اشتعال فتيل التوترات في استراليا ضد المسلمين

 

  زادت مزاعم جديدة من رجل دين بارز بأن المحاكم الاسترالية تتحيز ضد المسلمين في القضايا المتعلقة بالجنس من التوترات بين الحكومة وقطاعات من مسلمي استراليا.

وقال الشيخ محمد عمران للمصلين في مسجد في ملبورن "أشعر أنه ليست هناك عدالة في يتعلق بذلك الامر" مضيفا أن نجوم كرة القدم والمتهمين الاخرين يحصلون على عقوبات مخففة عن تلك التي يحصل عليها المسلمون.

ونشرت صحف استرالية في أعداد يوم الثلاثاء تصريحاته نقلا عن خطبة يوم الجمعة من الاسبوع الماضي. ودافع عمران عن ارائه قائلا للاذاعة الاسترالية ان من حقه التعبير عن رأيه.

ولكن الحكومة الاسترالية أدانت على الفور تصريحات عمران وهي الاحدث في سلسلة من التصريحات من رجال دين بارزين والتي تسببت في انقسام بين مسلمي استراليا ووترت العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين.

وقال النائب العام فيليب رودوك للبرلمان "استراليا مجتمع متسامح ومتعدد الحضارات. المجال مفتوح أمام كل الديانات ولكن الناس الذين يعيشون هنا عليهم احترام القانون والتقاليد الاسترالية."

وجاءت تصريحات عمران بعد أن شبه الشيخ تاج الدين حامد الهلالي مفتي استراليا النساء اللاتي لا يرتدين الحجاب "باللحم المكشوف" مما يجعلهن عرضة للعنف الجنسي كما انتقد القضاة غير المتعاطفين في قضايا الاغتصاب.

وكان عمران والهلالي يشيران الى الحكم الصادر على بلال سكاف زعيم عصابة في سيدني تورطت في سلسلة من جرائم الاغتصاب المنظمة عام 2000 .

وصدر حكم على سكاف بالسجن 55 عاما لقيادته عصابة من الرجال المتهمين في جرائم اغتصاب نساء في سيدني. وجرى خفض الحكم الى السجن 18 عاما عند اعادة محاكمته.

ويوجد في استراليا نحو 280 ألف مسلم يمثلون نحو 1.5 في المئة من سكان استراليا البالغ تعدادهم 20 مليون نسمة. ويقيم معظمهم في مدينتي سيدني وملبورن الكبيرتين.

وتسبب أحدث خلاف في انقسام بين مسلمي استراليا وساند الكثير من زعماء المسلمين في البلاد الدعوات للهلالي بالتنحي عن منصبه أو اقالته.

وقال بيتر كوستلو وزير الخزانة الاسترالي ان الهلالي وعمران يلقون فيما يبدو باللوم على ضحايا الاعتصاب مضيفا أن مثل هذه الخطب يمكن أن تشجع الهجمات.

وتابع لراديو استراليا "عليهما أن يفهما... في استراليا الاغتصاب جريمة ونحن لا نلقي باللوم على الضحية. اذا لم تكن ترتدي الحجاب فهذا لا يعني أنها دعوة مفتوحة.

"عندما تستمع لخطبة مثل هذه وعندما تراه يشير الى قضية سكاف بهذه الطريقة ليس بوسعك الا أن تعتقد أن مثل هذه الطريقة في التفكير يمكن أن تكون ساهمت في دفع سكاف وزملائه لارتكاب مثل هذا التصرف الجنائي."

ونقل الهلالي الى المستشفى يوم الاثنين وتوقف الى أجل غير مسمى عن العمل في أكبر مسجد في سيدني.

وتسبب الشيخ تاج الدين حامد الهلالي امام أكبر مساجد سيدني في اثارة غضب زعماء سياسيين ومحليين واثارة انقسام بين مسلمي استراليا البالغ عددهم 280 الف نسمة خلال واحدة من خطبه في شهر رمضان والتي ألقاها منذ نحو شهر لكنها لم تنشر الا الاسبوع الماضي.

وفي خطبة منفصلة نشرت يوم الاثنين اشاد الهلالي بالنشطاء المجاهدين الذين يقاتلون قوات التحالف بقيادة واشنطن في افغانستان والعراق ولكنه ادان الهجمات الارهابية على المدنيين في نيويورك ولندن ومدريد.

وسعى زعماء رابطة المسلمين اللبنانيين الاسترالية لمقابلة الهلالي يوم الاثنين لمناقشة استقالته من المنصب الذي شغله من تلقاء نفسه الا ان المفتي نقل للمستشفى قبل بدء اللقاء.

ورفض المتحدث باسم الرابطة توم زريقة ان يؤكد الانباء التي اشارت الى ان الهلالي فقد وعيه داخل مسجد لاكيمبا الذي أوقف مؤقتا عن العمل فيه ولكنه قال انه يتعافى حاليا.

