التيار الصدري يحيي الذكرى الثامنة لإستشهاد السيد الصدر في النجف

 

شهدت مدينة النجف صباح يوم الأحد مسيرة شارك فيها المئات من أتباع التيار الصدري بمناسبة الذكرى الثامنة لاستشهاد السيد محمد محمد صادق الصدر وولديه الذين اغتيلوا في 19 شباط فبراير عام 1999م المصادف الرابع من ذي القعدة عام 1419هـ ، كما شهدت ميسان احتفاليات تأبينية ومواكب عزاء بهذه المناسبة.

ويتهم أنصار الشهيد الصدر أجهزة النظام العراقي السابق بالوقوف وراء العملية التي اغتيل فيها معه نجلاه مصطفى ومؤمل.

وشارك حوالى عشرة الاف من عناصر جيش المهدي مرتدين ملابس سوداء اللون ضمن قطاعات منتظمة في الاستعراض الذي انطلق من امام مسجد فاطمة الزهراء (شمال النجف) باتجاه مرقد الامام علي عليه السلام.

وردد المشاركون شعارات مناهضة للولايات المتحدة واسرائيل قبل ان يتوجهوا الى زيارة مرقد الصدر في مقبرة وادي السلام.

وإنطلقت صباح يوم الاحد مسيرة من جامع الزهراء شمال مدينة النجف مروراً بمكان استشهاد السيد الصدر وولديه ، ثم منزل السيد مقتدى الصدر بالحنانة ، ومرقد الإمام علي بن أبي طالب ،وبعد ذلك توجهت المسيرة إلى مقبرة شهداء جيش المهدي لتستقر عند قبر الشهيد الصدر حيث تمت مراسيم الحفل التأبيني. كما تمت إقامة مجالس العزاء في مختلف مناطق النجف منذ بداية شهر ذي القعدة وحتى اليوم.

وشهدت النجف إجراءات أمنية مشددة حيث لوحظ انتشار واسع لقوات الأمن وإغلاق الطرق المؤدية إلى المدينة القديمة وإلى الحنانة. كما حضر إلى النجف منذ يوم السبت المئات من أتباع التيار الصدري من مختلف مناطق العراق وخصوصاً الجنوبية ليحيوا مراسم الذكرى السنوية في النجف.

وقال مصدر في مكتب الشهيد الصدر لوكالة أنباء (أصوات العراق) إن "السيد مقتدى الصدر دعا طلبة الحوزة العلمية من مختلف التيارات والتوجهات لحضور مجلس عزاء يقام في بيته في الحنانة اليوم حيث كان من المقرر أن يلقي كلمة بهذه المناسبة."

كذلك شهدت محافظة ميسان اليوم إقامة عدد من الاحتفاليات التأبينية بمناسبة ذكرى إغتيال الشهيد الصدر.

ففي مدينة العمارة انطلقت صباح اليوم العشرات من مواكب العزاء الراجلة التي طافت شوارع المدينة. كما أقام مجلس محافظة ميسان حفلا تأبينيا في مبنى ديوان المحافظة ألقيت خلاله كلمات أكدت على" دور الشهيد الصدر في بث روح التحرر ومواجهة النظام السابق بسلاح الإيمان والأخلاق الفاضلة ومحاربة النفس والعمل الخالص لمصلحة الشعب."

وقال رئيس مجلس محافظة ميسان عبد الجبار وحيد حميدي العكيلي في كلمة ألقاها خلال الحفل إن "الشهيد الصدر ساهم في إذكاء روح جذوة التحرر في نفوس العراقيين من خلال دعوته للتوحد والتآزر بين جميع مكونات الشعب العراقي."

والشهيد الصدر من مواليد النجف عام 1362 هـ 1943م ، ونسبه يرجع إلى الإمام موسى بن جعفر ، فهو محمد ابن السيد محمد صادق ابن السيد محمد مهدي ابن السيد إسماعيل (الذي سميت أسرة الصدر باسمه) .ونشأ سماحته في أسرة علمية معروفة ضمّت مجموعة من العلماء منهم جده لامه آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين ، ومنهم والده الحجة السيد محمد صادق الصدر.

