مستقبل اولمرت وحكومته بعد الحرب

عبدالامير علي الهماشي

إذا تحدث بعض المنظرين الامريكان عن ما يواجه حزب الله بعد أن تضع الحرب أوزارها ويرى هزيمته بعد وقف إطلاق النار من خلال عدم قدرته على إيصال صواريخه مباشرة الى حدود الدولة العبرية فإننا نتحدث عن مشاكل حكومة اُولمرت بعد الحرب التي أسماها الاتجاه المعاكس!!

إذا سمى بعض الحكام العرب ووسيلتهم الاعلامية أسر الجنديين بالمغامرة غير المحسوبة فإن اولمرت وحكومته قد غامر بمستقبله السياسي ومستقبل وزرائه وخصوصا وزير الدفاع بحرب مفتوحة على لبنان كشفت مدى ضعف الاستعداد والردع لدى الدولة العبرية حيث ستدفع الخبراء العسكريين ومهندسي السياسة العسكرية والتسليحة وخطط الحرب الى إعادة النظر في الكثير من الدراسات التي وضعت قبل هذه الحرب.

وإذا كانت حرب الايام الستة عام 1973 تمثل تاريخا مزعجا لاسرائيل فإن هذه الحرب ستظل كابوسا يخيم عليها لإنها قد غيرت وجه الصراع في الشرق الاوسط فمن جيش  يهزم جيوشا عربية الى صورة مغايرة حيث يُهزم هذا الجيش بعد ثلاث وثلاثين سنة من قبل حزب مسلح يمارس حرب عصابات

لقد اراد اولمرت ووزير دفاعه ان يبنيا مجدا لهما في تاريخ (اسرائيل)ويقدما نفسيهما كبطلين في تاريخ هذه الدولة إلا أنهما سيعتبران فاشلين بكل ما للفشل من معنى في حسابات هذه الدولة التي لن يرحم سياسوها مثل هذا الفشل الذريع.

ويبدو أنها المرة الاولى في تاريخ الدولة العبرية تحظى بمثل هذه القيادة الفاشلة سياسيا وعسكريا دفعتها الصدفة الى المركز الاول بعد مرض شارون المفاجئ.

واذا كانت المعارضة بقيادة نتنياهو  قد أجلت انتقادها وضغطها على الحكومة أيام الحرب بعد نصيحة بعض الحكام العرب له إضافة الى توحيد كل الجهود للقضاء على العدو فإنها لن تكون كذلك بعد أن تضع الحرب أوزارها.

فأقل ما يُقال عن نتائج هذه الحرب الفشل كما عبر مراسل إذاعة البي بي سي البريطانية في القدس فرانك جاردنر حينما وصف النتيجة بقوله:(وطالما بقى حزب الله قادرا على تحدي _اسرائيل_فستوصم الحملة العسكرية على لبنان والتي تسمى تغيير الاتجاه بالفشل).

واذا كان اولمرت قد اتصل بعائلتي الاسيرين وأبلغهما بأن حكومته ستفاوض من أجل إطلاق سراحهما في محاولة منه لتسلية العائلتين وطمأنتهما فما سيقول لعوائل القتلى والجرحى من الجنود وما سيكون تبريره لهم إذا ما اكتشفوا أن دماء أبناءهم قد ذهبت نتيجة مغامرته أو لنقل حساباته الخاطئة.

وإذا كان تساؤلات الكاتب مايكل يونغ في الديلي ستار البيروتية التي استشهد بها توماس فريدمان في عملية توظيف لمقاله بنفخ روح النصر بالدولة العبرية حيث قال :(إن إختبار حزب الله هو رفع المعاناة في مجتمعه وبالتالي تجنب خسارة قاعدته ولايزال الحزب يتمتع بدعم كبير من طائفته ولن نشاهد إختفاء ذلك ولكن مصير مئات الالاف من الشيعة الذين يعيشون الان في مدارس ومدن في الخيام بل وفي حدائق عامة سيصبح مثار قلق بالغ بالنسبة لنصر الله) فإننا نتساءل كذلك من سيتحمل مسؤولية  الخسائر البشرية والاقتصادية  الحكومية والخاصةفي الدولة العبرية؟

 التي سنكتشفها بعد أن يرفع الجظر الاعلامي وتنقل لنا الصحف المحلية أو ماستكشفه المعارضة الاسرائيلية المتربصة باولمرت (الانتهازي ) كما يصفه أعداءه السياسيون ولاشك أنها تمثل قلقا من نوع آخر غير القلق الذي يصيب الامين العام لحزب الله الذي وعد جماهيره بإعادة كل مادمرته آلة العدوان الاسرائيلية.

إضافة الى الاختلاف الجوهري بين الفريقين فجماهير حزب الله الشيعي يتلذذون بالمعاناة والبلاء تلذذ الرضيع بمحالب اُمه نتيجة التربية العقائدية لهذه الجماهير منذ عقدين من الزمن وأغلبهم من فئة الشباب أو الجيل الثلاثيني والاربعيني ولاأعتقد أن المجتمع اليهودي يحمل مثل هذه الصفات إطلاقا وهم الذين صنعوا إلها لخدمتهم والتضحية في سبيلهم !!!على عكس جماهير حزب الله الشيعي الذين يرون في معاناتهم أقل مايكون لمرضاته.

وسيبقى قلق الاسرائيلين بوجود حزب الله الذي فشل اولمرت في القضاء عليه وسحقه كما وعد في بداية حربه مما سيسبب هذا الفشل و استمرار القلق الدائم لدى المجتمع اليهودي الى سقوطه إن لم تكن بالاستقالة ففي أول انتخابات تخوضها هذه الحكومة.

فلكل حرب فاشلة كبش فداء ولاندري من سيقدم أولمرت للذبح  السياسي والعسكري رئيس الاركان أم وزير الدفاع.

لننتظر نهاية الحرب لنرى نهاية المغامرين..

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد  20/اب /2006 -25/رجب/1427