خيام توحد تحتها شيعة وسنة ومسيحيين في معارضة سلمية لن تهادن

 

أم داعية سني لبناني الافا من المحتجين الشيعة المناهضين للحكومة في صلاة الجمعة في مدينة خيام بوسط بيروت في اظهار لوحدة المسلمين وتبديد المخاوف من صراع طائفي.

وحاصرت المعارضة التي يقودها حزب الله مقار الحكومة طوال الاسبوع الماضي سعيا لاسقاط حكومة رئيس الوزراء فؤاد السنيورة المدعومة من الغرب.

وحزب الله الشيعي هو أكبر قوة في المعارضة في حين ان السنيورة سني ومؤيده الرئيسي وزعيم الاغلبية البرلمانية سعد الحريري سني ايضا.

وأبرزت احتجاجات وسط بيروت التوترات بين الجانبين لكن الداعية فتحي يكن الذي يقود جماعة سنية صغيرة مؤيدة للمعارضة أم صلاة الجمعة ودعا لوحدة وطنية.

وقال "هذا الحشد ليس للشيعة وليس للسنة ولا لاي طائفة هذا حشد لكل لبنان" واتهم حكومة السنيورة بالعمالة للولايات المتحدة.

وأضاف في خطبة ترددت أصداؤها في نواحي وسط بيروت الذي مازال يحمل ندوبا من الحرب الاهلية التي استمرت من عام 1975 وحتى عام 1990 "أيها اللبنانيون.. سنة وشيعة دروزا ومسيحيين.. اياكم ثم اياكم من الانزلاق الى اتون الفتنة."

وسحب التيار الشيعي وزراءه من حكومة السنيورة الشهر الماضي وطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد حرب مع اسرائيل دامت أكثر من شهر الصيف الماضي.

وقال يكن "اعتصامكم هذا سيسقط باذنه تعالى المشروع الامريكي."

وحث زعيم حزب الله حسن نصر الله أنصاره يوم الخميس على حضور صلاة الجمعة لإظهار وحدة المسلمين.

وقال لعشرات الالاف من الانصار في وسط بيروت من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة انه لن يكون هناك قتال بين الشيعة والسنة في لبنان.

وفي هجوم لاذع اتهم نصر الله اعضاء الحكومة الائتلافية المعارضة لسوريا بالضغط على واشنطن لجعل اسرائيل تهاجم لبنان في يوليو تموز الماضي لسحق حزب الله.

وقال ايضا ان السنيورة حاول جعل الجيش اللبناني يقطع طرق الامداد لمقاتليه خلال الحرب.

ونفى السنيورة كل الاتهامات التي وجهت اليه بالتعاون مع اسرائيل وقال أمام حشود من مؤيديه أن نصر الله يهدد بانقلاب.

واحتمى السنيورة ووزراؤه في مقار الحكومة اللبنانية خوفا على حياتهم بعد اغتيال وزير الصناعة اللبناني بيار الجميل في الشهر الماضي.

وستسقط الحكومة تلقائيا في حالة وفاة او استقالة وزيرين اخرين.

وأظهر الزعماء السنة في مصر والاردن والسعودية تأييدا لحكومة السنيورة في الايام الماضية بسبب مشاعر قلق من تنامي نفوذ ايران الشيعية التي تمول حزب الله.

وقال الرئيس المصري حسني مبارك في تصريحات للتلفزيون الفرنسي يوم الجمعة ان المعارضة اللبنانية تفتقر للعقل.

وأضاف انه توجد مخاطر تدخل خارجي في هذه المظاهرات وهذا يمكن ان يؤدي الى مواجهات خطيرة بل يمكن ان يؤدي الى تدمير لبنان.

ورفض السنيورة الدعوات المطالبة باستقالته لكنه صرح بانه مستعد للتفاوض بشأن توسيع الحكومة.

وتقول المعارضة ان هذا لا يكفي وهددت بأنها ستبدأ قريبا في المطالبة باجراء انتخابات مبكرة اذا لم يتراجع السنيورة عن موقفه.