تخرج السيد محمد محمد صادق الصدر من كلية الفقه في النجف في دورتها الأولى عام 1964، وكان من المتفوقين في دروسه الحوزوية كما تؤكد روايات زملائه من تلاميذ ابن عمه الشهيد آية الله محمد باقر الصدر الذي تزوج ثلاثة من أولاد الصدر الثاني وهم مصطفى ومقتدى ومؤمل من بناته.

وحول الدراسة الحوزوية للشهيد الصدر ، يقول السيد هادي الدنيناوي ، أحد تلامذته لـ(أصوات العراق) "من المعروف أن مدرسة السيد محمد باقر الصدر ، تعتبر أرقى مدرسة علمية في المعرفة الفقهية والأصولية عمقاً وشمولا ودقة وإبداعا ، ويعتبر سماحته علماً من أعلام تلك المدرسة المتفوقة والمتميزة ."

ويضيف " وقد درس سماحته جملة من العلوم والمعارف الدينية على مجموعة من الأساتذة..... ،وباشر سماحته بتدريس الفقه الاستدلالي ( بحث الخارج ) أول مرة عام 1978، وكانت مادة البحث من ( المختصر النافع ) للمحقق العلامة الحلي . وبعد فترة باشر ثانية بإلقاء أبحاثه العالية في الفقه والأصول (أبحاث الخارج) عام 1990 واستمر متخذاً من مسجد الرأس مقراً ( الملاصق للصحن الحيدري الشريف)."

وترك الشهيد الصدر وراءه عدداً مهماً من المؤلفات التي قد تساعد في فهم ملامح مشروعه العام ، حيث بلغ عدد مؤلفاته المطبوعة 22 مؤلفا .أما المخطوطات التي تركها وراءه ، وهي قيد الطبع الآن ، فبلغ عددها 19 ممخطوطة .وأهم مؤلفاته ( موسوعة الإمام المهدي) وقد صدر منها أربعة أجزاء والخامس قيد الطبع ، و( ما وراء الفقه) وهو موسوعة فقهية من عشرة أجزاء ، و(منهج الصالحين) ،وهي رسالة عملية موسعة اشتملت على المسائل الفقهية ، و(منّة المنان في الدفاع عن القرآن) الذي يصل إلى خمسين مجلداً.

وقد استطاع السيد محمد الصدر في مدة وجيزة تحشيد الشارع العراقي ، وذلك من خلال إحيائه صلاة الجمعة التي كانت معطلة لسنوات طويلة عند أتباع المذهب الجعفري في العراق، حتى وصل عدد المصلين في عموم العراق إلى نحو أربعة ملايين مصل حسب بعض التقديرات. وكان لخطبه في صلوات الجمعة التي أمها في جامع الكوفة الأثر الأكبر في تنامي المد الديني في العراق ، وإثارة مخاوف النظام البعثي من مواجهة ثورة أو انتفاضة شعبية ، لا يمكن القضاء عليها بسهولة لذلك جاءت عملية اغتياله للتخلص من هذه الصفحة وطيها قبل استفحال الأمر وخروجه عن السيطرة.

يقول الحاج عبد الجبار الفرطوسي أحد شهود العيان " في الليلة التي استشهد فيها السيد خرج مع ولديه على عادته بلا حماية ولا حاشية نظراً لقرب المسافة إلى بيته الذي يقع في الحنانة (2 كم شرقي مدينة النجف). وفيما كانت سيارة السيد تقطع الطريق إلى بداية منطقة الحنانة مروراً بثورة العشرين قطعت عليهم الطريق سيارة نزل منها مسلحون ملثمون وبدأوا بإطلاق النار على سيارة السيد صادق الصدر وقتلوه مع ولديه."

وبعد استشهاد السيد الصدر شهدت مدن العراق اضطرابات غضب على الدولة ففي بغداد اندلعت في مدينة الصدر ( الثورة سابقاً ) تظاهرات صاخبة.

وفي الجنوب ، إندلعت مواجهات أيضاً في مدينة الناصرية والعمارة والبصرة ، أما مدينة النجف فقد حدثت فيها صدامات محدودة بعد حادث الاغتيال لأنها كانت مطوقة وفرض فيها حظر للتجوال أستمر عدة أيام فباتت شوارع النجف شبه خالية. 

شبكة النبأ المعلوماتية- الاحد  26  /تشرين الثاني  /2006 - 4 /ذي القعدة /1427