عنصرية الجيش الاسرائيلي بحق الفلسطينيين في يوميات نشطاء أوروبيين

يسجل نشطاء أوروبيون بادروا الى فك الحصار عن الفلسطينيين عام 2002 مشاهدات وصفت ممارسات اسرائيل بالعنصرية بل ان يهوديا فرنسيا اعتبر التذرع بالمحارق التي حدثت في عهد الزعيم النازي أدولف هتلر لتبرير سياسة "اجرامية" هو اهانة لضحايا النازية.

ويضم كتاب (العودة من فلسطين) شهادات هؤلاء النشطاء الذين يمثلون البعثة الحادية عشرة التي ضمت 21 سويسريا و52 فرنسيا في مقدمتهم جوزيه بوفيه مؤسس اتحاد المزارعين في فرنسا وهو أشهر مناهضي العولمة في بلاده.

وسافرت أول بعثة للنشطاء الفرنسيين الى فلسطين ضمن "الحملة الدولية للحماية" في يونيو حزيران 2001 وتلتها بعثات تمثل قوى يسارية في دول منها ايطاليا وألمانيا وسويسرا وبريطانيا وهولندا والولايات المتحدة.

وضم الكتاب شهادات أعضاء البعثة الحادية عشرة وترجمته عن الفرنسية ايناس صادق.

وصدرت الترجمة العربية للكتاب عن المجلس الاعلى للثقافة بالقاهرة في 209 صفحات كبيرة القطع.

وفي مقدمة الكتاب قال المفكر اليهودي الفرنسي روني برومان الرئيس السابق لمنظمة (أطباء بلا حدود) ان المقاومة "حق أساسي" مشيرا الى أن البعثات المدنية الدولية حاولت كسر العزلة التي فرضتها اسرائيل على الفلسطينيين ونجحت في مهام مثل منع اجتياح "وتدمير مستشفى رام الله (لكنها) لم تمنع بالتأكيد مذابح جنين ولم توقف التجاوزات التي يرتكبها الجيش الاسرائيلي في الاراضي المحتلة."

واجتاح الجيش الاسرائيلي جنين عام 2002 وقتل عشرات الفلسطينيين كما هدم مئات المنازل.

وأضاف برومان أن ذكرى تعذيب اليهود في ألمانيا النازية تتسلط على الاجيال المتعاقبة لكنها لا تبرر تهمة معاداة السامية التي قال انها تلقى مسبقا على أي شخص يجرؤ على المطالبة "بقوة بتطبيق الحق في الصراع العربي الاسرائيلي. ان التذرع بالمحرقة للتمسك ولو بطريقة غير مباشرة بسياسة اجرامية تعتبر اهانة لضحايا النازية."

وتساءل "هل يمكن وصف دولة تقهر شعبا بأنها ديمقراطية ؟".

وأشاد بالنضال من أجل الحرية والعدالة مشيرا الى أن سياسة "التمييز العنصري والتطهير العرقي حل تمت تجربته من قبل في جنوب افريقيا وليس من المحتمل تحقيقه (أي نجاح) من الناحية التقنية."

وحملت الصفحة الاولى من الكتاب تنويها الى أن مؤلفيه انتهوا منه بسرعة اذ كتبوه في ثمانية أيام فقط من واقع شهادات 35 عضوا في البعثة منذ "وصلوا الى فلسطين" يوم 27 مارس اذار 2002 حتى عودتهم الى فرنسا بين الثالث والتاسع من ابريل نيسان اضافة الى دفاتر الطريق التي حررها 22 مشاركا اخرون.

وأشار التنويه الى أنه "نظرا للتهديدات والمناخ الحالي" فضل جميع أعضاء البعثة الفرنسيين عدم الكشف عن أسمائهم ماعدا جوزيه بوفيه وكلود ليوستيك وجورج بارتولي وسمير عبد الله وهو من أصل مصري.

