أساليب الإبداع (1)

المهندس مصطفى الصادق*

 تغييرات متسارعة

أحد أهم التحديات التي تواجهها مؤسساتنا اليوم هي التغييرات المتسارعة التي تظهر الحاجة إلى الأفكار الجديدة والخلاقة والمبدعة كضرورة ملحة لا بد منها.

لا مبالغة في القول بأن بقاء مؤسساتنا اليوم هي رهن بمدى قدرتها على التعاطي مع المتغيرات الجديدة بطريقة خلاقة ومبدعة يمكنها من البقاء على قيد الحياة اولاً، وأداء مهماتها ثانياً، وتطورها ونجاحها ثالثاً.

إن الركود الذي أصاب مؤسساتنا على شتى الأصعدة ليس إلا نتيجة لفقدان تلك الرؤية الخلاقة القادرة على إستيعاب الظروف والمتغيرات الطارئة على الحياة المؤسساتية.

ما الحل إذن ؟

الحل و كما أشرنا إليه انفاً يكمن في خلق الرؤية الإستراتيجية المبدعة لدى المدراء و تحفيزهم على البحث عن طرق و أساليب خلاقة لحل مشاكل المؤسسة .

أساليب عملية

ماذا بعد خلق مثل هذه الرؤية؟

ما هو الإبداع؟

الإبداع ليس إلا إنتاج فكرة جديدة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.

ما هي مصادر الإبداع؟

يمكن القول بأن المصدر الأصلي للإبداع هو الفكر و الخيال الخلاق.

ففي خيال الفرد الخلاق هناك فكرة جديدة وبديعة تطفو من أعماق الفكر إلى السطح.

لكن هل يعني هذا أن الإبداع خاص بفئة محددة من الناس دون غيرهم؟

الجواب هو أن غالبية الناس مؤهلون لكي يكونوا من المبدعين و ذوي الأفكار الخلاقة لكن بدرجات مختلفة.

إن التجارب العلمية تفيد بأن القدرة على  الإبداع يرتبط بمدى مثابرتنا و تركيزنا على إستخدام  القوى الفكرية و الذهنية أكثر من إرتباطه بقدراتنا الذاتية.

من جهة أخرى و كأي مجال اخر لكي تكون جهودنا مجدية يجب أن نستخدم الأساليب العلمية التي تساعدنا على تهيئة الأجواء لظهور الأفكار الخلاقة و الجديدة .

هذا ما سنتناوله في مقالنا هذا و مقالات لاحقة و بعنونا أساليب التفكير الخلاق إن شاء الله.

الأسلوب الجماعي : أسلوب الجلسات العاصفة

إن أحد الفنون المتداولة والمعروفة في تفعيل الأذهان و تنشيطها لإفراز الأفكار المبدعة هي  إستخدام أسلوب الجلسات العاصفة.

كما يفيد العنوان فهذا الأسلوب يعتمد بشكل أساسي على الإجتماع والتفكير الجمعي.

في مثل هذه الإجتماعات عادة ما يقوم مدير الإجتماع بطرح مشكلة ما بشكل مفاجئ ثم يطلب من الحضور الإجابه على السؤال وطرح الحلول خلال فترة زمنية قياسية. مما قد يؤدي إلى التحريك المفاجئ لخلايا الذهن و تنشيطها.

ثم يقوم مدير الإجتماع  بجمع الإجابات و كتابتها على لوحة عامة يتسنى للحضور مشاهدتها بوضوح .

ثم يطلب من الحضور الإجابه على نفس السؤال مرة ثانية.

هذا الأسلوب يسمح لجميع الحضورعلى الإطلاع بالحلول المقترحة مما قد يؤدي إلى إفراز فكرة جديدة في ذهن أحد الحضور مقتبسة من إحدى الأفكار والحلولة المكتوبة الأخرى.

كيف نجعل هذه الجلسات ناجحة ؟

1-  إن مدى نجاح هذه الإجتماعات  على الوصول إلى أفكار جديدة و خلاقة يرتبط بشكل مطرد مع  حجم الأجوبة والحلول التي تطرح في مثل هذه الإجتماعات وكميتها  .

و لذلك يجب على المدير تحفيزالمشاركين للإنخراط في أجواء الإجتماع و طرح الحلول أكثر فاكثر.

2- كما ذكرنا إن الأفكار والحلول المطروحة  يمكن ان تكون مقتبسة أو مصدر إلهام من وللأفكار الأخرى ولذلك يجب تذكير الحضورعلى إمكانية الإلهام من الأفكار الأخرى وتطويرها وطرحها كحلول مرة أخرى.

3- يمنع الإنتقاد في مثل هذه الجلسات منعاً باتاً مهما كانت الغايات و المبررات لذلك.لأن النقد سيؤودي إلى حالة من الخوف من التعرض إلى النقد لدى الأفراد مما سيعرض أجواء الإجتماع إلى الركود أوالإحتقان في بعض الحالات.

4- إن موضوع السؤال والمشكلة يجب أن تكون محددة و دقيقة. لأن المشاكل العامة أوالقضايا الفضفاضة تؤدي إلى حالة من التشرذم والإحباط والتيه لدى المشاركين مما لا يساعد على الحصول على إجابة محددة و افكار جديدة للحل.

5- إن العدد المفضل لعقد هذه الإجتماعات يتراوح بين الـ 10 إلى 12 كأقصى حد.

6- إن المنافسة من أهم ركائز هذه الإجتماعات فيجب على المدير أن يخلق الأجواء التنافسية البناءة بين المشاركين بعيداً عن نقد الرؤى والأفكار المطروحة.

7- إن الفترة الزمنية التي يحددها مدير الإجتماع في البداية للإجابة على السؤال تشكل إحدى أهم عناصر النجاح لمثل هذه الجلسات.

فهذه الفترة كلما تكون أقصر فمن المحتمل أن تكون النتائج إيجابية اكثر فأكثر.

8- إن المشاركين يجب ان يكونوا متشابهين من حيث المستوى الوظيفي و الإداري فمثلاً لا يمكن أن ناتي بمدير المؤسسة مع موظفين عاديين في جلسة ونطلب منهم التفكير في حل مشكلة ما.

فالمشاركين يجب أن يكونواعلى مستويات متساوية أومتشابه او مكملة على أقل تقدير.

في النهاية نؤكد على :

أن الإبداع والتفكير الخلاق يحتاجان إلى التدريب والممارسة والتواصل و لا يمكن الوصول إلى القمة بين ليلة و ضحى ها.

 

*معهد الإمام الشيرازي الدولي للدراسات – واشنطن

http://www.siironline.org

شبكة النبأ المعلوماتية- 12 الاحد /تشرين الثاني  /2006 -20 /شوال /1427