بعضاً من دلالات انتصار حزب الله

      مهند حبيب السماوي

لا اخالني اشك أو حتى يمر بطيفي الجريح خردلة من الريبة أو قيراطاً من التردد في إن هنالك إحداثاً في تاريخ الانسانيه لها دلالات عميقة ومعانٍ ثرة وابعاد لامتناهيه تُستوعب دائماً بصورة متاخرة تاليه على زمان انبثاقها ولحظات ولادتها وأوان انعتاقها, بحيث إن الأجيال التي تعاصر مثل هذه الاحداث لا تحياها على الصعيد المعرفي الابستمولوجي وان أحست بها من الناحية الوجودية الانطولوجية  فهي تحيى الى جانبها من دون ان تدري بها او تدرك قيمتها او تميز فيها الحركة والابداع والصيروره والخلق والتفاني ...

ولعل الامر سيكون اقرب الى الحقيقة اذا ما قارنا ذلك بما يحدث في الكون من ظواهر كوسمولوجية تتعلق بالنور الذي يشع من ابعد النجوم والذي يبلغ البشر في وقت متاخر قد يكون بعد انفجار ذلك النجم بعدة سنين ضوئية ,في حين ان الانسان قبل بلوغ الاشعاع الى حدود بصرة ينكر وجوده ويماحك في ذلك كعادته المزمنة عندما يواجهه حقيقه ما وجها لوجه....

 ومما لاشك فيه ايضاً ان المسار العالمي للاحداث يشهد على ان هنالك  بعض الوقائع تحدث في فترات متباينة وعلى نحو متعاقب  تغير من وجهة التاريخ وتتلاعب بمقدراته وتسيطر على مفاصلة وتكون بمثابه النقطه الفاصلة بين عصرين والتي عن طريقها تبدى مرحلة جديده وتدشن عهد اخر به حركته الناجزة تستمر بالاشتعال والتوقد الى ابد الابدين...

ومن ضمن هذه الاحداث الاخيرة التي سيكون لها اثر في مجرى التاريخ والتحكم في مقدراته هي حرب اسرائيل الاخيرة على لبنان بُعيد أسر( ولانقول اختطاف لانهم ليسوا مدنيين) المقاومة الاسلامية في لبنان والتي تتمثل بحركة حزب الله جنديين اسرائيلين. حيث كشفت هذه الحرب _خصوصاً بعد وقف اطلاق النار_ الكثير من المواقف وفضحت جملة من الاراء وعرت الاقنعة التي كان البعض يضحك بها على ذقون الشعوب العربية المبتلية بحكامها ...

ونحن في الحقيقة سنكتشف في هذه المقالة الدلالات العميقة لهذا الانتصار، والفضاءاتها التي فجرها، والمساحات التي أضاءها، والمجالات التي استهلها، والمستويات التي خلقها، والأبعاد التي صنعها، والعوالم التي كشفها، والمديات التي فتحها, والصور التي تشكلت في أتونه, وقد اجملتها في النقاط الالية:

1.    القضاء النهائي على الاسطورة التي خلقتها ظروف الاحداث التي عاشها الوطن العربي من جهة والجبناء والمتخاذلون والعملاء من جهة ثانية والتي تشير الى عدم امكانية سحق وهزيمة الجيش الاسرائيلي ,حيث هاهي يستجدي اخيراً من امريكا _وراء الكواليس_ وقف اطلاق النار من اجل تلافي الضربات الموجعة الباسلة لصواريخ حزب الله.

2.    فضح بعض الحكومات العربية المتواطئة مع الصهاينة والخائفة من استياء  وزعل الولايات المتحدة الامريكية, حيث لم تخجل وبكل صلف نددت بصورة مباشرة حيناً وبصروة غير مباشرة حيناً اخر بان حزب الله ارتكب مغامرة في اسره الجنديين الاسرائيليين.

3.    ان حركة حزب الله وامينه العام السيد حسن نصر الله يفي بوعده الذي قطعه  لعوائل  اسرى اللبنانيين حينما وعدهم  بانه سيُرجع الاسرى اللبنانيين لدى اسرائيل اليهم معززين مكرمين.

4.    ان حسن نصر الله والمقاومة الاسلامية هي حركة حية واعية قادرة على ادراك ابعاد العمل العسكري واليات الحرب المتنوعة  وادارة المعركة وممارستها ممارسة فعلية, ولا تحمل فقط شعارات حربية وهتافات تدعو للحرب فقط دون برنامج واقعي تترجم فيه هذه الشعارات كما تعودنا على ذلك من قبل حكام العرب الاشاوس.

5.    ان الكتاب والمثقفون التابعين لدولة ما اتخذب موقفاً سلبياً من حزب الله قد تورطوا لكونهم كتاباً مأجورين , حيث حاولوا بشتى الطرق والاساليب الملتوية تبرير موقف بلدانهم الهزيلة والضعيفة والجبانة بحيث كانوا مصداق لاصطلاح كتّاب حسب الطلب!!!

