أطفال العراق يحتفلون بعيد الطفولة وسط الانفجارات وعمليات الاختطاف

 

مجموعة من الاطفال يرتدون ملابس زاهية ويرددون الأناشيد فيما لا تخفي عيونهم الصغيرة حالة القلق والخوف عند صدور أي صوت هنا أو هناك ، ظنا منهم أنه إنفجار أو إطلاق نار.

هكذا بدا حال جوقة الاطفال الذين شاركوا في إحتفالية أقامها مجلس السلم والتضامن العراقي بمناسية يوم الطفولة العالمي.

ففي الوقت الذي يحتفل فيه أطفال العالم بهذا اليوم بشتى ألوان البهجة والسرور ، إتخذ الاحتفال في العراق ، حاله حال بقية الاحتفالات ، مظهرا مختلفا ولم يخل من الخوف والذعر والالم.

فأطفال العراق يحتفلون بيومهم وسط دوي الانفجارات وإنقطاع التيار الكهربائي حتى أثناء تأديتهم للامتحانات، فضلا عن إرتفاع عدد العوائل التي هجرت قسريا وسكنت الخيام.

"أطفالنا لا يعيشون الطفولة حيث أبسط الحقوق غير موجودة "هكذا وصفت فاتن محمد والدة أحد الاطفال الوضع الذي يعيشه أطفال العراق.

وأضافت في حديثها لوكالة أنباء (أصوات العراق ) "أبسط حقوق الاطفال غير موجودة فالاجواء مرعبة والقلق عليهم لا يتوقف ، فأنا أعيش رعبا حقيقيا لحين عودة إبني من المدرسة."

وقال كوركيس (والد طفل في المتوسطة ) "بالرغم من أن ابني في المتوسطة ، إلا أنني أضطر لتوصيله من البيت والمدرسة وبالعكس ، وتنوب عني زوجتي عند عدم تمكني من ذلك".

وللاطفال أيضا كان لهم رأي في كل ما يتعرضون له، فقال مصعب (8 سنوات ) " هناك مفخخات وقنابل وعبوات ناسفة وبالتالي لا يسمح أهلي لي بالخروج للعب."

وقال صديقه علي "وهناك الاختطاف والقتل " في حين قالت شهلاء "لانعرف متى يحدث شيء سيء وخطير , ليس أهلي فقط يمنعوني من الخروج , بل كل الاهالي."

من جانبه إعتبر رئيس مجلس السلم والتضامن إبراهيم عباس أن " ما يعانيه الطفل في العراق هو أسوء مايكون."

وأضاف "لايعيش طفل في العالم كما يعيش الطفل العراقي حيث يعاني معاناة خطيرة وصعبة."

وقال إن "الطفل كالبرعم يحتاج الى الرعاية لينمو ويترعرع لانه مستقبل هذا البلد ، فكيف سيكون مستقبل البلد وهو يعيش في أصعب بيئة."

وحمل عباس الحكومة العراقية ما يعانيه الطفل العراقي لكونها "منشغلة ومركزة جهودها على المحاصصة والطائفية والربح والفساد".

من جهتها نبهت باسكال وردة وزيرة المهاجرين والمهجرين السابقة الى ظاهرة سلبية بدأت تنتشر في الشارع العراقي هي (أطفال الشوارع) وهي تسمية تطلق على الاطفال الموجودين في الشارع والذين يقومون بالتسول أو التجول بحثا عن مأوى ومأكل.

وقالت باسكال "في الوقت الذي نحتفل فيه بيوم الطفل العالمي ،أفكر بالعدد غير المعروف من الاطفال المشردين والموجودين في الشارع."

وأشارت أيضا الى المصير المجهول لأطفال الملاجىء الحكومية الذين تم إختطافهم من دور الايتام والملاجىء التابعة لموسسات الدولة العراقية بعد سقوط نظام السابق في نيسان إبريل 2003 ، وقالت "حتى الان لم يتم الكشف عن مصير عدد من الاطفال ومن الجنسين تم اختطافهم من الملاجىء."

وناشدت باسكال الحكومة العراقية والوزارات المعنية (العمل والشؤون الاجتماعية والاسكان والصحة والتربية وحقوق الانسان ) والمنظمات المختصة بتولي مهامها تجاه الطفل وإعادة الطفولة لاطفال العراق."

يذكر أن منظمة اليونسيف ذكرت في تقرير لها صدر مؤخرا أن " إستمرار ممارسات العنف الدامية التي لا يمكن التنبؤ بها ، والتي تتسم بها المراحل الانتقالية في بعض الدول ، كما هو حال العراق، يعتبر أحد العوامل الرئيسية في زيادة عزلة الأطفال، وذلك بحرمانهم من الذهاب إلى المدارس و ممارسة حياتهم العادية."

اما الموصل فأن اطفالها بلاطفولة حيث ينتشر العنف والارهاب في كل شيء فقد كان منظرا لطيفا لأطفال باعمار دون العاشرة يلعبون في احد حدائق احياء الموصل المتواضعة لكن اية لعبة يلعبون؟.