وقال يكن في خطبته موجها حديثه للسنيورة "أدعو رئيس الحكومة الى وقفة تاريخية ترضي الله عز وجل أولا وتطفيء نار الفتنة وتخرج لبنان من النفق المظلم."

ويتهم حلفاء السنيورة المعارضة باستغلال الاحتجاجات لمحاولة تعطيل محكمة دولية لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم في اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري عام 2005 الذي يلقي كثير من اللبنانيين باللائمة فيه على سوريا وهو ما تنفيه دمشق.

وفي جانب ليس ببعيد فأن منى مهنا مسيحية لبنانية شاركت العام الماضي في مظاهرات 14 مارس اذار التي أنهت الهيمنة السورية على لبنان. وهذا العام تخرج الى الشارع مرة أخرى للتظاهر لكن مع جماعة تدعمها سوريا.

هل في الامر تناقض؟ تجيب مهنا ومؤيدوها بالنفي.

ففي العام الماضي انضم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه ميشيل عون وهو رجل عسكري تحول الى السياسة للاحتجاجات التي طالبت سوريا بانهاء وجودها العسكري الذي دام 29 عاما في لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

وألقي كثير من اللبنانيين بمسؤولية اغتيال الحريري على سوريا التي تنفي الاتهامات.

وقالت مهنا (48 عاما) اثناء مشاركتها في الاحتجاجات المستمرة منذ أسبوع بقيادة حزب الله المؤيد لسوريا للاطاحة بالحكومة المدعومة من الغرب "خرجنا الى الشوارع اثناء ثورة الارز لاننا كنا نريد اخراج السوريين من لبنان."

ومضت تقول "الان جئت الى هنا لانني أريد حكومة تحترم شعبها."

واستقبل عون استقبال الابطال عند عودته من منفاه الاختياري بعد انسحاب القوات السورية في العام الماضي. لكن الساسة المناهضين لسوريا عاملوه بفتور رغم حصوله على 21 مقعدا في الانتخابات البرلمانية.

واستبعده حلفاؤه السابقون من تحالفاتهم الانتخابية مما أدى الى عدم تمثيله في الحكومة. وانضم عون الى شريك غير متوقع هو جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من سوريا وايران مما دفع معارضيه الى التساؤل عما ان كان عون يغير برنامجه.

ويصر أنصار عون على أنه لا يوجد تغيير.

وقال رابح عبده (33 عاما) وهو أحد المسؤولين عن التنظيم في الحزب "نحن هنا لاننا نريد تمثيلا مناسبا في هذه الدولة وتغيير هذه الحكومة لانها تتشبث بالسلطة."

ومضى يقول "لسنا مع سوريا ولا ايران وهاتين الدولتين ليس لهما علاقة بنا. ولن نقبل كحزب يتزعمه عون عودة السوريين هنا واذا فعلوا سنكون من أوائل الذين يتصدون لهم."

واتسع منذئذ الشقاق بين المسيحيين الموارنة المتحالفين مع الاغلبية المناهضة لسوريا وبين اتباع عون وأخذ منحى كريها.

وشوهت صورة عون في حي مسيحي في بيروت وكانت الشعارات المعادية لعون شائعة الشهر الماضي اثناء جنازة بيار الجميل الوزير المناهض لسوريا الذي اغتيل بالرصاص في بيروت.

وخرج أنصار عون بقوة في وسط بيروت يحتلون ميدانا كاملا تقريبا بخيام باللون البرتقالي الذي اتخذه الحزب رمزا لينضموا الى حزب الله في مطالبه بتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون لهم فيها تمثيل أكبر.

ويقولون ان سوريا لم تعد تتدخل في شؤون لبنان ولا ضرر في أن تكون هناك علاقات معها طالما أنها لن تعود الى لبنان.

وقال بشير سلامة (18 عاما) "بالطبع ما زلنا ضد أي وجود عسكري سوري في لبنان. وعندما خرجنا في 14 اذار كنا نطالب سوريا بالخروج وغادر جيشها... اليوم لدينا مطالب داخلية ولا شأن لنا بسوريا."

