
قال اكبر حزب إصلاحي في إيران يوم الاثنين إن الرئيس
محمود أحمدي نجاد مني بهزيمة "حاسمة" في انتخابات وطنية في الأسبوع
الماضي بسبب "الطرق الشمولية وغير الفعالة" التي تتبعها حكومته.
ورد المتحدث باسم الحكومة على ذلك قائلا إن الحكومة لم يكن لديها
مرشحون بعينهم تؤيدهم في انتخابات المجالس المحلية ومجلس الخبراء وإنها
راضية على التعاون مع الفائزين.
وقال محللون سياسيون إن الانتخابات وهي الأولى منذ الفوز المذهل
الذي حققه أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2005 لن يكون لها أثر
مباشر على السياسة في الجمهورية الإسلامية التي يتمتع فيها الزعيم
الأعلى آية الله علي خامنئي بالكلمة العليا في كل قضايا البلاد.
غير أن الأداء الضعيف لحلفاء الرئيس المناهض للغرب من الممكن أن
تمنح قوة اكبر للأصوات الأكثر اعتدالا في صنع القرارات بالمستقبل.
واستمر فرز الأصوات يوم الاثنين في عدة بلدات رئيسية لليوم الثالث
مما دفع منتقدي الحكومة إلى إبداء مخاوف من احتمال أن يكون التأخر بسبب
محاولة للتلاعب في الأصوات.
وتشير النتائج التي أعلنت حتى الآن إلى أن أداء المرشحين المحافظين
المعتدلين والإصلاحيين أفضل بصفة عامة من الحلفاء المقربين إلى أحمدي
نجاد ولكن لم تحقق أي مجموعة انتصارا واضحا.
وقالت جبهة المشاركة الإيرانية الإسلامية المؤيدة للإصلاحيين "تشير
النتائج الأولية للانتخابات في أنحاء البلاد إلى أن قائمة السيد أحمدي
نجاد منيت بهزيمة حاسمة في أنحاء البلاد."
وأضافت "تعني هذه النتائج رفضا كبيرا للطرق الشمولية وغير الفعالة
التي تتبعها الحكومة."
وفضل غلام حسين الهام المتحدث باسم الحكومة إبراز نسبة الإقبال على
الانتخابات التي بلغت 60 في المئة وهي أعلى كثيرا من مستويات الإقبال
على انتخابات مماثلة أجريت في السنوات الأخيرة.
وقال في مؤتمر صحفي اسبوعي "الحكومة لا تعمل لمصلحة أي جماعة سياسية
بعينها.. ليس من المهم بالنسبة لنا من الفائز في الانتخابات."
وأشار فرز الأصوات في مجلس بلدية طهران إلى حصول مؤيدي أحمدي نجاد
على ما يصل إلى أربعة مقاعد بين 15 مقعدا. ومن بين المرشحين الذين
أصبحوا قريبين من الفوز إحدى شقيقات الرئيس أحمدي نجاد.
واقتسم باقي مقاعد المجلس المحافظون المعتدلون من مؤيدي محمد باقر
قاليباف رئيس بلدية طهران والإصلاحيون ومن بينهم ثلاثة وزراء سابقون
على الأقل.
وقال إصلاحيون إن نتائج انتخابات بلدية طهران كانت انعكاسا
للانتخابات في أجزاء أخرى من البلاد حيث لم يتمكن حلفاء أحمدي نجاد من
الحصول على سيطرة حاسمة على مجالس أخرى. وقال بعض زعماء الإصلاحيين
إنهم يخشون من احتمال تشكيل مؤيدي أحمدي نجاد وقاليباف تحالفا لإقصاء
الإصلاحيين عن السلطة في طهران.
كما أصيب حلفاء أحمدي نجاد بخيبة أمل في انتخابات مجلس الخبراء وهو
مجلس مؤلف من 86 عضوا والذي ينتخب الزعيم الأعلى ويشرف على مهامه وفي
بعض الأحيان يقيله.
وحصل على أكبر عدد من الأصوات في طهران إلى الآن الرئيس الأسبق أكبر
هاشمي رفسنجاني وهو من أشد منتقدي الرئيس الذي ألحق به الهزيمة في
الانتخابات الرئاسية عام 2005.
وجاء في المركز السادس في سباق طهران رجل الدين آية الله محمد تقي
مصباح يزدي وهو من مؤيدي أحمدي نجاد ولكنه حصل على ما يكفي من الأصوات
بشكل يمكنه من الاحتفاظ بمقعده في المجلس. ولم يحصل عدد آخر من رجال
الدين المتحالفين مع الرئيس ومصباح يزدي على مقاعد.