وحث جون هاوارد رئيس الوزراء الاسترالي الزعماء المسلمين على العمل سريعا وإقصاء الهلالي الذي وصف يوما هاوارد نفسه والرئيس الامريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير "بمحور الشر."

وقال هاوارد لاذاعة محلية "القلق الحقيقي الذي اشعر به وهو قلق عميق جدا هو ان يلحق هذا ضررا دائما بمواقف واوضاع المسلمين داخل المجتمع الاسترالي الاوسع وانا لا ارغب في ان يحدث هذا."

وقد اعتذر الهلالي عن تلك التصريحات التي قال انها اسيء تفسيرها واقتطعت من سياقها الصحيح.

وقد اثارت التصريحات مجددا التوتر في العلاقات بين الحكومة المحافظة وقطاعات من مسلمي استراليا الذين اتهمهم هاوارد بالفشل في تبني القيم الاسترالية.

وقال هاوارد انه اذا ما بقي الهلالي في موقعه فان اناسا ذوي نوايا سيئة تجاه المسلمين سيفترضون ان الاشخاص العاديين يتفقون مع ارائه المتشددة.

"الوقت يوشك أن ينفد امام منع هذا الانطباع من التأصل."

وقال احد المشرعين من الحزب الحاكم ان الهلالي المصري المولد يجب ترحيله رغم انه يحمل الجنسية الاسترالية.

وقال السياسي المحافظ وارين اينتسك "رد فعلي الاولي هو فليذهب للجحيم."

وطالب نواب من المعارضة الحكومة بفتح تحقيق لمعرفة ما اذا كان الهلالي قد انتهك قوانين مكافحة الارهاب بتمجيده الشهادة في خطبة القاها منذ عامين والتي قال فيها ان هجمات 11 من سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة هي مشيئة الله.

وقال جمال ريفي وهو صديق مقرب للهلالي ومؤسس لرابطة اطباء ضد العنف انه كتب رسالة مفتوحة للمفتي وانه واثق انه سيتنحى في النهاية.

وقال ريفي لتلفزيون محلي "القرار الصائب له ان يتنحى. ومادام انه زعيم روحي فسيظل في بؤرة الضوء بالنسبة لكل الدوافع الخاطئة."

وقال هلالي طبقا لترجمة احدى الصحف "اذا عرضت لحما غير مغطى في الشارع او في حديقة او متنزه او في الفناء الخلفي وجاءت القطط لتأكله.. على من يقع الخطأ على القطط ام على اللحم غير المغطى."

وصرح قيصر طراد المتحدث باسم رجل الدين المصري المولد انه كان يلقي خطبة امام نحو 500 من أتباعه عن الزنا.

وقال "كان يتحدث عن الناس الذين يطاردون الفرائس سواء من النساء او الرجال الذين يسعون لاقامة علاقات جنسية خارج رباط الزواج ويفعلون ذلك من خلال ملابس مغرية."

وصرح طراد بأن تشبيه اللحم المكشوف كان القصد منه الاشارة الى بائعات الهوى.

وتسبب خطاب هلالي في توتر العلاقات بين الحكومة الاسترالية ومسلمي استراليا الذين يشكلون 1.5 في المئة من السكان البلاد البالغ عددهم 20 مليون نسمة.

وقال بيتر كوستلو وزير الخزانة للتلفزيون الاسترالي "آمل ان يرفع الزعماء المسلمون المعتدلون صوتهم اليوم ويدينوا هذه الاقوال ويوضحون للمسلمين ان هذه ليست رؤية الاسلام وانهم سيتخذون اجراء ما."

وطالبت برو جوارد المفوضة الاسترالية لمناهضة التفرقة بين الجنسين بترحيل هلالي قائلة انه يحرض على الاغتصاب. وكان هلالي قد اثار جدلا واسع النطاق قبل عامين حين أثنى على "الشهادة" وقال ان هجمات 11 سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة هي مشيئة الله.

وقالت لهيئة الاذاعة الاسترالية "أدعو بشدة الزعامة الاسلامية لتطلب منه الرحيل كلنا سنؤيد ذلك."

وقالت شيرين حسن المتحدثة باسم المجلس الاسلامي في ولاية فكتوريا ان كلمات هلالي "كريهة للغاية" بينما طالبت اكتمال حاج علي وهي مستشارة حكومية سابقة في القضايا الاسلامية بتنحيته عن منصبه.

وفي سبتمبر ايلول طالب جون هاوارد رئيس الوزراء الاسترالي السكان المسلمين بالالتزام بالمباديء الاسترالية وانتقد العام الماضي المتشددين الاسلاميين "لحماسهم الشديد للجهاد" ومن جانبهم يتهم زعماء المسلمين هاوارد باستهدافهم ظلما.

من جهتها دعت برو غوارد مفوضة مكافحة التفرقة بين الجنسين في الحكومة الاسترالية الى اقالة الامام الهلالي وطرده من البلاد التي يعتبر ارتداء النساء فيها ثيابا قصيرة ولباس البحر (البكيني) امرا عاديا.

