دوانز.. يا وزارة النفط؟!!

رغدان الإمارة

يحتضن بلدنا احدى عجائب الدنيا السبع.. ولنا كل الاعتزاز بهذه العجيبة (جنائن بابل المعلقة)..

وبعد ان اقفلت قائمة العجائب على الرقم 7.. نجد ان الكثير من الدول تبذل جهودا حثيثة لتشييد برج شاهق او ناطحة سحاب او ما الى ذلك من انجازات باهرة تضعها في مصاف الدول المحتضنة للنوادر النفيسة.. أما في العراق فإن اغلب الاشياء رخيصة ولا تكلف الا النزر اليسير من المال او من المجهود لتضيف الى بلاد الرافدين عجائب اخرى الواحدة تلو الأخرى..

فحياة المواطن البريء ر خيصة جداً ومعاناته ارخص، اما البيئة والبنى التحتية ومنشآت الطاقة والصناعة و.. و.. و.. فإن تدميرها واحالتها الى ركام هامد لا يكلف (ذوي الضمائر الحية!!) سوى حفنة صغيرة من الاوراق الاميركية الخضراء اللون.

اصبح المواطن لا يهتم لهذه المفردات اليومية ولا يعيرها اهتماماً كبيراً بقدر اهتمامه هو بملامسات حياته اليومية جداً ومن اهمها مسألة وقود السيارات (البنزين)، فكما نعلم ان للبنزين موارد كثيرة يستخدم فيها واهمها السيارات الصغيرة والمولدات المنزلية التي قلما نجداً منزلاً عراقياً يخلو منها.

الى الان يبدو الكلام وكأنه سرد روتيني لواقع متعب ومتهالك لا يجد من يرفع من شأنه او يرتقي به نحو الافضل، ولكن الشيء الغريب هو ان بعض دوائر الدولة بدأت تتعامل مع المواطن وفق وفقدأ (نبيع الشعير بسعر الحنطة)، طبعا مع احترامي الفائق للشعير والذي يشكل مادة غذائية اساسية للكثير من الكائنات الحية، فوزارة النفط اصبحت تعمل وفق هذا المبدأ حيث اصبحت تبيع البنزين المنتج محلياً بسعر 350 دينار للتر الواحد وهو السعر المخصص للبنزين المحسن (المستورد) وتصر الدوائر التابعة لهذه الوزارة ومحطات تعبئة الوقود على ان هذا البنزين هو مستورد.

ولما كنا نحن المواطنين نفتقر الى مقاييس السيطرة النوعية لمعرفة مدى جودة هذا الوقود او لتصنيفه (محسن ام عادي) فإنه وكما يقال (لو خليت قلبت) وفر علينا ذوو الخبرة هذا العناف واكتشفوا طريقة سهلة لمعرفة نوعية الوقود الذي عبأناه من المحطات وهي نظرية (الدوانز).

فالدوانز ورغم انه نقمة على المحرك وقد يؤدي الى الحاق ضرر فادح باسطوانات المركبة ويرمي بصاحبها المسكين الى وديان الاحياء الصناعية ليفرغ ما بحوزته من نقود على (تجيفت المحرك) فإن هذا (الدوانز) موثوق جداً ويغنينا عن مقاييس السيطرة النوعية ونستطيع بواسطته تمييز نوعية وقودنا (محسناً كان أم عادياً).

وبإمكان أي مسؤول نفطي ان يملأ خزان سيارته الحكومية (واشدد على كلمة حكومية دون شخصية؟!) من اي محطة تعبئة عامة وينقد لعامل المحطة (الوف الدنانير) وبمجرد ان يخرج من المحطة ان يحاول ان يضغط على دواسة الوقود وما هي الا لحظات إلا ويسمع صياح المحرك وانين المكابس (البستم) وهذا الصوت الغريب يسمى (الدوانز) الذي لا اعرف هل هو مصطلح محلي ام كلمة اجنبية.

وإذا اصر صاحبنا المسؤول على موقفه ولم يرفع رجله من الدواسة فإننا سوف نجده واقفاً على بعد عدة كيلومترات من المحطة ويتصل هاتفياً بأقرب مفرز تصليح حكومية (لتجفيت محرك سيارة الدولة).

فالرجاء.. كل الرجاء.. من وزارة النفط الموقرة ان تصحح الخلل الحاصل في اسعار الوقود وتقديم تقييم دقيق عن كل نوعية مع سعرها الخاص بها لأنه اختلط علينا الحابل بالنابل، فالمواطن العراقي المسكين تكفيه مشاكله التي يعانيها يومياً ولا نعتقد انه بحاجة الى مطبات اخرى تعيق سيره نحو قضاء يومه  وتوفير لقمة عيش كريمة لأطفاله الصغار.. دفع الله عنا وعنكم شر الدوانز.

*بابل

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاثنين  4/ايلول /2006 -10/شعبان/1427