الارهاب... مناطقيا؟

سعد البغدادي

 مايميز الحالة العراقية ان منحى الارهاب بدا يتخذ اتجاهات تصاعدية باتجاه مايعرف بالحرب الاهلية.

فاخذنا نشاهد تطور وتصاعد عمليات القتل باتجاه جغرافي. فاختطاف مئة موظف من وزارة الصناعة في منطقة سنية هي التاجي. وفي الاتجاه الاخر اختطاف  اصحاب المركبات في جميلة وهي منطقة شيعية.

هذه العمليات لم تاتي من فراغ. بل هي متاتية من فعل ورد فعل طائفي اتخذ الطابع العنفي في البلاد.

الجهة الاولى المسؤولة عن هذه العمليات هي اولا قوات الاحتلال التي لم تظهر انضباطا وحرصا على ارواح العراقيين ثم انها سمحت للتيارات الارهابية بالتواجد كما هو حال التاجي والمشاهدة واليوسفية واللطيفية.

الجهة الاخرى التي تتحمل المسؤولية  هي الحكومة العراقية الحلقة الاكثر ضعفا في العراق.

فتسليم مسؤولية الامن لوزارة الدفاع في مناطق تشهد عمليات ارهابية متكررة امر مريب؟ علما ان وزارة الدفاع هي تشكيل مخترق امنيا من قبل العصابات الامنية.

ساترك توزيع المسؤولية عن الاحزاب والهيئات الاخرى باعتبار انها ضد نوعي للعملية السياسية بل هي كارهة لهذه العملية حتى ان بعضها دخل البرلمان لغرض افشال  ونسف العملية برمتها.

اترك هذه الاحزاب والتنظيمات واحمل المسؤولية الكبرى للعشائر العراقية التي تخلت عن دورها لصالح مجاميع ارهابية.

المجتمع العراقي مجتمع عشائريا. متماسك الجانب وتشكل العشيرة _ القبيلة. جزء مهما من التركيبة البنيوية للمجتمع العراقي. وعبر تاريخه الطويل كانت العشيرة مصدر قوة للفرد العراقي فهو طالما يحتمي  ويتقوى بها.

فالتركيبة العراقية تبدء من (البيت _ فالفخذ_ فالعشيرة) وسلطة هذا التنظيم هي اقوى من السلطة الدينية والحزبية.

وهذا ماشاهدناه في الانتخابات العراقية حيث كان الولاء القبلي اكبر من الولاء الديني او الحزبي.

ترى كيف تخلت العشيرة عن دورها في ضبط ايقاع العمليات الارهابية. ان لم تكن اشتركت في مخطط اشعال هذه الحرب من اجل الاستيلاء وامتداد النفوذ العشائري.على حساب العشائر الاخرى.

ابتدءت القصة  حينما قرب النظام السابق بعض العشائر المغمورة في تاريخ النضال العراقي ليقربها منه ولتحصد كل الامتيازات المادية والمعنوية من جراء خدمتها للنظام البعثي. هذه الخدمة امنت لها اراضي واسعة وبساتين ومزارع كبيرة جدا.

شملت ما يعرف اليوم بحزام بغداد الامني. من التاجي والطارمية واليوسفية واللطيفية والمدائن والنهروان وابو غريب. ولتنشء تلك العشائر فيما بعد امارات على غرار الامارات الخليجية من الترف وتبديد الثروة.لكن الامور سوف تتغير بعد سقوط النظام المؤيد لتلك العشائر. وكان لابد ان تتخلى هذه العشائر عن هذه الاقطاعيات الواسعة والتي اغتصبتها بغير وجه حق وتعيدها الى اصحابها الشرعيين بعد ان هجرهم النظام تحت شعار التبعية والتجسس.

الامور ستتغير. عشائر غاصبة لمساحات شاسعة من الاراضي. وعشائر اخرى تريد ارجاع

حقوقها.

فكان لابد لهذه العشائر ان تدفع باتجاه الحرب الاهلية. تدفع بالفقراء والبسطاء من اجل الاقتتال ومن ثم الحفاظ على المكتسبات السابقة.مثل هذا الامر سوف لن يرضي العائدون الى وطنهم اصحاب الارض الحقيقيون واصحاب الاملاك الواسعة التي اغتصبت. وبعمل نوعي اخر يدفع هذا التيار باتجاه الحرب الاهلية من اجل طرد الغزاة البعثيين.

تغيير كبير في المجتمع العراقي. تغيير في بنية المجتمع وتركيبته الاصلية.

هذا الصراع سوف لن ينتهي بسهولة من يتنازل  للاخر ؟ طبعا لايوجد بل هناك ملايين من الفقراء سيكونون وقودا لحربا اهلية من اجل المذهب ومن اجل السنة ومن اجل المساجد المهدمة ومن اجل الحسينيات المفجرة. حرب لاتنتهي الا بوعي الجماهير العراقية وانتباهها لما يحاك ضدها من مؤامرة وتنافس  الراسمال الاحتكاري.

القضاء على الارهاب. بيد الشعب العراقي وليس حلا يأتي من المريخ.

 [email protected] 

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد  2/تموز /2006 -/جمادي الاخرى/1427