سوريا مسرورة بتقرير بيكر واعداءها من اللبنانيين قلقين

 

قالت مسؤولة مقربة من الرئيس بشار الاسد يوم الخميس إن سوريا شعرت بالتشجيع من تقرير أصدرته لجنة أمريكية بشأن الوضع في العراق ربطت فيه بين الاستقرار هناك وعملية سلام اقليمية قد تشمل استعادة أراضيها المحتلة.

وأوصت مجموعة دراسة العراق الرئيس الامريكي جورج بوش يوم الاربعاء بضرورة التخلي عن سياسته الرامية الى عزل ايران وسوريا واستئناف الجهود الرامية الى انهاء الصراع العربي الاسرائيلي.

وقالت بثينة شعبان وزيرة المغتربين لرويترز "نحن مسرورون لان التقرير ربط العراق بالوضع في المنطقة..رؤية سوريا ان الذي يحدث في العراق لا يمكن عزله عن فلسطين ولبنان وبقية المنطقة."

وأضافت "نأمل أن يشكل تقرير بيكر مفصلا هاما وهو اشارة الى تغيير في سياسة الولايات المتحدة. وراءه طبعا دوافع أمريكية."

وشملت التوصيات التي جاءت في تقرير اللجنة التي يرأسها كل من وزير الخارجية الامريكي الاسبق جيمس بيكر والنائب الديمقراطي السابق لي هاميلتون إجراء محادثات بين اسرائيل وسوريا.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت يوم الخميس انه يستبعد اجراء محادثات فورية مع سوريا ولا يتوقع ان يتعرض لضغوط كبيرة من الولايات المتحدة رغم ما أوصى به التقرير.

وتحاول سوريا منذ سنوات اجراء محادثات سلام شاملة مع اسرائيل على أساس قرارات الامم المتحدة التي تقضي بعودة جميع الاراضي العربية التي تحتلها الدولة اليهودية منذ عام 1967 بما فيها مرتفعات الجولان.

وقال التقرير ان الولايات المتحدة يجب ان تدخل في حوار مع طهران ودمشق اللتين تتعرضان لعقوبات امريكية منذ عام 2004 بسبب دعم حركة حماس الفلسطينية وجماعة حزب الله اللبنانية.

وتتهم الولايات المتحدة سوريا بالسماح بعبور الاسلحة والمقاتلين من حدودها الى العراق لدعم العمليات المسلحة ضد القوات الامريكية هناك.

وينفي مسؤولون سوريون الضلوع في هذا التدفق المزعوم للاسلحة والمقاتلين ويشيرون الى ان دمشق تلقي القبض على الاجانب الذين يودون المشاركة في القتال بالعراق قبل ان يتمكنوا من عبور الحدود.

وعندما سئلت عما اذا كانت حكومة دمشق مستعدة لاجراء محادثات مع واشنطن بشأن العراق قالت شعبان "سوريا مستعدة أن تعمل كل شيء في مصلحة الشعب العراقي والحفاظ على وحدة العراق وانهاء الاحتلال والاحتقان الطائفي ولكنها لا تقبل الشروط والاملاءات."

وقالت شعبان ان السياسة الامريكية الرامية الى عزل سوريا بسبب دورها في لبنان ودعم كفاح الشعب الفلسطيني من اجل تقرير مصيرة محكوم عليها بالفشل.

وقالت شعبان "لقد أشار هاميلتون الى أن سوريا وايران لاعبان اساسيان لا يمكن عزلهما." واضافت ان واشنطن قد تبدأ في استخدام حلفائها في المنطقة لبدء الاتصالات مع سوريا.

واجرى مستشار رفيع لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير محادثات مع الرئيس بشار الاسد في دمشق الشهر الماضي بشأن العراق في اول زيارة على مستوى عال منذ سنوات.

من جانب آخر أثارت دعوة مجموعة دراسة العراق واشنطن لاجراء محادثات مع دمشق تساؤلات بين بعض الزعماء اللبنانيين المعارضين بشأن ما اذا كانت حليفتهم الولايات المتحدة ستسمح لسوريا باعادة تأكيد نفوذها في لبنان مقابل تقديم يد المساعدة في العراق.

وقدم بوش مرة ثانية دعما قويا لرئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة يوم الخميس واتهم سوريا بمحاولة زعزعة الحكومة في لبنان.

ولكن المساندة العلنية قد تتراجع أمام ما يخشاه بعض اللبنانيين من تنازلات سرية لسوريا فيما تبحث واشنطن عن سبل للخروج من دائرة العنف في العراق.

