العدوان الصهيوني على لبنان وكسر إرادة الشعوب العربية

عبد الهادي مـرهـون*

  إن المتطلع للواقع السياسي العربي سيجد أن المقاومة اللبنانية اليوم تنتج ثقافة تؤكد أنها مع كرامة الإنسان وبالمقابل التآمر عليها بات مكشوفاً سواء في لبنان أو فلسطين، لأن النظام الجديد الذي تريد أمريكا إرساءه في المنطقة هو تفرد وهيمنة العدو الصهيوني، وأصبحنا كعرب أمام خيارين إما المقاومة وغلبة منطق الشعوب العربية أو القبول بالهيمنة الأمريكية وأنظمتها التابعة المهزومة.

لذلك فإن المقاومة غيرت المناخ السياسي العام القابل بالإرادة الصهيونية وسوف تعطل قاطرة الاستسلام التي يدفع بها الأمريكي، وهي تصنع المفاجآت مادامت مدعومة من الشعب اللبناني والجماهير العربية.

وعليه فالذي يجري اليوم كله هو جهود أمريكية لتثبيت وتكريس هيمنة العدو الصهيونية كسيد أوحد في المنطقة ومن اجل ذلك سوف ترتكب المذابح ويكَذِب الحكام على شعوبهم وعلى أمتهم.  والسؤال للشعوب العربية والحكام عليهم أن يجيبوا عليه هل الصهاينة أعداء أم لا؟ والواقع يقول أن هذا الكيان الغاصب هو العدو وأنه سبب التوتر في كل المنطقة منذ سنة 1948 ولذلك يجب مقاومته اليوم وفي المستقبل في لبنان وفلسطين وأكثر من ذلك من أمام عتبات بيوتنا وسنورث ذلك لأطفالنا أيضاً.

ومما لا شك فيه فإن الحرب على المقاومة تهدف إلى إدخال لبنان وسوريا والعرب إلى العصر الصهيوني وكسر إرادة الشعوب العربية.

وهناك تبدل وتراجع في الخطاب الصهيوني منذ أمس والمعركة تنتج حقائق على الأرض كل يوم، وقرار السلم والحرب لم يعد يتحكم فيه الصهاينة فقط فقرار الحرب صحيح بدأه العدو ولكن إنهاء المعركة ليس بيدها ولن تتحكم فيه لوحدها.

والحقيقة الواقعة هي أنه لا يمكن للصهاينة أن يوقنوا بعد الآن أن وجودهم بات من غير شك، فقد أصبح المحتلون يشكون حتى في دوام وجود هذا الكيان بعد أن بلغت المقاومة ساحتهم الخلفية  والداخلية.

ومما يؤسف له اتضاح أن الأمم المتحدة شريك في الجريمة بمنعها المواطنين اللبنانيين من اللجوء إلى مقراتها يحتمون من بطش إسرائيل وتركتهم فريسة أمام آلة الحرب الهمجية.

وعلى العرب الواهمين والناقدين أن يتابعوا بدقة ما يقوله العدو الصهيوني ومخططيه الاستراتجيين  وخشيتهم من أن يطالهم انتقام المقاومة وكيف يتهمون قادتهم بتضليل مواطنيهم.

إن قيادة السيد حسن نصر الله استثنائية بشخصيته الفذة وهو أخطر سلاح تملكه الأمة وتنتصر به، فقد صنع من الخوف ثقة وبث في الأعداء  خشية ورهبة وهو عنصر نضال ومواجهة الأعداء يمثل حلم العرب في المستقبل والحرية والكرامة وقائدهم للخروج من سياسات الحكام وهزائمهم.

أما الشعوب فهي متوقعة إن العدو الصهيوني في مأزق والنظام الرسمي العربي مُحرَج لأنه راهن على سياسات العدو والصهيوني ووضع كل مراهناته عليه وهو الخاسر، وسوف يندم العرب الناقدون على ما تسرعوا به وعليهم أن يستفتوا شعوبهم على رأيهم واختيارتهم.

فالكيان الصهيوني استنفذ قدراته ولم يعد لديه أدوات إضافية أخرى متاحة لم يستخدمها بعد توصله إلى هدفه مما قد يدفعه إلى تخبط جديد عبر توسيع رقعة الصراع واستدراج أطراف أخرى له مما يخلط الأوراق ويخفف عليها الضغوط الداخلية.

وللأسف حتى البرلمانات العربية تقاعست عن حث حكوماتها للوقوف إلى جانب لبنان ولم تعد تمثل سوى ديكورات شكلية لتغطية مواقف الحكام.

من المفارقات ما يبدو الآن من قوة ونمجهية الآلة العسكرية لهذا العدوان ومقدار الانحطاط الذي بلغه قادته الذين يمتلكون أكبر وأحدث ترسانات وأسلحة القتل بينماهم لا يستهدفون سوى الجسور والمساكن والمنشآت المدنية بدون معايير ولا تقاليد حرب أو احترام لاتفاقيات دولية وبالمقابل المقاومة تستهدف المطارات والمنشآت العسكرية فقط.

إن غياب أفق سياسي لحل عادل هو الذي أدى إلى الوصول إلى هذا الحال فدولة كبرى كالولايات المتحدة تمنح الحق والغطاء لدولة العدوان ولذلك لا تنتج إلا الأزمات، أما الصحيح فإن أصل الصراع هو وجود هذا الكيان وزرعه في المنطقة وما تسبب فيه منذ نشأته في منتصف القرن الماضي من اعتداءات على الشعوب العربية.

*النائب الأول لرئيس مجلس النواب

شبكة النبأ المعلوماتية-الثلاثاء 8/تموز /2006 -13/رجب/1427