6.    ان اسرائيل ليست مجمعة اجماعا كلياً على الحرب فضلا عن النصر المزعوم الذي صرح به بخجل اولمرت وعرابه بوش اذ ان ايا من اهداف اسرائيل التي تتعلق باسترداد الاسيريين بالقوة ونزع سلاح حزب الله والقضاء عليه لم تتم ولن تتم ابداً.

7.    ان هنالك تعتيما اعلامياً شديداً على خسائر العدو الصهيوني التي بلغت حوالي 5 مليارت وجعلت اكثر من مليون شخص  ينامون في الملاجى ودمرت الالاف المواقع والبيوت فضلاً عن هجرة الالا ف اليهود الابدية عن اسرائيل وهروب السياح ناهيك عن صورة اسرائيل التي تهشمت عند شعبها قبل اي شعب اخر.

8.    ان الشعب الاسرائيلي ماعاد بعد هذه الحرب التي ارعبت فرائصه وخلقت لديه فوبيا حسن نصر الله ماعاد يؤمن بقيادته المغفلة الحمقاء التي فضحت بغبائها واستهتارها  كذبة كون اسرائيل دولة لاتُقهر.

9.    ان الشعب العربي عرف ايضاً من هو الصالح من حكوماته ومن هو الطالح, من هو الشجاع ومن هو الجبان, من هو العاقل ومن هو المجنون ,من هو المقاوم ومن هو العميل , ومن ينفذ مايقول بصدق وشجاعة ومن هو صاحب الشعارات والخطابات الذي يعتاش عليها ويتاجر بها على الصعيد الكلامي فقط.

10.  ان هنال طائفية بغيضة مخجلة منحطة تتحكم في المواقف الجبانة المغرضة لبعض الانظمة العربية التي لم تقف مع حزب الله اللبناني لانه شيعي, مع العلم ان حزب الله لم يطرح نفسه بهوية طائفية شيعية بل انه قدم نفسه( وهو كذلك بالفعل) على انه حركة مقاومة اسلامية من غير اي شعار طائفي.

11.   ان الطريق الوحيد لاسترداد الحقوق هو السلام المبني على القوة العسكرية وفق موازين الرعب التي تجعل من الاخر يقبل بالسلام ويجلس لطاولة الحوار ويجبر للرضوخ الى شروطك القائمة على استرداد الحقوق والارض المسلوبة.

12.  الشجاعة الفائقة لحزب الله والمقاومة اللبنانية التي تجسدت بشكل لايدع مجالاً للشك في هذا الحرب الاخيرة, اذ لم ترهبهم ضخامة الترسانة العسكرية الاسرائيلية المدعومة من واشنطن والمجتمع الدولي وبعض الدول العربية المتخاذلة التي وقفت ضد المقاومة واهدافها السامية المشروعة.

13.  علو كعب حزب الله وشعبيته الكبيرة التي استطاعت ان تسحق بالنسبة للشارع العربي كل  العرب المتخاذلين والمتواطئين , بل ان حجم تعاطف الشارع العربي مع حزب الله وحركته المقاومة قد تعاظم وازداد بشكل طردي مع كل صاروخ دك حصون اسرائيل التي كان الكثير يظن انها بعيدة عن يد المقاومة الاسلامية. 

14.  ان خيار المقاومة هو خيار ناجح بل ناجع بشرط ان يوجه الى المحتل الاساسي الذي يعتدي على ارضنا وعرضنا وشرفنا لا ان يوجه الى بعضنا البعض ونتناسى المحتل الحقيقي كما يحدث في التقاتل الداخلي في فلسطين والارهاب الذي يحصد الابرياء في العراق الجريح.

15.  ان القيادة الاسرائيلية والادراة الاميركية وازلامها من العرب الخانعين يغردون خارج السرب ويعيشون في زمن اخر بل وفي مكان اخر خلقته لهم عقولهم المريضه واحلامهم المستحيلة واطيافهم المصطنعة وخيالاتهم الموهومه التي تصوروا انهم من خلالها يستطيعون لي ذراع المقاومة الاسلامية وكسر شوكتها واجبارها على الرضوخ لما يبتغون.

16.      ان المد الطوفاني المقاوم قادم لامحالة اذ ستنطلق شرارته بسرعه الصوت نحو المنطقه العربية باسرها وان القنبله التي فجرها حزب الله ( ان صح التعبير)  سوف تتفجر وتتشظى اباديد الى حيث الغرف الخاصه لنوم حكام الرعب( عفوا العرب) التي تتعفن بروائح الدكتاتوريه والطغيان والاستبداد الفاشي بحق شعوبهم من ناحية اولى والجبن والخضوع والخنوع بحق امريكا واسرائيل من ناحية ثانية...

حيث سيتحرر لبنان من الاحتلال الاسرائيلي وسيعود اسراه  الى ارضهم وعوائلهم وسُيبنى البلد وسيكون بالامكان افضل مما كان على عكس المقولة الفلسفية الشهيرة التي تقول ليس بالامكان افضل مما كان!!!

 

  مهند حبيب السماوي

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء   29/اب /2006 -4/شعبان/1427