت سابق هذا الشهر قالت ابنة مؤسس حركة العدل والاحسان ان الحركة ستبقى خارج العمل السياسي حتى ان فاز حزب العدالة والتنمية بانتخابات العام المقبل.

ويتطلع المفكرون العلمانيون والليبراليون ونشطاء حقوق المرأة الى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الشريك الرئيسي في الائتلاف الحكومي من أجل كبح نفوذ الاسلاميين.

وقاد الحزب الكفاح من اجل الديمقراطية وحقوق الانسان في الفترة من الستينيات الى التسعينيات من القرن الماضي.

وقال النشط عبد الباقي احمد ان الحزب يخشى من ان يقطف الاسلاميون ثمار كفاحه على مدى 40 عاما. 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 20/كانون الأول  /2006 - 28 /ذي القعدة /1427