بدوأ بتقسيم الادوار فيما بينهم ليلعبوا دور عصابة تقوم باختطتاف الفتيات وذبحهن .

الفتيان احضروا سكينا من الخشب للذبح ..احدهم سيكون اميرا لانه سيكون قد ذبح 10 اشخاص- وهذا هو النهج المتعارف عليه لدى العصابات وكما عرض على شاشات التلفاز اثناء اعترافاتهم- اما الفتيات فهن في صراخ دائما ويطلبن النجدة وهن منسجمات في تمثيل دور الفتيات المخطوفات.

قال حمودي وهو كبيرهم ويبلغ من العمر حوالي العاشر لنا:" انا الامير ولدي عصابة كبيرة.. نحن اقوياء ولانخاف من الشرطة وسنقوم بذبح الفتيات اذا لم يعطونا اهلهم نقودا "

واستمرالاطفال باللعب وهم يعيشون واقعا اليما لمدينتهم.

هذه هي احدى صور اطفال مدينة الموصل في الوقت الذي يحتفل اقرانهم في العالم بيوم الطفولة العالمي..المسؤولون ايضا يستغربون وربما يسخرون عندما تسألهم عن مناهج احتفالاتهم بهذا اليوم الذي يحتفل به كل اطفال العالم وتسعى جميع المؤسسات ان تقدم افضل ما ليها احتفالا بالطفولة وبالمستقبل..

توجهت وكالة انباء(اصوات العراق) الى مدير اعلام محافظة نينوى وسألته عن احتفالات المحافظة بهذه المناسبة اجاب"نحن لاشأن لنا بالطفولة , ممكن ان لمديرية تربية نينوى برنامج خاص لن لهاارتباط وثيق الاطفال "

وعندما حولنا السؤال الى مدير اعلام تربية المحافظة قال:" ليس لدينا احتفال ولابرنامج .. ممكن لمنظمات المجتمع المدني برنامج خاص "

المحامي ماهر العبيدي مدير مركز نينوى لمنظمات المجتمع المدني ورئيس منظمة حقوق وحماية الطفل في محافظة نينوى حسم الأجابة بجملة واحدة :" ليس لدينا احتفال يخص الطفل"!!.

عندها ذهبناالى حضانة مركز المرأة فقالت لنا السيدة عنان مديرة المركز :" معنى الاحتفال هو الفرح والسعادة ومن اين نأتي بالفرح والسعادة لنحتفل بأطفالنا ...فمفخخة الامس قلصت حضور الاطفال هذا اليوم الى الربع نتيجة الخوف الذي تملك ذويهم , ممكن نجد هذه الاحتفالات في محافظات اخرى ولكن الموصل لانجد فيها الا الحزن والالم واصوات الانفجارات "

لنذهب اذا الى شوارع المدينة لنأخذ الأجابات من الأطفال..اطفال بملابس رثة ووجوه شاحبة اغلبهم حفاة يبدو ان الكثير منهم لم يغتسل منذ اشهر يبحثون بين اكوام القمامة عن كسرة خبز او شي يباع ،عندما تحاول التقرب منهم يهاجمونك بالحاح لتعطيهم ماتجود به ،سهام توفيق (9)سنوات قالت متوسلة :" انا جائعة لم آكل منذ الامس ابحث عن طعام ولااجد من يعطيني"

في احد شوارع المدينة وتحديدا في حي الكفاءات،ما ان تتوقف السيارات بتوهج الضوء الاحمر عند التقاطع حتى تتجمهر حولهاوجوه بريئة تتوسل بك لتبيعك المناديل الورقية والكبريت واللبان..هؤلاءتركتو مقاعد الدراسة لآعالة عوائلهم..

كريم اسماعيل (11)سنة قال:" الامريكان ابي واصيبت والدتي بجلطة وكان عمي يصرف علينا والان تركنا بعد ان طلب مني ان اعتمد على نفسي واعمل كي اوفر ثمن دواء والدتي"..

نقف قليلا مع الطفلة الجميلة جدا ( آيه صلاح) عمرها 6 سنوات بظفائر ذهبية وعيون استمدت من زرقة السماء لونالكنها غير قادرةعلى النطق قالت( ام آيه):" كان يوما رهيباعندما فتحت ( آيه) باب الدار لتذهب الى مدرستها وهي فرحة بعد ان قبلتني وقبلت والدها فقد سمعنا صوت صراخها ثم سقوطها على الارض بعد ان ارادت( آيه ) اكتشاف الكرة ذات الشعر الاسود الموضوعة امام باب الدار والتي اتضح انها رأس لانسان مذبوح وبعد ان استردت وعيها اكتشفنا انها فقدت النطق من هول الصدمة,...ولم ينفع لها علاج ...لقد فقدت ابنتي النطق بسبب الاعمال الارهابية "

