قرار هولندا بحظر ارتداء النقاب ينتهك الحقوق المدنية ويستهدف عزل المسلمين

 

وافقت الحكومة الهولندية على فرض حظر شامل على ارتداء النقاب وغيره من أغطية الوجه الاسلامية في الاماكن العامة معللة هذه الخطوة باعتبارات أمنية.

وستعمل وزيرة الهجرة ريتا فيردونك الان على صياغة قانون سيؤدي لان تفرض هولندا وهي واحدة من أكثر الدول تساهلا في أوروبا بعضا من أشد القوانين ضد غطاء الوجه.

وقالت وزارة العدل الهولندية في بيان "الحكومة تجد أن ارتداء أغطية للوجه بما في ذلك النقاب أمر غير مرغوب فيه في الاماكن العام حفاظا على الامن العام ولتوفير الامن والحماية للمواطنين."

واكتسب النقاش بشأن النقاب الاسلامي وما اذا كان يعوق اندماج المسلمين في المجتمع زخما في جميع أنحاء أوروبا.

وستكون هولندا أول دولة أوروبية تفرض حظرا في جميع أنحاء البلاد على أغطية الوجه الاسلامية رغم أن بعض الدول منعت ارتداءها بالفعل في أماكن محددة.

ويأتي هذا التحرك من جانب حكومة يمين الوسط قبل خمسة أيام من الانتخابات العامة.

وركزت الحملة الانتخابية حتى الان على قضايا مثل الاقتصاد لا الهجرة لان معظم الاحزاب الكبيرة شددت مواقفها في هذا الصدد خلال الاعوام الاخيرة.

ووافق المشرعون الهولنديون في ديسمبر كانون الاول الماضي على اقتراح طرحه السياسي اليميني المتطرف جيرت ويلدرز يحظر تغطية الوجه وطلبوا من فيردونك دراسة امكانية تطبيق هذا الحظر.

ويسري في هولندا بالفعل حظر على ارتداء النقاب وأي أغطية أخرى في وسائل النقل العامة وفي المدارس.

وتقدمت وزيرة الهجرة والاندماج، ريتا فيردونك، بمشروع القرار إلى مجلس الوزراء، الذي سارع بالموافقة عليه.

وقالت فيردونك في بيان صادر من وزارة العدل الهولندية إن مجلس الوزراء يعتبر أن ارتداء ي غطاء للوجه في الأماكن العامة أمرا غير مرغوب فيه لأسباب تتصل بالنظام والأمن العام وحماية المواطنين."

ويدفع القرار بهولندا إلى خضم المعركة المحتدمة حاليا في أوروبا حول النقاب.

وتعد هولندا واحدة من أكثر البلدان الأوروبية استقبالا وترحيبا بالمهاجرين واللاجئين، ولكن قرار الحكومة الجمعة يثير انقسامات حادة في ظل سياسات تسعى للحد من تيار الهجرة للبلاد، وفقا للأسوشيتد برس.

وتعارض أكبر المنظمات الإسلامية في هولندا CMO، أي حظر على ارتداء النقاب، وتعتبر الإجراء " ذروة المبالغة في التعامل مع مشكلة هامشية للغاية لأنه لم تعد هناك نساء ترتدي النقاب تقريبا في هولندا"، نقلا عن مسؤول بالمنظمة.

وفي الماضي، أبدت أغلبية في البرلمان الهولندي استعدادها لتمرير أي قانون يحظر تغطية الوجه، ولكن نتائج استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات في 22 نوفمبر/تشرين الثاني دفعت تلك الأغلبية إلى تغيير موقفها.

ولا توجد مؤشرات حول قدرة الأغلبية الحالية في البرلمان الهولندي على تمرير الحظر الذي وافقت عليه الحكومة.

ويقطن حوالي مليون مسلم في هولندا، يمثلون ستة في المائة فقط من السكان البالغ عددهم 16 مليون نسمة. ويُعتقد أن اللاتي ترتدين غطاء الوجه في هولندا لا يتعدى عددهن بضع مئات.

