اسرائيل تسعى لسلب هوية القدس الاسلامية وتاريخها

 

بموازاة الصراع الذي يدور سياسياً فوق الأرض، حول هوية مدينة القدس، يدور صراع تاريخي يهدف الى الى القضاء على تراث القدس وسلب هويتها الاسلامية.

فقد قال مدير مركز ومتحف المخطوطات بمكتبة الاسكندرية إن مؤسسات علمية اسرائيلية تعرض حاليا على الانترنت نسخا من مخطوطات القدس للبيع.

وأضاف يوسف زيدان في بحث عنوانه (المخطوطات المقدسية المفهرسة) أن بعض مجموعات من المخطوطات العربية لاتزال "بيد اليهود منها مجموعة بالجامعة العبرية في القدس لا نكاد (العرب) نعرف عن محتوياتها الا أقل القليل" اضافة الى مخطوطات أخرى محفوظة في المكتبة القومية اليهودية والمكتبة الجامعية بالقدس.

وأشار في مؤتمر (تراث القدس.. ذاكرة المكان والانسان) الى أن باحثين اسرائيليين قاموا بفهرسة مخطوطات عربية منها مجموعة شالوم يهودا "وتم عمل نسخ منها على الميكروفيش لبيعها للمهتمين من الافراد والمؤسسات."

ويسعى المؤتمر الذي بدأ يوم الاربعاء بمشاركة نحو 30 باحثا عربيا الى تبني "وثيقة تراث القدس" بهدف الاهتمام بالمجموعات الخطية المقدسية وعمل قاعدة بيانات الكترونية لها.

وينظم المؤتمر معهد المخطوطات العربية التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.

وقال زيدان لرويترز إن بيع نسخ المخطوطات العربية يتخذ شكلا مؤسسيا "وسط صمت عربي" على المستويين الرسمي والعلمي.

وأضاف أن نص الاعلان الذي نشر على الانترنت يقول "والمستشرق المعروف ابراهام شالوم يهودا (1877 - 1951) جمع طائفة من المخطوطات حصل على أغلبها من مصر وعددها 1055 مخطوطة. تسعون بالمئة منها باللغة العربية وهي تحتوي على عدد كبير من المجاميع بحيث يصل مجموع عناوينها الى ثلاثة الاف عنوان منها قرابة الالف يعود تاريخ نسخها الى الفترة الممتدة من القرن الثالث الى القرن العاشر الهجري."

وأضاف أن الاعلان عن بيع نسخ من المخطوطات العربية يزيد حماس قارئه حين يذكر أن هناك 400 عنوان في هذه المجموعة لم يذكرها أي فهرس من فهارس المخطوطات.

وأشار الى أن النسخة المصورة معروضة بمبلغ 32 ألف يورو "وسوف يمنحون المشتري حتى نهاية شهر ديسمبر (كانون الاول) 2006 خصما تشجيعيا بحيث يصل السعر الى 19 ألف يورو فقط."

وقال زيدان "حولوا تراثنا (العربي) الى سلعة يستفاد منها ماليا ولو باعوا من النسخ المصورة 100 نسخة فقط وهو عدد أقل من المتوقع فسوف يحصلون الملايين... ناهيك عن المهانة التي تلحق بنا نحن العرب حين نرى أبناء عمومتنا يعرضون تراثنا للبيع لكل من شاء أن يشتري."

وكان عبد الستار الحلوجي الاستاذ بجامعة القاهرة قال يوم الاربعاء في احدى جلسات المؤتمر ان التراث المخطوط بمكتبات القدس كثير ومتنوع وموزع على أديرة ومعابد وكنائس ومتاحف ومساجد اضافة الى المكتبات الخاصة مشيرا الى أن هذا التراث لايزال بحاجة الى تعريف وصيانة.

وقال زيدان ان العرب أنفسهم أهملوا في حق التراث الموجود بالقدس مشيرا الى تأخر تكوين المجموعات الخطية الكبيرة في القدس وفلسطين مضيفا أن تأخر فهرستها من بداية القرن العشرين الى نهاياته "شاهد على عدم وعينا بأهمية تراث الانسان في المكان.

