تسعون بالمئة من العائلات في غزة محرومة من الكهرباء.. انقطاعه في غزة يهدد حياة المرضى

 قال جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني ان 90% من الاسر الفلسطينية باتت محرومة من الكهرباء منذ ان دمرت اسرائيل محطة توليد الكهرباء الرئيسية وسط قطاع غزة.

وقال الجهاز في بيان صحافي اصدره الجمعة رئيس الجهاز لؤي شحادة ان 200 الف اسرة في قطاع غزة من اصل 240 الف اسرة كانت تحصل على الكهرباء من المحطة الرئيسية فقدت مصدر الكهرباء الرئيسي بعدما قصفت اسرائيل المحطة.

وقال الجهاز ان حوالي 7500 منشأة عاملة في قطاع غزة معرضة لتلف جزء من محتوياتها من المواد الغذائية والطبية جراء قطع التيار الكهربائي.

ومن هذه المنشأت حسب البيان حوالي 6900 منشأة تجارية تستخدم اجهزة التبريد في حفظ المنتجات الغذائية ولديها حوالي 120 طن من المواد الغذائية.

ومن هذه المنشآت ايضا 412 منشأة تقوم ببيع السلع الصيدلانية والتي يفترض ان تحفظ في ظروف ودرجات حرارة مناسبة.

واشار الجهاز الى وجود 22 مستشفى باتت الان بلا كهرباء او تعتمد مصادر بديلة للتزود بالكهرباء وهذا الامر يؤثر على حياة 250 فلسطيني مصابين بالفشل الكلوي وبحاجة الى غسيل الكلى.

وفي حين ان بعض سكان القطاع باتوا الان يعتمدون على الوقود بدلا عن الكهرباء للطبخ قال الجهاز ان حوالي 170 الف اسرة ستفقد مصدر الوقود للطبخ خلال اسبوع.

وقصفت الطائرات الاسرائيلية محطة توليد الكهرباء الرئيسية في قطاع غزة فجر الاربعاء مع بدء هجوم بري على جنوب قطاع غزة اعلنته اسرائيل لاعادة جندي اسرته مجموعة فلسطينية الاحد.

وكانت السلطة الفلسطينية ومن خلال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات بعثت برسالة عاجلة الى ممثلي اللجنة الرباعية طالبتهم فيها "تحمل مسؤولياتها والتدخل الفوري لوقف الاعتداءات الاسرائيلية التي طالت محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة والجسور واعتقال اعضاء المجلس التشريعي والوزراء وتحقيق الافراج الفوري عنهم".

وقال عريقات في رسالته "ان تدمير محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة جاء خرقا فاضحا لاتفاق وقعته الحكومة الاسرائيلية بعدم استهداف مصادر الطاقة الفلسطينية وان الاتفاق وقعته اسرائيل بشهادة من الاتحاد الاوروبي عام 2003".

واشار جهاز الاحصاء الى مشكلة اخرى يعيشها حوالي 2500 فلسطيني تتعلق بعدم قدرتهم على العودة لقطاع غزة بعد ان اغلقت اسرائيل معبر رفح الحدودي مع مصر والمنفذ الوحيد لسكان القطاع الى الخارج.

ويقول مسؤولون صحيون فلسطينيون ان تدمير محطة الطاقة الرئيسية في غزة خلال غارة جوية اسرائيلية يعرض حياة مئات المرضى لخطر محدق.

لكن الامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الاحمر تقولان ان الغارة الاسرائيلية تسببت في انقطاع الكهرباء عن المستشفيات التي لا تستغني عنها وكثير من المنازل. كما ذكرتا ان غارات جوية اخرى تسببت في قطع امدادات المياه.

وادى اغلاق اسرائيل لحدود غزة الى توقف دخول المواد التموينية الى القطاع ومنها البنزين مما يعني استنزاف الوقود الذي يستخدمه الفلسطينيون في تشغيل مولدات الكهرباء المنزلية.

ويعتمد مستشفى الناصر للاطفال الذي تعالج فيه اسراء على مولد للكهرباء اثناء انقطاع التيار. لكن الاطباء يقولون ان مخزون المستشفى من البنزين لا يكفي الا لما بين اربعة وخمسة ايام.