وكانت الحكومة الهولندية قد قررت في وقت سابق ترك مسألة ارتداء غطاء الرأس للطالبات المسلمات في المدارس وفقا لتقدير كل مدرسة على حدة، وهو ما انتهى إلى السماح بارتداء غطاء الرأس.

وجاء ذلك في أعقاب قرار فرنسي بحظر ارتداء غطاء الرأس في المدارس العامة.

وقلصت مدينة أوتريخت الهولندية من مزايا الضمان الاجتماعي الممنوحة لنساء لا يعملن، بسبب إصرارهن على ارتداء غطاء الوجه أثناء مقابلات التوظيف.

وزعمت السلطات في المدينة أن النسوة يرتدين غطاء الوجه لتفادي العمل ولا سيما أن نتيجة المقابلات كانت معروفة سلفا وهي رفض توظيفهن.

وانضم الفاتيكان إلى الجدل الدائر حول القضية، حيث صرح أسقف بارز بالفاتيكان بأن المهاجرين يجب أن يلتزموا بقوانين المجتمعات المضيفة، ومن بينها حظر تغطية الوجه.

وقال الأسقف الإيطالي الذي يترأس مكتب الفاتيكان لشؤون الهجرة واللاجئين، ريناتو مارتينو، إن الدول التي تستقبل المهاجرين من ثقافات مختلفة "يجب أن تلزمهم باحترام تقاليدها وثقافتها وديانتها."

وكرر راديو الفاتيكان ذات الموقف قائلا إن "قضية ارتداء النقاب للنساء المسلمات يجب أن تُعالج في سياق احترام قوانين البلدان المضيفة."

وفي سياق الجدل الدائر حول النقاب في أوروبا، رفضت محامية مسلمة في بريطانيا الاثنين رفع النقاب عن وجهها أثناء دفاعها عن أحد الموكلين، ما أضطر المحكمة إلى منعها من التقاضي.

وأثار وزير خارجية بريطانيا الأسبق، جاك سترو، حالة من الغضب الشهر الماضي عندما كشف عن اشتراطه رفع النقاب عن أي أمرأة ترتديه قبل أن تدخل إلى مكتبه.

وقال رئيس الوزراء البريطاني، طوني بلير، في وقت سابق إن النقاب علامة على الانفصال عن المجتمع. ويمثل المسلمون ربع عدد السكان في بريطانيا.

ويثور جدل مماثل في إيطاليا، التي يسودها الكاثوليك، حول أساليب إدماج المهاجرين ذوي الأديان والثقافات المغايرة في المجتمع.

ووجه مسلمو هولندا إدانة لمشروع قانون اقترحته وزيرة الهجرة ويحظى بدعم الحكومة يقضي بحظر البرقع في الأماكن العامة.

وتقول الجمعيات التي تمثل مسلمي هولندا إن من شأن إقرار مسودة القانون أن يجعل مسلمي البلاد يعيشون في عزلة ويشعرون بأنهم مستهدفون وضحايا.

وترى الحكومة الهولندية أن البرقع- وهو لباس نسائي يغطي كامل جسد المرأة بما فيه حتى وجهها وعيناها-يزعزع النظام العام ويهدد السلامة.

ولهذا تفكر الحكومة في حظر ارتداء البرقع في الشوارع والقطارات والمدارس وحافلات الركاب والمحاكم.

ويأتي القرار قبل أيام من الانتخابات التي يتوقع فوز ائتلاف يمين الوسط الحاكم في البلاد.

وقالت وزيرة الهجرة ريتا فيردونك، إن من المهم أن يتمكن كل الناس في هولندا من رؤية بعضهم البعض بوضوح لتعزيز الاندماج والتسامح.

لكن المعتقد أن عدد النساء اللاتي اخترن ارتداء البرقع لا يتجاوز مائة امرأة.

