قصتان قصيرتان جدا

   ابراهيم سبتي

  (1)  اهل البلاد

لم اجد اهل البلاد التي زرتها

لم ار اية شواهد لقبور مفترضة

لم أجد إلا سماء صافية لا يحدها بصر

اهل البلاد ناموا.. خرجوا..غادروا الديار

تركوا الزرع والضرع

تركوا البلاد وهاموا في الأركان القصية..

البلاد ، تراب واشجار مبعثرة وثمة جدول صغير يابس..

نظرت الى صورة البلاد المعلقة على الحائط.. بلاد فيها ناس وحجارة وطيور.. وضعت اصبعي على الناس فكان ما كان..

الناس في شرود ( المشهد قريب )

كل الناس في فوضى وثمة رجل واحد ينتصف الشارع  يصرخ..

النار هائجة وسط البستان !!

لم يلتفت احد ، الرجل يصرخ ويمد ذراعه الى جهة ما.. الناس في دوران ، والضجيج يتصاعد وثمة دوي يقترب.. لم يلتفت احد الى الرجل المنتحب ، فلا صراخه ولا بستانه يجعلهم ينتبهون.. هم في حركة وضجة..

الدوي يقترب والرجل يقع ارضا وهو يلوح بذراعه نحو جهة ما..

الناس يتوقفون فجأة.. الدوي يقترب.. النار تتصاعد من بستان المدينة.. الدوي يصم الآذان

النار تحرق كل شيء.. الرجل ممدد وسط الشارع والدوي يعصف بالناس.. الناس بين فار وطريح التراب ولصيق الحيطان.. الرجل يذهب لوحده الى جهة النار الصاعدة وسط البستان..

 

(2)     حجارة البلاد

اهل البلاد ينامون على حافة السطوح.. الريح تحف باشجار السدر والماكنوليا واليوكالبتوس والصفصاف كل الليل..

البلاد هاجعة هذا المساء..

ثمة نعيق متقطع لحقه زعيق طائر وتبعه نعيق اخر..

البيوت النائمة منحت البلاد في الليل سكونا غريبا لا يمسه غير النعيق والزعيق..

البلاد لاتفز من نومها على زعيق طائر مار ولا بنعيق متوار في الدكنة..

البلاد تعرف اوقات نومها..

البلاد تعرف معنى الهدوء في مساء يشبه مساءات فائتة..

لا شيء غير الحفيف.

ثمة امر ما..  اهل البلاد يتساقطون من سطوحهم..

ثمة نعيق بالفرار.. مساء البلاد يتساقط مبعثرا.. السطوح لم تعد تحمل اجساد اهل البلاد المتفحمة..

رفعت اصبعي ووضعته على حجارة البلاد في الصورة المعلقة على الحائط

وفي لقطة قريبة جدا رأيت البلاد تسحل بقاياها من جهة النهر..

سمعت دويا يقترب.. خفت ورفعت اصبعي ونظرت الى الصورة المعلقة التي

ضجت بالناس والطير والشجر والحجر.. 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت 8/تموز /2006 -10  /جمادي الاخرى/1427