وأخرج عبد الله وهو ابن التشكيلي المصري البارز حامد عبد الله أفلاما وثائقية عن الفلسطينيين منها (سنعود يوما) و(رحلات الى فلسطين بصيغتي المفرد والجمع) و(كتاب على الحدود) الذي شاركه في اخراجه الفرنسي جوزيه رينيه والفيلم رحلة الى فلسطين قام بها في مارس اذار 2002 أدباء من ثماني دول منهم الامريكي راسل بانكس رئيس برلمان الكتاب العالمي والفرنسي كريستيان سالمون والاسباني خوان جويتيسولو والحاصلان على نوبل في الاداب والنيجيري وول سوينكا والبرتغالي خوسيه ساراماجو. وكانوا يلبون دعوة من الشاعر محمود درويش المحاصر في رام الله آنذاك.

وسجل الكتاب أن أعضاء البعثة الحادية عشرة الى الاراضي الفلسطينية "هؤلاء الابطال" ذهبوا لفك الحصار عن الفلسطينيين فوجدوا أنفسهم في خضم الحرب "القصة لا تكاد تصدق.. في اليوم التالي لوصولهم أرسل (رئيس الحكومة السابق) ارييل شارون الجيش الاسرائيلي لاحتلال المدن الفلسطينية بالدبابات والقصف والغارات مثلما فعل الجيش الفرنسي من أربعين سنة في الجزائر عندما أنزل مظليين في حي القصبة."

كما سجل أيضا أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم ضحايا رصاصات القوات الاسرائيلية ففي رام الله حمل ايطاليون يوم 30 مارس اذار باقة زهور ضخمة وذهبوا لوضعها في المكان الذي "قتل فيه (عام 2002) مواطنهم الصحفي رافائللو سيرييللو على يد جندي اسرائيلي أطلق عليه النار عن قرب."

ولقي نشطاء اخرون بعضهم أمريكيون مصرعهم في عمليات للجيش الاسرائيلي منهم الناشطة الامريكية راشيل كوري (23 عاما) التي سحقتها جرافة اسرائيلية وهي تدافع عن منازل فلسطينيين في رفح في مارس 2003.

وكانت كوري التي احتفلت أوساط ثقافية وفنية مصرية هذا العام بذكراها تنتمي الى (حركة التضامن الدولية) بغزة وتضم مئات الناشطين من عشرات الدول واعتبر الجيش مصرعها حادثا عرضيا وبرأت محكمة اسرائيلية الجندي سائق الجرافة مشيرة الى أن الناشطة أصيبت وهي تحاول تسلق الجرافة.

وسجل الكتاب ما اعتبره ممارسة عنصرية وتمييزا في حق الفلسطينيين.

فعندما كان أكثر من 30 من أعضاء البعثة من الفرنسيين والسويسريين يعبرون احدى نقاط التفتيش وجدوا طريقين أحدهما للفلسطينيين والاخر لغيرهم "كان طريق الفلسطينيين أشبه بممر خاص بالبهائم."

كما سجل أيضا أن الفلسطينيين ليسوا وحدهم المستهدفين بالعنف بل يمارس أيضا تجاه من يظن الاسرائيليون أنه متعاطف معهم.

ففي أول ابريل نيسان 2002 قبض على عدد من هؤلاء النشطاء ووضعت القيود في أيديهم وأقدامهم وبدأ استجوابهم عن أسباب حضورهم. ثم أعادوهم الى الفندق في القدس وهم مقيدون.

وكتب بوفيه أن الاسرائيليين أخرجوا نشطاء من الزنزانة ووضعوهم في شاحنة صغيرة وأخذوا هاتفه المحمول. وكان يخشى أن ينتزعوا الشريحة فيتوصلوا الى معرفة الاشخاص الذين اتصل بهم وأبلغوه أنهم سيحتفظون بالهاتف والشريحة معا واصفين اياه بأنه "فرنسي قذر. كلب فرنسي."

وتضمن الكتاب ملحقا عنوانه (تاريخ الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني) منذ 1880 عام حين كانت الاراضي الفلسطينية تمثل جغرافيا "الجزء الجنوبي من سوريا الكبرى" وقدر عدد اليهود بها انذاك بنحو 24 ألف نسمة وصولا الى الايام الاولى من ابريل نيسان 2002 حين طردت اسرائيل جوزيه بوفيه الناطق الدولي باسم اتحاد الفلاحين بعد ادانته "سياسة التدمير المنظمة للبنية المدنية الفلسطينية ...والابادة العرقية للفلسطينيين."

شبكة النبأ المعلوماتية-الاحد 21/ايار/2006 -22/ربيع الثاني/1427