وقد تجمع هذا الطيف المعارض المتعدد في مدينة الخيام حيث لا تبدو مظاهر طائفية بين الشيعة وحلفائهم المسيحيين اذ امضوا أكثر من عشرة ايام سويا.

وتبدو هذه الخيام مثل أي قرية لها حدود واضحة وتقطعها عدة طرق رئيسية ويقطنها خمسة ملايين نسمة بل واقتصاد نام أيضا.. إنها مدينة الخيام التي تضم آلاف من محتجي المعارضة اللبنانية الذين يقولون أنهم لن يبرحوا أمكانهم حتى تسقط الحكومة التي يدعمها الغرب.

وينقسم المخيم الى مربعين يحتل الأول أنصار حزب الله والثاني حلفاؤهم من الحركة الوطنية الحرة.

وتزين خيام حزب الله المؤيد لسوريا صور زعيمه السيد حسن نصر الله بينما يميز المنطقة الثانية اللون البرتقالي الزاهي وهو اللون المميز للحركة المسيحية.

وبوسط المدينة منصة ضخمة اقيمت على منحدر تتحول اليها الانظار في المساء حين يعتليها وعاظ وشعراء وساسة يلقون خطبا نارية أمام الحشد الصاخب.

ولكن الأجواء أبعد ما تكون عن العنف والتجمع المستمر علي مدار اربع وعشرين ساعة أشبه بالمهرجان إذ تعزف الموسيقي وتدق الطبول بانغام شعبية حتى الساعات الأولى من الصباح.

ويقول يوسف حداد (55 سنة) "هذا المكان افضل من المنزل تعرف الجميع على بعضهم البعض وتوثقت الصلات اذ يجمعنا مطلب مشترك."

وتخلى معظم المحتجين عن اعمالهم اذعانا لامر قادتهم ورغم ذلك استطاعوا كسب قوتهم.

ويجلس حسن عباس أمام خيمته ومعه مائدة يضع عليها المشروبات الغازية والمياه والسجائر. ويؤجر النرجيلة (الشيشة) بسعر يقل عن دولارين يوميا.

وقال "جئنا الى هنا منذ بداية الاحتجاج. تصورنا اننا سننضم للمحتجين على أي حال ومن ثم يمكنا أن نكسب بعض المال ايضا."

وقال عباس (23 عاما) وهو سائق سيارة اجرة في الاصل "نبيع لمصلحة الناس بدلا من ان يذهبوا للمتاجر التي ترفع أسعار السلع."

وتابع "هناك مجتمع جديد الان لاننا اناس مختلفون من طوائف مختلفة ولكننا نسعد بالصحبة."

ويحضر بائع اخر القهوة في منزله ويجوب المخيم لبيعها.

ويقول عدنان حسين (20 عاما) "جميع زبائني كانوا في الضاحية الجنوبية (الشيعية) وهم هنا الان فتبعتهم. اكسب مالا اكثر هنا لان هناك عددا كبيرا من الناس."

ولا تظهر بوادر لانفراج الازمة السياسية مع تمسك الحكومة بموقفها. ويتهم حزب الله رئيس الوزراء فؤاد السنيورة بعدم مساندته في حربه مع اسرائيل في العام الجاري ويقول السنيورة ان حزب الله يهدد بانقلاب.

وهناك مخاوف من أن يزيد طول أمد الازمة من خطر انزلاق البلاد نحو حرب أهلية اذ تصاعدت حدة التوتر بين السنة والشيعة وساءت العلاقات بين المسيحيين المنقسمين بين المعسكرين.

وقال مايك ابي خليل (18 عاما) الذي زين شجرة عيد الميلاد امام خيمته بكرات برتقالية "يبدو اننا سنمكث لوقت طويل لذا سنحتفل بعيد الميلاد هنا. اصبح هذا المكان بيدو مثل المنزل الان." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد10  /كانون الأول  /2006 -18 /ذي القعدة /1427