الطائفة الاحمدية: عدد أتباعها في ألمانيا 30 ألفا وتهدف الى أن يكون لها 100 مسجد

 

يبيع عبد الباسط طارق الشاي والبسكويت وينزع قبعته السوداء بينما كان يتحدث بالانجليزية والالمانية بشأن مدى معارضة سكان العاصمة الالمانية برلين لخططه لبناء مسجد على موقع مصنع قديم للاغذية.

ويقول امام طائفة الاحمدية في برلين ان سكان ضاحية بانكوف-هاينرزدورف في الشرق الشيوعي سابقا من المدينة طيبون غير أن لديهم فكرة خاطئة عن الاسلام.

وتابع بينما كان يجلس أسفل لافتة زرقاء كتب عليها "الاسلام يعني السلام. حب الجميع. لا كره لاحد (لكن) لا تروق لهم (الالمان) فكرة مجيء الاجانب."

ويقول السكان الذين أطلقوا حملة "لا لبناء مسجد في بانكوف" ان الاحمدية طائفة اسلامية أصولية ترغب في القضاء على الديمقراطية. وتعرف طائفة الاحمدية نفسها على أنها جماعة اسلامية غير أن بعض الجماعات الاسلامية الكبرى لا تعترف بها بسبب معتقداتها وتصفها بانها جماعة ضالة.

ويأتي الجدل بشأن بناء المسجد الجديد وسط جدل صاخب اخذ في التزايد في أنحاء أوروبا بشأن اندماج المسلمين في المجتمعات التي يعيشون فيها.

وفي بريطانيا دار ذلك الجدل مؤخرا في صورة نقاش علني ومشحون بشأن ما اذا كان النقاب يعيق اندماج المسلمات.

واتخذت عدة دول في أنحاء أوروبا مواقف صارمة بشأن قضية الاندماج باستحداث قواعد لاجراء اختبارات في اللغة والثقافة بجانب نصائح صارمة بشأن ما يجب قبوله.

وفي ضاحية بانكوف-هاينرزدورف تجلت على الواقع الافكار العامة المجردة لذلك الجدل الاوسع لتكشف عن الخوف والريبة وتوضح تحديات التغلب على مثل تلك العوائق في بلد يعيش فيه نحو 3.2 مليون مسلم أغلبهم من أصل تركي.

وكانت حركة الاحمدية ولها بالفعل 15 مسجدا في ألمانيا حصلت على موافقة مبدئية لانشاء مسجد مكون من طابقين يصل ارتفاع مئذنته الى 12 مترا.

وقال يواكيم سفيتليك رئيس جماعة (أي.بي.ايه.اتش.بي) "حاولت أن أفهمهم ولكن عندما قرأت اراءهم.. دقت أجراس الانذار."

وصرح سفيتليك بان 90 في المئة من سكان ضاحية بانكوف-هاينرزدورف المسجلين والبالغ عددهم 6500 شاركوا في حملة ضد المسجد المقرر بناؤه على مساحة خمسة الاف متر مربع من أرض خراب كان بها مصنع للمواد الغذائية ظل يعمل حتى عام 1987.

وأضاف لرويترز "لا يعيش أعضاء بالاحمدية هنا."

وتابع قوله "ينبغي أن يكون مكان العبادة.. سواء أكان مسجدا أم كنيسة أم معبدا.. وسط مجتمع. ونخشى أن ينتقل كثير من أتباع الاحمدية الى هنا اذا بني المسجد."

وتأسست الاحمدية في الهند في القرن التاسع عشر ويبلغ عدد أتباعها في ألمانيا 30 ألفا وتهدف الى أن يكون لها 100 مسجد على المدى الطويل.

ويقول طارق ان رفاقه من أتباع الاحمدية في برلين بحاجة الى مسجد أكبر بعدما زاد عددهم الى نحو 200 شخص خلال الاعوام الثلاثين الماضية. ويقع مسجدهم حاليا في جانب اخر من المدينة في منزل منعزل.

