الفساد ظاهرة سرطانية في الدول العربية

اعتبر مسؤولون حكوميون وخبراء اقتصاديون مشاركون في المنتدى الاستراتيجي العربي، أن الفساد أصبح "ظاهرة سرطانية" بعد أن تفشت جرائم الفساد في العديد من الدول العربية.

واتفق المشاركون في المنتدى، الذي انعقد مؤخرا في دبي، على أن الفساد يؤدي إلى "مخاطر مهلكة" على مقدرات اقتصادات المنطقة العربية، مشيرين إلى تقرير البنك الدولي حول حجم الرشاوى المدفوعة سنوياً على المستوى العالمي، والتي قدرت بحوالي تريليون دولار.

كما اتفق المشاركون على أهمية إيجاد التشريعات الضرورية لمحاسبة المسئولين عن الفساد، إضافة إلى المطالبة بإيجاد آليات جديدة للمسائلة، وزيادة مستوى الشفافية في ميزانيات الدول أو المؤسسات.

وكان المنتدى الاستراتيجي العربي، قد خصص إحدى جلساته لمناقشة قضية الفساد في العالم العربي، وآثاره السلبية على اقتصاديات الدول العربية، ودور كل من الحكومات والقطاع العام ومؤسسات القطاع الخاص، في تفشي "الظاهرة المدمرة."

شارك في الجلسة كل من عبيد حميد الطاير رئيس مجلس إدارة غرفة دبي للصناعة والتجارة، وحبيب الملا رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للخدمات المالية، وبيتر إيجن مؤسس ورئيس منظمة الشفافية الدولية، وأريه ناير رئيس معهد المجتمع المفتوح بالولايات المتحدة، وأدار الجلسة ناصر سعيدي رئيس المعهد الإقليمي للحوكمة "حوكمة" بدولة الإمارات.

وخلال مداخلته، أكد الطاير أنه سيكون من الصعب محاربة الفساد، في ظل غياب الديموقراطية وعدم الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية، مؤكداً أن هذه هي المعاناة الحقيقة التي يرزح تحت وطأتها معظم الشعوب العربية.

وأشار الطاير إلى أن عدد كبير من مسؤولي الحكومات في المنطقة العربية، قاموا بتأسيس شركات لأعضاء أسرهم وأصدقائهم، مستغلين نفوذهم السياسي، الأمر الذي حرم القطاع الخاص من المشاركة في بناء اقتصاد تلك الدول.

من جانبه، قال بيتر إيجن إن الفساد هو ظاهرة عالمية تقع مسئوليته على الغرب أيضاً، حيث لم تعمل الحكومات الغربية لوقت طويل على إيجاد الآليات اللازمة والتشريعات الضرورية للحد من نزعة الشركات الأوروبية والأمريكية لدفع الرشاوى.

وأضاف أن الفساد يساهم بشكل رئيسي في تدمير موارد الدول، ويقضي على إمكانيات خلق فرص جديدة للعمل، ويحد قدرات النمو الاقتصادي، كما يؤثر على العديد من قطاعات الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.

إلى ذلك، قال حبيب الملا إن "هناك نماذج سافرة للفساد في العالم العربي، من أكبرها العراق، وما حدث فيه من إهدار هائل للموارد"، ووصف وضع الفساد في العراق بأنه "فضيحة القرن."

وحمّل الملا القطاع الخاص جانباً كبيراً من المسئولية عن تفشي الفساد، وقال إنه يشارك القطاع العام والحكومي المسئولية، كما دعا إلى تأسيس محكمة لجرائم الفساد على غرار محكمة جرائم الحرب.

في الوقت نفسه، قال أريه ناير إن هناك حالة من الحراك الدولي الداعية إلى زيادة مستوى الشفافية في ميزانيات الدول، وأشار إلى أن منطقة الخليج قد لا تواجه ضغوطاً كبيرة في هذا الاتجاه، نتيجة لاعتماد عائداتها على الصناعات التنقيبية (النفط والغاز)، في حين تتزايد الضغوط لرفع سقف الشفافية في الدول التي تعتمد في عائداتها على جمع الضرائب، حيث يسعى دافعو الضرائب لمعرفة السبل التي تم إنفاق أموالهم فيها.

وكانت الجلسة الافتتاحية للمنتدى، والتي عقدت تحت عنوان "خلق الفرص من المتغيرات العالمية"، قد شهدت دعوة متزايدة إلى دفع عمليات التغيير وتعزيز التنوع الاقتصادي بالمنطقة العربية.

كما دعا المشاركون إلى صياغة استراتيجيات كفيلة بتنمية الكوادر البشرية، بما يمكنها من مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية التي تواجه العالم العربي.

وقالت وزيرة الاقتصاد الإماراتية الشيخة لبنى القاسمي إن تنويع البنية الاقتصادية يمثل محركاً أساسياً لعملية التنمية، كما أن هناك حاجة ملحة لخلق المزيد من فرص العمل المرتبطة بتطوير قدرات الكوادر البشرية.

وبينت أن التحدي الأساسي يتمثل بدعم الاستثمار في عمليات التنويع الاقتصادي، مؤكدة أن تنويع البنية الاقتصادية يجب أن يركز على قطاع الخدمات بشكل أساسي.

بدورها قالت مها خالد الغنيم نائب رئيس بيت الاستثمار العالمي بالكويت، إن أهم التحديات التي تواجه عملية التنويع الاقتصادي تكمن في تطوير وتنمية القطاع الخاص، الذي ما تزال حصته من إجمالي الناتج المحلي في الكويت دون المستوى المطلوب.

من جانبه، تحدث الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر، حول الفرص المتاحة في قطر، وقال إن بلاده تشهد حالياً طفرة اقتصادية كبيرة، وتحقق توسعات هائلة في بياناتها الاقتصادية.

من جهته ركز رئيس مجلس إدارة الشركة السعودية للأبحاث والنشر، الأمير فيصل بن سلمان آل سعود، على عمليات الحكومة والإدارة الحكومية وأهميتها في التعامل مع التغيير والفرص التي يفرزها، موضحاً أن "الحوكمة" هي الطريقة المثلى لإدارة منظومة العلاقات في الدولة والمجتمع.

وأكد نائب الرئيس والرئيس التنفيذي لمجموعة "سابك" السعودية محمد الماضي، أن التعليم هو المفتاح لإدارة التغيير باتجاه تعزيز البنية الاقتصادية وتنويعها، مشيراً إلى أنه "لا يمكننا فعل ذلك من دون التعليم والقوى العاملة المدربة، الأمر الذي يتطلب جهداً ووقتاً لوضعه حيز التنفيذ."

وتحدث وزير المالية المصري يوسف بطرس غالي، فقال: "لم تكن القضية في إدارة التغيير، حيث أن العالم العربي يمتلك قادة ذوي رؤية، ودبي خير مثال على ذلك، حيث استطاعت إحداث وإدارة التغيير بنجاح."

وأضاف غالي قوله إن أهم التحديات هي "تغيير العقلية البيروقراطية، وعلينا أن نغامر وندعم القطاعات التي تدعم التغيير لنصل إلى الأهداف المنشودة."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين11  /كانون الأول  /2006 -19 /ذي القعدة /1427