وقال المحللون الاحد ان الناخبين الايرانيين وجهوا تحذيرا للرئيس
المتشدد محمود احمدي نجاد من خلال انتخابات مجلس الخبراء والمجالس
المحلية التي هزت المشهد السياسي قبل الانتخابات التشريعية التي ستجري
خلال عامين.
فقد اخفق المحافظون المتشددون المقربون من الرئيس الايراني في تحقيق
فوز كاسح في الانتخابات التي سجل فيها التيار المعتدل اداء جيدا حسبما
دلت النتائج الاولية التي نشرت اليوم الاحد.
وقال المحلل المحافظ امير محبيان ان "الناخبين اعطوا ضوء احمرا
للرئيس احمدي نجاد".
واضاف محمد اتريانفار الاصلاحي الذي اسس صحيفة "الشرق" المعتدلة
المحظورة حاليا "انها رسالة واضحة للغاية لاحمدي نجاد. ان الحكومة
الشعبوية تخسر قاعدتها".
ومع ان الانتخابات على درجة عالية من التعقيد بحيث لا يمكن اعتبارها
استفتاء على شعبية احمدي نجاد الا ان النتائج حتى الان تظهر ان الحكومة
لم تكسب الدعم الواضح في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة البطالة ويتواصل
فيه التضخم.
وحقق الرئيس الايراني الاسبق المعتدل اكبر هاشمي رفسنجاني فوزا
مفاجئا بحصوله على معظم الاصوات حتى الان متغلبا في ذلك على منافسه
المتشدد محمد تقي مصباح يزدي في انتخابات مجلس الخبراء الجهاز الذي
يختار المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية.
من ناحية اخرى اظهرت النتائج الاولية ان السيطرة على المجالس
البلدية في المدن الكبرى مثل طهران واصفهان ستكون مشتركة بين المحافظين
المتشددين الموالين لاحمدي نجاد والاصلاحيين والمحافظين المعتدلين.
وقال اتريانفار "ان الدرس الرئيسي من هذه الانتخابات الثنائية هي
اخفاق اصدقاء احمدي نجاد ونجاح المحافظين الاكثر اعتدالا".
واضاف "ان حصول رفسنجاني على نحو ضعف عدد الاصوات التي حصل عليها
المتشدد محمد تقي مصباح يزدي يعتبر رسالة سياسية واضحة جدا".
وقالت صحيفة "كارغوزاران" ذات التوجه المماثل "ان النتائج تظهر ان
الناخبين تعلموا دروس الماضي وخلصوا الى انهم يحتاجون الى عودة التوازن
الى المشهد السياسي ودعم الشخصيات المعتدلة".
ويقول المحللون ان احدى اهم سمات هذه الانتخابات هي انقسام القوى
"المحافظة بين المتشددين الموالين لاحمدي نجاد والقوى الاكثر اعتدالا".
وتجلى هذا الانقسام في ترشيح مصباح يزدي لمقعد في مجلس الخبراء على
لائحة لم تضم اسماء رفسنجاني او اي من حلفائه.
من ناحية اخرى انضم حلفاء رفسنجاني الذين تذبذبت ميولهم بين التيار
المحافظ والمعتدل في السنوات الاخيرة الى الاصلاحيين في المنافسة على
مجلس مدينة طهران في قائمة معتدلة مشتركة.
وقال محبيان ان "الانتخابات اظهرت ان الناخبين ما زالوا يؤمنون
بالمعسكر المحافظ الذي يضم المحافظين المعتدلين وانصار السيد احمدي
نجاد (...) الا ان على هؤلاء ان يضعوا خلافاتهم جانبا للتحضير
للانتخابات البرلمانية التالية في 2008. والا فان الاجواء ستكون في
صالح الاصلاحيين".
وستكون انتخابات البرلمان الذي يهيمن عليه المحافظون في 2008
اختبارا اكثر وضوحا لشعبية الحكومة ومؤشرا على الانتخابات الرئاسية
التي ستجري في 2009.
ويرى اتريانفار ان رفسنجاني "نجح (في انتخابات مجلس الخبراء) بفضل
دعم الاصلاحيين. وسيعزز علاقاته معهم". واضاف ان "الاصلاحيين تمكنوا من
تحقيق اختراق بسيط. والحكمة من وراء هذا هو ان عليهم الحفاظ على وحدتهم
في الانتخابات التشريعية المقبلة".
اما بالنسبة لمجلس مدينة طهران فكان المحافظون اكثر انقساما بين
المتشددين الموالين لاحمدي نجاد وحلفاء عمدة طهران الحالي التكنوقراطي
محمد باقر قاليباف.