ولولا وجود علامة بالخارج لما أدرك المارة أن ذلك المبنى مسجد. وقال أحد الجيران والذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان اتباع الاحمدية لم يسببوا أي متاعب وأنهم منغلقون على أنفسهم.

غير أن المخاوف بشأن التطرف الاسلامي في أنحاء أوروبا وظهور طبقة من الشبان المسلمين المحبطين من الطبقة الدنيا في ألمانيا أغلبهم من أصول تركية قد زاد الشكوك بين المسلمين وغير المسلمين.

جاء آلاف الأتراك إلى ألمانيا الغربية سابقا للعمل كعمال غير مهرة عقب الحرب العالمية الثانية وساهموا في دفع الازدهار الاقتصادي.

غير أن سياسيين يشككون فيما إذا كان ذلك التناغم النسبي بين الألمان والمسلمين يمكن أن يدوم.

وكانت دار أوبرا برلين قررت إلغاء عرض أوبرا "إيدومينيو" التي ألفها موتسارت بسبب مخاوف من أنها قد تثير أعمال عنف من جانب إسلاميين بسبب مشهد يظهر رأسا مقطوعا للنبي محمد وهو قرار زاد من مخاوف تصاعدت بالفعل بعد احباط هجومين بالقنابل على قطارين في يوليو تموز اعتقل بشأنهما رجلان لبنانيان.

ويقول سفيتليك إنه يخشى وقوع هجوم من جانب إسلاميين في ألمانيا.

وأضاف سفيتليك وهو مهندس يبلغ من العمر 42 عاما "يجب أن يتصرف السياسيون. إنهم يتحدثون عن تعدد الحضارات ويفتقرون إلى الشجاعة لعمل أي شيء."

وطالب بأن تحصل أجهزة المخابرات على مزيد من السلطات لتعقب الأفراد الذين يشكلون خطورة محتملة.

وشددت ألمانيا سيطرتها على الجماعات الإسلامية بعدما اتضح أن ثلاثة من بين أربعة انتحاريين قادوا طائرات مخطوفة خلال هجمات 11 سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة على رأسهم القائد المزعوم للمؤامرة محمد عطا عاشوا في مدينة هامبورج الساحلية بشمال ألمانيا.

غير أن تاريخ النازيين والشرطة السرية بألمانيا الشرقية سابقا جعلا من الحملات الامنية الصارمة قضية حساسة.

وبدأت الحكومة الالمانية حوارا رسميا مع المنظمات الإسلامية في سبتمبر ايلول للتعامل مع قضايا مثل المساواة في الحقوق والخوف من الإسلام وبناء المساجد.

ويثني طارق الذي يلقي خطبة الصلاة بالألمانية على تلك الجهود.

وقال "أعتقد أن النية طيبة. إننا بحاجة إلى الحوار لإزالة سوء التفاهم الذي يفصل بين الألمان والمسلمين." وأضاف أنه يعارض إنشاء مجتمعات موازية أو "جيتوهات".

وحتى الآن لا تزال أغلب رابطات المساجد في ألمانيا البالغ عددها 2500 جماعات صغيرة تعقد اجتماعاتها في المنازل.

ويقول طارق إن جماعته اختارت ضاحية بانكوف-هاينرزدورف بشكل خاص نظرا لوجود أرض مناسبة يمكن تحمل سعر شرائها تتكلف نحو مليون يورو (1.3 مليون دولار).

ويضيف "ظللنا نبحث عن قطعة أرض لنحو عشر سنوات.. لقد كان أمرا صعبا للغاية. عثرنا في النهاية على مكان لكننا لم نكن نعلم أن الناس سيعارضون بهذا الشكل الذي لم يكن متوقعا."

غير أنه قال إن على المسلمين أيضا ان يبذلوا المزيد من الجهود لمواجهة الخوف.

وأضاف "للأسف تتسبب بعض الممارسات الخاطئة في إضفاء صورة سيئة على المسلمين. يتعين علينا كمجتمع إصلاحي أن نصلح المسلمين ذوي السلوك غير الإسلامي."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاربعاء 22  /تشرين الثاني  /2006 -30 /شوال /1427