العراقيون يدفعون دية اسقاط الطاغية صدام!

علي حسين علي

منذ ثلاث سنوات، وقوات التحالف، ومن بعدها القوات متعددة الجنسية ما تزال متمسكة بالملف الامني على الرغم من الاخفاقات والفشل في معالجة الوضع الامني المتدهور، وعلى الرغم من أحقية العراقيين في تولي امر الامن لبلدهم، وعلى الرغم من الاحاديث والتصريحات والتعهدات احياناً والتي يطلقها مسؤولون امريكيون كبار يؤكدون فيها على انهم "حريصون" على احترام سيادة العراق واستقلاله، وانهم يعملون على تثبيت الامن فيه من خلال معالجات جذرية لمكافحة الارهاب من جهة وبناء قوى امنية وطنية كفؤة ومسلحة جيداً من جهة اخرى.

خلال السنوات الثلاث المنصرمة تدهور الامن الى حد مريع وبخلاف ما كان يعلن عن "الحرب على الارهاب" زاد الارهابيون شراسة وقسوة وقوة ايضاً.. ومع ذلك بدأت ظاهرة التهجير القسري واتسعت ليصل عديد المهجرين الى مليون ونصف المليون مهجر -حسب تقارير منظمات دولية معينة- ومع شديد الاسف كان التهجير على الهوية والمقصود بهذا التهجير القسري هم اتباع اهل البيت (ع).

وفضلاً عن التهجير القسري حوصرت بغداد من قبل حواضن الارهاب من جميع جهاتها حتى وان كان هذا الحصار ليس تاماً.. لكنه يمنع على المواطنين في معظم الاحيان التنقل بين بغداد وباقي المحافظات ومحافظات الوسط والجنوب منها تحديداً، وهناك اكثر من الف دليل على الذبح على الطرقات المفضية من العاصمة الى كربلاء والحلة والكوت وباقي المحافظات العراقية.. وقد صارت المناطق المجاورة لبغداد حواضن للارهابيين، منها ينطلقون الى المدينة ليخربوا وليقتلوا واليها يعودون ليأمنوا ويسلموا من أي عقاب!.

ومع ان الكثير من محاولات الاجهزة الامنية كانت موجهة الى حواضن الارهاب الا انه، وفي اللحظة الحاسمة يطلب منها اخلاء المنطقة قبل طرد الارهابيين منها او تصفيتهم!.

واذا كانت بعض المحافظات المجاورة لبغداد قد رفع فيها الارهابيون شعار (لا مكان للشيعة بيننا) وهم - أي الشيعة- المواطنون الاوائل في تلك المحافظات وهم اصحاب المزارع العامرة والمعامل المنتجة والبيوت المضيافة الا ان الطائفيين التكفيريين لم يلتفتوا الى كل فضائل هؤلاء وجازوهم بالقتل على الهوية او بالتهجير القسري واغتصاب اموالهم وممتلكاتهم.. ومع الاسف الشديد لم تكن القوات المتعددة الجنسية ترى كل ذلك او تهتم بجزء بسيط مما يجري مع انهم مسؤولون عن حماية ارواح واموال العراقيين -حسب قولهم- واستناداً الى قرار من مجلس الامن.. والادهى من كل هذا هو ان الوصول الى الارهابيين والقضاء عليهم يمر عن طريق تتواجد فيه القوات متعددة الجنسية التي غالباً ما قطعت الطريق هذا!!.

ومما يؤخذ على القوات متعددة الجنسية، هو انها تركت امر تدريب القوات الامنية العراقية الوليدة (جيش وشرطة) في كثير من الاحيان واوعزت بفتح الابواب امام الفاسدين والمرتشين واللصوص والبعثيين ايضاً للانتساب الى الاجهزة الامنية وعلى الرغم من حملات التطهير التي تتم بطريقة قيصرية الا انه ما يزال الآلاف من البعثيين يتولون مراكز وادارات وقيادات في الاجهزة الامنية، وكثيراً ما لا يستمعون الى رأي وزرائهم، وغالباً ما يأتيهم الرأي من جهات اخرى!.

ومع شديد الاسف، لقد اظهرت القوات المتعددة الجنسية مواقف لا تنم عن الشعور بالمسؤولية القانونية ازاء عراقيين يتعرضون الى القتل والحصار والتهجير القسري، وما تبين خلال الشهور الماضية من ان الارهابيين قد استشرسوا في محافظة ديالى وبدأوا بقصف المدن والقرى التي يسكنها اتباع اهل البيت، ما تبين هو ان القوات المتعددة الجنسية لم تؤمن للمواطنين الذين تتعرض قراهم ومدنهم للقصف العشوائي حياتهم ولا سلامة دورهم..

والادهى من ذلك هو ان الارهابيين والتكفيريين في ديالى وشمالي وجنوب بغداد قد اقاموا (اماراتهم) هناك حقيقة، وليس في الامر من مبالغة.. فلا مدارس ولا محاكم ولا مراكز شرطة ولا مستشفيات في معظم المناطق المدارة من قبل الارهابيين ومع ذلك لم تتحرك القوات المتعددة الجنسية للقضاء على هذه (الامارات) الانفصالية! مع ان القوات متعددة الجنسية ترفع شعار الحرص على وحدة العراق واستقلاله!.

وكثيراً ما تتعرض مدن عراقية الى الحصار مثل بلد وجوارها مؤخراً ويطول الحصار لأيام واسابيع ويتعرض الناس المحاصرون في هذه المدن الى مجاعات حقيقية ويموت العشرات جراء الامراض التي لم يصل الدواء لتتم معالجتها، ومع هذا لم تهتم القوات المتعددة الجنسية في معظم الاحيان بحياة هؤلاء المحاصرين ولم تكترث لاختطاف مدن وعزلها عن البلد الذي تقول القوات المتعددة الجنسية انها حريصة جداً على وحدته!!.

ولعل الاسوأ من ذلك هو ان تعاقب القوات المتعددة الجنسية المواطنين المساندين للحكومة الحالية المنتخبة والشرعية تحت ذرائع ما انزل الله بها من سلطان، كما حدث مؤخراً لمدينة الكرادة مثلاً، والذريعة هي اختطاف جندي امريكي! وقد تعرضت مدينة الكرادة الى تفتيش شامل لم يسلم منه بيت واحد وكان الانسب ان تنهي المتعددة حصارها للمدينة بعد انتهاء التفتيش على الاقل، ولكنها ظلت وحتى يوم امس وهو التاسع لبدء الحصار، ظلت تغلق منافذ المدينة وتفتيش الداخل والخارج منها، فقطعت بذلك ارزاق الآلاف من العراقيين بعد غلق محالهم ومتاجرهم ومنعت الكثير منهم من الوصول الى اعمالهم في مناطق اخرى لصعوبة المواصلات معها.. في حين يقتل العشرات من عناصر القوات متعددة الجنسية في مناطق معينة ومعروفة وكل يوم، ولا تتعامل مع اهل المناطق بالذي تعاملت معه القوات المتعددة من حصار جائر وطويل وما يتسبب من قلق وقطع للارزاق.

والمعادلة الظالمة ها هي تمد لسانها للعراقيين مرة اخرى لتسخر منهم، فالملايين الذين قتلهم او هجرهم الطاغية صدام يدفع ابناؤهم واخوتهم وعوائلهم دية اسقاط الطاغية كل يوم وفي كل ساعة.

شبكة النبأ المعلوماتية- 10 الجمعه /تشرين الثاني  /2006 -18 /شوال /1427