وفيما يعتبر قاليباف رئيس الشرطة السابق والطيار المدني المعتمد
عادة محافظا الا انه رحب بتعيين شخصيات اصلاحية في مناصب مهمة.
واثارت تصريحات احمدي نجاد المعادية للغرب واسرائيل القلق في الغرب
الذي يخشى ان تكون ايران تسعى لصنع قنبلة نووية وهو ما تنفيه طهران.
وقالت صحيفة كارجوزاران اليومية في مقال افتتاحي "تظهر النتائج أن
الناخبين تعلموا الدرس من الماضي واستنتجوا انه ينبغي لنا مساندة...
الشخصيات المعتدلة."
والصحيفة قريبة من الرئيس الاسبق أكبر هاشمي رفسنجاني وهو رجل دين
معتدل تقول وسائل الاعلام المحلية انه يتقدم المرشحين لعضوية مجلس
الخبراء في طهران في فرز الاصوات. وخسر رفسنجاني انتخابات الرئاسة أمام
احمدي نجاد في عام 2005.
وجاء في مركز أدنى في القائمة ولكن بعدد كاف من الاصوات للاحتفاظ
بمقعده في المجلس اية الله محمد تقي مصباح يازدي الذي يحبذ الانعزال
الثقافي عن الغرب وينظر اليه على نطاق واسع على انه المرشد الروحي
لأحمدي نجاد.
وذكرت وكالة انباء الجمهورية الإسلامية الايرانية أن اثنين من
المرشحين يصفهما رجال الدين بأنهما من حلفاء مصباح يازدي خرجا من
المنافسة في طهران. وخسر ثلاثة من انصاره في مناطق اخرى ولكن واحدا على
الأقل من انصاره فاز بمقعد.
وقال محلل سياسي ايراني طلب عدم نشر اسمه "هذه ضربة لقائمة احمدي
نجاد ومصباح يازدي."
ولمجلس الخبراء سلطات أكبر من الرئيس أو البرلمان لانه يشرف على
الزعيم الأعلى. ولكن رجال الدين المحافظين يميلون لابعاده عن شؤون
السياسة اليومية ويرجح المحللون ان يبقى الحال على ما هو عليه.
وقال المعلق المحافظ امير محبيان "انها رسالة لاحمدي نجاد" مضيفا ان
الرئيس الايراني لا يزال يحظى بشعبية في الاقاليم.
وأشارت نتائج استطلاعات رأي غير رسمية ونتائج جزئية الى تأييد
الناخبين لمجموعة واسعة من المرشحين مما يمنح كل الاطراف السياسية قدرا
من النجاح بينما لا يسمح لاحد بتحقيق فوز مطلق.
ونقلت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية عن مسؤولين قولهم
بان نسبة الاقبال بلغت نحو 60 في المئة من بين الناخبين المسجلين
البالغ عددهم 46.5 مليون ناخب وهي نسبة أعلى من الانتخابات الماضية.
وقالت الصحف الايرانية ان اقبال الناخبين كان بمثابة لطمة "لاعداء"
ايران.
وأعلنت وزارة الداخلية اسماء الفائزين في عدة دوائر لمجلس الخبراء
المؤلف من 86 عضوا والذي يعين الزعيم الاعلى الايراني ويراقبه بل
ويمكنه عزله من منصبه.
ومن بين الفائزين اية الله محمد مؤمن الذي هزم احد الاتباع البارزين
لاية الله محمد تقي مصباح يازدي الذي ينظر اليه على نطاق واسع على انه
مرشد أحمدي نجاد.
والفوز الذي حققه مؤمن في مركز قم الديني من المرجح ان يسر اولئك
الذين يخشون من ان مصباح يازدي وحلفاءه يريدون الهيمنة على المجلس
واستخدامه لفرض رؤيتهم لحكومة تستمد السلطة من الله وليس من اصوات
الشعب.
وقال محلل "سيكون مجلسا منقسما بالتأكيد." واضاف ان التركيبة ستتغير
عندما تصل نتائج التصويت من مناطق مختلفة من العاصمة.
وفي انتخابات المجلس عام 2003 حصل انصار احمدي نجاد على 14 من بين
15 مقعدا في مجلس طهران. ورغم انشقاق البعض الا ان الاصلاحيين الذين
يدعمون اجراء تغييرات اجتماعية وسياسية لم يحصلوا على اي مقاعد.
ويتنافس نحو 233 الف مرشح على اكثر من 113 الف مقعد في المجالس
المحلية في المدن والقرى بجميع انحاء البلاد. |