ويقول المنتقدون لوزيرة الهجرة ريتا فيردونك إن لها مواقف متشددة في العديد من القضايا وقد اصطدمت مع الاحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم مرارا في الماضي.

ويرى معارضو الاقتراح أن مثل هذه الحظر يمثل انتهاكا للحقوق المدنية.

وجاء تحرك الحكومة نحو إقرار الحظر بعد أن أوصت لجنة من خبراء قانونين بأن قرارا كهذا لن يكون مخالفا للقانون الهولندي.

وسيشمل الحظر أيضا ارتداء النساء كل الأغطية التي تحجب رؤية الوجه.

وأصرت الوزيرة الهولندية على أن البرقع ليس شكلا مقبولا كجزء من الحياة العامة في هولندا.

وقالت المنظمة الرئيسة للمسلمين في هولندا (سي إم أو) إن القرار يمثل "رد فعل مبالغ فيه على مشكلة هامشية للغاية".

وقال النائبة المسلمة نعيمة أزوف عن حزب الخضر إن الحظر لا يتماشى مع تقاليد هولندا التاريخية في التسامح.

وأضافت أن الحكومة الهولندية تلعب على وتر مخاوف الناس من التطرف الإسلامي لتفوز بالمزيد من الأصوات.

وعلقت بالقول:" المشكلة فقط أنه لا يمكنك أن تقول أن كل امرأة ترتدي النقاب أو الحجاب أو البرقع -أو مهما أحببت تسميته- هي متطرفة."

وكان رئيس بلدية أمستردام قد أعرب أيضا عن معارضته ارتداء النساء المسلمات للبرقع في الأمامن العامة، وقال "إن أي امرأة ترتدي برقعا وتفشل في الحصول على عمل لن تحصل على ضمان اجتماعي".

وكانت العلاقة بين الحكومة الهولندية ومسلمي البلاد قد ساءت في أعقاب قيام متطرف إسلامي بقتل مخرج هولندي يدعى ثيو فان غوغ في عام 2004 بعد أن أخرج فيلما يصور فيه ما يعتبره إساءة معاملة المرأة في المجتمع الإسلامي.

وكانت عضو البرلمان سابقا من أصل صومالي أيان هيرسي علي قد كتبت نص الفيلم.

وقد فصلت من مقعدها بعد أن اعترفت أنها كذبت بحصوص الطلب الذي تقدمت به عام 1992 للحصول على الجنسية الهولندية.

وكانت وزيرة الهجرة قد دعت في أعقاب انكشاف الأمر إلى ترحيل عضو البرلمان السابق، وهو ما أفضى إلى مشاحنات بينها وبين حزب أقلية في الائتلاف الحاكم بسبب الكيفية التي عالجت بها قضية هيرسي علي.

توتر

وقد أصبحت مسألة نوع الزي الذي ترتديه المسلمات قضية جدلية ساخنة مؤخرا في عدد من الدول الاوروبية.

وتحظر بعض الولايات الألمانية على المعلمات في المدارس الحكومية ارتداء الحجاب.

وحظرت إيطاليا جميع أغطية الوجه بأن أعادت العمل بقوانين قديمة كانت قد صدرت لمواجهة الإرهاب المحلي، لكنها ساقت مخاوف أمنية جديدة وراء قرارها.

وقال النائب عن حزب الخضر مصطفى لابوي المغربي الاصل انه رغم اعتقاده بان ارتداء البرقع في المجتمع الهولندي "ليس منطقيا" الا انه شكك في شرعية مشروع القانون.

يشار الى ان الوزيرة فيردنوك الملقبة ب"ريتا الحديدية" اشتهرت بسياساتها المتشددة حيال الهجرة والاجراءات التي تهدف الى تعزيز الاندماج في المجتمع الهولندي.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 19  /تشرين الثاني  /2006 -27 /شوال /1427