في ظل الحديث عن النفوذ الايراني: الارهاب العربي يتوسع

اسعد راشد

 لعل من الامور التي مازال الغرب والولايات المتحدة الامريكية غافلا عنها هي خطر الارهاب العربي وخاصة ذلك الارهاب الذي يقوده الوهابيون وبدعم من بعض الانظمة المتمذهبة وبسيل من الكتاب والاقلام المأجورة والمزورة والتي هي في الظاهر لبيرالية الا انها في العمق تخدم مشاريع "ارهبة" المنطقة من خلال السماح للنفوذ الوهابي والديني السلفي بالتمدد على حساب التوازن الذي احدثه الامريكيون في العراق بعد اسقاط نظام "الاحزاب" الصدامية واقامة النظام التعددي السياسي في بغداد .

اذا كانت الدول الغربية ومعها الولايات المتحدة تتخوف من تزايد النفوذ الايراني في المنطقة كما يروج لذلك واذا كانت التقارير تتحدث باستمرار عن ان انهاء النظامين المستبدين والارهابيين في العراق وافغانستان قد افاد النظام الايراني وان حكام طهران كانوا الاكثر مهارة في تحريك لعبة الشطرنج على خارطة منطقة الشرق الاوسط فان الامر فيه الكثير من المبالغة ولا يرقى الى مستوى التحليل المعقول والمنطقي هدفه تمرير مخطط اخطر واكبر تحديا من مسئلة النفوذ الايراني الذي يجد من ليس ينافسه فقط بل ويقف امامه او يجعله يتمدد في اطار المتفق عليه والمعقول بحيث لا يخل بلعبة التوازنات السياسية في المنطقة على حساب مصالح الدول الكبرى التي تتحكم بسير حركة دول وشعوب والمنقطة على حد سواء.

الولايات المتحدة الامريكية بما تملك من قوة عسكري ضاربة في العالم وخاصة في منطقة الشرق الاوسط لا ينازعها احد من العالمين لقادرة على محو ايران خلال ثواني معدودة كما ان بامكانها ضرب المصالح الايرانية في اي مكان في العالم دون حاجة الى اي مساعدة من اي احد وان ما يروج له الاعلام حول النفوذ الايراني في المنطقة وان ذلك النفوذ اخذ يتمدد ويتوسع على حساب النفوذ الامريكي امر غير صحيح خاصة اذا علمنا ان النفوذ الامريكي بعد اسقاط دولة طالبان ومن بعدها نظام العفالقة في العراق قد ترسخ وتوطد رغم الانتكاسات التي واجهتها واشنطن في بعض المحطات الا ان الدلائل كلها تشير ان النفوذ الايراني يتحرك ويتمدد ضمن حسابات معينة وتحت مراقبة الناظور الامريكي الذي لا يغفل عن صغيرة ولا عن كبيرة في المنطقة ‘ فالنفوذ الامريكي ليس فقط قائما وراسخا بل هو في طريقه الى التقنين فمن لا يعلم ان لامريكا مثلا نفوذ قوي وثابت في معظم الدول الخليجية وان لها قواعد ضخمة عسكرية في قطر والبحرين وعمان والعراق وافغانستان وحتى في الدول العربية الافريقية .

الا ان الحديث عن النفوذ الايراني وخطره يجري في ظل الكتمان الشديد الذي يفرضه النظام العربي الرسمي حول تنامي نفوذ الارهاب العربي بشقيه الوهابي السلفي والعلماني الذي يجد نفسه اليوم في خندق واحد مع ابن لادن والظواهري ومشتقاته المنتشرة هنا وهناك ‘ فليس هناك من لا يعلم ان خطر التكفيريين العرب من المذهب الوهابي والسني يمثل اكبر تحدي للمجتعات البشرية كون ان فكرهم اساسا قائم على نفي الاخر واقصائه باي وسيلة كانت حتى وان تطلب الامر قتل الملايين من الناس وهذا ما نلمسه ونشاهده اليوم في العراق حيث لمجرد ان الشيعة وصلوا الى الحكم عبر صناديق الاقتراع قامت قيامة الاعراب معتبرين الامر غير قابل للقبول والهضم ولابد من اقصائهم ولو بالقتل الجماعي والابادة الشاملة .