اما شروق مصطفى (5)سنوات فقد كانت مع ابيها عندما ذبح من قبل مسلحين امامها لانه مترجم يعمل لدى الامريكان لقد تناثر دمه على فستانها الوردي ... لقد تركوها مع جثة ابيها وهي تصرخ وتصرخ حتى صار الصراخ جزء من نوبات هستيرية تنتابها باستمرار.. والدة( شروق)قالت:" انها احدى ضحايا الارهاب في مدينة الموصل، تصرخ كلما شاهدت صورة والدها المعلقة على الجدار وتناديه في نومها و تتكلم اثناء نومها طالبة من المسلحين ترك والدها وتبدأ بالصراخ حتى تفقد الوعي "

هناايضا صورة( نورا معتز) عمرها عشرة سنوات على كرسي بعجلات نتيجة اصابتها بشظية عبوة ناسفة في العمود الفقري قبل اشهر عندما كانت تتسوق مع والدها جعلها تفقد الحركة والسيطرة على العضلات الارادية "

قالت الدتها:" توفي والدها بعد ان دخلت شظايا العبوة الى داخل جسده اما نورا فقد شلت وعلي ان اضع لها حفاظات داخلية يبلغ سعر الكيس 10 آلاف دينار والكيس لايكفي لثلاثة ايام وانا عاملة راتبي 100 الف دينار وايجار الغرفة التي اسكنها واطفالي 25 الف دينار ولا استطيع اطعامهم الا البطاطة المسلوقة ، انهم يتمنون تذوق الايس كريم او الشوكلاته ولكن لانهم عراقيين وقع عليهم ظلم من نوع خاص "

الاء عمران معلمة في مدرسة ابتدائية في حي المصارف في الموصل قالت:" بالتأكيد هناك اثار تركت على نفسية الاطفال وعلى سلوكهم وتصرفاتهم لقد طغت روح العداء والقسوة في تعامل الاطفال مع بعضهم انهم ميالون للحديث عن نوع الاطلاقات التي سمعوها قبل يوم ونوع السيارة المفخخة التي انفجرت بالقرب منهم ... لقدفقدوا الأحساس بالطفولة واصيبوا بالقلق والهشاشة في شخصيتهم لانهم يكررون مايسمعوه من والديهم عن الموت والقتل , وقد لاحظت معرفتهم لنوع الانفجار ان كان عبوة او قذيفة او سيارة من خلال الصوت , بل وحتى الاطلاقات يميزونها ان كانت امريكية ام عراقية"

اما صافية حمدون وهي مديرة مدرسة ابتدائية قالت:" يعاني غالبية التلاميذ الصغار من حالات نفسية خطيرة بعد ان شاهدوا ابائهم وهم مقيدين بالسلاسل ومعتقلين من قبل الامريكان حتى الاطفال الذين اجبروا على ترك مدنهم بسبب الاعمال المسلحة كأطفال قضاء تلعفر والواقع غرب مدينة الموصل هم ايضا اصيبوا بانفعالات نفسية لانهم تركوا بيئتهم التي اعتادوا عليها وهجروها بسبب القصف.... انهم يعانون من اضطرابات نفسية وعدم التركيز في الدرس وعند شرح المعلمة ...تجدهم ساهمين شاردين, تلك هي ملامح افرازات الحرب على الاطفال"

الدكتورة خولة احمد من كلية التربية \ جامعة الموصل قالت:" لقد مر اطفال العراق بثلاثة حروب متوالية اثرت عليهم بشكل مباشر وجعلت البعض منهم ايتاما وعانى البعض الاخر من الخوف والامراض النفسية ومن سوء التغذية حيث يعاني اربعة اطفال من خمسة من سوء التغذية كما يفارق طفل حياته من اصل ثمانية اطفال قبل بلوغه الخامسة من عمره بسبب الامراض وبسبب سوء التغذية "

وقال هيثم حسن مصطفى مدرس في جامعة الموصل:"عانى اطفال العراق من البؤس والتشرد والضياع وبعض الامراض والصراعات النفسية بسبب الحروب الاحتلال..ففقدان الاباء في الحرب يجعل من الطفل يفقد مقومات التربية الصحيحة ويجعله من جيل ضائع فهناك خمسة ملايين طفل يتيم ومليون طفل من ذوي الحاجات الخاصة و300 طفل معاق.. هناك اطفال جلبتهم القوات الامريكية الى دور الايتام وهناك اطفال بدأوا يعتاشون على مهنة التسول في الشوارع ناهيك عن اطفال العصابات ... ويجب علينا ان لاننسى الاطفال الذين قتلوا او تعوقوا نتيجة الحرب ونتيجة الانفجارات جيل ضائع يبحث بين القمامة عن كسرة خبز او قطعة من الفافون(الألمنيوم) لبيعها" 

شبكة النبأ المعلوماتية-السبت  3/حزيران /2006 -5/جمادي الاول/1427