تقرير عن البيئة يرسم صورة مستقبلية قاتمة للاثار البيئية والاقتصادية

  

دعت بريطانيا يوم الاثنين الى اتخاذ اجراءات بشكل عاجل لمواجهة تغير المناخ بعد أن رسم تقرير عن البيئة صورة مستقبلية قاتمة للاثار البيئية والاقتصادية الناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الارض.

وقال التقرير ان التقاعس عن معالجة التغير المناخي قد يرفع درجات الحرارة في العالم الى ما يصل الى خمس درجات مئوية خلال القرن القادم مما سوف يتسبب في فيضانات كبيرة وجفاف حاد واحتمال تهجير ما يصل الى 200 مليون نسمة.

ولكن نيكولاس ستيرن الاقتصادي البارز السابق في البنك الدولي الذي كتب التقرير قال انه اذا اتخذت اجراءات الان فان نفع خطوات صميمة على امتداد العالم لمعالجة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الكوكب ستفوق بكثير الكلفة الاقتصادية والبشرية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عندما صدر التقرير "تقرير ستيرن قام بعمل حاسم. فقد ازال الجدل الاخير المتبقي بشأن التوقف عن العمل في مواجهة تغير المناخ."

وأضاف بلير "نعرف الان ان التحرك العاجل سيمنع كارثة والاستثمار في منعها سيدر علينا اضعاف ما انفقناه."

وتسعى بريطانيا لوضع اطار عمل بعد انتهاء العمل باتفاق كيوتو يشمل الولايات المتحدة التي تعتبر أكبر دولة في العالم انتاجا للغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي الى تغير المناخ بالاضافة الى دول نامية بارزة مثل الصين والهند.

وسحب الرئيس الامريكي جورج بوش بلاده من اتفاق كيوتو الذي يلزم 35 دولة غنية بخفض انبعاثات الكربون الناتج عن احتراق الوقود الحفري في محطات الطاقة والمصانع والسيارات. وبرر بوش انسحابه هذا قائلا ان الاتفاق يضر بفرص العمل.

وقال التقرير ان ثبات مستوى الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي سوف يكلف نحو واحد في المئة من الناتج العالمي السنوي بحلول عام 2050. وقد يؤدي التوقف عن اتخاذ اجراءات الى خفض معدل الاستهلاك العالمي للفرد بما يتراوح بين خمسة و20 في المئة.

وسبق التقرير الذي طال انتظاره محادثات للامم المتحدة بشأن المناخ تبدأ في نيروبي يوم السادس من نوفمبر تشرين الثاني وسوف تركز على العثور على اتفاق جديد يحل محل كيوتو الذي ينتهي العمل به عام 2012.

وقال التقرير "يجب ان يكون الاتفاق على عناصر رئيسية في اطر عمل دولية أولوية عاجلة لكل مجالات السياسة الحكومية."

وقال جوردن براون وزير المالية البريطاني ان ربط قوة الاسواق الى نظام دولي لمقايضة انبعاثات الكربون يعد أحد أفضل السبل لتقليل انبعاثات الغازات الملوثة.

واقترح براون مشتركا في ذلك مع بلير وستيرن هدفا جديدا للاتحاد الاوروبي هو خفض الانبعاثات بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2020 وبنسبة 60 في المئة بحلول 2050 وتوسيع نظام موجود بالفعل لمقايضة انبعاث الكربون ليغطي ما يزيد على نصف الانبعاثات.

ويريد براون أن يرتبط نظام الاتحاد الاوروبي الذي يضع الحدود العامة لانبعاثات الكربون ويسمح في نفس الوقت للشركات بمقايضة حصصها باستراليا وكاليفورنيا واليابان والنرويج وسويسرا لتحديد سعر دولي للكربون مما يحدد كلفة واضحة للتلوث.

وقال براون ان الحكومة ستؤكد على تعهدها بمعالجة التغير المناخي من خلال تقديم مشروع قانون جديد يحمي هدفها في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 60 في المئة بحلول عام 2050.

وقال أيضا ان ال جور نائب الرئيس الامريكي السابق الذي اثار جدلا هذا العام من خلال فيلمه الوثائقي عن التغير المناخي الذي حمل عنوان "حقيقة مزعجة" سيصبح أحد مستشاريه البيئيين.

وقال ستيرن انه في ظل التوجهات الحالية سترتفع درجات حرارة الكوكب المتوسطة ما بين درجتين وثلاث درجات مئوية خلال الخمسين عاما القادمة أو نحو ذلك مقارنة بدرجات الكوكب بين الفترة من عام 1750 الى عام 1850.