وقال الدكتور ماجد عوض الله رئيس وحدة العناية المركزة التي يعالج فيها خمسة اطفال ان هؤلاء المرضى يواجهون حكما بالاعدام اذا نفد البنزين واستمر انقطاع الكهرباء وان الذين دمروا محطة الطاقة هم المسؤولون عن ذلك.

واضاف ان الذين ينتظرون تنفيذ حكم الاعدام فيهم يكونون عادة من المجرمين لكن هؤلاء المرضى ليسوا الا اطفال ابرياء.

ويتلقى عشرات الاطفال علاجا كيماويا في وحدة امراض السرطان بالمستشفى. وقال عبد الرحمن عيسى مدير المستشفى ان الكهرباء حيوية لكل القطاعات واذا انقطعت سيصبح الموقف بالغ الصعوبة.

وتوصل سلطات الطاقة الفلسطينية الكهرباء بالتبادل الى انحاء غزة المختلفة. ويحرم السكان من الكهرباء ثماني ساعات يوميا ويستخدمون المولدات عندما ينقطع التيار.

لكن اصحاب محطات الوقود يقولون ان البنزين لن يكفي الا لبضعة ايام. وذكر الجيش الاسرائيلي يوم الجمعة انه يعتزم فتح احد المعابر الحدودية خلال الاسبوع الجاري للسماح بدخول الامدادات.

في الوقت نفسه ملا انور ابو القس ارفف متجره بالشموع ومصابيح الجيب التي اصبح سكان غزة حاليا مضطرين للاستعانة بها في شوارع القطاع التي يسودها الظلام. وقال ابو القس "نبيع الشموع ومصابيح الجيب طوال اليوم."

ورفضت اسرائيل مطالب الناشطين الفلسطينيين الذين خطفوا الجندي بالافراج عن الف فلسطيني من سجونها. وخطف الناشطون الجندي خلال عملية عبر الحدود.

وطالبت حكومات اجنبية الناشطين باطلاق سراح الجندي ودعت اسرائيل في الوقت نفسه الى ممارسة ضبط النفس.

ويعتقد كثير من الفلسطينيين ان اسرائيل تستغل خطف الجندي ذريعة لارسال قواتها الى داخل غزة في اطار خطة للاطاحة بالحكومة التي تقودها حركة المقاومة الاسلامية (حماس).

وقال عمار حامد سائق سيارة الاجرة في غزة "القول ان اسرائيل تفعل كل هذا لتحرير جنديها القذر ليس الا اكذوبة."

واضاف "لن اتمكن من الحصول على وقود لسيارتي بعد يوم او يومين وسأتوقف عن العمل."

كما اصطف المواطنون في غزة امام صنابير المياه العامة حاملين الاوعية لملئها بالماء بعد ليلة ثانية من انقطاع الكهرباء في الوقت الذي يخشون فيه هجوما اسرائيليا واسعا على قطاع غزة يسبب ازمة انسانية.

وتقول اسراء ابو عنزة (16عاما) وهي تقف في طابور غير منظم امام احد الصنابير العامة "عندما ياتي الاسرائيليون سنحتجز في منازلنا الى فترة لا يعلم مداها الا الله".

وقالت وهي تحمل في يدها اوعية لملئها بالماء واخوتها الثلاثة الصغار يمسكون بطرف ثوبها "نحتاج الى الماء لكي نشرب ونغتسل وننظف ثيابنا".

وحذرت منظمة العفو الدولية من ان تدمير اسرائيل لشبكات الكهرباء اضافة الى تدميرها ثلاثة جسور في قطاع غزة "ترك نصف عدد سكان غزة دون كهرباء كما اثر سلبا على امدادات المياه".

وعلى مدى اشهر ومنذ تسلم حركة المقاومة الاسلامية (حماس) السلطة وقيادة الحكومة الفلسطينية يتعرض الفلسطينيون لحصار تدريجي بعد انقطاع المساعدات المالية عنهم وتوقف رواتب الموظفين ومنع المواد الاساسية من الدخول الى القطاع.

وبعد ان خطف مسلحون فلسطينيون جنديا اسرائيليا يوم الاحد صعدت اسرائيل الضغط على قطاع غزة المكتظ بالسكان. وبدأت امدادات الكهرباء والغاز والماء في التناقص بشكل سريع.

