ثلاث نتائج لـ(ثلاث افتراضات)

عدنان آل ردام العبيدي*

بالتأكيد ان الاحداث التي شهدتها بغداد وتحديداً مدينة الصدر ليلة الجمعة الماضية كانت تخضع بمقاساتها الميدانية العنيفة لاهداف سياسية اعنف، ومن السذاجة ان يحتسب البعض ان احداثاً كهذه يفترض ان تطوى صفحاتها مجرد ازالة الاثر عنها.

شهداء وضحايا ومصابو المجزرة قد انتهى بهم الحال الى ما انتهى اليه، لكن صفحات جديدة قد فتحت اثناء وبعد المجزرة تلك.

 ونعتقد ان ثلاث افتراضات اساسية كانت قد استبطنتها تلك الاحداث بالقياس الى حجمها وآليات تنفيذها.. هذه الافتراضات هي كالتالي من وجهة نظر بعض المراقبين السياسيين للمشهد العراقي.

*الافتراض الاول ان عملية بهذا النوع لابد للجهة المخططة والمنفذة لها انها وضعت في اولويات اجندتها بان ما عجزت عن تحقيقه عمليات سابقة مشابهة في تأثيراتها الميدانية والنفسية كجريمة نسف المقام المقدس للامامين العسكريين ومن قبلها مجزرة جسر الائمة وما استتبعها من جرائم اخرى كما حصل في النعيرية والشعب وحي اور والشورجة والكاظمية ومدينة الصدر نفسها فضلاً عن جرائم الخطف والذبح والتفجير التي تحصل على الطرقات العامة او في بعض المحافظات خصوصاً (بابل)، نقول ان المخططين للعملية الاخيرة كانوا يسعون جادين هذه المرة لاشعال فتيل حرب طائفية اهلية من خلال افراطهم الشديد بالقسوة والعنف ضد شريحة اجتماعية غير مختلف على تصنيفها المذهبي ومتهمة بالاساس على انها واحدة من الحواضن المليشياوية المذهبية، التي ستعمد الى العمل بآليات رد الفعل المليشياوي في اللحظة التي تلي وقوع المجزرة.

*الافتراض الثاني الذي لا يقل خطورة عن الاول ان صانعي العملية تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذاً يقيناً انهم اعتبروا اسقاط الحكومة المنتخبة وسلب شرعيتها البرلمانية تحصيل حاصل لنتائج اشتعال الحرب الاهلية فيما اذا وقعت وبالتالي اعادة العراق بسنواته الاربع الماضية الى المربع الاول بل وربما تهيأته لمتغيرات دراماتيكية لا طائل حالياً من ذكرها.

*الافتراض الثالث الذي سعى لتحقيقه صانعو مجزرة مدينة الصدر هو سحب الثقة الاقليمية والدولية من التجربة العراقية الجديدة بعد تعريضها الى مثل هكذا اختراقات امنية خصوصاً وان العملية قد حصلت بعد اهم متغير في علاقات العراق مع جيرانه والمتمثل حصراً بزيارة السيد وليد المعلم وزير الخارجية السوري الى بغداد فضلاً عن انشطة دبلوماسية اخرى.

على ضوء ما تقدم نتساءل هنا ما الذي تحقق من هذه الافتراضات؟.

لكي لا نسهب كثيراً في الاجابة فان ما حصل في مدينة الصدر قد اقفل ابواب احتمالات قيام حرب اهلية في العراق واخرس المروجين لها وهذا ليس قفزاً على الحقائق انما هو الحقيقة بعينها بعد ان تحولت المجزرة بدمائها وارواحها واجسادها الى قوانين وثوابت وطنية اول ما تمخض عنها هو ولادة خطاب عراقي وحدوي غير قابل للمساومة والمزايدات وقد اتفق على ذلك الاطراف الداخلة في العملية السياسية جميعاً دون استثناء خصوصاً الاطراف التي كان يراد لها ان تغادر العملية السياسية كالحزب الاسلامي العراقي وجبهة التوافق.

الامر الثاني استناداً الى تسلسل الافتراضات ان مجزرة مدينة الصدر ربما تسببت في ترسيخ دعائم العملية السياسية اكثر من اية نقاشات وحوارات وتقاطعات وبالتالي فان الهدف الذي سعى الى تحقيقه الطرف المعني يكون قد اعطى مردودات معاكسة بالقوة والاتجاه.

اما الجواب الاخير فهذا ما لم يكن يتوقعه لا المسؤولين عن العملية ولا حتى الحكومة العراقية نفسها حيث لم يحض العراق بتأييد رسمي عربي، اقليمي، دولي كالذي حصل بعد المجزرة وبذلك يكون العراق قد حقق نصراً سياسياً دبلوماسياً فريداً مع كثرة بيانات الشجب والاستنكارات الدولية والعربية للعملية ومقترفيها بالاضافة الى التأييد الرسمي الذي اظهرته تلك البيانات للعملية السياسية القائمة في العراق واستعداد الدوائر المعنية لتقديم كافة اشكال الدعم والمساعدة للحكومة العراقية في مواجهتها للارهاب.

هذه المعطيات بالتأكيد ستجبر الآخر على قراءة النتائج بطريقة تختلف عن افتراضاته. 

*رئيس تحرير صحيفة الاستقامة

رئيس اتحاد الصحفيين 

شبكة النبأ المعلوماتية-الخميس  30  /تشرين الثاني  /2006 - 8 /ذي القعدة /1427