واذا استمر تزايد الانبعاثات فان درجة حرارة الارض سترتفع مزيدا من الدرجات المئوية وسيتمخض هذا عن عواقب وخيمة. وستكون الدول الفقيرة هي الاكثر تضررا حيث سيهدد ذوبان الانهار الجليدية في البداية بزيادة الفيضانات وسوف يضر بامدادات المياه ويهدد في نهاية المطاف نحو سدس سكان العالم.

ويقول التقرير "تصرفاتنا خلال العقود القليلة القادمة قد تتسبب في تمزق كبير للنشاط الاقتصادي والاجتماعي في زمن لاحق من هذا القرن والذي يليه على نطاق يشبه التمزق الذي ارتبط بالحروب الكبيرة والكساد الاقتصادي في النصف الاول من القرن العشرين."

ويقول التقرير أن تغير المناخ على كوكب الأرض قد يؤدي إلى تقلص الاقتصاد العالمي بنسبة 20%، بينما قد يؤدي معالجة هذه الظاهرة في الوقت الحاضر إلى تحجيم التراجع في إجمالي الناتج الدولي إلى نسبة 1% فقط.

وتحذر الدراسة من أن حوالي 200 مليون شخص سيصيرون لاجئين من جراء تغير حرارة الجو حيث سيفقدون منازلهم من جراء الجفاف أو الفيضانات.

وأقرت الدراسة بالحاجة "إلى فهم ومعرفة المزيد عن الظاهرة، لكن في الوقت الحاضر نعرف ما يكفي لإدراك عظم المخاطر والمدى الزمني المطلوب للتحرك وكيفية التحرك بفعالية".

وقال السير نيكولاس ستيرن: "لهذا السبب أشعر بالتفاؤل بعد إجراء هذه الدراسة والآن مطلوب أن نتحرك بقوة وبسرعة على الصعيد الدولي".

وقد أشار تقرير ستيرن الى أن الكلفة الإجمالية لتغير المناخ قد تصل الى 3.68 تريليون جنيه استرليني، وذلك ما لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة لمعالجة المشكلة.

ويقول ستيرن إن اتخاذ إجراء الآن سيكلف مجرد واحد بالمائة من الناتج الإجمالي العالمي.

وقد أشار "تقرير ستيرن" الى إن مفتاح حل الأزمة يكمن في حمل الدول الكبيرة التي تسبب التلوث، كالولايات المتحدة الأمريكية والصين، على تقليص نسبة انبعاث الغازات التي تتسبب بها.

وأضاف التقرير أنه ينبغي حمل الذين يتسببون بالتلوث على "دفع ثمن" المشاكل التي يسببونها للكوكب.

وحذر التقرير من أنه ما لم يتحرك العالم للتقليل من انبعاث غازات البيوت البلاستيكية، فإنه لا محالة سائر إلى "تغير مأساوي للمناخ" قد يخلق أسوأ حالة ركود لم يسبق أن شهدها الاقتصاد العالمي من قبل.

كما حذر التقرير من أنه ما لم يتخذ إجراء فإن:

الفيضانات الناجمة عن ارتفاع منسوب مياه البحر قد تؤدي إلى تهجير حوالي 100 مليون شخص.

ذوبان الأنهار الجليدية سيتسبب بانقطاع الماء عن واحد من كل ستة أشخاص من سكان الكرة الأرضية.

الحياة البرية ستتضرر، وفي أسوأ الأحوال قد ينقرض حوالي 40 بالمائة من أنواع الكائنات الحية.

الجفاف والفيضانات قد تجعل العشرات، لا بل الآلاف من ملايين البشر "لاجئي مناخ".

يذكر أن التقرير المذكور سيؤدي إلى نشوب جدل سياسي حاد في بريطانيا بشأن ضرائب البيئة، فهو أول إسهام جوهري يقدمه اقتصادي أكثر من كونه عالم في النقاش الدائر حول التسخين الكوني.

فقد أعلن وزير البيئة البريطاني ديفيد ميليبند أنه يفكر بفرض حزمة من الضرائب جرى تصميمها خصيصا لتغيير سلوك البشر وذلك بغية وضع حد للتسخين الكوني.

أما براون فقد قام بتعيين نائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور مستشارا له لشؤون البيئة.

في غضون ذلك، قال حزب المحافظين البريطاني إنه يدرس إمكانية فرض ضرائب على السفر بالجو.  

شبكة النبأ المعلوماتية--الاربعاء 1/تشرين الثاني  /2006 -9/شوال /1427