وقال داوود الحمارنة مسؤول الصيانة في شركة الكهرباء في غزة ان التيار الكهربائي "يتوفر ست ساعات ويتوقف ست ساعات اخرى".

وحتى ذلك يعد تقييما متفائلا. فقد عاش سكان رفح في عتمة متواصلة طوال ليلة الاربعاء. وقدر السكان توفر الكهرباء لمدة ست ساعات فقط في ال24 ساعة الماضية.

واذا قررت اسرائيل المصدر الوحيد للكهرباء لقطاع غزة تنفيذ تهديداتها فستتوقف الكهرباء نهائيا عن القطاع. وحذر سامي صقر مدير شبكة المياه في رفح من انه "بدون كهرباء فان رفح ستموت".

وتعتمد شركة الكهرباء المحلية على الكهرباء لضخ الماء الى المنازل والمحلات التجارية في رفح. واشار صقر الى ان امدادات المياه الان تقل بنسبة 50 بالمئة عن معدلها قبل التوغل الاسرائيلي. واكد "ان شركة المياه تعتمد بشكل كامل على الكهرباء".

وقد اغلقت كافة المعابر المؤدية الى قطاع غزة. وتوقعت محطات توزيع الوقود نفاذ مخزونات الوقود عند غروب اليوم الخميس وبالتالي فان المؤسسات التي تعتمد على المولدات للحصول على الكهرباء ستتوقف عن العمل.

وبعد ليلة غاب فيها النوم عن اعين سكان غزة الذين سهروا على ضوء الشموع تحسبا "للاجراءات الصارمة" التي هددت اسرائيل باتخاذها لاستعادة الجندي المخطوف وقف ابو خالد وقد انتفخت عيناه من قلة النوم امام مضخة البنزين لملء سيارته المتهالكة.

وربما تكون هذه اخر مرة يستطيع فيها ابو خالد ملء خزان سيارته قبل ان تنفد الوقود.

وقال مدير المحطة "اليوم سينفد البنزين (...) اخر شحنة تسلمناها كانت يوم الاحد. ولم نتسلم بعدها شيئا".

وتجلس هناء صقر على مدخل منزل عائلتها المؤلف من طابق واحد وهي تغسل الملابس بيديها بعض ان توقفت الغسالة الكهربائية بسبب انقطاع الكهرباء. وداخل بيتها تراكم الشمع الذائب على الطاولة وعلى حواف النوافذ.

وقالت هناء وقد امتلأت عيناها الواسعتان بالغضب اثناء حديثها عن المعاناة التي تمر بها بسبب الاسرائيليين "لقد فسدت كافة الاطعمة التي كنا نحتفظ بها في الثلاجة من لحوم وفاكهة وغيرها".

وكانت عائلة صقر تمتلك منزلا بسيطا قرب الحدود بين غزة ومصر الا ان الجرافات الاسرائيلية دمرته في عام 2004 اثناء عملية تدمير شملت عشرات المنازل الاخرى بهدف وقف تهريب الاسلحة عبر انفاق.

ورفضت هناء بشدة الادعاءات بان المسلحين الفلسطينيين الذين خطفوا الجندي جلعاد شاليت (19 عاما) هم المسؤولون عن معاناتها وقالت "اتمنى ان يخطفوا خمسة جنود اسرائيليين اخرين".

واضافت وهي تربت على صدر ابنتها البالغة ثلاث سنوات "لا ضير من ان نعاني فنحن نعاني حتى يتمتع الجيل القادم بحياة افضل".

ويقول العديد من الفلسطينيين انهم يشعرون بالصدمة تجاه العالم فرغم كل القتلى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية الا ان الازمة لم تتفجر الا بسبب خطف جندي اسرائيلي واحد.

واكد سامي صقر "يوجد 10 الاف اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية. وهم (الاسرائيليون) ياتون ويقتلون عائلات باكملها على شواطئنا" في اشارة الى العائلة الفلسطينية التي قتلت بنيران اسرائيلية اثناء قيامها بنزهة على الشاطئ في وقت سابق من هذا الشهر.

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد  2/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427