وقالت غوارد للتلفزيون الاسترالي ان الهلالي ادلى في السابق بمثل هذه التصريحات ويجب طرده من البلاد. واضافت "هذا تحريض على ارتكاب جريمة. يستطيع الشباب المسلمون ممن يغتصبون النساء الاستشهاد بهذه التصريحات في المحكمة".

وقالت "اعتقد ان الوقت قد حان لوقف تقديم الاعتذارات وحان الوقف للجالية الاسلامية ان تفعل اكثر من مجرد التعبير عن صدمتها واعتقد ان الوقت قد حان لنطلب منه المغادرة". واضافت انها لا تعلم ما اذا كان الهلالي المصري المولد الذي جاء الى استراليا من لبنان عام 1982 يحمل الجنسية الاسترالية.

واصدر الهلالي بعد ذلك اعتذارا عن اي اساءة يمكن ان تكون قد تسببت بها تصريحاته. وقال "انني اعتذر صراحة لاية امرأة سببت لها تصريحاتي اية اساءة (...) لقد كان هدفي هو حماية شرف المرأة فقط وهو ما لم توضحه التفسيرات الاسترالية لتصريحاتي".

وقال الهلالي لصحيفة "ذي استراليان" انه كان يشير في خطبته الى المومسات وليس لاية امرأة لا ترتدي الحجاب الا ان الصحيفة قالت انه لم يات على ذكر المومسات في خطبته. وسارعت الجماعات الاسلامية الى النأي بنفسها عن تصريحات الهلالي.

ووصف المجلس الاسلامي في نيو ساوث ويلز والذي يوجد مقره في سيدني تصريحات الهلالي بانها "غير اسلامية وغير استرالية وغير مقبولة".

واعرب وليد علي المتحدث باسم المجلس الاسلامي في فيكتوريا عن خشيته من تعرض المسلمين لاعمال انتقامية بسبب التصريحات وقال "اتوقع تدفقا من رسائل الكراهية. واتوقع ان يتعرض الناس للاساءة في الشارع وفي العمل".

وكانت استراليا اعلنت الشهر الماضي خططا لتشديد سياسات منح الجنسية الا انها نفت ان يكون ادراج اعلان الولاء "للقيم الاسترالية" كجزء من متطلبات الحصول على الجنسية يستهدف المسلمين بشكل خاص.

وبموجب الاجراءات الحكومية المتعلقة بالجنسية فعلى المهاجرين الخضوع لاختبار مدته 45 دقيقة يشمل التاكد من اجادة اللغة الانكليزية والالمام بقضايا مثل الديموقراطية وحكم القانون والمساواة بين الرجال والنساء.

وجاءت هذه الخطوة بعد شكاوى متكررة من هاورد بان بعض اعضاء الجالية المسلمة البالغ عددها 300 الف مسلم يرفضون الاندماج تماما في المجتمع الاسترالي.

واعرب هاورد عن خشيته من ان تواجه استراليا هجوما يشنه مسلمون استراليون يشبه هجمات تموز/يوليو 2005 على مدينة لندن التي نفذها اربعة شبان بريطانيين مسلمين واسفرت عن مقتل 56 شخصا. وتشارك استراليا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في افغانستان والعراق.

ويواجه اكثر من 20 مسلما اتهامات بموجب قانون مكافحة الارهاب الذي اقر بعد هجمات 11 ايلول/سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.

أما وزير التجارة الاسترالي بيتر كوستيلو، فقد دعا المسلمين لإدانة حديث الشيخ الهلالي قائلا:

"إن كان هناك زعيم ديني هام مثل هذا يوعظ الجماهير حيث تتواجد عصابات الاغتصاب، وبطريقة تبدو و:أنه يجعلها مبررة، إذا يمكن للناس الذين يستمعون إلى مثل هذا النوع من التعليقات أن يتلقوا الفكرة الخطأ".

وقال الشيخ هلالي في بيان أصدره الخميس: "إنني أعتذر بدون تحفظ لأي امرأة أساءت إليها كلماتي".

ومضى قائلا: "لقد كنت أرمي فقط إلى حماية شرف المرأة وهو ما غاب عما عرضته الصحف الاسترالية لكلامي".

وكان ناطق باسم الشيخ هلالي قد صرح في وقت سابق بأن ما نقل عنه جاء خارج السياق الذي ورد فيه، ولم يكن المقصود منه الاشارة إلى الاغتصاب بل إلى الخيانة الزوجية".

وكان الشيخ الهلالي قد اتهم بتمجيد العمليات الانتحارية ونسب اليه القول ان هجمات سبتمبر/ أيلول في الولايات المتحدة كانت "عقاب الله للظالمين".  

شبكة النبأ المعلوماتية--الاربعاء 1/تشرين الثاني  /2006 -9/شوال /1427