"ومن العجيب أننا قضينا الخمسين سنة الاخيرة نثور أو نحتقن كلما اقترب اليهود من ساحة المسجد الاقصى مع أن هذا المسجد وغيره يضم تراثا مهملا بأيدينا. كان اليهود وغير اليهود يسلبونه من دون أن نثور وأن نحتقن رغم كثرة حديث الباحثين عن عمليات النهب المنظم للمجموعات الخطية الفلسطينية."

وبموازاة الصراع الذي يدور سياسياً فوق الأرض، حول هوية مدينة القدس، يدور جدل آخر تحت الأرض، حول دلالات المكتشفات الأثرية التي يتم العثور عليها، في الحفريات التي تتم بين حين وأخر، في البقعة التي يطلق عليها المسلمون اسم المسجد الأقصى، بينما يسميها اليهود جبل الهيكل.

ويخوض غمار هذا البحث التاريخي، مجموعة من طلاب الجامعات، الذين قاموا بجمع العديد من القطع الأثرية من مكان البحث، منها قطعة نقدية، صكت في فترة الثورة اليهودية على الرومان، إضافة إلى رؤوس سهام بابلية، وأدوات فرعونية.

أما أبرز ما يعتقد الفريق أنه وجده في معرض تنقيبه الأثري  فهو دمغة ختم، يعتقد أنها تحمل اسم إحدى العائلات اليهودية، المنخرطة في السلك الكهنوتي، والتي ورد ذكرها في العهد القديم، إصحاح جيريميا.

وكشفت الحفريات النقاب عن عدد كبير من القطع النقدية، التي ضربت بفترات مختلفة، تعكس تتابع الحضارات على تلك الأرض، فمنها ما صكه الملوك الحشمونيون اليهود، قبل ألفي عام، ومنها ما صكه بيلاطس النبطي، الحاكم الروماني الذي ذكره الإنجيل، ومنها ما صكه لاحقاً، الحكام المسيحيين، ثم المسلمين.

وتمنع الصراعات السياسية، التي تدور فوق مواقع البحث، من التوسع والاستمرار فيه، ويذكر الباحثون الفترة التي تم فيها فتح الممر تحت الأرض، إلى القاعة التي تملئها القناطر، والتي يسميها اليهود إسطبلات سليمان، بينما يطلق عليها المسلمون اسم المصلى المرواني.

وكالة الأسوشيتد برس قالت، إن علماء الآثار، قرروا دراسة ما يوازي حمولة 75 شاحنة، من التراب الذي تم جمعه، من الممر المؤدي لتلك القاعة، ومن القاعة نفسها.

وتقوم جمعية "بيت داوود،" بتمويل بعض عمليات البحث، وهي جمعية دينية يهودية متشددة، تعمل على إحلال عائلات يهودية في أحياء عربية في القدس الشرقية.

وقد اتهم يوري راجون، الناطق باسم الجمعية، الوقف الإسلامي في القدس، بالرغبة في تدمير ما أسماه "التاريخ اليهودي" في المدينة، عبر التخلص من تلك الكمية من التراب والردميات.

كلام راجون، استدعى رداً من مدير الوقف الإسلامي، عدنان الحسيني، الذي نفى وجود أي دلائل لمعبد يهودي في الموقع، عازياً كلام راجون، إلى رغبة بتغيير الوضع الراهن في المدينة، محذراً إياه من خطورة هذه الخطوات.

من جهته، قال المؤرخ الإسرائيلي، غيرشوم غورينبرغ، أنه يجب فهم طبيعة هذا الخلاف، وعدم حصره في الجانب التاريخي الظاهر، فالخلاف في الحقيقة، وفقاً لغورينبرغ، لا ينحصر في تاريخ الجبل بل في هوية البلد ككل.

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   18  /تشرين الثاني  /2006 -26 /شوال /1427