وتود سوريا ان تعترف الولايات المتحدة بدورها في لبنان حيث كانت تتمتع بنفوذ اكبر حتى حملتها الضغوط الغربية على سحب قواتها من لبنان في العام الماضي.

ويقول هلال خشان استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في بيروت "الحاجة (لجهود) سوريا لتهدئة الوضع في العراق ستمنح السوريين فرصة لتأكيد نفوذهم في لبنان."

واضاف "لن يدهشني اذا ادت محاولة تحسين الوضع في العراق لتقديم تنازلات معينة ضمنيا في لبنان."

وهيمن ائتلاف مناهض لسوريا يعرف باسم (حركة 14 اذار) على الحكومة التي تشكلت عقب انسحاب سوريا ويحظى الائتلاف بمساندة من واشنطن وباريس وجعل اولويته التصدي للنفوذ السوري في لبنان.

ويحاول الزعماء المناهضون لسوريا المضي قدما في خطط تشكيل محكمة دولية لمحاكمة المشتبة بهم اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ويحملون سوريا مسؤولية اغتياله. وتنفي سوريا تورطها في جريمة اغتياله.

وتواجه (حركة 14 اذار) تحديا خطيرا من المعارضة بقيادة حزب الله الذي تدعمه سوريا وايران مما اصاب وسط بيروت بالشلل خلال الاسبوع الفائت اذ تطالب المعارضة بدور أكبر في الحكومة.

ويقول زعماء معارضون لسوريا ان حزب الله يهدف لاعادة النفوذ السوري الى لبنان وتعطيل تشكيل محكمة دولية.

ويوم الاربعاء قال بيكر ان "من الحمق" التلميح الى التخلي عن التحقيقات في اغتيال الحريري وشخصيات اخرى معارضة لسوريا. وساندت المجموعة علنا الحكومة اللبنانية التي يدعمها الغرب وربطت بين المسار السوري اللبناني في خطة سلام مقترحة بين ااعرب واسرائيل بوقف "الجهود السورية لتقويض حكومة منتخبة ديمقراطيا."

ولكن إذا تعاملت واشنطن مع سوريا رغم معارضة بعض الدوائر السياسية الامريكية فسيكون ذلك انتصارا لدمشق ورمزا لعدم قدرة واشنطن علي تشكيل المنطقة كما تشاء.

ويقول المعلق جورج سماحة ان حدوث ذلك سيكون صفعة للساسة المناهضين لسوريا في لبنان الذي يعولون كثيرا على قوة واشنطن الاقليمية.

واضاف " ينبغي ان تعلم (حركة 14 اذار) ان الموجة الامريكية التي حققت لهم كل ما يريدونه لن تحمل الكثير خلال عام او عامين. لم تعد الموجة قوية او ناجحة. ينبغي ان يقلصوا امالهم."

وتابع إن حدوث تغيير في السياسة الامريكية سيستغرق وقتا "لنقل ان بوش قرر تبني الكثير منها.. سيحتاج شهورا حتى يبدأ. لن يكون هناك تأثير سياسى فوري."

ويرى بعض المراقبين ان لبنان ربما يكون مقبلا على تجربة مماثلة لما حدث في أوائل التسعينات حين أذعنت الولايات المتحدة لترسيخ سوريا نفوذها في لبنان مقابل مساعدة دمشق في العراق.

وكان بيكر وزيرا للخارجية في اخر مرة تعاملت فيها واشنطن مع سوريا بجدية وضمنت مساندتها ضد الرئيس العراقي السابق صدام حسين عقب غزوه الكويت.

ويقول محللون ان التلميحات بان واشنطن ربما توشك على الاذعان لسوريا مرة اخري تمادت كثيرا كما ان هناك حلفاء اخرين للزعماء المناهضين لسوريا مثل فرنسا والسعودية.

وربما تكسب سوريا بعض النفوذ من خلال حليفيها حزب الله وحركة امل ولكن لن تستعيد الهيمنة الكاملة التي حظت بها في التسعينات.

وقال سماحة "سترتكب المعارضة خطأ كبيرا إذا اعتقدت أن السياسة الامريكية ستشهد تحولا تاما عقب هذا التقرير."

وقال خشان "لن تتخلى الولايات المتحدة عن الحكومة اللبنانية ابدا ولكن السياسة تعني التنازل وافساح مجال للاخرين." 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد10  /كانون الأول  /2006 -18 /ذي القعدة /1427