هذا الخطر يتم وللاسف الاغفال عنه في مقابل التهويل من النفوذ الايراني الذي وان وجد من يساعده على التمدد الا ان ذلك لا يشكل خطرا على احد خاصة وان تمدده قد حصل او يحصل بالطرق السلمية وبتوافق الدول الكبرى والمعنية وليس عبر اساليب العنف والقتل والمفخخات والطائرات الانتحارية التي هي افكار شيطانية عربية سلفية الايرانيون ابعد الناس عنها وهذا ليس دفاعا عن ايران بقدر ما اننا نريد كشف بعض الحقائق وجلب الانتباه لامور اخطر تهدد امن المجتعات الانسانية وتضع مصير العالم على كف عفريت ‘ الايرانيون لحد هذه الساعة لن يواجهوا النفوذ الامريكي ولا تواجدهم عبر قتل الابرياء وذبح وسلخ الاطفال والنساء او من خلال ارسال انتحاريين بل كل ما فعلوه هو انهم وتحت اعين الامريكيين انفسهم او من ينوب عنهم اقاموا علاقات صداقة على الاصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية مع بعض الدول أكانت موالية لامريكا او محايدة فيما الانظمة العربية ومن اجل ان تكسب لنفسها النفوذ ارسلت الارهابيين الى مختلف مناطق العالم ومارست من خلالهم كل اعمال القتل والذبح ‘ ففي العراق لم يعمل العرب على تهدئة الاوضاع والمساعدة على اعادة الاستقرار اليه ولم يبعثوا باموال الى الحكومة العراقية لدعمها ومساعدتها على الاعمار بل ارسلوا الانتحاريين والاسلحة ودعموا بالاموال الهائلة جماعات القتل الطائفية التي تفجر وتفخخ وتزرع العبوات الناسفة على الطرقات دون ان يفرقوا بين عسكري ومدني فيما النظام الايراني قام ببناء مشاريع استثمارية استفاد منها الشعب العراقي واقام علاقات رسمية مع الحكومة العراقية المتحالفة مع واشنطن وحتى حرب لبنان الاخيرة التي كشفت الكثير من الحقائق لم يتعدى تأثيرها عسكريا الى خارج لبنان بل ظل محدودا في الاطار اللبناني وحتى حزب الله الذي يتهمه خصومه بانه حزب ارهابي مارس مقاتلوه كل اخلاقيات المقاتل في مواجهة الالة العسكرية الاسرئيلية دون ان يمسوا مدنيا او يتجاوزا اطار اصول اللعبة القائمة بين الطرفين الخصمين ‘ لو ان هذه الحرب كانت اطرافها غير حزب الله وايران ولو ان تلك الاسلحة كانت بيد غير تلك الاخيرة اي بيد العرب والوهابيين لحل بالعالم الخراب ولتحركت خلايا الارهاب العربية في العالم لقتل المدنيين والتعدي على الابرياء .

ان من مصلحة امريكا ان لا توسع من هوة الخلاف والصراع مع ايران وحتى مع حزب الله خاصة وان زعيم الحزب السيد حسن نصرالله كان في الحرب الاخيرة ملتزما بكل اصول اللعبة وعاقلا لدرجة كبيرة لا يمكن تجاهل ذلك ومن العقل ان يفاوضه الامريكيون كما دعى الى ذلك الكاتب والمحلل البريطاني باستيل في صحيفة تايمز ولا بد من ان تكون معركة العالم مع الارهاب وليس مع من يستطيع ان يساهم في دحر الارهاب من خلال الفكر السليم .     

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت   2/اب /2006 -8/شعبان/1427