هل تعيد الكليجة فرحة العيد الى العراقيين؟

 

 

تنبعث رائحة التمر الممزوج بالسمن والجوز الممزوج بالهيل من شبابيك مطبخ الحاجة ام كريم .. وكذلك من مطبخ ام محمد ، ومن أغلب بيوت أحياء الموصل والمدن العراقية ،إلا من رائحة إعداد (الكليجة) او كعك العيد التي لا يكاد بيت عراقي يستغنى عنها.

والكليجة نوع من المعجنات او الحلويات التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالعيد لدى العراقيين وهي عبارة عن عجينة محشوة بانواع المكسرات والتمر توضع في قوالب صغيرة باشكال مختلفة وترص في قالب كبير قبل وضعها في الفرن لتنضج.

تقول الحاجة ام كريم لوكالة أنباء (أصوات العراق) " الكليجة عادة وتقليد اجتماعي لم تؤثر فيه سنوات الحصار ولا الحروب التي مرت على العراق ، ورغم غلاء المعيشة وازمات الوقود وشحة غاز الطبخ ومنع التجوال ، لم يمتنع العراقيون عن شراء مستلزمات الكليجة."

وتضيف ام كريم وهي سيدة جاوزت الخمسين من عمرها " طبق كليجة العيد هو أفضل تحية لضيوف العيد."

كانت الحاجة ام كريم تتحدث بينما يداها منهمكتان في عمل عجينة الكليجة حيث وضعت احدى بناتها الدقيق الأبيض في وعاء عميق بينما سكبت ابنتها الاخرى السمن الدافىء فوقه، واخذت ام كريم تخلط الدقيق بالسمن وتفركه بكلتا يديها مضيفة اليه مزيج الخميرة والماء الدافىء واستمرت بالعجن حتى تكونت كرة كبيرة من العجين.

وتابعت ام كريم حديثها "في سنوات الحصار كنا نعمل الكليجة من دقيق الحصة التموينية الاسمر وذلك لارتفاع سعر الدقيق الابيض وكنا نحشوها بالتمر فقط ، الان نحتار عند الاختيار فهناك الطحين التركي والاماراتي والهندي وكل الانواع اسعارها مناسبة" وقالت "الجميع ينتظر الكليجة وليس المهم من أي نوع من الدقيق صنعت."

رواء عبد الحق مدرسة كيمياء في احدى اعداديات الموصل للبنات كانت تهيئ حشوة الكليجة التي عجنتها قبل قليل وتركتها لتختمر قليلا ، حيث رصت امامها صفا من الاواني الصغيرة وضعت في أحدها الجوز المقطع المخلوط بالسكر والهيل ، وفي والثاني مزيج الفستق والسكر، والثالث عجينة التمر المنزوع النوى والممزوج بالهيل..ووضع جوز الهند المخلوط بالسكر والهيل في إناء رابع..بالاضافة الى علبة للسمسم واخرى لحبة البركة .

وقالت السيدة عبد الحق "لكل فرد من افراد اسرتها ذوق خاص فمنهم من يرغب بالكليجة المحشوة بالجوز او التمر او الفستق ومنهم من يفضلها خالية من الحشوة وهي ماتسمى (الخفيفي) وهي عبارة عن اقراص من العجين الناضج ترش عادة بالسمسم المحمص او حبة البركة."

واضافت " ان عمل الكليجة فن بحد ذاته لقد تعلمنا من امهاتنا عجن الكليجة بالسمن النباتي او الحيواني لتبقى طرية مدة من الزمن وعدم عجنها بالزيت السائل لانها ستكون قاسية بعد الشي."

اما السيدة ام مروة فقد قسمت العمل بين بناتها ، وقالت" رغم ما املك من قوالب خاصة لعمل الكليجة الا انني افضل عمل كليجة الجوز يدويا وذلك بطي طرفي العجينة على نفسها بعد حشوها وعمل ما يسمى (َضفيرة) ومروة (إبنتها) خير من تجيد عملها."

واضافت ام مروة " اما ابنتي الوسطى فهي مغرمه بالكليجة المحشوة بالتمر وعليه فهي تتفن في انتقاء اشكالها.."

حميد سعيد صاحب فرن السعادة في مدينة الموصل قال " يكثر العمل هذه الايام في شي صواني الكليجة وبمواعيد مسبقة فالعوائل كثيرة وشحة الغاز تحكمهم باللجوء الى شي الكليجة في افران الصمون القريبة من دورهم."

وتابع " اسعار شي الصينية تتراوح بين 1500 دينار واربعة الاف دينار ، فالافران محددة بحصة شهرية من الوقود وعليه لابد ان نشتري وقودا اضافيا وبأسعار تجارية لنلبي طلبات عوائل المنطقة في شي الصواني."

اما السيد ابو ايهاب ،وهو موظف، فقال متذمرا " متى نخلص من هذه العادات والتقاليد.. هل فكرتم كم تكلف من جهود وتعب ووقت ومصاريف للقيام بها؟."

واضاف" ارخص المواد وهو التمر اصبح سعر الكيلو منه بالف دينار بعد ان كان 250 دينار ..اما الجوز والفستق فحدث ولاحرج ..فلا نستطيع شراء 100 جرام منها واسعار الطحين ربما كانت سترتفع لو لم تتسلم العوائل خمسة كيلوات ضمن البطاقة التموينية."

وتابع "كل هذه مصاريف ترهق ميزانية الاسرة خاصة في موسم العيد ولكن هل يستطع احدنا ان يقنع زوجته بعدم عمل الكليجة؟.. ويجيب " لا اظن."

ويقول ابو زيدون ، وهو صاحب محل للمعجنات إن " هناك اقبالا على المعجنات في العيد ولكن كليجة العيد عادة ماتعمل في المنازل والقلة من الناس من يشتريها من المحلات فالمعروض في محلات المعجنات انوع من الكعك والبسكويت والبيتي فور والمعجنات الحلبية."

أما ابو اسيل ،وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية ، فيقول إنه "على الرغم من ان انواع عديدة من المعجنات المستوردة من سوريا ومصر وتركيا تملأ الاسواق لكنها لن تكون البديل عن الكليجة العراقية المميزة برائحتها وطعمها."

وهكذا إرتبطت الكليجة بالعيد وصارت أبرز معالمه عند العراقيين، ينتظرونها صغارا وكبارا ويتفننون في صناعتها وتشكيلها ، فربما تسهم في ادخال بعض الفرحة الى البيوت العراقية التي فقدت طعم العيد منذ سنين طويلة بسبب الوضع الامني المتدهور وعدم الاحساس بالامان. 

شبكة النبأ المعلوماتية--الاحد 22/تشرين الاول  /2006 -28/رمضان /1427